|
الماركسية والمرأة
مكسيم أبو زيد
الحوار المتمدن-العدد: 5258 - 2016 / 8 / 18 - 00:15
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
لقد أحتلت المسألة النسائية دائماً مكانة مركزية في النطرية والممارسة الماركسيتين فقد تعامل الشيوعيون دائماً بجدية كبيرة مع مسألة العمل الثوري بين النساء البروليتاريات ولقد أعطى لينين خصوصاً أهمية عظيمة لهذه المسألة بالذات فقد أكد برنامج الحزب البلشفي سنة 1919 أن مهمة الحزب في الوقت الحالي هي في المقام الأول العمل في حقل الأفكار والتعليم من أجل تدمير جميع مخلفات اللامساواة والإجحاف ودون أن يحصر نفسه في مجرد المساواة الشكلية للنساء يكافح الحزب من أجل تحررهن من الأعباء المادية للعمل البيتي القديم عبر تعويضه بالمساكن الشعبية والمطاعم العمومية ودور الحضانة…إلخ لقد وضعت الثورة البلشفية الأساس من أجل التحرر الأجتماعي للنساء وبالرغم من أن الأرضية الأقتصادية شكلت عائقاً جزئياً فأنه لا يمكن أنكار حقيقة أن النساء في الأتحاد السوفييتي حققن خطوات جبارة إلى الأمام في النضال من أجل المساواة وبتعبير لينين "أننا لم نبقي حجر على حجر من القوانين الحقيرة التي وضعت النساء في حالة أدنى بالمقارنة مع الرجال" بعد أن كانت نساء روسيا القيصرية من وجهة نظر القانون القيصري مجرد أماء لأزواجهن لقد برت ثورة أكتوبر بوعودها المتعلقة بالمرأة إذ لم تكتفي بمنح المرأة جميع الحقوق السياسية والقانونية على قدم المساواة مع الرجل بل الشيء الأكثر أهمية هو أنها قامت بكل مابوسعها من أجل أن تضمن للمرأة الدخول إلى كل أشكال العمل الأقتصادي والثقافي أننا كماركسيين نؤمن بأن أضطهاد النساء لم يكن موجوداً منذ البدء فهو ليس نتاج جبرية بيولوجية تلقي بثقلها على الجنس النسوي لا بل ثمة معطيات كثيرة تعود إلى ماقبل التاريخ وإلى مجتمع شيوعية العشيرة وتؤكد أن المساوات بين الجنسين بقيت قائمة زمناً طويلاً ومع أنه تنقصنا المعطيات التي تسمح لنا بتعميم هذه الظاهرة على مجمل البشرية البدائية فثمة دلائل ساطعة على أن النساء لعبن دوراً أجتماعياً مهيمناً في العديد من المجتمعات على الأقل ويكفي أن نتذكر الظاهرة واسعة الأنتشار لآلهة الخصب كسيدة للسماء لدى فجر الزراعة التي أخترعتها النساء من أجل الأستنتاج أن الإحلال المعمم للآلهة الذكور محل هذه الآلهة لا يمكن أن يكون عرضياً إذ أن الثورة في السماء ماهي إلا أنعكاس لثورة حصلت على الأرض يمكن أن يبدو غريباً للوهلة الأولى أن يفتتح شيئاً فشيئاً عصر أستعباد النساء الأجتماعي حين يتكرس دورهن الأقتصادي المهيمن عن طريق وظيفتهن الأساسية في أعمال الحقول "الثورة النيوليتية" إلا أنه ليس ثمة تناقض حقيقي فبمقدار ماتزدهر الزراعة البدائية تصبح النساء المصدر الرئيسي لثروة القبيلة بشكل مضاعف من حيث هن المنتجات الرئيسيات للأغذيه ومن حيث هن منجبات الأطفال ذلك أن التطور الديموغرافي لم يعد يستشعر به كتهديد بل كنعمة محتملة أنطلاقاً فقط من قاعدة تمون بالأغذية إلى هذا الحد أو ذاك ولقد أصبحت النساء بفعل ذلك موضوعات جشع أقتصادي وهو مالم يكن ممكناً في عصر الصيد وقطاف الثمار وليمكن أنجاز هذه التبعيه توجب حدوث سلسلة متلازمة من التحولات الأجتماعية فقد تغير وضع المرأة بشكل عميق بفعل تعديلات جذرية ومع تطور الملكية الخاصة ومن ثم توطيدها أتخذت العائلة البطريركية بالتدريج الشكل النهائي الذي أحتفظت به رغم تعديلات متتالية على أمتداد قسم مهم من تاريخ المجتمعات الطبقية ولقد أصبحت هي ذاتها واحدة من المؤسسات الرئيسية التي لايمكن الأستعاضة عنها والتي تضمن الملكية الخاصة عبر الأرث والقمع الأجتماعي بكل صوره غدت منطلقاً لعمليات تمييز لاتحصى على حساب النساء في كل الدوائر الأجتماعية والتبريرات الأيديولوجية والمسبقات المنافقة التي تنطوي على هذه التمييزات جزء لا يتجزأ من الأيديولوجية المسيطرة المرتبطة بالطبقات المالكة جمعاء التي تعاقبت في التاريخ أن وضع المرأة يرثى له مثله مثل وضع بقية البروليتاريين لكنه أكثر سوءً أنها تعمل في المعمل وفي الورشة لصالح رب العمل وتعمل في البيت لصالح العائلة ليس من الممكن تغيير وضع المرأة تغييراً جذرياً إلا أذا تم تغيير جميع الشروط الأجتماعية والعائلية والحياة المنزلية يجب علينا كماركسيين أن ندافع بحيوية عن قضية النساء علينا أن نناضل ضد اللامساواة وجميع مظاهر القهر والتمييز والظلم لكن يجب علينا دائما أن نقوم بذلك أنطلاقاً من وجهة نظر طبقية ففي الوقت الذي نناضل فيه بحزم من أجل جميع أشكال التحسينات التي تمثل تطوراً حقيقياً للنساء يجب علينا أن نشرح أن الطريق الوحيد لتحقيق التحرر الحقيقي للنساء وجميع فئات المجتمع المضطهده الأخرى يمر عبر القضاء على النظام الرأسمالي..
#مكسيم_أبو_زيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرأسمالية تدمر الكوكب
المزيد.....
-
الوكالة الوطنية للتشغيل anem.dz: حقيقة زيادة منحة المرأة الم
...
-
عندي بسكليتة ما بعرف سوقا ركبنا عليها.. حدث تردد قناة وناسه
...
-
الرفيقة سومية منصف حجي عضوة المكتب السياسي للحزب في قراءة في
...
-
الرفيقة لبنى الصغيري عضوة المكتب السياسي : البلاغ كان محط ان
...
-
الرفيقة نادية تهامي عضوة المكتب السياسي : مراجعة مدونة الأسر
...
-
الرفيقة سومية منصف حجي عضوة المكتب السياسي للحزب : بناء مجتم
...
-
مصر.. تأييد حكم الإعدام لـ سفاح التجمع -قاتل النساء-
-
ينتظرها نقاش في البرلمان.. مدونة الأسرة بالمغرب تدخل مرحلة ا
...
-
التعدد والإرث.. تعديل مدونة الأسرة في المغرب يثير جدلا
-
آلام الساق عند النساء قد تشير إلى حالة صحية خطيرة
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|