أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - رسائلُ حُبٍّ في عُلبةِ صفيح














المزيد.....

رسائلُ حُبٍّ في عُلبةِ صفيح


نمر سعدي

الحوار المتمدن-العدد: 5262 - 2016 / 8 / 22 - 21:19
المحور: الادب والفن
    


رسائلُ حُبٍّ في عُلبةِ صفيح


نمر سعدي/ فلسطين




الصُدفةُ وحدها هي التي قادتني إلى الكتابةِ عن الشاعرِ العبريِّ يهودا عميحاي وأنا أتصفَّحُ الزاوية الأدبية في صحيفة (هآرتس) فعثرتُ على دراسة هامَّةٍ عن الشاعر للباحثة الدكتورة نيلي جولد المتخصِّصة في آداب اللغة العبرية وأدب عميحاي، وأستاذة اللغة العبريَّة وآدابها في جامعة بنسلفانيا، كانت دراستها تُلقي الضوءَ على فترةٍ مبِّكرة من حياة الشاعر بينَ الأعوام 1947 و1948، حينما كانَ عميحاي في أوج شبابهِ وفتوَّتهِ، تورد الباحثة قصةَ حبِّ أسطوريَّة ربطتْ الشاعر بفتاةٍ تحملُ اسمَ (روت) لكنها سرعان ما تتركهُ وتهاجر إلى الولايات المتحدِّة الأمريكية للدراسةِ وهو في ذروةِ تعلِّقهِ وهيامهِ بها، ليستمرَّ بعدها ولمدةٍ تقاربُ العام في بعثِ رسائلَ تشتعلُ بحبٍّ حقيقي ظلَّتْ حتى وفاةِ الشاعر في سبتمبر عام 2000 مجهولةً تماماً وفي عُهدةِ حبيبةِ أمسهِ (روت) التي كانت تحتفظُ بها في عُلبةِ صفيح مُحكمةِ الإغلاقِ خوفاً من تسرُّبِ ما يُتلفُ حبرَها، بخلاف أرشيفهِ الأدبيِّ الذي اشترتهُ جامعةُ ييل الأمريكيَّة لدراسةِ تجربةِ هذا الشاعر الاستثنائيِّ والمثيرِ للجدل ليسَ في الشعر العبريِّ فحسب بل في الشعر العالميِّ أيضاً.
يستذكرُ عميحاي حبَّهُ المنسيَّ على طريقةِ الفلاش باك هامساً في أذنِ الباحثةِ نيلي جولد وهو يشيرُ إلى امرأةٍ تجلسُ على مقربةٍ منهُ في إحدى قاعات جامعة نيويورك: أتذكرينَ تلكَ المرأةَ التي هربت إلى أمريكا وذكرتُها في احدى أجملِ قصائدي الغاضبة؟ ها هيَ تجلسُ هناك في الصفِّ الأمامي.
لم أتخصَّص بترجمةِ الشِعرِ العبريِّ الحديث خصوصاً شِعر عميحاي ولكن الرسائلَ التي وصلتني من طلاب دراسات عُليا من بعض جامعات الدول العربية منها جمهورية مصر العربية، تستفسرُ ما اذا كنتُ قد ترجمتُ قصائد غير تلك التي ترجمتُها قبل سنواتٍ مضتْ للشاعر عميحاي أثارت تساؤلاتٍ كثيرةً حولَ قلةِ اهتمامنا نحنُ العرب بالأدب العبريِّ وانكفائنا على ذاتنا في حين أنهم في الجهةِ المقابلة يترجمون كثيراً عن الآداب العالمية كلِّها وعن الأدب العربيِّ بشكلٍ خاص وطالما التقيت بمترجمين وأكاديميين يهود مهتمين بدراسة وترجمة أعمال جبران والسيَّاب ومحمود درويش وغائب طعمة فرمان وزكريا تامر وأنيس منصور والبياتي وأدونيس وعلاء الاسواني وغيرهم.
كلُّ ما في الأمر أنهُ في عام 1999 وتحديداً في شهر أيار من ذلك العام كنتُ أعاني فراغاً ما.. فترجمتُ عدداً من القصائد لشعراء عبريِّين عاشوا في النصفِ الأول من القرن العشرين وتركتُ القصائد القليلةَ المترجمة لعدم قناعتي بمستوى ترجمتي الشعريِّ والجماليِّ إلى بدايات عام 2007، في هذا العام ونتيجة دافع لكشفِ بعض جماليَّات هذه القصيدة التي يجهلها القارئ العربي قمتُ بإعادةِ صياغةِ هذه القصائد المترجمة القديمة وترجمتُ بعضَ القصائد الأخرى وهذه المرة ليهودا عميحاي وألكسندر بن، وكانَ ثمَّةَ مشروعٌ يدغدغُ البال بإنجاز ترجمة أنطولوجيا للشعر العبري الحديث بانتقائي الشخصيِّ لقصائد معيَّنة وقريبة من قلبي، وقمتُ بالتواصل مع بعض الشعراء الذين التقيت بهم في مهرجان المغار الدولي للشعر في ربيع عام 2010 وحدَّثتهم عن فكرتي الوليدة، منهم من تحمَّسَ جدا وبعضهم أبدى استعدادَهُ لبعث موافقاتٍ خطِّيةٍ لانتقاء قصائدهم وترجمتها.. تذكرتُ راشد حسين حينها وترجماته الجميلة لأشعار بيالك مع التزامهِ بالبحور الخليلية والأوزان فيها.. ولكن راشد شاعر كبير وذكي وعلى مقدار عالٍ من الحساسيَّة الشعرية المرهفة لذلك اختارَ ترجمة بيالك على نمط الشعر العمودي.
كانَ شغفي بإخراج أنطولوجيا شعرية عبرية مجرَّد حلمٍ صيفيٍّ سرعان ما تكسَّرَ على صخرةِ الواقع الأدبي البائس والمثير للشفقة.. لأنَّ الكثير من المؤسسات الثقافية التي توجَّهتُ إليها لدعم مشروعي أو بالأحرى حلمي المجهض لم تزدني إلا يأساً وقنوطاً من حالةِ الشعرِ وأنَّ لا أحدَ يهتمُ بقراءتهِ مهما بلغ جمالهُ وصفاؤهُ، متذرِّعةً بكسادِ سوقهِ في العالمِ كلِّهِ.
لم يُقيَّض لي أن أنجزَ ما راودني حينها، كنتُ أودُّ فتحَ نافذةٍ على عالمٍ شعريٍّ مجهولٍ إلى درجةٍ ما، وينطوي على اختلافٍ وخصوصيَّةٍ وعمقٍ، ولكن لم يتسنَّ لي ذلكَ.
قصيدتان ليهودا عميحاي من ترجمتي
الجسدُ هو سببُ الحُب
الجسدُ هو سببُ الحُب
فيما بعد هو القلعةُ التي تحرسهُ
بعدَ ذلكَ هو سجنُ الحُب
لكن عندما يموتُ الجسد
يخرجُ الحبُّ حرَّاً من داخلهِ
وبفيضٍ كبير
مثلَ آلةِ حظوظٍ انكسرتْ
وبلحظةٍ واحدةٍ
تسكبُ من داخلها وبرنينٍ هادرٍ
كلَّ نقودِ عصورِ الحظوظ
******
نافذة مضاءة / الظلام عندي
حديقةٌ عامةٌ أصبحت وحيدةً
أنتَ لستَ بحاجةٍ للرجوعِ إلى الحديقة
فقط عليك لمسُ بوابةِ الحديقةِ دونَ الدخول
فقط عليك لمس السياج من دون أن تنظرَ إلى داخلهِ
مثلما يلمسون رزمةً ملفوفةً من الرسائل
من دون إزالة الخيط.. من دون فتحِ الرسائل
من دون قراءتها
مثلما يلمسون بقبلةِ شفاهٍ أو بقبلةِ يدٍ
كتابَ توراةٍ مدوَّرٍ.. مغلقٍ على أزمنتهِ وعجائبهِ
أنت لست بحاجةٍ إلى بسطهِ ولا إلى القراءةِ فيه
لكنك بحاجةٍ فقط إلى الحُبِّ بكل قلبكَ وروحكَ
نافذةٌ مضاءةٌ تقتطعُ نوراً من الظلام
هكذا جسدكِ أراني جزءاً من عالمِ لا نهائيٍّ
للآخرين.. للآخر.. للأخرى..
الظلامُ عندي
********



#نمر_سعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بينَ الحيرةِ والشغف (نصوص نثريَّة)
- قيثارةُ الوجعِ الإنساني (عن محمود درويش في ذكرى رحيلهِ الثام ...
- كتاب الغوايات/ مطوَّلة شعرية
- خفقُ الأنفاس(نصوص نثرية)
- سطوٌ أدبي
- عبد الوهاب البياتي.. أثرٌ شعريٌّ لا يزول
- فتنةُ العزلة/ شهادة إبداعية
- الفلسطيني نمر سعدي في «وقتٌ لأنسَنةِ الذئب»/ قصائد تحمل روح ...
- حبقٌ لظلالِ القصيدة/ نصوص قصيرة
- كانَ صديقاً للفراشاتِ (عن أميرِ القصيدةِ التونسيَّة أولاد أح ...
- هواجس على طريقِ القصيدة
- تلويحةٌ لحارسِ الذاكرة
- وردةٌ من دخان(مجموعة قصائد جديدة)
- مرايا نثرية 3
- سبايا الملح/ مجموعة قصائد جديدة
- بورتريهاتٌ ليليَّة بفحمٍ أبيض
- قلبُهُ طائرٌ للحنين(في رثاء جهاد هديب)
- نقوشٌ على حجرِ الورد
- الكتابة غواية محفوفة بالمكر
- إيماءاتُ خريفِ المعنى


المزيد.....




- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر سعدي - رسائلُ حُبٍّ في عُلبةِ صفيح