|
مواطن عادي .. في دولة العسكر
حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية
(Hanan Hikal)
الحوار المتمدن-العدد: 5257 - 2016 / 8 / 17 - 23:01
المحور:
كتابات ساخرة
ايها المواطن انت السبب في كل ما نحن فيه من بلاء، الست تتنفس الهواء الذي تركناه لك فضلا ومنة منا بدون ان نفرض عليه الضرائب؟ اي نعم نحن لم نبذل اي جهد في ضمان صلاحية ملايين السيارات والمركبات التي تجري على الطرق وتنفث في رئتيك سمومها ليل نهار، ولم نحاسب اصحاب المصانع الذين هم منا ونحن منهم على اي اخلال بقوانين حماية البيئة التي تفرضها دول العالم اجمع، الا انك لا تنكر فضلنا في الاسراف في فرض الضرائب والجمارك على السجائر ومنتجات التبغ الأخرى لنحافظ على ما بقي من جهازك التنفسي.
الم نترك لك رغيف الخبز المدعم وحتى الآن، اي نعم لا يوجد قواعد واضحة لمن يناله ومن لا يناله، واي نعم الفساد في شراءه من المزارعين وتشوينه ملئ السمع والبصر، واي نعم وافقنا على صفقات مشبوهة من القمح المصاب بفطر الأرجوت الذي اجمع الخبراء على خطورته على الصحة العامة وعلى صحة الحيوانات والزراعة في مصر، الا انك مازلت تأكل الخبز بفضل منا ومنّة وتقيم أودك.
الم نترك لك فرصة العمل في مجال البيع في مجمعاتنا التي نسيطر عليها، ونترك لك الفرصة للبيع متجولا في الشوارع احيانا كثيرة وحتى تقع في يد رجالنا لأنك لم تتقن فن الفرار ببضاعتك، اي نعم تركنا المشكلات تتفاقم في المصانع حتى اغلق معظمها، ووقعنا على اتفاقية المبادئ التي حرمتك وحرمت الأجيال القادمة من حصتها في مياه النيل، وعرضنا الزراعة المنهكة اصلا بالبذور الاسرائيلية والمبيدات الاسرائيلية المسرطنة لخسائر فادحة، حتى قضينا تدريجيا على اهم المحاصيل المصرية الشهيرة التي نبتت في تلك الأرض لألاف السنين وحافظ عليها الفلاح الأصيل وحتى يوم التطبيع المشؤوم الذي تولى فيه يوسف والي مهام وزير الزراعة، فانتهى عصر القطن المصري والقصب المصري والأرز المصري واصبح القمح مهددا بنفس المصير؟
الا انك لا تستطيع ان تنكر ان الناس مازالت تزرع بمياه الصرف وانهم مازالوا يأكلون الخضر والفواكه، ولا تتسائل عن ارتفاع معدلات الفشل الكبدي والكلوي والسرطان بشكل غير مسبوق، فانت الذي شككت في عمل جهاز الكفتة واستمعت لأقوال المغرضين واعداء النجاح الذين هاجموه بضراوة! وعلى الرغم من انك تشتكي من انهيار السياحة بعد ضرب سيارة المكسيكيين بالأباتشي وسقوط الطائرة الروسية وقتل ريجيني بوحشية تحت التعذيب، الا ان هدفنا كان تنشيط السياحة الداخلية يا ناكر الجميل، وبالتأكيد قد لمست ذلك في شرم الشيخ والغردقة هذا الصيف حيث اختفى تماما السيّاح الأجانب لأول مرة منذ عقود.
وعلى الرغم من انك تتهمنا دائما بأننا لا نضعك في الحسبان ولا نستمع لك الا اننا في الحقيقة نستمع لكل شكاواك ونتخذ اللازم بشأنها، فعندما شكوت من انتشار لحم الحمير والكلاب رفعنا لك اسعار اللحم كي نوفر عليك مشقة التفكير في اكلها. الم نحقن لك الدجاج بالهرمونات التي تخفض من معدلات الخصوبة عندما وجدناك تنوء بحمل ابناءك؟ الم نبيع المدارس الحكومية عندما وجدناك تنخ تحت عبئ الدروس الخصوصية؟ ثم ما هي الفائدة من تعليم ابناءك اذا كانت الأعمال المتوفرة لا تحتاج لكل هذا الجهد والتوتر؟
ثم اننا سمحنا لك بالسفر الى الخارج برا وبحرا وجوا، اي نعم نحن غير مسؤولين عما يحدث لك ولا نحفظ لك حقوقك ولا ندخل في مشكلات مع الأخرين من اجلك او نُغضب الكفيل ولي النعم الذي يرعى حكومتنا لنصرتك الا انك يجب ان تقر بطيبة قلبنا اذ سمحنا لك بالخروج منها سالما كاملا غير منقوص.
ولكن يا عزيزنا المواطن الذي قرر السفر والعمل في الخارج بكل السبل وتحت كل الظروف وعلى مسؤوليته الشخصية، لا تنسى ان ترسل لمصر نقودك كما ترسل لزوجتك تماما ولا تكن ابن عاق ناكر للجميل.
ولا تعتقد اننا اذا رفعنا اسعار الخدمات والضرائب والجمارك على كل ما يمس حياتك اليومية وخفضناها على شركاءنا من كبار رجال الأعمال، اننا نهدف للضرر بك، نحن فقط نريد منك ان تعمل بكافة السبل للوصول الى ما وصل اليه هؤلاء وعليك ان تعرف ما هي هذه السبل وحدك اذا كنت مؤهل فعليا للوصول الى ما وصلوا اليه، او عليك الموت جوعا وقهرا في صمت ولكن قبل موتك عليك ان تحل مشكلة توافر مقبرة، حيث اننا لا نعدك بتوفير مقابر مناسبة لك.
وكلمة في اذنك: لا تضع نفسك في مقارنة مع "ابن المؤسسة العسكرية" او "ابن الشرطة" أو "ابن المؤسسة القضائية" فأنت لست اكثر من "مواطن عادي" ولا تسأل لماذا يجب ان نهددك يوميا برفع قيمة تذكرة مترو الأنفاق ونعيّرك برخص ثمنها، على الرغم من سوء الخدمة وتكدس الركاب، في الوقت الذي تشتري فيه الرئاسة اربعة طائرات خاصة بقيمة 300 مليون يورو لتضيفهم الى اسطولها البالغ عدده 24 طائرة!! وذلك ببساطة لأنك لن تتلقى أي اجابات ولست في موقع قوة لتفرض علينا ما تريد فانت في النهاية لست اكثر من "مواطن عادي".
#حنان_محمد_السعيد (هاشتاغ)
Hanan_Hikal#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سارق الأحلام
-
الأخ الأكبر يعد انفاسك
-
الرؤوس التي قد اينعت .. وحان وقت قطافها
-
حوارات .. غير بنّاءة
-
الذين فجروا في الخصومة
-
النقطة البيضاء في الثوب الأسود
-
هذا المسلسل .. يأتيكم برعاية أمن الدولة
-
المجتمع الدولي الذي يشعر بالقلق
-
العنصرية والتدين الزائف .. معارك الفقراء
-
الفتنة الطائفية .. في شبه الدولة المصرية
-
السلام .. والسلام الدافئ
-
العسكر .. في اللغة
-
كتائب العار وتقنين التزييف
-
حذاء ميسي وتقرير جنينة .. والمسكوت عنه في مصر
-
طائفيون يدعمون الارهاب
-
خدش حياء مجتمع فاقد للحياء
-
شيطنة الأخر وقصور العقلية الأمنية
-
فياض ورائف
-
اورويل 1948 واسقاطات على الحالة المصرية
-
إعلام غير محايد
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|