أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ليديا يؤانس - مام .. مام ..!















المزيد.....

مام .. مام ..!


ليديا يؤانس

الحوار المتمدن-العدد: 5263 - 2016 / 8 / 23 - 03:12
المحور: كتابات ساخرة
    


أعجبت بهذا الشاب الوسيم، ملامحه وطريقة كلامه ليست كما أهل الغرب، ولكن كما هو، كذلك أنا أيضًا، يُطلق علينا أبناء المهجر.

عائلتي من إحدي الدول الأوربية ولكنني ولدت في أمريكا، هو أيضا من عائلة مصرية مهاجرة إلي أمريكا منذ حوالي 40 سنة، ولكنه إتولد أيضا في أمريكا.

إصطادتني شبكة الحب، أصبحت مجنونة بهذا الشاب ذي الجذور المصرية، كنت ألاحظ العديد من الفتيات الأجنبيات أو حتي العربيات، يلهثون وراء شباب مصري، كنت أستغرب وأسخر مِنهُن، ولكنني الآن لست بمستغربة!

المصريين بشكل عام لهُمْ طعم خاص مُميز عن باقي الشعوب، وإن تحدثنا عن الرجُل المصري بصفة خاصة، فهو حبوب وجذاب، وممكن أن يكون زوجًا رائعًا إن أحب إمرأته!

إعتبرت نفسي من الفتيات المحظوظات، لأنني سأرتبط بهذا الشاب ذي الجذور المصرية، المُهِمْ انه فيه رائحة المصريين!

حفل الزفاف كان رائعًا، حرصت أنا وعائلتي علي أن نضع اللمسات الخاصة بعادتنا وتقاليدنا، هذا لم يُرض أمه أي ال"مام" بتاعته.

أمه بدأت تتدخل أكثر من اللآزم في الصغيرة قبل الكبيرة، حتي في إختيار الكرافت ولون بدلة العُرس، بدأت أقلق، خشيت أن أكون قد تزوجت هذه المرأة، وليس هذا الشاب المصري، الذي يحسدونني عليه!

عينيها عليه أينما تحرك، لا تُريد أن تسمح له حتي بالحديث معي، تستدعيه مِنْ وسط الحفل، وأحيانا مِنْ جُلوسه بجانبي، كما تستدعي الشٌرطة مًجرمًا لإستجوابه، تسأله عن أشياء تافهة، أو تعطي الأوامر والإقتراحات لأشياء أكثر تفاهة، وحتي لو هُوّ مُش فاهم، أو مُقتنع، ما عليه إلا أن يقول: حاضر "مام"!

بدأت أشعر بالقلق والندم بعض الشئ، أحببت فيه جاذبيته ووسامته ورجولته ومشاعره القوية الساخنة، ولكن ما اكتشفته أخيرًا، انه مازال طِفًلا امام أُمه!

لستُ أعترض علي أمه، بل مِنْ الواجب عليه أن يُحبها ويُطيعها، ولكن هُناك خيطًا رفيعًا قد يقلب الموازين، فبدًلا مِنْ ان يكون رجُلاً مُطيعًا بارًا بوالديه، يٌصبح طِفًلا كبيرًا بشنب!

لاحظت أُمي قلقي، وبدأت تقلق مِنْ أجلي وقالت: "يبدو أنه ابن أمه"!

وصلنا عشنا السعيد، وأنا مُتلهفة علي اللحظات السعيدة، التي سألتقي فيها مع شريك عًمري، الشاب الوسيم ذي الجذور المصرية، بمجرد غلق باب البيت، إتصل .. "مام" .. إحنا وصلنا البيت، حمد الله علي سلامتك يا حبيبي، كلمني إن إحتجت لأي شئ!

طالت وقفتي علي باب البيت، إلي أن إنتهى مِنْ الحديث مع ال"مام"، آسف يا حبيبتي .. كُنت أُطمئن "مام" أننا وصلنا البيت، إبتسمت إبتسامة فاترة، تُعبِر عن استيائي مِنْ عدم تقديره لي، واستهتاره بهذا اليوم، أقصد ليلة العمر!

طوقني بذراعه، ليصطحبني إلي حجرة النوم، وقبل أن يغلق باب الغرفة، رن جرس التليفون، بلهفة قال: "دي مام"، وتركني واقفة علي باب حجرة النوم، ليتحدث مع ال"مام"، بدأت أتململ وأكتئب مِنْ هذه ال"مام"!

سمعتها عبر التليفون، حبيبي أنا طبخت لكُم، مأكولات من التي تحبها، محشى ورق عنب، حمام محشى، كُفتة، ومكرونة بالبشاميل، لعشائكُم ووضعتهم في الثلآجة.

"مام" .. نحن أكلنا في الحفل كثيرًا، الآن محتاجين نقضي بعض الوقت معًا ونستريح، غدا قبل السفر لقضاء شهر العسل سنأكل منه، لا ياحبيبي كُلوا من الأكل وهو طازج، وفي الصباح سأحضر لكم أكل ثاني!

تململت في وقفتي مُنتظرة ، إنتهاء حديثه مع ال"مام"، ولكن هذه ال"مام" جعلتني أفقد صوابي، فصرخت: هل سأظل واقفة علي الباب هكذا حتي الصباح؟!

إرتبك وإتلخبط بيني وبين أمه، آسف يا "مام" .. أقصد آسف يا "حبيبتي"، باي .. "مام" سا أكلمك في الصباح، حمدت ربنا، أنه لم يترُكني، ليذهب ينام في حُضن ال"مام" بتاعته!

فقدت صوابي ومحبتي لهُ، فقدت إشتياقي لهُ، فقدت تقديري لهُ كرجُل، فقدت لهفتي علي اللقاء مع هذا المصري، بسبب إنسياقه الغير طبيعي لأُمه، وتجاهله لأحساسي ومشاعري، في ليلة عُمري.

الرجُل بالنسبة لي، هو ذلك الرجُل الذي يكون قوي الشخصية، لا يُسيطر عليه انسان، حتي ولو كنت أنا.

نعم يُحب أمه ويُطيعها ويحترمها، وإذا لم يفعل ذلك سيسقُط من نظري، لإنه إذا لم يكُنْ لديه خير في أمه التي ولدتهُ، كيف سيكون له خير معي؟

نعم يُحب أمه والآخرين وأنا، ولكن يجب ان يكون عنده القُدرة، علي التمييز واتخاذ القرار المُناسب، بدون تدخُل من أي شخص حتي ولو كنت أنا.

أنا أُفضل الرجُل الذي لا يفقد شخصيته وكيانه، مع أي شخص، حتي ولو كانت أُمه، حتي ولو كنت أنا.

سافرنا لقضاء شهر العسل، وجدته أكثر مِنْ رائع في كُل شئ، ولكن في المرات القليلة التي إتصلت فيها أمه، كُنت أشعر انهُ مسلوب الإرادة أمامها، ولا يستطيع أن يأخذ قرارًا بدونها، جعلتهُ مِثل الطفل، الذي يتلفت حوله ان غابت عن عينيه، لدرجة أنه إذا تلقي تيكست مسيج مِنْ صديق له ، يسأل: مام .. أرد عليه أقول إيه؟!

تخيلت أن هذه المرأة تضع "ليش" حول عنقه لتقوده كيفما تشاء، مثلما تضع "ليش" حول رقبة الكلب حتي لا يضيع منها، أو يغرب عن عينيها!

عظيم ان يُحب الوالدين أبنائهم، وعظيم أن يُحب الأبناء أمهاتهم وأباءهم ويطيعونهم، ولكن يجب .. أن يتعلموا ويعرفوا .. كيف يعتمدون علي أنفًسهم بدون الأم أو الأب؟
يجب أن يكون لأولادنا شخصياتهم المُستقلة، وفي نفس الوقت محبتهم وطاعتهم للوالدين.

صممت علي الإنتصار، والإحتفاظ بهذا الرجل المصري، بعد أن زاد إعجابي وتعلقي به.
صممت وقررت أن أتمسك به رغمًا عن ال"مام" بتاعته!

بعد أن رجعنا من رحلة شهر العسل، قال: سنذهب لزيارة "مام"، ما فيش مانع .. ذهبنا لزيارة "مام".
كانت مجهزه علي العشاء مأكولات من كل نوع، كثر خيرها .. أرادت الإحتفاء بنا، قالت: حبيبي أنا عملت لك كل أنواع الأكل التي تُحبها، وأكيد زوجتك ستُحِب الأكل المصري!

صممت علي أن احسم الموضوع من الأول، صممت علي ألا نأكُل من هذا الطعام، بحجة أنه لا يروقني الأكل المصري!
صممت علي ان يذهب ويشتري طعام جاهز من الخارج!

صممت علي ان أفطُمه من ال"مام" بتاعته، وأكل ال"مام" بتاعته، ويتعود أن يأكل، من ال "مام" بتاعي أنا!



#ليديا_يؤانس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا والسيجارة
- د. زويل المصري العربي المُسلم!
- كاتدرائية و جامع
- الست سعاد و الدكتورة سعاد
- السير فارس ملك القلوب
- سيدتنا التي في زوول
- الأُختين
- وضحكت بهم الأقدار !
- وزيرة الهجرة تذبح طفلة !!!
- صراع الصمت
- حكاية كاترين المصرية وديرها
- حياتي تحت قدميه
- مَنْ يُقاضي القاضي؟
- هرمزد المُدهش
- الدون جوان
- أعجوبة الفاتيكان
- ليس له مثيل
- ساغرادا فاميليا
- إنت مصري .. طُظ !!!
- الورود السوداء


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - ليديا يؤانس - مام .. مام ..!