|
لسنا جسراً للسلام الذي يحلم به الاحتلال والسلطة في رام الله
تميم منصور
الحوار المتمدن-العدد: 5256 - 2016 / 8 / 16 - 19:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لسنا جسراً للسلام الذي يحلم به الاحتلال والسلطة في رام الله تميم منصور
لا يختلف اثنان بأن اللقاء الذي جمع العديد من القيادات العربية في الداخل الفلسطيني ، مع قيادة السلطة الوطنية برئاسة محمود عباس في رام الله ، له اهمية ودلالات كثيرة ، لأنه يعبر عن التلاحم والتضامن بين أبناء الشعب الواحد ، ويثبت بأن الحدود التي رسمت كي تفصل بين أبناء هذا الشعب ، كانت وستبقى اصطناعية واهية ، غير قادرة على قطع شرايين التواصل ، وغير قادرة على بتر الجسد الفلسطيني وقتل روحه ، ولا يمكنها مصادرة الهوية الفلسطينية المشتركة والمحفورة في قلب وروح ونفس ومسامات كل فلسطيني . ومع أن مثل هذه اللقاءات لا تُعقد بعد دراسة كافية أو برامج زمني ، لكنها كانت وستبقى ذات أهمية بالغة ، خاصة اذا سادها الموضوعية والصراحة والجرأة ووضع النقاط على الحروف . الملفت للنظر في هذا اللقاء ، أن الاعلام العبري تجاهله وهذا إشارة الى أنه لم تتوفر التحضيرات الإعلامية لهذا اللقاء ، كما أن وسائل الاعلام الفلسطينية ، خاصة الفضائيات لم تعيره الأهمية الكافية فتناولته باقتضاب كأنه يحدث كل يوم ، وهذا يثير تساؤلات كثيرة ، هل جاء هذا التجاهل بإذن من السلطة ؟ لأنه غالباً ما تتصدر أخبار الرئيس محمود عباس نشرات الأخبار والتعليقات في غالبية الإذاعات والفضائيات الفلسطينية ، كما هو متبع في الأقطار العربية ، فالإعلام فيها جميعاً موجهاً . نأمل أن لا يكون هذا التجاهل في وسائل الإعلام مقصوداً ، سببه ، أن القيادات العربية التي شاركت في اللقاء المذكور يحملون الهويات الإسرائيلية ، التي فرضت عليهم فرضاً ، مع أن سلطة رام الله تلتقي يومياً مع قيادات من أجهزة الاحتلال المدنية والعسكرية ، بهدف التنسيق والعمل المشترك . اذا كان الأمر كذلك فأنه يتناغم مع رؤية السلطة التي قضت منذ اتفاق أوسلو حتى اليوم ، بأن على عرب الداخل التسليم بأنهم إسرائيليون فقط ، وأن هويتهم الإسرائيلية تعني انتمائهم الحقيقي ، هذا ما ورد في اتفاق أوسلو وملحقاته وهذا ما منع تحرير عشرات الاسرى الفلسطينيين من الداخل في حينه ، وهو بالمفهوم السياسي يعني تهميش هذه الشريحة المكافحة المرابطة من الشعب الفلسطيني ، الشريحة التي رفضت الاقتلاع من الوطن . كل من راقب وقام بتحليل خطاب الرئيس عباس في هذا اللقاء يجد أنه تعمد كعادته ربط المواطنين العرب في الداخل الفلسطيني بالهوية الإسرائيلية ، فقال ( أن لجنة المتابعة العربية التي تمثل كل أطياف المجتمع العربي في إسرائيل جسراً للسلام بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي ) . أنني أذكر مثل هذه العبارات من أيام الحكم العسكري، وقال أيضاً يجب أن نعمل على استمرار التواصل بين أبناء شعبنا ، يقصد الشعب الفلسطيني مع اخوانهم في إسرائيل ، وهذا بالنسبة للرئيس عباس أصبح مبدأً قاطعاً لأنه اعتبرنا غربا عن الجانب الفلسطيني من وجهة نظره والسؤال : كيف يمكن أن نكون جسراً للسلام بين الفلسطينيين ونحن جزءاً منهم وبين إسرائيل . ليست هذه المرة الأولى التي تستخدم القيادة الفلسطينية مثل هذا الأسلوب ، فهي تؤمن به واقرته في أوسلو ، انه يصر على حصر هويتنا بالوطنية الإسرائيلية وربط مصيرنا بالسياسة الإسرائيلية ، وقد نوهت السلطة الفلسطينية اكثر من مرة بأنها ترغب ان نقف الى جانب أبناء شعبنا من موقعنا كإسرائيليين وعندما طرح البعض في يوم من الأيام فكرة الإدارة الذاتية لعرب الداخل ، سارعت السلطة في رام الله الى رفض ذلك على اعتبار ان هذا الحلم ينافس سلطتهم في رام الله . ان الرئيس محمود عباس وغيره ممن حضروا اللقاء الأخير ، لم يتوجهوا لأعضاء وفد الداخل بكلمة تربطهم بالهوية الفلسطينية ، انهم يريدون دائماً تثبيت أسرلتنا كجزء من السلام مع إسرائيل ، وحتى لا نوجه أي نقد لممارستهم وانحرافهم ، سواء القيادة في رام الله أو قيادة غزة ،أنهم لا يترددون بمعايرتنا بأننا مواطنين إسرائيليين ، لا دخل لنا بهم . الملفت للنظر في هذا اللقاء أيضاً ان محمود عباس المح في كلمته امام أعضاء الوفد فلسطيني الداخل ، بأن يساهموا بالعمل على رأب الصدع بوضع حد للانقسام الفلسطيني الفلسطيني ، لا يعرف اذا كان رئيس السلطة قد عرض هذا الطلب فقط من باب رفع العتب ، حتى يتحاشى الانتقادات التي وجهها رئيس لجنة المتابعة للطرفين المتخاصمين ، وهدد بعصيان شعبي للضغط على القيادات في حماس وحركة فتح . اذا كان عباس جاداً في توجهه ، فهذه تعتبر نقلة نوعية في علاقته مع عرب الداخل ، وهذا يعني انه وصل الى قناعة بأن اهتمام عرب الداخل بإغلاق هذا الملف واتمام المصالحة ، يفوق كل اهتمامات كافة الجهات التي سعت لانجاز هذه المهمة ، وفي مقدمة هذه الجهات ، مصر مبارك ومصر السيسي ، والجامعة العربية ، وبقية أنظمة الإفلاس العربي والإسلامي ، لأن العرب الفلسطينيين في الداخل ، يعتبرون المصالحة واجباً وطنياً وقومياً ، والباب الذي تدخل منه رياح الانتصارات ، اننا نؤمن بأن توحيد كلمة الشعب ترفع من سقف الاهتمام بقضيته ومصيره عربياً وعالمياً . لكن سياسة الرئيس عباس الاستسلامية ، ورفضه لأي أسلوب من أساليب المقاومة ، ومراهنته على مواقف أنظمة فاسدة وأنظمة ودول تدعم إسرائيل مثل فرنسا وبريطانيا وامريكا ، كل هذا يجعلنا نشك في جدية توجهه لقيادات عرب الداخل ، أنه يعرف أكثر من غيره بأن المواطنين العرب ومعظم قياداتهم لا يدعمون طرفاً من أطراف الخلاف على حساب الطرف الآخر ، والجميع يعرفون بأن حسم قرارات الموافقة على التصالح ، لا تقررها حركة حماس ولا تقررها حركة فتح ، هناك جهات أجنبية لا تريد هذه المصالحة ، حتى يبقى الانقسام ويصبح الاحتلال امراً واقعياً الى الأبد . اذا وافق عباس ووافق مشعل على أي قرار للمصالحة ، فأن واشنطن وإسرائيل وقطر وتركيا والسعودية وغيرها ، جميعها ستقف في وجه هذا التصالح ، نحن نعرف بأن القيادات الفلسطينية لم تعد تملك استقلال القرار ، وهذا يذكرنا بالقيادات الفلسطينية السابقة ، قيادة المفتي والهيئة العربية العليا ، ان اذعان هذه القيادة في حينه الى الملوك والامراء العرب في ذلك الحين ،افرغ ثورات الشعب الفلسطيني من كل مضامينها ، وافشلها ، هذا إضافة الى الانقسامات التي كانت قائمة بين جبهة عائلة الحسيني ، وجبهة عائلة النشاشيبي التي كانت مرتبطة مع بريطانيا ، الى درجة انها كانت تقاوم الثورة ، تآمرت عليها مع بريطانيا ، ومع النظام الأردني في ذلك الوقت . اليوم التاريخ يعيد نفسه ، فالمؤامرات ضد المقاومة عادت من جديد ، منذ اتفاق أوسلو حتى لقاء رام الله ، حتى أصبح حماة الثورة اعداءها ، لا يمكن لمثل هذه القيادات أن تتوحد الا بعد أن يلفظها الشعب ، وتقود العمل الوطني قوى شبابية ثورية تؤمن أن ما آخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة .
#تميم_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل نحن أمام مشروع مارشال جديد في غزة ؟؟؟ ..
-
الطائفة المسيحية ستفشل مشروع ساعر بيكو
-
عندما ينزلق الأزهر ويقع في شباك النفاق
-
الجبناء وحدهم لا يغضبون
-
العدوان على غزة كان بمثابة الغربال الذي اسقط زوان العنصرية
-
ديمقراطية الانياب الدموية في وسائل الاعلام الصهيونية
-
ثورات مصنوعة من خيوط واهية سريعة التمزق
-
كذبة اسمها العروبة
-
بين تموز لبنان وتموز غزة السفاح واحد
-
صراع المصالح فوق الجسد الفلسطيني
-
ماركات احتلالية خاصة بالصهيونية
-
النقد البناء كسكين الجراح الذي يجرح ليشفي
-
لكل زمن وموقف دايتون جديد
-
قلة الشغل تعلم مفكر النيتو التطريز
-
عندما يبكي السجان دموع النفاق
-
في انتظار طيور سنونو جديدة قادمة الى اسرائيل
-
بين أنصار المخلوع وانصار المعزول حبل من مسد
-
النقد هو الجانب الآخر للحقيقة
-
قاطرة المفاوضات تبحث عن سكة حديد واضحة
-
تركيا واسرائيل توأم سيامي في قهر الشعوب
المزيد.....
-
شاهد.. -غابة راقصة- تدعوك لإطلاق العنان لمخيلتك في دبي
-
بعد مكاسب الجيش في الخرطوم.. هل تحسم معركة الفاشر مآل الحرب؟
...
-
هواية رونالدو وشركاه .. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
أكثر من 20 مرتزقا أمريكيا في عداد المفقودين بأوكرانيا
-
باكستان قلقة من الأسلحة الأمريكية المتروكة في أفغانستان وتحذ
...
-
وزير الدفاع السوري يتفقد ثكنات الجيش بصحبة وفد عسكري تركي (ص
...
-
تركيا.. شاورما تنقذ حياة -مسافر الانتحار- (صور)
-
من أمام منزل السنوار.. تحضيرات إطلاق سراح 3 رهائن إسرائيليين
...
-
سوريا.. من هم القادة العسكريون الذين شاركوا الشرع -خطاب النص
...
-
وارسو.. اجتماع وزاري أوروبي لبحث الهجرة والأمن الداخلي وترحي
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|