أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبدالله تهامي - السنديانة الحمراء رؤية دكروب التاريخية















المزيد.....


السنديانة الحمراء رؤية دكروب التاريخية


محمود عبدالله تهامي

الحوار المتمدن-العدد: 5270 - 2016 / 8 / 30 - 15:34
المحور: الادب والفن
    


‬كانت لديهم من الشجاعة ما يكفي لرصد آلام ووجيعة الثقافة العربية،‮ ‬محمد دكروب واحد من هؤلاء الشجعان الذين سلكوا دروب وممرات وعرة في سبيل الثقافة القومية،‮ ‬نحن نقرأ له كتابه جذور السنديانة الحمراء الذي يحكي فيه حكاية نشوء الحزب الشيوعي اللبناني،‮ ‬فمنذ اللحظات الأولي يُقيم رؤية تاريخية تتسم بالتحرر والديمقراطية والمرونة القابلة لتجاور الألوان المتنافرة دون تزيين أو تجميل،

‮ ‬هذه المعادلة الصعبة يقرر الرجل أن يخوض تجربتها ليُسجل اسمه بين المتفردين بالرؤية الواعية الناقدة‮.‬
ماذا كتبت عن الحزب يا دكروب؟
نحن نعرف هذا التاريخ،‮ ‬ففي كل مؤتمر للحزب أو ندوة ثقافية سوف نجد من يقرأ لنا أوراقا من تاريخ الحزب،‮ ‬وسوف نستلهم أبطاله في معاركنا الجديدة طالبين منهم المدد وروح الكفاح،‮ ‬فما كان منك إلا أن جمعت هذه الأوراق ونسجت المعروف وأخرجت لنا كتابك عن الحزب‮.‬
هل هذا ما فعله الرجل؟
في الحقيقة لم يفعل هذا،‮ ‬واختار الدخول في المناطق الجبلية الصعبة،‮ ‬وأن يمارس النقد الذاتي‮.. ‬عندما يختار الحزب شخصية الأمين العام فعليك أن تعرف أن مرحلة جديدة قد بدأت،‮ ‬فيها آمال كثيرة،‮ ‬ومخاوف أكثر‮.. ‬ولكن‮: ‬ما هي المخاوف التي تقلقك يا سيد دكروب؟ كانت لديه مخاوف حقيقية من اتجاه الأقلام ناحية الأمين الجديد،‮ ‬تُبدِّل شعارات الحزب بشعارته،‮ ‬وتمحي مقولات السابقين لتكتب مقولاته،‮ ‬سوف تتضخم شخصيته وتسيطر علي الآخرين في المقابل تتضاءل شخصيات،‮ ‬وتذوب أدوار قد ساهمت في السابق بصورة كبيرة،‮ ‬لقد فضح دكروب ديكتاتورية الأمين العام في الأحزاب الشيوعية التي ينتج من وراءها طمس الآخرين‮.. ‬دكروب لم يختر السهل،‮ ‬وسلك الدروب الوعرة،‮ ‬لقد لاحظ دكروب أن أبناء الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين نالهم التهميش وضاعت فترة كبيرة من عمر الحزب في طيات الصمت‮. ‬وفي اللحظة التي طلبوا منه أن يكتب شيئا عن تاريخ الحزب قال إنه سيكتب عن المنسيين والأدوار البارزة الخفية‮. ‬في الواقع داخلته شكوك،‮ ‬لم يكن يتخيل أن يُسمح له أن يذكر شخصيات مثل فؤاد الشمالي‮ -‬القادم من وسط الحركة العمالية‮- ‬ويوسف إبراهيم يزبك‮ -‬القادم من الوسط الديمقراطي للمثقفين‮- ‬اللذان أسسا الحزب،‮ ‬وكانا في الطليعة‮. ‬وأصبح من الظاهر الآن أن الحركة التقدمية اليسارية في البلدان العربية تراجعت بصورة كبيرة عن وهجها الأول،‮ ‬ساهم في ذلك حجب التساؤل ومحاولات نشر الرؤية المغايرة والانتقاد القاسي،‮ ‬فكانت هذه الحركة بحاجه لممارسة النقد الذاتي وبحاجة لدكروب يضع يده فوق الألم‮.‬
نال الرجل حريته كاملة كما باح بذلك،‮ ‬وأراد أن يكتب عن نشوء الحزب الشيوعي اللبناني ليبرز دور الطليعة المنسية،‮ ‬والتي يتجاوزها كل حديث،‮ ‬وينساها كل احتفاء،‮ ‬تلك الأعوام التي مرت بين العام‮ �م والعام‮ �م‮.‬
هل عرفت الوجع يادكروب؟ نعم‮.. ‬عَرِفَ‮ ‬الرجل‮.. ‬إن الأحزاب هذه التي تنادي بالحرية والمبادئ بحاجه إلي التعامل الديمقراطي فيما بينها أولا كي تتمكن في أي وقت أن تكتب تاريخا صادقا‮.. ‬تاريخ صادق؟ هذا شيء صعب‮.‬
‮ ‬إن سؤال دكروب حول إمكانية كتابة تاريخ أو تواريخ لهذه الأحزاب الشيوعية العربية في زمننا هذا من منطلق الموضوعية والتعامل الديمقراطي يفضح الكثير من المنظمات اليسارية التي تقع في الازدواجية،‮ ‬ويري أن الكثير من الأبحاث والفصول التي كتبت كانت تعتمد علي الانتقائية لا الموضوعية فأبرزت البعض وأغفلت البعض،‮ ‬وهنا طرح سؤالا أعم علي مفكري هذه الأحزاب قائلا‮: ‬لماذا لم يتح لمفكرينا أن ينجزوا إسهامًا جديًا في النظرية الماركسية؟ ورأي أن الخوف من الوقوع في الخطأ،‮ ‬والشجاعة لم تأت للبعض كي يكتب ويساهم في نظرية لم تنشأ علي أرضه أو بين مفكريه‮. ‬وأعتقد أن وراء كل هذا أيضا سرا وهو كبح المحاولات الجريئة والمنفتحة والتي توصلت لأراء مغايرة من قبل القيادات الحزبية لكونها قد تخالف رؤية القيادة أو تنتقدها‮.‬
ودكروب من الشخصيات الشجاعة التي لا تحب مفهوم‮" ‬صيغة نهائية للتاريخ‮" ‬هل هناك صيغة نهائية للتاريخ؟ هذه فكرة قديمة صارت عليها الدول قديمًا،‮ ‬عندما كانت السلطة أو الأنظمة المتغلبة هي التي تكتب التاريخ،‮ ‬فلم نجد أصداء الحقيقة إلا في الكتابات الهاربة من تحت سلطات الدول،‮ ‬وما كانت الحقيقة في كتابات السلطة ولا كانت أبدا في الكتابات الهاربة ولكنها تقبع وحيدة تحتاج إلي عقول ناضجة تقارن الوثائق والنصوص وتبحث عنها بشغف ومحبة‮.‬
أيقن أنه يستحيل أن ينحصر التاريخ في صيغة نهائية،‮ ‬فهو مفتوح أمام القراءات،‮ ‬مفتوح أمام إعادة النظر في جوانبه ومراحله لأكثر من مرة،‮ ‬التاريخ صفحة مفتوحة أمام الأجيال القادمة للبحث فيه بموضوعية لا ينطلق فيها الكاتب من توجه الحزب أو الدولة إنما ينطلق من ذاته التي تقرأ وتناقش وتحلل،‮ ‬وسوف تأتي الأيام القادمة ولديها قدرة عجيبة علي كشف صدق نظريات وسقوط أخري،‮ ‬وكشف وثائق ومعارف وتحليلات تغير تفسير التاريخ،‮ ‬ولقد اعتمد دكروب علي رؤية نقدية للفكر الذي أنتجه الحزب ومثقفوه،‮ ‬ولعبت لديه الجرائد والمجلات التي كانت تصدر في الوقت الذي عاد إليه وأراد أن يبعثه من جديد برؤيته الذاتية والجديدة علي صفحات كتابه جذور السنديانة الحمراء‮.‬
هل كتب التاريخ في شكله المعروف؟ هل كان الرجل مؤرخا أم كان قاصا وروائيا في كتابه؟ لقد كتب التاريخ وأراد التاريخ علي الحقيقة،‮ ‬لكنه لم يخرج في الصورة النمطية لكتابة التاريخ،‮ ‬تحرر من الشكل،‮ ‬واستفاد من العمل الأدبي ليقترب من القراء،‮ ‬استفاد من مرونة السرد والحكي محاولا الإفلات من صرامة التاريخ،‮ ‬أخذ حرية التنقل داخل إطار الزمن ليقطع السرد فجأة قافزا للماضي أو إلي المستقبل،‮ ‬واستفاد من الخيال دون أن يُدخله في الأحداث أو في حقيقة الأشياء،‮ ‬ورسم به الخلفية والأرضية اللازمة للصورة،‮ ‬فهو تاريخ علي الحقيقة لكنه مغاير علي مستوي الشكل والصورة‮. ‬
مضمومة‮ (𔆹‮)‬
جذور السنديانة الحمراء‮: ‬كتاب ألفه محمد دكروب بناءً‮ ‬علي طلب من الحزب الشيوعي اللبناني ليصدر في مناسبة احتفال الحزب بعيده الخمسين،‮ ‬صدر الكتاب في سنة‮ �م في طبعته الأولي بمقدمة‮ "‬كلمات في الشكل كلمات في المضمون‮" ‬للكاتب نفسه،‮ ‬وكتب مقدمة ثانية أثناء صدور الطبعة الثانية للكتاب عام‮ �م بعنوان‮ "‬كلمات بصدد تاريخ الحزب وصيرورته موضوعًا للمعرفة‮" ‬ومقدمة ثالثة بمناسبة صدور الطبعة الثالثة عام‮ �م بعنوان‮" ‬قضايا وإشكالات للمناقشة‮.. ‬في رحلة كتابة هذا الكتاب وكيف يمكن أن أكتبه لو كُلفت الآن بكتابته؟‮" ‬وهي مقدمة جريئة جدا ورائعة وصلت للخمسين صفحة تظهر مدي إيمان دكروب بالحرية والديمقراطية وطريقته في الكتابة‮.‬
مضمومة‮ (𔆺‮)‬
ولد محمد دكروب في صور سنة‮ �‮ ‬،‮ ‬التحق للعمل بدكان والده ثم امتهن السمكرة في دكان أخيه‮.. ‬نُشرت أول كتاباته في صحيفة التلغراف‮.. ‬كان علي صلة بالمفكر حسين مروة ونقولا الشاوي وفرج الله الحلو‮.. ‬عمل في مجلة‮ »‬‬الثقافة الوطنية‮» ‬من سنة‮ �‮ ‬حتي احتجابها سنة‮ �‮ ‬،‮ ‬عمل في مجلة‮ «الأخبار‮»‬ ‬الأسبوعية وجريدة‮ «النداء‮»‬ ‬اليومية ثم في هيئة تحرير مجلة‮ «الطريق‮»‬ ‬الشهرية منذ أواسط الستينات التي شغل منصب رئيس تحريرها‮.. ‬توفي‮ �م وهو يصدر مجلة الطريق بشكل متقطع‮. ‬ومن مؤلفاته‮: ‬الذاكرة والأوراق قراءات في وجوه‮ ‬المبدعين،‮ ‬وجوه لا تموت،‮ ‬الأدب الجديد والثورة‮. ‬



#محمود_عبدالله_تهامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -الناقد الأكثر عدوانية للإسلام في التاريخ-.. من هو السعودي ا ...
- الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا ...
- الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي ...
- -تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار ...
- مهرجان -بين ثقافتين- .. انعكاس لجلسة محمد بن سلمان والسوداني ...
- تردد قناة عمو يزيد الجديد 2025 بعد اخر تحديث من ادارة القناة ...
- “Siyah Kalp“ مسلسل قلب اسود الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة ...
- اللسان والإنسان.. دعوة لتيسير تعلم العربية عبر الذكاء الاصطن ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود عبدالله تهامي - السنديانة الحمراء رؤية دكروب التاريخية