حلوة زحايكة
الحوار المتمدن-العدد: 5260 - 2016 / 8 / 20 - 14:49
المحور:
الادب والفن
حلوة زحايكة
سوالف حريم
وداع واستقبال
لم أنتبه لدورة الحياة مثلما انتبهت لها هذه الأيّام، وأنا برفقة أمّي –شافاها الله وعافاها- في مستشفى هداسا، فوجودها في قسم الحالات الميؤوس منها، وضعني أمام مفترقات طرق لم أتخيّلها من قبل، فنزلاء هذا القسم يغادرون الحياة بسلام، وأغبطهم على هكذا موت، فرغم الأمراض التي يعانونها إلا أنّ الأطبّاء يعطونهم أدوية مخدّرة للآلام كافة، بل إنّ بعضهم يموت باسما دون أن يعي أنّ تلك البسمة هي نهايته، يرحل البعض بسلام، ويأتي بعض آخر طالبا الشّفاء، ولا يدري أنّه قادم لانتظار حتفه.
في الأقسام الأخرى يرقد مرضى يعانون أمراضا مختلفة، بعضهم يئنّ من شدّة الألم، يتطبّبون ويغادرون المستشفى معافين فرحين.
في قسم الولادة يأتي كلّ يوم عشرات الأطفال الجدد صارخين، وكأنّهم يعبّرون بصراخهم عن هول معاناة الانسان من هذه الحياة الدّنيا. من التّناقضات التي أذهلتني أنّ امرأة عجوزا قضت نحبها في قسم الحالات الميئوس منها، وقبل وفاتها بدقائق معدودة، جاءتها البشرى بأنّ ابنتها قد أنجبت طفلة في قسم الولادة سمّوها على اسم جدّتها التي ابتسمت للخبر، ورحلت بهدوء، وبعد وفاتها بدقائق أنجبت"كنّتها" طفلا ذكرا أطلقوا عليه اسم جدّه الرّاحل.
فهل تتوزّع حياتنا بين توديع الموتى واستقبال المواليد الجدد، ومكابدة شقاوة الحياة ما بين الولادة والموت؟
20-8-2016
#حلوة_زحايكة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟