أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليمان- هيوستن - معنى الظلام














المزيد.....


معنى الظلام


حسين سليمان- هيوستن

الحوار المتمدن-العدد: 1407 - 2005 / 12 / 22 - 07:42
المحور: الادب والفن
    


لقد رأى أمام عينيه في المرآة، الفتاة التي أحبها أيام الصبا. فاتقدت شعلة الصباح في مخيلته وطلعت عليها شمس كسلى.
يمد يديه يحد الأرض التي يمشي عليها. ومع أن كثيرا من الرجال كانوا يمرون من أمامه يزدرونه بنظرات كلاسيكية مبتذلة. يمد يديه يحد طبيعة الأرض التي ستسند زمانه الذي ألبسه لبوس الحب.
يلتهب قلبه بذكراها.
الكهرباء التي كانت تأتي ولا تأتي. تنقطع. فيقول لها انزلي. تطل عليه من البلكون في الطابق الرابع تقريبا. ويسمع صوت الدرج في العتمة.
كانت تنزل. يسمع صوتها. كأنها تنزل إليه الآن. يحدق في المرآة فيراها تنزل على مهل مثل غسق أو كأنها في آخر درجة. يراها على الحد. يكون هو في الطرف المقابل. يمسك يدها ليجرها.
والطرقات معتمة ضيقة مليئة بالعفونة والرطوبة. وهناك وحل وطرقة مدكوكة لتلة غير مرئية في الظلام. فتدوس في الوحل. يسمع بأذنيه الطرطشة.
فيظهر لهما على حين غرة النور. لأنهما وصلا إلى قمة التلة ظهرت عليهما كهرباء جديدة تنير الدرب الآخر النازل.
فتقول: هه الطرقة بانت لنا الآن. لكن نصف ساقها قذرة. هناك مجرور مكسور في الطريق. اندلقت محتوياته على الوحل. وطرطشة خفيفة يسمعها بأذنيه. فستانها ظل نظيفا لأنه عند الركبة. فوضعت يديها في جيبي الفستان وكادت أقول أن تطير من رأس التلة على وادي الكهرباء الذي كان طريقه واضحا حتى إن كان الوقت ليلا. من بعيد ظهر لنا عند بناية تبدو كأنها من كرتون شاب يشير إلى شابة في الطابق الرابع أن تنزل للغرام. فضحكت بصوت فيه نكهة غريبة. بصوت صيفي لا قمر فيه. ذلك لأنها شبهت الفتاة في الطابق الرابع وشبهت الفتى يشير إليها. تتذكر حين انطفأت الكهرباء وسمعت إشارتي فطلعت على البلكون كي تراني تحت في الظلمة تطير على الدرج وكنت اسمع من مكانها صوت الشمس.
لكن أي شمس. وتقهقه في الطريق. تأخذ حريتها فهي تريد أن تلعب مع الهواء كي تفرغ شحنة الكهرباء الضائعة في جسدها فقد تعبت من البيت والظلام والدرج الذي يطق فيسمعها أبوها ويقف عند الباب كي لا تنزل.
ثم تعانقني. هذه الظلمة- ظلمة الحب التي لن يراها أحد. لم تقل يا حبيبي ولم أقل يا حبيبتي فقط أخذنا نتعانق من دون خوف. فنحن بعيدون عن الناس وليس هناك سوى العمارة التي يقف في أسفلها شاب تنزل إليه فتاة من الطابق الرابع. أسمع ضحكتها في أذني، يا الله ما هو الحب. وقد قالت لي إنها لوثت ساقها. نظرت إلى فستانها ثم رفعت إلي ساقها كي أنظفها.
كانت تنزل وسمعتها تصل إليه. لا يهم سوف أغسل ساقك بماء الحنفية في العمارة البعيدة. هناك حنفية واحدة طالعة من جانب العمارة ففتحتها على ساقها. ثم أخذت تمد ساقها وترفع فستانها فالماء كما يبدو صار شهوة.
هذا البله والكهرباء وأصبحت ساقها نظيفة تلمع في الكهرباء الجديدة. رأيت لطخة في فستانها لم ترها حين كانت في بيتهم قبل أن تنزل إلي. الفستان فيه لطعة يا شادية!
نزلت فتاة الطابق الرابع إلى صاحبها وألقت نحونا نظرة مستعجلة لم أعرف معناها. أظنها نظرة طيبة وفيها محبة. أصبحنا عند باب البناية. لكنها مبللة بالماء- فستانها فيه بقعة وساقها... شبشبها مبلل وإن كنا سندخل في بهو البناية فإن آثار الحذاء ستنطبع على البلاط النظيف. فوقفنا قليلا حتى ينشف الحذاء ورحنا نجرب الدخول إلى البهو من دون أقدام.
قالت لي إن الفتاة نزلت إلى فتاها من الطابق الرابع وسوف تغيب عن بيتها كل الليل- نحن عندنا في غيابها الوقت الكافي. فصعدت قبلي ثم خرجت من شقة الطابق الرابع تقف على البلكون وتشير أن أطلع إليها فالطريق آمن.
لقد طرت مثل نمس حتى لا يستيقظ الناس على خبيط الدرج.
بدا لي الطابق الرابع بعيدا معلقا في آخر البناية. لماذا علق أهل البيت بيتهم عند هذا الارتفاع، كان لازم يعملوه واطي شوية؟!
في طلوعي إليها صرت ألهث مثل كلب أليف يحب ابنة الجيران.
لقد فتحتُ الباب. دفعته بأقدامي. كانت شادية قاعدة تضع ساقا على ساق تهز ساقها الحرة. نفس الساق التي كانت وسخة صارت تهزها نظيفة ثم رفعت الحركة حد الفستان إلى فوق ركبتها- مازالت تضع يديها في جيبي الفستان. فهمست في أذني بأن لا أحدا في البيت ونحن أحرار نعمل الذي نريده حتى ساعات آذان الفجر. إنها وجبة لذيذة لي ولها. لكن جاء أصحاب البيت على حين غرة. فارتبكنا ولم يعد لنا متسع من الوقت فعلينا التصرف بسرعة. فتأتي فكرة الظلام، قطع التيار الكهربائي كي تنقذنا من الموقف الصعب، الذي لولاه لكنا ذهبنا ضحية عيد.
الظلام أحيانا كويس (همست في أذني وهي تضمني إليها).
ثم أنزل من الطابق الرابع. بينما كانت تنتظر إشارتي كي أصل إلى أسفل البناية فتعالي انزلي وكأنها تريد أن تطير كي تلاقي محبوبها في الظلمة أمسك يدها عند آخر درجة وأنا احذرها من الطريق الضيق والعتمة وأقول لها يمكن أن تلوث ساقها بالوحل فيجب أن تنتبه في مشيتها.



#حسين_سليمان-_هيوستن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مولد سيدي عبد القادر
- ليليت العامرية
- قراءة نقدية في رواية دابادا
- ققنس- غيابات القلب - للقاص المغربي أحمد بوزفور
- الشفاطات -الهوى- حمص وحماة .... الى منذر المصري
- ثمة أرض أخرى هناك لا تشبه الكرة التي دوّرها جاليلو
- مطر القامشلي- مقطع من رواية همسات المدن البعيدة
- الجد محمد الآلوسي
- إلى الأخت ريتا
- تجميع المياه
- سحر المسافة
- الأدب والحلم في أمريكا- رسالة الى اكرم قطريب
- المشهد السفلي
- بعين التكنولوجيا إلى الأدب العربي المعاصر- الحلقة الأخيرة
- بعين التكنولوجية الى الأدب العربي المعاصر -2
- سعدي يوسف- يطرق ما تجمعه النافذة من فضاء
- تــداخل أمكنــــة - إلى فاطمة ناعوت
- تخفيف اللحظة
- ربما سحر
- تسخين الشمس- فاعلات ليلية للشاعر المصري اشرف عامر


المزيد.....




- ليلى علوي تخطف الأضواء بالرقص والغناء في حفل نانسي بالقاهرة ...
- -شرفة آدم-.. حسين جلعاد يصدر تأملاته في الوجود والأدب
- أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
- الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم ...
- التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
- التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
- بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري ...
- مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
- مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب


المزيد.....

- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حسين سليمان- هيوستن - معنى الظلام