أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الشيزوفرينيا السياسية في العراق والمربع صفر















المزيد.....


الشيزوفرينيا السياسية في العراق والمربع صفر


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 5265 - 2016 / 8 / 25 - 13:53
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الشيزوفرينيا السياسية في العراق والمربع صفر!!
عبد الحسين شعبان
أكاديمي ومفكّر عربي
بعد تطوّرات دراماتيكية عاصفة، تمكّن حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي مؤخّراً من إمرار تعيين خمسة وزراء قيل إنهم «تكنوقراط»، وحصل على موافقة البرلمان، لكن الوزراء المعنيين لم يكونوا بعيدين عن ترشيحات الكتل السياسية وبعضهم محسوب عليها، الأمر الذي سيعني أن مرجعيتهم ستكون لهذه الكتل ذاتها، ورؤسائها بالتحديد، وليس مرجعية مجلس الوزراء.
ولم يخفِ المجلس الإسلامي الأعلى ترشيحه لوزيرين من وزراء «التكنوقراط»، هما وزيرا النفط جبار لعيبي، والنقل كاظم فنجان الحمامي، في حين رشّح حزب الدعوة يوسف الأسدي لحقيبة وزارة التجارة الذي لم يحصل على تصويت البرلمان لصالحه، كما أن وزارة الصناعة عادت إلى ترشيح كتلة الصدر، ويبحث رئيس الوزراء تعيين وزير تركماني، وظلّت منظمة بدر في أخذ وردّ بشأن وزارة الداخلية التي هي من «استحقاقها» كما تقول بعد استقالة محمد الغبّان، وطرحت اسماً بديلاً عنه هو قاسم الأعرجي، أما قائمة إياد علاوي (الوطنية) فأخذت تطالب استحقاقها بتعيين وزير لها بعد اتهام وزيرها السابق ملاس عبد الكريم بالفساد من جانب هيئة النزاهة منذ أكثر من عام، وهكذا عدنا إلى لعبة المحاصصة.
كثرة من أعضاء البرلمان الذين صفّقوا بحرارة لوزير الدفاع خالد العبيدي، في جلسة الاستجواب المثيرة، لكشفه للفساد، عاد بعضهم لجمع التواقيع لسحب الثقة منه، (63 نائباً) الأمر الذي سيعني إسكات المطالبين بمحاسبة الفاسدين، إذْ من سيجرؤ بعد إقالة وزير الدفاع في الحديث عن الفساد، فقد يكون هو الضحية القادمة، سواء كان وزير الدفاع متورطاً بالفساد أم لا؟ لكن ذلك لن يغيّر من الواقع شيئاً، فالفساد أصبح أقرب إلى مؤسسة لها أخطبوطات مختلفة وقوى ضاربة، وسيعني الاقتراب منها مغامرة حقيقية.
هكذا أخذت الأزمة الدورية التي تضرب العملية السياسية بين الفينة والأخرى منذ الاحتلال الأمريكي العام 2003 ولحدّ الآن، تزداد تفاقماً، وترتفع وتيرتها بصورة طردية بفعل استمرار ظواهر الإرهاب والعنف والمحاصصة الطائفية – الإثنية والفساد ووجود الميليشيات، لكنها بدت هذه المرّة أشدّ عمقاً، فخلال أقلّ من نصف عام، ينفرط عقد مجلس النواب مرتين وتتناثر كتله وجماعاته إلى شظايا وأجزاء، وتختلط فيه الأوراق لدرجة كبيرة، بحيث لم يعد بالإمكان التمييز بين من يدعو للإصلاح «قناعة»، وبين من هو فاسد ويزاود على الإصلاح.
لقد انتقل الصراع بين الكتل والتحالفات إلى داخلها، فالاتّهامات شملت الكيانات ذاتها التي ينتمي إليها المتّهِم والمتّهَم (العبيدي والجبوري – اتحاد القوى وهو تحالف ضم بعض قوى السنيّة السياسية). أما كتلتي مقتدى الصدر (الأحرار)، والمواطن (عمار الحكيم)، إضافة إلى كتل شيعية أخرى، فهما الأشدّ انتقاداً لحزب الدعوة الحاكم، وجميعهم أعضاء في ما سمّي بـ«التحالف الوطني» الذي يضم قوى الشيعية السياسية.
وكشفت جلسة الاستجواب أن أزمة العملية السياسية بنيويّة، ولا يمكن تجاوزها إلاّ بتغيير جذري يطالها من الأساس، فالتسوية التي حصلت لمنع انحلال البرلمان عادت إلى الظهور بقوة، وهكذا بدا المشهد صمغياً أكثر من أي وقت مضى، فرئيس البرلمان الذي أقيل ثم عاد، أعلن هو عن انسحابه هذه المرّة لغاية تبرئة ساحته من جانب القضاء، وبعد جلسة استماع لم تستغرق سوى 40 دقيقة قال القضاء كلمته: أن لا وجود من دلائل كافية تؤكّد شبهة الفساد، وبالتالي لا يمكن اتخاذ إجراءات قانونية بحقه، وهو الأمر الذي استغرب منه رئيس الوزراء، الذي ردّ عليه الجبوري، بعدم التدخّل بشؤون السُّلطة القضائية من جانب السلطة التنفيذية.
لقد عدنا إلى المشهد ذاته على الرغم من الشدّ والجذب، أي الإبقاء على ما هو قائم وعدم التحرّش بالرئاسات الثلاث، لأنها أساس المحاصصة و«التوازن» الغنائمي لنظام الزبائنية السياسي. وكان وزير الخارجية الأمريكية جون كيري خلال زيارته إلى بغداد في 8 أبريل (نيسان) من العام الجاري قد أبلغ «القيادات العراقية»، بأن أي تغيير لا ينبغي أن يطال ما سمّي بالرئاسات الثلاث، وهو ما أكّده آشتون كارتر وزير الدفاع الأمريكي خلال زيارتيه للعراق في 17 أبريل (نيسان)، و11 يوليو (تموز) 2016، وتوّج جو بايدن نائب الرئيس القرار الأمريكي ذلك، على نحو حاسم خلال زيارته المفاجئة إلى بغداد أيضاً في 28 أبريل (نيسان) من العام الحالي.
وإذا كان الأمريكان، قد باشروا باستقبال جماعات وكتل وقوى سياسية عراقية في إطار الاستماع إلى وجهات نظرها، خصوصاً لمرحلة ما بعد «داعش»، شملت رؤساء عشائر ومجموعات سنيّة وأوساط كردية وبعض الشخصيات وغيرها، فإن ما ترشّح منها يؤكّد أنهم يريدون تقليص دور إيران والمجموعة الشيعية المتحالفة معها، لكنهم سوف يلجأون إلى ذلك بشكل تدريجي وينتظرون انتخابات العام 2018، وخصوصاً بعد دحر «داعش» وتحرير الموصل، والبحث في مسألة الأقاليم التي يبدو أنهم أخذوا يميلون إليها أو يرجّحونها، خصوصاً وأن هناك أوساطاً من السنيّة السياسية تشجع عليها، إضافة إلى تحالفهم الفرعي مع إقليم كردستان وتسليح وتمويل البيشمركة، الذين يؤيّدون إقامة الإقليم السني أو نظام الأقاليم بشكل عام.
سيظلّ المشهد القائم يُظهر عكس ما يُبطن ويطالب بدلاً من أن يستجيب، ويبوح بقدر ما يخفي، ذلك أن جميع أركان العملية السياسية يطالبون بالإصلاح ومحاربة الفساد ويكيلون الشتائم للطائفية ونظامها، ويعتبرونها مسؤولة عن كوارث البلد، ويتشبثون «بوحدة العراق»، على الرغم من دعوات تقترب من الانفصالية بزعم تنازع الصلاحيات وتقاسم السّلطات، ويدافعون عن وزراء ووكلاء ومدراء فاسدين محسوبين عليهم، ويعتبرون أي اتهام لهم إنما هو مكيدة مدبّرة واستهداف سياسي لا أخلاقي، ويقرّ الجميع بالدستور ويطالبون بالالتزام به، وحين تتعارض مصالحهم يرفعون الصوت بتبريرات وتفسيرات لا دستورية ولا قانونية، والكل يزعم تمسّكه بالقضاء واستقلاله ونزاهته، وإذا حكم لصالحه صفق له، وإذا حكم ضد فساده اتهمه بالانحياز، والكل يتبرؤون من الميليشيات ومن أعمال الانتهاك والتجاوزات، لكن للجميع أذرعاً مسلّحة وأظافر عنفية، تستخدم عند الحاجة وبأشكال مختلفة، ولتذهب مسألة حقوق الإنسان إلى الجحيم.
في ظل هذا الوضع المعقّد، يصبح الإصلاح بعيد المنال والقضاء على الفساد صعباً، إن لم يكن مستحيلاً، خصوصاً وأن الجميع متورطون به، والخلاص من الإرهاب والعنف غير ممكن بغياب المصالحة السياسية واستمرار إجراءات العزل الاستثنائية، تلك هي الشيزوفرينيا السياسية التي هيّمنت على المشهد السياسي على نحو لفّته مثل شرنقة يصعب الخروج منها، إلاّ بتمزيقها، ومعنى ذلك العودة إلى المربع صفر.



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -...ولات ساعة مَنْدَم-
- في ثقافة الاحترام
- رؤيتان لكتاب عبد الحسين شعبان (المثقف وفقه الأزمة... ما بعد ...
- براغ... وثمّة عشق!!
- شرنقة الفساد -العراقية-
- حرية التعبير في العراق.. تأجيل المؤجل
- الأهرام منبر تنوير عروبي بأفق عالمي
- قانون الإقصاء -الإسرائيلي-
- ما بعد التعددية الثقافية
- استقالة أم إقالة ل6 وزراء عراقيين؟
- ميونخ وصورة أخرى للإرهاب
- أمريكا تبحث عن حصة في الانتصار -العراقي-..
- -نيس- وخريطة الإرهاب
- تقرير تشيلكوت وماذا بعد؟
- حقائق تقرير تشيلكوت ودلالاته..!!
- جدلية الهوية والمواطنة في مجتمع متعدد الثقافات
- داعش والفلوجة ودلالات الهزيمة
- ماذا بعد نشوة النصر في الفلوجة؟
- الوجه الآخر لبريطانيا -الأوروبية-؟
- تيسير قبعة: غيمة فضية في فضاء الذاكرة


المزيد.....




- -جزيرة إنستغرام-.. أكثر من 200 زلزال يضرب سانتوريني في اليون ...
- -لم أتوقف عن البكاء-.. رصاصة تخترق جدار منزل وتصيب طفلًا نائ ...
- تشييع جثمان حسن نصرالله وهاشم صفي الدين في 23 فبراير.. وهذا ...
- -9 آلاف مجزرة وأكثر من 60 ألف قتيل- في غزة.. أرقام مرعبة يكش ...
- الرئيس الكولومبي يصعّد انتقاداته لسياسات الهجرة الأمريكية وي ...
- الجيش الإسرائيلي يفجر 23 مبنى سكنيا في مخيم جنين
- كيف نطق الإنسان؟ أهم الفرضيات حول أصل لغة البشر
- ملك الأردن يلتقي ترامب بواشنطن في 11 فبراير
- نائبة أيرلندية: إسرائيل دولة فصل عنصري والعالم بدأ يدرك ذلك ...
- دفعة ثانية من الجرحى والمرضى تغادر قطاع غزة عبر معبر رفح


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبد الحسين شعبان - الشيزوفرينيا السياسية في العراق والمربع صفر