أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فادي عزام - من أنت؟‏‏ ممسحة أو ملطشة‏‏















المزيد.....

من أنت؟‏‏ ممسحة أو ملطشة‏‏


فادي عزام

الحوار المتمدن-العدد: 1406 - 2005 / 12 / 21 - 08:27
المحور: الادب والفن
    


شهادة ميلاد لا تعني شيئا، رقم حسابك البنكي يتولى المهمة.‏‏

وافد أم مواطن في مكان ليس لكما، لتعمل ولا تملك أو لتستهلك ولا تنتج.‏‏

من أنت‏‏

أرشيف للعبور أو باق ٍعلى شكل رقم يحتاج كل أنواع الصفر ليُعترف به كعدد.‏‏

من أنت عاطل عن العمل أو معطل عنه لأسباب يعرفها جيدا صندوق النقد الدولي وأبو ذر الغفاري.‏‏

من أنت؟ أكاديمي أو عامل عادي، مندوب مبيعات أو مروج إعلانات، حرفي مستقدم مع عمالة ماهرة أو حالم يقرض الشعر بدل أن يذهب لطبيب نفسي‏‏

من أنت؟ في زمن العولمة واقتصاد السوق وروايات باولو كويليو‏‏

من أنت؟ يأكل قلبك سوس الندم، أم يفترس حلمك بعوض يمصُّ نقي منامك‏‏

من أنت؟‏‏

ممسحة لرب العمل ولرب الأمل ورب النظام أو ملطشة لمن هب ودب؟‏‏

من أنت؟‏‏

في هذا الزمن التي تبدو علاماته الفارقة وكأنها تأخذ نوعا جديدا من التصنيف باسم الوطنية والهوية والخصوصية.‏‏

ففرضا إذا كنت لبناني هذه الأيام، عليك تقديم طلب انتساب لدم رفيق الحريري أوتأخذ شهادة تثبت لبنانيتك من جريدة النهار.‏‏

وإذا كنت تريد التطبيع مع إسرائيل عليك أن تدير ظهرك وتخلع جلدك أو تسلخه لتُدمغ بنجمة سداسية مع علامة مسجلة على شكل "مدعسة"، مبروك عليك، تنتمي للعالم المتحضر، والخازوق إنك يجب أن تحظى بفرصة وواسطة وربما رشوة بحجم متحف "للهلكوست" بدمشق وتنتظر على الدور.‏‏

أما إذا أردت أن تصبح مواطنا في سوريا، فعليك أن تسجن وتخدم جيش وتسافر، ثلاثة أثافي وطنية، بدونها ستظل ناقص التجربة، ومعرضا للنقص والقنص.‏‏

كما يجب أن تثبت لكل فروع الأمن إنك سوري صالح للاستعمال المحلي فقط.‏‏

أما إذا كنت فلسطينيا عليك بإعلان البراءة من غسان كنفاني وناجي العلي وكمال ناصر وكمال عدوان وخليل الوزير ويحيى عياش، وتعطب "جين" المقاومة في خلاياك وعندها لربما أمكنك المرور بسلام من معبر رفح المراقب بكاميرات ذكية تحصي ميولك ومسامات جلدك إلى دولة غزة الشقيقة.‏‏

أما إذا كنت عراقيا، فهذا يعني أنه بات عليك أن تدخل هندسة "بريمير" الفراغية المدهشة من مثلث للسنة ومربع للشيعة ومخمّس للأكراد ومسدس يطلق النار بطريق الخطأ على الجميع.‏‏

وإذا كنت أمريكياً من أصل عربي لن يكفي أن تدفع الضرائب، وتحشو المعدة بالهمبرغر والهاتدوغ، ودمك بالكوك، وتقتني كل شرائط مادونا، وتصفق حتى تحمر كفيك، " لأوبرا " وتعشق"سبيلبيرغ"، وتعمل اشتراك لمدة قرن في الـ "واشنطن بوسط" والبلاي بوي" إنما صار عليك أن تقدم شهادة حسن سلوك عن أحلامك إنها خالية من قيادة الطائرات.‏‏

وتتجنب- السلام عليكم- والله معك – في الأحاديث التلفونية، ربما كانت شيفرة سرية تودي بك لغوانتانامو.‏‏

إما إذا كنت فرنسيا ً، فلم يعد مهما أن تتقن الفرنسية وتأكل "الكورواسان" إنما عليك أن تعلن بملء شدقك، إن أحفاد" سبارتكس" في انتفاضة الضواحي حثالة ورعاع.‏‏

وإذا كنت ياباني، فما عليك سوى أن تبقر بطنك بطريقة الساموراي وأنت تصيح عاش الإمبراطور، أو تنسى أجدادك الذين ذابوا من وهج المساج النووي، وتتفرغ 16 ساعة باليوم لإنتاج ذبابة إلكترونية لا تموت بالـ"بيف باف "‏‏

وإذا كان لك القدرة، لتردد مع مرسيل خليفة " فلتسقطوا عني جواز السفر" فليس أمامك سوى طريقين الأول أن تنضوي تحت لواء شركة عابرة للقارات ومتعددة الجنسيات فتحظى بما لذ وطاب من عائلة "الملتي ميديا"، وتقنيات "البلوتوث" وبطاقات الائتمان أو طريق آخر يفضي بك إلى أقرب جبل وعر، تحمل كلانشنكوف وتطلق لحية وتخطط وأنت تمسك بغصن "مكلوخ" من شجرة زيتون لإسقاط المذنبات على فسطاط الكفرة، وتتفرغ بعدها لصلاة الاستعصار وعلى هدير الله أكبر تضرب" كاترينا وإيفان وريتا "شواطئ فلوريدا.‏‏

أما إذا تحليت بالهدى ورفضت ثورة التقنية ورغبت بالمراسلة عبر حلول تراثية واخترت الحمام الزاجل لأنك تود مقاطعة البضائع الأمريكية فلن تفلح لأن " حمامتك " ستكون المسؤولة عن الطيور التي بدأت بالتعطيس، وسيظهر لك صاحب ببغاء في لوس أنجلس ليقاضي "حمامتك" أمام محكمة العدل الدولية بسب عدوى الأنفلونزا التي قضت على ببغائه.‏‏

من أنت في هذا الزمن الهلامي الرخو، على هذا الكوكب المصاب بالأسى والملل.‏‏

من أنت في هذا زمن الذي تتقاسمه قبعة راعي البقر وعمامة الحجاج ولحية ابن لادن وصولجان البابا ونجمة داوود وثدي روبي الرجاج .‏‏

وكأنك في قلب الظلمات ثمة رعب وعدو متربص في كل لحظة لغم تحت كل خطوة، فدعسة خاطئة تكون النهاية بمجرد أن ترفع خطوك عن الأرض إذن هي المسافة‏‏

المسافة بين الصمام والصاعق‏‏

بين وهج الحب ودبقه‏‏

بين" الحبر أو قبله بقليل "1‏‏

تلك المسافة بين العاطفة والحرمان‏‏

بين اللعنة والتعويذة‏‏

بين الكنز والصداقة التي لا تفنى‏‏

بين الحياد أو الصمت المريب‏‏

بين الانتماء أو الجعجعة‏‏

بين الشعر ونشرة الأخبار‏‏

بين المعنى وأذن رجل الأمن‏‏

فخطوة في غير محلها لكلمة أو لرقصة، لليمين وأقصاه أو لليسار للتطرف أو للحياد ربما تحرر رتاج لغم وتركِّبَ لك حلقة بيضاء فوق رأسك وتعطيك جوانح.‏‏

فلا مكان لسطوح في عالم أضحى مكتظ بالفجوات‏‏

فجوات غريبة لم تسمع بها ولم تكن واحدا من أصحاب "المناكيش" الذين حفروها.‏‏

فجوة تقنية تخلب لبَّك وتقسط راتبك.‏‏

فجوة معرفية، تصدم ربك وتُقشط ذاكرتك.‏‏

فجوة اقتصادية تجعلك مديون لكل أصحابك وثلاثة بنوك على الأقل.‏‏

فجوة رقمية بين سعر ربطة الخبز يلهث وراءها ستون بالمائة من أحفاد قحطان وعدنان، وسعر سيارة جاكوار وليلة ببرج العرب بصحبة ملكة جمال خسيسة.‏‏

فجوة فنية يتورم لها نفير" أُستاش " من كثرة ما هتف وصاح وصدح بها مَفرَخة ُالطرب‏‏

فجوة عقلية بين الاستنساخ والحرب على الإرهاب‏‏

فجوة في طبقة الأوزون، يجاهد الأمريكان بمعالجتها عن طريق مكافحة "مزيل العرق "وغاز البرادات "و يقتطعون 25 سنتا من كل برميل بترول ضريبة لرد الشرف ورتق ثقب الكوكب.‏‏

فجوة ثقافية بين ما تقرأه وتدركه وتحسه وبين نشرات الأخبار‏‏

فجوة جسدية بين الثلاثين الذي وصلناها بشق النفس وخمسة عشر مرضا مزمنا.‏‏

فجوة إيمانية، فلا فتاوى الغزالي وابن تيمية وابن باز وهم" يُشحِّلون" الدين من البدع والمعتزلة ولا سيد قطب وهو يلهج بجواز الاستنطاء باليمنى ونكح الرباع ولا عمرو خالد وهو يبوح بأسرار الصحابة والتابعين وكأنه انتهى للتو من لعب "برتية ليخة معهم" ولا البعثات التبشيرية وصور المسيح الوسيم وهو" يمشي على الماء ويغرق في اليابسة"2 ، ولا الماسة الحمراء الصهيونية التي دخلت المنظمات الدولية المحترمة.‏‏

ولا وجود لفظ الجلالة على بزرة بطيخ أو ذيل سمكة ولا شعارات من طراز الإسلام هو الحل، وأعطينا كفاف يومنا‏‏

ولا الطيب بوذا والرهبان الزعفرانيين ولا كل الوعاظ والمعجزات ولا التقمص والحدود والخمسة، ولا كتاب الجفر وتعاليم أغا خان.‏‏

فغبطتهم وسماحتهم وسموهم ونيافتهم أجمعين، فشلوا بمدِّ أو صنع جسور لعبور الهاوية إلى أرض الله الواسعة.‏‏

سنمضي إذا قليلين جدا ووحيدين كثيرا، لننتهي بذبحة في الصدر أو حادث سير‏‏

برفقة باهظة من أحبة يؤمنون بنا أو بوهم رفقة باهظة ...‏‏

سنمضي إذا مع الجميع ونقول يا قطاع الرؤوس، أو بحرقة لا نعرف شرحها‏‏

مُتكِلون على البار، أو نادلون بثياب أنيقة إلى أول قطار عابر نستقله أو نرمي تحته ما عجز عن فعله "جميل حتمل "3‏‏

سنمضي على عجلٍ كأن الريح والكون الفسيح تحتنا‏‏

متفائلين لنتحدث عن طفل، يرسم ُخطا للأفق وعندما يكبر سيعلق ثيابه عليه بعد أن انكبس بزخة من المطر، "يقربز" عاريا يحمي عورته بيديه، سنمر بقربه مسرعين مثلما دائما، ً سيشخص دون شك، مطلقا سؤالا بسيطا على كل واحد منا‏‏

من أنت؟‏‏

عندها هل نجرؤ على الاختيار بين ممسحة أو ملطشة‏‏

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‏‏

1 – ديوان زياد عبدالله الأول "قبل الحبر بقليل"‏‏

2 – من مقطع لشاعر إياد شاهين في ديوانه "كورتاج "‏‏

3- محاولات جميل حتمل اليائسة لرمي نفسه تحت قطار الأنفاق‏‏

في مجموعته الأخيرة قبل أن يتوفى في الأربعينيات من عمره منفيا في باريس الإشارة إلى مجموعته " قصص المرض قصص الجنون "‏‏




#فادي_عزام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فادي عزام - من أنت؟‏‏ ممسحة أو ملطشة‏‏