حلوة زحايكة
الحوار المتمدن-العدد: 5258 - 2016 / 8 / 18 - 14:21
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
حلوة زحايكة
سوالف حريم
في حضرة الموت
ألمي كبير على والدتي العجوز التي ترقد في المستشفى كحالة ميئوس منها، أصلي لله أن يشفيها هي والمرضى كلهم، وألمي يكبر لأنّني أعتقد أنّها تتألّم في غيبوبتها، ولا أستطيع مساعدتها، فأعزّي نفسي بتقبيل يديها ووجنتيها،
ومع أنّ القسم الذي ترقد فيه والدتي في مستشفى "هداسا" على جبل المشارف، مخصّص لحالات العجز الذي لا شفاء منه، ممّا جعل ملاك الموت يحوم يوميّا في القسم، ليختطف أرواحا أنهكت أجسادها نوائب الزّمن، إلا أنّ بعض البنات والحفيدات العاقات بأمّهاتهنّ وجدّاتهن يزدنني ألما وحزنا، وصباح الأمس وأنا أدخل الغرفة التي ترقد فيها والدتي، وجدت عشرة شواقل على الأرض، التقطتها بيدي ولم أدخلها جيبي، حتّى جاءت إحدى المتسوّلات اللواتي يرتدين الحجاب، ويجبن الغرف طالبات الصّدقة من العرب ومن اليهود، ومع غضبي الشّديد منهنّ لاتّخاذهنّ التّسوّل مهنة للثّراء، ولما يلحقن بشعبي من عار، أعطيت الشّواقل العشرة لواحدة منهنّ، على نيّة الصّدقة من الذي سقطت منه هذه الشّواقل، وبعد الظّهيرة وجدت عند الباب سوارا ذهبيا قد يزيد ثمنه على الألف دينار، فحملته على أمل أن أضعه عند مكتب الاستقبال في القسم إن لم أجد صاحبته، وتبيّن لي أنّه لفتاة عربيّة سقط منها وهي تساعد الممرّضات في اخراج سرير أمّها التي أخذوها لقسم الجراحة، أعدت السّوار لصاحبته، فارتاح ضميري وأنا أرى بسمة عريضة ترتسم على وجهها.
18-8-2016
#حلوة_زحايكة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟