أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - القصة القصيرة بين التنظير والابداع














المزيد.....


القصة القصيرة بين التنظير والابداع


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 5246 - 2016 / 8 / 6 - 13:11
المحور: الادب والفن
    




هذه ملاحظات سريعة كتبتها تعقيبا على عشرات المقالات التي تناولت القصة القصيرة ، بعضها ذهب لشرح كيفية كتابة قصة قصيرة، مبناها ، ابطالها ، بدايتها، وسطها ونهايتها.. أي طرحوا شبلونات وبنود يمكن على اساسها كل من يعرف كتابة انشاء عربي ان يكتب قصة قصيرة. وانا اعتقد انها كتابات فائضة عن الضرورة وسلبياتها أكبر من ايجابياتها.
هل حقا توجد تقنيات يمكن الإلتزام بها لكتابة القصة القصيرة؟ اي شبلونة (مسطرة) يمكن ان نكتب قصصا حسب مقاساتها؟
اصحاب تلك المقالات تجاهلوا مسألة جوهرية تتعلق بمفهوم لغة القصة القصيرة. طبعا هي اللغة العربية في حالتنا، لكنها لغة نص مختلف عن أي نص كتابي آخر. ما اعنيه انها ليست نفس التركيبة اللغوية للمقال السياسي مثلا، او للمقال النقدي، او للمقال البحثي. الشرح عن تركيبة القصة القصيرة يبدو لي انه يؤطر المضمون والحركة القصصية داخل صندوق مغلق ومفرغ من الهواء . أي كتابة "مخنوقة".
ان لغة القصة هي موضوع لا يمكن تناوله بمثل هذه البساطة والفوقية التي يتناول فيها البعض شرح تركيبة القصة القصيرة ، وكأنه يشرح مسالة في الرياضيات، وانا على ثقة ان تلك المقالات لم ولن تنتج كاتبا قصصيا واحدا، بل قد تضلل كتابا موعودين..
المعضلة الكبيرة، او الهوة الكبيرة لمثل هذه المقالات هي استحالة شرح تراكيب قصصية بمقاييس جاهزة، وخاصة استحالة شرح مضمون اللغة القصصية. مثلا هل بإمكان أحد ان يشرح مفهوم اللغة الدرامية التي هي لغة الابداع القصصي الجوهرية؟ ان مفهوم الدراما (للتوضيح) ليس في الفكرة فقطـ انما في تركيبة اللغة نفسها؟ لغة لها مركبات مميزة عن السرد النثري لمواضيع غير قصصية... ولكن هذا لا يكفي. مثلا كاتب متمرس بامكانه تطوير اساليب لغوية جديدة وأفكار قصصية غير تقليدية للنص القصصي. مثلا استعمال لغة الصحافة الأقرب للمناخ الثقافي السائد واللغة الأكثر فهما واستعمالا في حياتنا اليومية او اسلوب بناء الحدث القصصي عن طريق مبنى الخبر الصحفي او الريبورتاج (وهنا صعوبة كبيرة لدرجة الاستحالة لكاتب غير متمرس)، او بأسلوب الكتابة التاريخية او التوثيقية.. او حتى اخضاع الطرفة لجعلها مادة قصصية... حتى السماء ليست حدودا لقدرات الانسان الابداعية!!
قد يقول ناقد ما مستهجنا ان هذا اسفاف لمضمون اللغة القصصية وانا اقول ان الموضوع أبعد من التفكير الفوقي، والأحكام المتسرعة، لمن يعجزون هم أنفسهم ان يصيغوا قصة قصيرة رغم اجادتهم الكبيرة في شرح مركباتها.. طبعا شرحهم يعتمد المنهج الكلاسيكي - التقليدي.. وهو تقريبا تلاشى من السرد القصصي او تقلصت مساحته.
قرأت ابحاثا عديدة لكتاب اجانب أيضا.. ولا اظن انه يمكن انتاج عمل قصصي حسب شبلونة تطرح بنودا يمكن على اساسها صياغة قصة قصيرة. مسبقا اقول ان القصة عملية خلق ابداعية لا تلتزم بأي مقاييس مسبقة، وتبدع لغتها وتركيبتها بمسارها الذاتي وليس حسب بنود يضعها الكاتب امامه ليستعملها في بناء القصة.
البطل في العمل الأدبي ليس مجرد اسم وشكل، ثم نركب عليه ، او نفتعل له عقدة ما .. ثم نجد له الحل او اللا حل .. اين اختفت سيكولوجية البطل؟ كيف نستعمل مفاهيم علم النفس الاجتماعي في تركيبة الحدث او التضاد بين الأبطال والواقع الذي تطرحه القصة؟
لا أظن ان مؤلفي هذا النوع من النصوص يقصدون ما قد يفهم من العنوان.. ربما قصدهم شرح فكرتهم حول مركبات النص السردي القصصي... لا يوجد تماثل بين قصتين لنفس الكاتب الا ما ندر.. فكيف الحال مع مئات الاف الكتاب؟ لا يوجد خط عريض واضح في حركة الإبداع لنفس الأديب.. الأمر يشبه هنا انتاج حيوات، والحياة شديدة التعقيد والتركيب وعدم التماثل بين عنصرين.. تماما مثل بصمة الأصابع .. ربما افضل طريقة لمعرفة فنون الكتابة القصصية، هي قراءة الاف الأعمال الأدبية بانتباه كامل لأسلوب السرد ومركباته المتنوعة، شكل بناء الشخصيات وتطورها ، خصوصية اللغة في العمل القصصي، (اللعبة القصصية او الروائية) وطريقة بنائها والتلاعب بالأحداث ، روح الحوار وعلاقته بالشخص، ومطابقة الحوار للشخصية القصصية (او الروائية) وغير ذلك الكثير من التجديدات التي لا تتوقف ، صياغة وفكرا ... وقراءة تجارب الكتاب انفسهم اذا وجدت. لا يمكن ان تصاغ مفاهيم ثابتة للقصة القصيرة او لأي عمل أدبي. يمكن حث الموهوبين للإطلاع عبر تمهيد يعرض عليهم مركبات اولية، لكنها مجرد خطوات اولى لا يمكن جعلها قانونا قصصيا.
الأمر الأساسي ان الكتابة، أي كتابة كانت... تحتاج الى موهبة خاصة.. يمكن تطوير الموهبة.. بدونها لا يمكن تحريك شيء.. لا يمكن ان تتطور الموهبة بدون قراءة واعية وموسوعية، واطلاع واسع على العديد من كتب النقد القصصي ، والانتباه ان بعضها يشوه الرؤية القصصية اذا لم يكن القارئ واعيا لفلسفة الأدب تحديدا والقصة القصيرة عموما .
نصيحتي لعشاق الابداع القصصي بسيطة جدا.. اقرأوا بوعي وعبر دراسة النصوص وتحليلها الذاتي. اسلوب تركيب الحدث، مميزات النص، تركيبته اللغوية، الحوار ومطابقته للشخصيات ، انتبهوا الى الدراما في لغة النص وليس الدراما في الفكرة القصصية فقط. نص بدون لغة درامية ، هو نص فاشل. الفكرة الدرامية ليست مشكلة، احيانا الفكرة القصصية بلا دراما لكن اللغة القصصية تصنع الدراما.

[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- درس في الأخلاق السياسية
- رؤية فكرية بين الاعلام والتأريخ
- يوميات نصراوي: هكذا تعرفت على المناضل تيسير العاروري
- يوميات نصراوي: بورسعيد عربية والقنال مصرية
- يوميات نصراوي: يحكون في بلادنا
- يوميات نصراوي: قصيدة -بطاقة هوية- لمحمود درويش
- لا تضعوا كل بيضكم بسلة أردوغان
- كمن يصطادون السمك في البحر الميت
- رؤية ثقافية فلسفية
- المكان الأكثر أمانا..لكل المتفلسفين!!
- قصص من أمريكا
- ملاحظات نقدية
- 1967: هل اللقاء بين شقي البرتقالة الفلسطينية كان بشارة خير؟
- اشكالية التطبيع بين مجتمعات في عداء سياسي وقومي
- التغيير ليس مرغوبا فقط لكن لا يمكن منعه
- رد هادئ على بيان متشنج لشباب التغيير:
- كل ما لا تستعمله زوجتي!!
- حوار مع دكتور أفنان القاسم: حول مشروعه عقد مؤتمر عربي عالمي
- العنف: هل هو ظاهرة ام نتاج واقع وموروثات اسطورية؟!
- الغابة السياسة


المزيد.....




- الشيخ أمين إبرو: هرر مركز تاريخي للعلم وتعايش الأديان في إثي ...
- رحيل عالمة روسية أمضت 30 عاما في دراسة المخطوطات العلمية الع ...
- فيلم -الهواء- للمخرج أليكسي غيرمان يظفر بجائزة -النسر الذهبي ...
- من المسرح للهجمات المسلحة ضد الإسرائيليين، من هو زكريا الزبي ...
- اصدارات مركز مندلي لعام 2025م
- مصر.. قرار عاجل من النيابة ضد نجل فنان شهير تسبب بمقتل شخص و ...
- إنطلاق مهرجان فجر السينمائي بنسخته الـ43 + فيديو
- مصر.. انتحار موظف في دار الأوبرا ورسالة غامضة عن -ظالمه- تثي ...
- تمشريط تقليد معزز للتكافل يحافظ عليه الشباب في القرى الجزائر ...
- تعقيدات الملكية الفكرية.. وريثا -تانتان- يحتجان على إتاحتها ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نبيل عودة - القصة القصيرة بين التنظير والابداع