أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عبد الرحيم العطري - حوار مفترض مع الشاعر الراحل محمد علي الهواري















المزيد.....

حوار مفترض مع الشاعر الراحل محمد علي الهواري


عبد الرحيم العطري

الحوار المتمدن-العدد: 1405 - 2005 / 12 / 20 - 08:49
المحور: مقابلات و حوارات
    


حياة ملؤها الشعر و الصمود

في العام 92 من القرن الفائت تعرفت على الراحل محمد علي الهواري ، عرفته حينها أستاذا لمادة المسرح بالمعهد الملكي لتكوين الأطر بالرباط ، كان يأتينا صباح كل ثلاثاء محملا بأسئلته الملتهبة ، داعيا إيانا إلى قراءة الشعر لاكتشاف حقيقة العالم ، كان في تمام الثامنة صباحا يقتعد الكرسي نفسه ،و ينطلق في قراءة تاريخ أب الفنون ، ينطلق من البدايات الإغريقية و ما قبل الإغريقية و يعرج نحو التأسيس العربي وحكايا الرواد و يعود إلى الواقع و الرهانات الجمالية ، لكنه بين الفينة و الأخرى ينعطف بنا ، و كان ذاك أجمل انعطاف ، نحو سنوات الجمر و الرصاص ليحكي لنا زمنا موغلا في الرداءة أنتج كل ألوان القمع و التدجين و الإيذاء ، كان حينها يتحدث عن الفقيه البصري و المهدي بن بركة و كل الراحلين خطأ في زمن الأخطاء، يضيء أمامنا عتمة التاريخ المسكوت عنه ، يتأمل دوائر دخان سيجارته ،و يستمر في الحكي المكلوم ، ثم ما يفتأ يتذكر أنه يدرس مادة المسرح ، فيعود مجددا إلى الركح .
كان يأتينا باسم علي الكوفي ، و لا أحد منا كان يعرفه بغير هذا الاسم ، ربما هو جهلنا بتاريخ الأبطال و الشهداء الذين كتبوا سيرة وطن لا يكتمل إلا في الأحلام ، ربما هي فعلة دروس التاريخ المزيف التي جعلتنا في الشهادة الابتدائية نمتحن فقط فيمن بنى المدن و المآثر التاريخية ، و لا ندرس بالمرة الاحتقانات المجتمعية التي عاش على إيقاعها المغرب لزمن طويل .
في العام 96 من نفس القرن ستتجدد علاقتي بالشاعر البهي محمد علي الهواري ، حينها كنت قد التحقت بجريدة الميثاق الوطني بالرباط ، كنت أصادفه بشكل يومي قرب مقهى مقابل لبنك المغرب ، كنا نختلس الزمن و نجود على نفسينا بلقاء مسكون بالشجن و الأهوال ، نبث إلى بعضنا البعض شكوى الألم و الضياع ، كان الراحل يبكي زمنا عصيا على الفهم ، حينئذ تعرفت أكثر على الشاعر و الإنسان محمد علي الهواري ...
دامت اللقيا على هذا المنوال إلى غاية فجر هذه الألفية ، حينها غبت عن الرباط و غابت عني أخبار شاعرنا الجميل ، كنت أقتنص أخباره خلال رحلاتي الخاطفة إلى الرباط ، علمت حينها أن المرض بدأ يستعمر جسده النحيل ، بدأت الأخبار الحزينة تتقاطر علي من جملة من أحبته الأوفياء إلى أن حمل إلي الشاعر العزيز محمود عبد الغني في يوليوز 2002 نبأ الرحيل الفادح ، جاءني الخبر الفجائعي و أنا أستعد لتقديم إحدى المسرحيات بقاعة علال الفاسي بالرباط في إطار فعاليات المهرجان الوطني لمسرح الهواة ، طلبت من الحضور الكريم أن يقف وقفة إجلال و احترام لروح الفقيد ، تلونا الفاتحة ترحما عليه و انسكبت دموع الفراق على وجوه آل مسرح الهواة الذين يكنون له غير قليل من المودة و الاحترام .
أهو مكر الصدف ، أم هو الألم الباذخ الذي يرافقني دوما ، كيف لي أن أنعي شاعرا و صحفيا و مسرحيا بهيا و من على خشبة المسرح و على بعد دقائق معدودة من انطلاق عرض مسرحي ؟
كانت الدموع حينها تهتاج مالحة في مقل الكثيرين من محبيه ، و مع ذلك فقد غادرنا الشاعر الكبير في صمت ، و دون أن ينتبه لموته كثير من زبانية المشهد الثقافي ، رحل شاعر كبير امتهن " الصمود في رحم الإعصار " شاعر يكتب مسارات من الفداحة و الابتهاج ، يهدينا معان أخرى للإنسان و الحياة ، و يعلمنا في كل حين كيف نصنع الحياة و في أحلك اللحظات .
في هذا الحوار المفترض الذي لم ينكتب إجراؤه واقعيا ندعوكم لاكتشاف بعض ملامح الشاعر الذي أهدى للمغرب و لكل المناضلين الشرفاء من الخليج إلى المحيط ، و تحديدا في سنة 1964 ديوان شعريا اجترح له اسما قوي الدلالة " صامدون " ، وفاء للذكرى و تحية للصمود و كل الدروس التي تعلمناها من الراحل محمد علي الهواري إليكم هذا الحوار المفترض من صميم الديوان .
- من يكون برأيك الشاعر محمد علي الهواري ؟
أنا ابن الأرض يا سيدي ، ابن التراب
أنا ثورة الأجيال عادت بعد طول غياب
أنا صمت القرون و ذلها ، عبد أحقاب
أنا موجة مارت بلا جزر في عباب
أنا من عاش كل العمر في كلمه
يقدمها جراحاته، و دموعه و دمه
و كانت له ربا ، و حروبها الملهمة
- مع كل هذا الألم الرابض فوق الصدور ، الكل يدعو إلى اقتراف الصمت ، برأيك هل نصمت كي نشتري أمننا و خبزنا ؟
أتريدنا أن نصمت ؟
أتريدنا أن نصمت ؟
أتريدنا أن نسكت
أن نلجم الفم و اليراع .. و ننصت
لأنين أمتنا ..بلى لن نصمت
دمر و فجر ما تشاء
حرق و هدم للمطابع و البناء
مزق و جمع للورق
فالشارع العفن الرصيف
و السوط و الزنزانة و المسخ السخيف
و الدرب يعرفنا و يعرف من نكون
- هل قدر علينا أن نهجر الفرح و نحتضن الحزن و الألم ؟
العيد في وطني يموت من الفزع
العيد طاعون مخيف
و على الوجوه دمامل دكناء
ذكرى النبي على الشرايين الحزينة
و دم مراق
صلبت بلا كفن جميل
و رمى بها الجزار في مستنقعات
من دماء من فزع
- لماذا يكتب الشاعر محمد علي الهواري الشعر ؟
ما الحروف ؟
ما الغنى .. ما الكلمات
ما تعابير العيون
و هوانا كان ..كان
قبل ميلاد اللغات
مثل رفات المقل
قبل ميلاد الحياة
كان .. لا تسأل متى
ما الحروف ؟
و حروفي كلها أمست عبير
- المتأمل لمتنك الشعري سيكتشف أنه شعر ملتزم بقضية التحرر من ربقة الاستعباد ، أليس كذلك ؟
آمنت بالجرح المضمخ بالأنين
بالآه تبعث في ثرانا الأنبياء
آمنت بالجرح المعطر بالتراب
بالصرخة الحرة تعانق في الفضاء
صرخات عبد ثائر غضبي الفداء
آمنت بالقدم المشقق ، بالعذاب
آمنت يا رفقاء دربي بالطريق
آمنت بالإنسان يبعث في إباء
بالجرح يبعث ، بالعذاب و بالأنين
بالآه تسمعها الجموع ، فتهدر
كل الدروب لها نداء
- الدار البيضاء المدينة الغائرة جدا في قلبك ، كيف يتمثلها الشاعر فيك ؟
إنها المدينة التي لم ترض يوما بالذل ، المدينة التي يموت فيها إنسان و يخلق ألف إنسان ، المدينة الثائرة المعطاء
فليعلم الجبناء أنا من هنا
بالأمس ثورتنا تفجر رعدها
و اليوم نزحف من هنا
لتدك أقدام إلا ما جلادها
لتدوس أفواج الرعايا أسيادها
- محمد علي الهواري مناضل بهي بامتياز عانق تجربة المنفى و تذوق كرها من طعم زمن الرصاص ، كيف تنظر إلى تلك التجربة ؟
صلبوا الحقيقة و الصباح
و كسوا دروب الأرض بالدم و الجراح
الحب و الأشواق ماتت
و الصبح و الخبز الملطخ بالدماء
- تظل الثورة والوحدة العربية من أبرز الانشغالات المركزية في ديوانك " صامدون " ، حبذا لو آخذتمونا إلى هذا العبق الوحدوي عبر نص من اختياركم ؟
يا أمتي ، الشعب ثار بأرضنا العربية
و هنا نعيش على القيود ضحية
الشعب في أجزاء أمتنا الأبية
داس المذلة صانعا قدرا بغضبته العتيقة
يا أمتي كل الشعوب
كل العبيد
ثارت على الذل الرهيب
و هنا ، هنا نحيا على ثقل القيود .
ملحوظة : كل الإجابات المحتملة للشاعر الراحل مأخوذة من قصائد ديوانه " صامدون " الذي تفضلت لجنة أصدقاء محمد علي الهواري بنشره في حلة أنيقة في يوليوز 2003.



#عبد_الرحيم_العطري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أين الجثة ؟
- كوم . إيكار
- تكريما لروح بول باسكون
- في لقاء حميمي مع المبدع المسرحي العراقي جواد الأسدي
- حوار مع القاص المصري محمد عطية محمود
- التلقيح السوسيو سياسي بالمغرب :عقاقير سياسية لتسكين التوتر ا ...
- سؤال الدعارة الرخيصة..تراجيديا الأجساد المتهدلة!
- سكن هامشي أم سكان مهمشون؟
- هل تصير الأسرة بسبب التوقيت المستمرمجرد مؤسسة بيولوجية للإنج ...
- السوسيولوجيا معرفة تعيش حالة الاستثناء
- من يضع الملح فوق جراح البيضاء؟
- صيف حار بالرباط: تعديل حكومي في الأفق .. لا تعديل في الأفق
- ما بعد 16 ماي: الكتابة بالإبر فوق العيون: هل سيتوقف البحث عن ...
- أحداث 16 ماي من زاوية أخرى : حصاد الهشيم أو صناعة الكاميكاز
- الباحث الاجتماعي عبد الرحيم العطري في حديث للأحداث المغربية: ...
- النخبة المثقفة بالمغرب : من سنوات الجمر إلى التدجين و التبخي ...
- حوار مع الوزير المغربي الأسبق في التعليم العالي الدكتور نجيب ...
- حوارمع كاتب الدولة الأسبق في الرعاية الاجتماعية والأسرة والط ...
- سوسيولوجيا الشباب : من الانتفاضة إلى سؤال العلائق
- حوارمع كاتب الدولة الأسبق في التضامن و العمل الإنساني الأستا ...


المزيد.....




- الجمهوري أرنولد شوارزنيجر يعلن دعمه للديمقراطية كامالا هاريس ...
- وفد روسي يصل الجزائر في زيارة عمل
- كوريا الشمالية: تصرفات الولايات المتحدة أكبر خطر على الأمن ا ...
- شاهد.. ترامب يصل إلى ولاية ويسكونسن على متن شاحنة قمامة
- -حزب الله- ينفذ 32 عملية ضد إسرائيل في أقل من 24 ساعة
- بريطانيا وفرنسا وألمانيا تدعو إلى التجديد العاجل للخدمات الم ...
- وسائل إعلام: تقدم في المفاوضات حول وقف إطلاق النار بين إسرائ ...
- وفد روسي يصل الجزائر في زيارة عمل (صور)
- إعصار كونغ-ري يقترب من تايوان والسلطات تجلي عشرات الآلاف وسط ...
- ما هي ملامح الدبلوماسية الأميركية المستقبلية في الشرق الأوسط ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - عبد الرحيم العطري - حوار مفترض مع الشاعر الراحل محمد علي الهواري