عبد الله عنتار
كاتب وباحث مغربي، من مواليد سنة 1991 . باحث دكتوراه في علم الاجتماع .
الحوار المتمدن-العدد: 5270 - 2016 / 8 / 30 - 15:35
المحور:
الادب والفن
قبل أن نشد الرحال عن هذه القرية الهادئة التي تتموقع جنوب تطوان، كنا نتردد على حاشية البحر لكي نستمتع بصخبه وعنفوانه خلال الصباح وأثناء المساء، في اليوم الثالث من وصولنا انقلب الجو جذريا، وصار خريفيا محملا بالرياح القوية والأمطار، وتحولت مياه البحر إلى مياه داكنة، لذلك هجره المصطافون وبات فارغا اللهم قلة قليلة من المترددين . تعرف أزلا حركة تعمير قوية، فضفتا الوادي تعرف توسعا مطردا، سواء أكانت ساكنة محلية أو وافدة، بالمقابل مازالت الشوارع ترابية مغبرة وحاويات النفايات متناثرة في كل مكان تنتظر شاحنات الأزبال حملها، في اليوم ما قبل الأخير جبت القرية وصعدت إلى أعلى الجبل وشارفت الغابة المتشابكة، لم يرافقني نور الدين في هذه الجولة بل رجع إلى المنزل لكي ينام، كان المشي لكيلومترين جميلا، لا تختلف هذه القرية عن موطني الأصلي، الغابات الشاسعة والطرق الموحلة، والمنازل المتناثرة على جنبات الطريق، وأصحاب الدراجات النارية الذين يتركون زوابعا من الغبار، ما لاحظت في هذه الجولة هو كثرة المساجد، ففي كل حي إلا وتعثر على مسجد معتنى به ومزركش بالصباغة والطلاء الأزرق و صومعته عالية تشارف السماء وأثناء الآذان تسمع صوت جميع المؤذنين حتى يختلط عليك الأمر في الصوت الذي تنصت إليه، إضافة إلى ذلك لاحظت أن هناك مستوصفا واحدا ومدرسة ابتدائية تفتقدان لأية عناية، في طريقي لاحظت أن الساكنة على طول الوادي تمتهن الفلاحة السقوية بواسطة ضخ المياه من الآبار وتربية المواشي، كما تشيد الساكنة كتلا من التبن بشكل مخروطي تسمى عندنا في الشاوية "بالنوادر" .
المذهل في أزلا هو الصمت الذي يسكنها، والطيور التي لا تفارقها، والنوم الممتع في منازلها، و أغاني أعراسها، في اليوم الأخير رجعنا إلى تطوان وذهبنا إلى سينما "اسبانيول" في وسط المدينة، كانت السينما فارغة اللهم من أمثالنا ممن يعشق الفن، و ممن يعشق الحب في ظلمة السنيما الحالكة .
ع ع/ 9 غشت2016/ شفشاون-شمال المغرب
#عبد_الله_عنتار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟