محمد العبيدلي
الحوار المتمدن-العدد: 1407 - 2005 / 12 / 22 - 11:08
المحور:
الادب والفن
في مدينة (بون) بالريف الالماني, وفي احدى الليالي المثلجة, وبالتحديد ليلة السابع عشر من كانون الاول(ديسمبر) لعام 1770م , ولد (لودفيج بيتهوفن) الذي سمي بهذا الاسم نسبة الى جده. ترعرع لودفيج بوسط جو مفعم بالموسيقى والفنون والجمال والطبيعة, حيث كان ابوه (يوهان بيتهوفن) وجده, مدربان في الجوقة (الاوركسترا) ويغنيان في الكنيسة.
احب الجد لودفيج حفيده لودفيج الصغير جدا, فإعتاد ان يأخذه معه الى منزله الكائن امام منزل ابنه يوهان ويجلس الطفل الذي لم يتجاوز عمره السنة الواحدة على ركبتيه ويسمعه انغام البيانو والكمان , ويمتعه بالنظر الى اللوحات المزينة للجدران , ومشاهدة الطبيعة عبر النافذة, كما كان دائما يتمشى معه في شوارع بون وعلى ضفة نهر الراين ويتنزهان في اجواء الريف.
تبدل نظام حياة لودفيج وهو في الثالثة من عمره حين توفي جده واصبح المعتني به بعد امه ( ماريا بيتهوفن) هو ابيه, الذي كانت تصرفاته تتناقض مع تصرفات الجد العجوز. بدأ يوهان بتدريب لودفيج على البيانو بطريقة واسلوب وحشي وقاسي جدا, فكان في منتصف كل ليل وبعد خروجه من الحانة التي يتردد عليها يوميا ليحتسي الخمر والشراب, يرجع المنزل ويوقظ لودفيج (البالغ 5 سنوات) من احلامه الهنيئة ويعطيه دروسا موسيقية على البيانو والكمان. ومن ضمن التصرفات التي تزيد الامور رعبا, انه اذا اخطأ لودفيج في العزف يقوم والده بضربه بمسطرة على اصابعه الناعمة الصغيرة حتى يؤدي الدرس بشكل صحيح. ترى لو كان احد اطفال هذا اليوم يدرس بمثل تلك الطريقة المرعبة والقاسية لكره الموسيقى وكل ما يتعلق بها , لكن لودفيج ازداد حبا بها, وبحب يعادل حبه لامه الحنونة.
أتدرون لماذا تصرف جوهان مع ابنه هكذا؟ وبصرف النظر عن التصرف اذا كان يحمل الصواب ام الخطأ. الجواب كان واضحا على لسان يوهان حين قال لماريا انه يريد ان يجعل مواهب لودفيج تجني له بعض المال, وكذلك يصبح افضل واكثر شهرة من الطفل المعجزة ( موزارت) الذي قدره الأمراء والأشراف وهو في السادسة من عمره.
إعتاد لودفيج ان يستغل خروج والده من المنزل ليعزف الألحان والأنغام التي تخطر بباله , وعندما يسمعه ابوه يغضب كثيرا لان لودفيج اهمل الدروس واتجه الى العزف الإبداعي, واحيانا يقوم بضربه , رغم علمه وادراكه بأن ما يعزفه لودفيج هو تأليف جميل جدا ومبهر وقد نال اعجابه لكنه لا يريد ان يبوح بذلك.
الرحلة الاولى
في يوم من ايام شباط (فبراير) من سنة 1778م قرر يوهان بأخذ لودفيج بعد شهر لرحلة حول المدن ليقدم بعض المعزوفات لكسب بعض المال من خلال حفلات سيقوم بالترتيب لها, وبعد مرور ذلك الشهر خطف يوهان ابنه الى مدينة (كولون) بعد ان قام بالإجراءات الازمة لترتيب الحفلة الاولى, وفي اليوم الثاني في كولون قدم لودفيج اول حفلة له , لكنه لم يواصل المشوار , بل ارجعه والده الى بون بسبب ضحك الجمهور على لودفيج لانه ازاح شعره المستعار* بالخطأ عندما اراد ان يمسح العرق المتساقط من وجهه رغم برودة الجو, وكان يوهان غاضبا جدا على تلك الحركة بالرغم من عدم وجود اي خطأ بعزف الطفل, لم يهتم لودفيج بذلك الغضب ولا بالصفعة التي تلقاها بالفندق ولا ايضا بالإحباط الذي وجهه اليه ابوه قائلا: (ان موزارت احسن منك بكثير), بل رد قائلا: ( انا بيتهوفن وليس موزارت). ان هذه الثقة اللامحدودة التي بجوف هذا الطفل هي سر خلطة نجاحه وتفوقه حتى آخر لحظة من عمره.
بداية المشوار
استمر الاب في تدريس لودفيج وبنفس الاسلوب, وقد وضع له مدرس من قصر الحاكم , ومنه تعلم العزف على الكثير من الالآت منها الاورغن, وقد شكل لودفيج مع المدرس وصديقه عازف الكمان ثلاثيا موسيقيا رغم تفاوت الاعمار الواضح, وقد وصل لودفيج الى الثانية عشر من عمره والف ( سوناتات الحالم) الثلاث التي قدمها للحاكم.
عين لودفيج وهو في الثالثة عشر لاعبا اساسيا على الاورغن في الجوقة وكان يتقاضى راتبا سنويا من الحاكم , وكان يسلم الراتب كاملا الى امه . تمنى لودفيج وهو في سن السابع عشر الذهاب الى فيينا (عاصمة النمسا) ليكون تلميذ موزارت فساعده الحاكم على ذلك , وعندما التقى به اعجب موزارت بمهاراته وقدراته الفنية وقبل بشرف ان يصبح تلميذه, بعدها بشهرين اضطر بيتهوفن بعد ان تلقى رسالة من والده بالعودة الى بون للإطمئنان ومشاهدة اغلى واعز واحب مخلوق لديه, انها امه ماريا التي قد اشتد عليها المرض, ثم رجع الى فيينا ليكمل المشوار, فترك تلمذه موزارت وعمل بفرقة الحاكم عازفا على البيانو , وقد الف بعض المقطوعات في فراغه, وقتذاك شعر بيتهوفن بالإستقلال والامان من الفقر.
لقد مرت خمس سنوات و بيتهوفن انهمك في عمله , حتى انه قد قصده الكثير من الطلاب ليتعلموا الموسيقى تحت إشرافه, ثم رجع ثانية الى بون ليودع امه الحنونة التي كانت بالنسبة له الدنيا بمافيها من حب وحياة, والتي ادى بها المرض الى الوفاة. تعرف بيتهوفن على الموسيقي الشهير (هايدن) , الذي عرفه من خلال حفلات قصر الحاكم, واتجه معه الى فيينا, وتتلمذ على يده هناك. لقد كان بيتهوفن يرغب في كسب وتبادل الخبرات ويحب ان يتعلم ويتعمق ويدرس المزيد في الموسيقى مهما وصل مستواه, فلم تكن الشهرة ولا غيرها من الامور المشابهة هي هدفه ومطلبه في الرسالة الموسيقية. بعدها بشهر تلقى بيتهوفن رسالة تخبره بوفاة والده الذي لم يشعر بوجود فراغ كبير لفقدانه. وفي فيينا اشتهر بيتهوفن وسرعان ما انهالت عليه دعوات الملوك والاشراف, ولم يبخل عليهم بضربات انامله الساحرة على البيانو, وقد خصص الامير (ليشنوسكي) راتبا سنويا له , وخلال ثلاثة اعوام اصبح نجما لامعا في سماء الموسيقى الوروبية .
في ريعان الشباب
الآن بلغ بيتهوفن الخامسة والعشرين من عمره, واخذ يؤلف العديد من المقطوعات , كما اصبح مدرسا لأبناء وزوجات الامراء . خرج بيتهوفن من قصر الامير ليشنوسكي وانعزل بمنزلا خاصا به في فييينا ايضا , هكذا كان بيتهوفن عاشقا للحرية, سواء كانت في المأكل او الملبس او التصرفات الشخصية بل وحتى اسلوب وطور العزف والتأليف, فلم يدع الفرصة لأي امر من الامور ان يسيطر ويتحكم بإسلوب عيشه وعمله. في تلك الفترة قام بأعمال فنية كثيرة والف مقطوعات عدة اهدى معظمها الى الملوك والامراء, وعرف عنه انه اينما يتجه يحمل بيده دفتره الموسيقي ليدون النوتات والالحان التي تخطر فجأة بباله, تلك العملية كانت اسهل له من تدوين الافكار بالأحرف. لقد مضى على هذا الحال عشر سنوات , وكانت سنوات خير وفرح وشهرة له.
إكتشاف الصمم
( فريتز ريز), ذلك الشاب الذي كان طالب لدى بيتهوفن. وصل فريتز في صباح احد الايام الى منزل استاذه بيتهوفن بالريف, حيث كان يقضي بعض الايام للراحة والاستجمام. وقبل الرجوع الى المنزل جلسا للراحة تحت ظل شجرة وكان بالقرب منهم احد رعاة الغنم وكان يحمل بيده قيثارة , فقال فريتز لبيتهوفن : (ما اجمل صوت قيثارة الراعي) , فأجاب قائلا: (انا لااسمع صوت القيثارة , بل اراه يحملها) ,فإنصدم التلميذ بما قد حدث وجرب ان يقول شي ليسمعه استاذه , لكنه اكتشف ان استاذه يعاني من ضعف في السمع.
لقد مضت ثلاث سنوات و بيتهوفن يتابع احاديث اصدقائه بصعوبة وهو كاتم بنفسه ذلك الامر, ثم ازدادت عليه تلك الحالة وبدأ يسمع الأزيز في اذنه الذي كان يزداد كلما ازداد عليه ألم معدته الشديد والذي كان يشعر به منذ عشرة اعوام تقريبا ويزداد الالم عند تناول وجبة ترفضها معدته. ولقد حاول الأطباء علاج المعدة اولا ثم الاذن, ذلك لانهم قالوا بأن الم المعدة هو سبب عاهة الاذن لديه, ولكن دون جدوى , فلم يحقق العلاج اي نتيجة فكان امر الصمم يزداد سوء. قرر بيتهوفن المكوث في الريف منعزلا عن الناس , وبقي اربعة شهور مع الموسيقى ووسط الطبيعة التي ترعرع فيها واحبها وتأثر بها حتى بأعماله الفنية . والف بتلك الفترة الحزينة (السمفونية الثانية ) , وبعد مرو تلك الشهور الاربعة رجع الى فيينا.
محرر القيود الموسيقية
قد يتسائل البعض هل توجد قيود تحكم الموسيقى؟,عام 1802م اطلق بيتهوفن على نفسه لقب (بنابليون الموسيقى) حين سمع النمساويون يتكلمون عن نابليون بونابرت وشجاعته في الحروب , وصوروه كبطل محرر للشعوب, فنظر بيتهوفن الى نابليون كقائد للحرية والمساواة والاخوة , ثم صور نفسه بنابليون الموسيقى لانه قد حررها من القيود البالية وعبر عن شعوره بألحان جديدة مبتكرة, وقرر ان يؤلف سمفونية خاصة ويقدمها لنابليون والتي اسماها (السمفونية الثالثة), وبدأ بالعمل بها بعد اتخاذه لذلك القرار .
مرة اخرى يعود التلميذ فريتز لينبأ بيتهوفن بصوت مرتفع (بسبب ضعف السمع) قائلا: ( إن نابليون توج نفسه بنفسه امبراطورا على الشعب الفرنسي),. رد بيتهوفن: (إذن سوف يصبح طاغية ...وسوف لا يهتم الا بمصالحه الخاصة ), عندها مزق بيتهوفن مخطوطات السمفونية غضبا, وفي عام 1804م ارجعها واضاف عليها بعض التعديلات وقدمها لأحد الامراء لكن بإسم (سمفونية رجل عظيم), واشتهرت تلك السيمفونية لانها تحكي قصة صراع رجل عظيم مع الحياة وتغلبه على جميع المصاعب التي اعترضت طريقه, اتدرون من هو الرجل المعني, انه بيتهوفن نفسه وقصة تغلبه وصراعه مع عاهاته التي كان يشكو منها.
رغم العاهات والآلام التي اصابت بيتهوفن الا انه قد الف الكثير من المقطوعات التي استوحا انغامها من تشبعه ومرافقته وحبه للطبيعة التي تأقلم على حبها والعيش وسطها من الصغر. ومن اشهر تلك المقطوعات (سمفونية الرعاة) التي عبر فيها عن حبه للطبيعة , وأوبرا (الإخلاص) لسيدة كانت تساعد المساجيين, واخرى بعنوان(البطولة) التي برهن بها عن تغلبه لعاهات السمع.
الاحتلال الفرنسي
عام 1809م , هاجم نابليون النمسا وغزت جيوشه ارجاء فيينا, فغادر الكثير من ملوك وامراء المدينة حفاظا على سلامة حياتهم, عندها شعر بيتهوفن بحاجة ماسة للمال. وفي ظل تلك الظروف القاسية اشتد عليه وجع معدته وازدياد تدهور سمعه بسبب عدم قدرته في الحصول على الطعام الجيد لغلاء ثمنه, كذلك لم يداوم على العلاج ولم يتحسن سمعه, لكنه لم يتوقف عن التأليف , فلا الحرب ولا المرض ولا نابليون الذي لم يعاد يفخر به ولا حتى الفقر والجوع اثروا على اندفاعه لإتمام الرسالة الموسيقية. فألف العديد من الأعمال الخالدة أشهرها كان سوناتا من ثلاثة اقسام ترمز الى مغادرة احد الامراء للمدينة, وسمى الاقسام كالتالي (الوداع - الغياب - العودة) , كذلك كونسرتو على البيانو بإسم (كونشيرتو الامبراطور), وكان يحضر كتابة السمفونية الرابعة والخامسة والسادسة, وكونشيرتو للكمان. وعند انتهاء الاحتلال الفرنسي إستقبل بيتهوفن العائدين لفيينا من ملوك وامراء بأعماله الرائعة التي كأنها إبتسامة مشرقة ترجع البهجة والسرور لناظرها.
مفاجآت مالزل وآخر الأعمال
إلتقى بيتهوفن في حفل عشاء عام 1812م, بصديقه (يوهان مالزل) الذي كان دائما على صلة بآخر المبتكرات من الأدوات. أحب بيتهوفن تلك الآلة التي احضرها مالزل بذلك اليوم والتي عبارة عن ساعة خصوصية يستخدمها الموسيقيين لضبط دقة العزف, وهذه الآله نفسها بعد إدخال بعض التعديلات عليها تستعمل اليوم لضبط وقت العزف, وتدعى بالمترونوم. بعد لقاء مازل انهى بيتهوفن السمفونية السابعة وإبتدأ بالثامنة مستخدما المترونوم لضبط وقتها, فإشتهرت تلك السمفونية بسمفونية المترونوم.
لقد مضى عام على لقاء بيتهوفن بمالزل , ولآن يلتقي به مرة اخرى ويستلم منه بوقا يضعه في اذنه ليساعده على السمع , ولم يستعمله سوى فترة وجيزة. اقترح مالزل على بيتهوفن بتأليف مقطوهة تذكارا لنابليون لأنه قد اصبح حديث المجتمع, رسخ بيتهوفن تلك الفكرة بذهنه ولكنه نفذها بإسلوب وعنوان آخر , لقد ألف معزوفة ترمز الى انهزامات نابليون في اسبانيا واهداها الى (ويلنغتون) القائد البريطاني للمعركة, وعبر في تلك المعزوفة عن اصوات لم تلتقطها اذنه بتلك الفترة, كأصوات ركض الخيول ومزامير الحرب...الخ, وذلك بسبب الصمم الذي صاحبه ويحاول عرقلته في محنته الموسيقي.
إكتفى بيتهوفن بقيادة الجوقة, وتوقف عن عزف الحفلات, لكنه بعد آخر حفلة يعزف فيها, إزداد تصفيق الجمهور له, لكنه للأسف لم يعد يسمع تلك التحية الحارة , ثم إتجه الى البيانو وشكر الجمهور بعزفه الراقي , ويا للأسف مرة اخرى فإن ذلك الصمم لم يدع بيتهوفن يسمع ما يعزفه من انغام سماوية مقدسة وشاعرية بتلك اللحظة, كان عمر بيتهوفن بذلك الوقت قد وصل الى الرابعة والاربعين سنة, اي في عام 1814م وهو عام فرح وسعادة بالنسبه له.
ما قبل الرحيل
كموج البحر, تارة تأتي وتارة ترحل, انها السعادة التي كانت بحياة الجوهرة الموسيقية بيتهوفن, ففي عام 1815م توفى (كارل) شقيق بيتهوفن الاصغر منه سنا, وتولى مسؤلية ابن شقيقه (كارل الصغير) البالغ من العمر تسع سنوات والذي قد اثار الكثير من المتعاعب له بسبب شقاوته. آنذاك كان بيتهوفن في سن السابعة والاربعين وزالى ذلك الحين لم يتزوج بعد. لكنه قد احب هذا الفتى الشقي الذي قد آذاه بتلك الشقاوة, والذي كان يعتقد بأن عمه لودفيج لايحبه, لكن في الواقع إن بيتهوفن لم يستطع فعل شئ يبرهن به للفتى عن حبه له.
إزدادت حالة بيتهوفن سوء حتى وصل الى درجة الصمم التام فلم يستطع سماع اي صوت حوله, رغم كل هذا الى انه قد انجز أعمال بقمة الروعة والجمال وذات ذوق في قمة الإبداع معبرا عن افكاره العميقة, وبين سنة 1815م و 1824م إشتهرت معزوفتين شهيرتين, الاولى كانت (تيسوسلوفس) والثانية (السمفونية التاسعة) التي عزفت في السابع من آيار (مايو) لعام 1824م وكان قائدا لتلك الاوركسترا, وقاد الفرقة وهو في حالة صمم تام فلم يدري ما اذا كانت الفرقة تؤدي دورها بشكل صحيح ام لا اضافة الى ذلك انه قد ادخل اصوات اوبورالية في تلك السمفونية فيالها من معجزة ربانية! كيف لشخص اصم ان يقود اوركسترا ويوزع سمفونية قد قام بتأليفها ويضيف بأحاسيسه الساحرة اصوات اوبورالية لكي يزين بها السمفونية؟ ما هذا سوى احساسه الداخلي وليس اذنه, الى تعتقدون بأنها معجزة الهية؟, عند الإنتهاء من العزف لم يستطع سماع تحية الجمهور, فكان مديرا ظهره لهم, فما كان من احد اعضاء الفرقة الى ان يدير وجهه نحوهم ليشاهد حركات التحية والتصفيق والتقدير, وأثناء تلك اللحظة بكى بيتهوفن من شدة تأثره بالموقف وكأنه يهزأ من الدهر, وببكاء القائد الأصم بكت الصالة بأكملها.
بعد إتمام الرسالة.....
الآن وصل عمر بيتهوفن الى السادسة والخمسين وكأنه اكبر من هذا العمر بكثير. توجه بيتهوفن الى الريف ليقضي فترة نقاهة وراحة كما إعتاد على ذلك, ثم قرر الرجوع الى فيينا في كانون الاول (ديسمبر) بعام 1826م للبقاء بمنزله وبقرب أغراضه وأشياءه الخاصة, وعندما وصل للمنزل أصيب بزكام شديد بسبب برودة الجو والأمطار التي هطلت عليه أثناء الرحلة بالعربة, بعدها بأيام شفي من المرض ولكن صحته إزدادت تدهورا وإنعكس ذلك على معدته وآلامها الشديدة, فلم يبالي لذلك وأخذ يضع ملاحظات عامة لتأليف السمفونية العاشرة. وبقي على فراشه لمدة طويلة, حتى إشتدت حاله سوء وإنهل عليه الأصدقاء وكل من يحب ابو السمفونيات, وذلك للإطمئنان على صحته المتدهورة, لكن كان القدر هو الحاكم والمقرر الوحيد لتلك الحالة الحزينة, ففي 26 آذار (مارس) 1827م اصيب بيتهوفن بغيبوبة أسلم الروح بعدها ببضع ساعات, وقد اقام له اصحابه جنازة ضخمة إحتشد فيها الكثير من الناس, وعزفت بها مقطوعاته التي تعبر حسن التعبير عن أفكاره الخاطفة التي تتلطخ ببقعة من الإحساس ومزينة بحبيبات من الجمال والرفعة الذوقية.
لقد رحل ذلك العملاق الموسيقي (لودفيج بيتهوفن), لكنه سيظل خالدا في ذاكرة التاريخ واذهان البشر وبقربه أعماله الساحرة.
هكذا كانت حياة (نابليون الموسيقى) ومحطم (سمفونية نابيلون).
* من عادة الموسيقيين في اوروبا وضع الشعر المستعار على رؤسهم.
#محمد_العبيدلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟