|
مقاومة أم إرهاب ؟
حامد الحمداني
الحوار المتمدن-العدد: 1404 - 2005 / 12 / 19 - 09:59
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
على الرغم من الوقائع التي يشهدها الشعب العراقي على الأرض من الجرائم البشعة التي يرتكبها الإرهابيون القتلة ، من خلال السيارات المفخخة ، والعبوات الناسفة المزروعة على جوانب الطرق ، ومن خلال عمليات الاغتيال والخطف والابتزاز وغيرها من الجرائم المروعة التي يشهدها المواطنون العراقيون كل يوم ، فلا تزال العديد من القوى السياسية والدينية التي ارتبطت بوشائج مختلفة مع النظام الصدامي المدحور تصر على تسمية هؤلاء الإرهابيين بالمقاومة ، وهناك جانب آخر من هذه المجموعات من يدعي أن هناك مقاومة يطلق عليها ب [المقاومة الشريفة !!] التي تسعى لمقاومة الاحتلال واستعادة سيادة واستقلال العراق ، وهناك إرهاب تقوم به العناصر السلفية المرتبطة بالقاعدة والتي يقود نشاطها المدعو أبو مصعب الزرقاوي ، والتي تمارس الإرهاب والقتل والتخريب، وهناك إرهاب من نوع آخر تمارسه المليشيات المحسوبة على الأحزاب الطائفية الشيعية كمنظمة بدر ، وثأر الله ، وجيش المهدي ، حيث تمارس عمليات القتل والاعتقالات الكيفية والتعذيب والمحاكمات خارج القضاء العراقي الرسمي في محاولة منها للهيمنة على مقدرات العراق ، والاستئثار بالسلطة . وما يهمني اليوم في هذا المقال تناول ما يدعى ب [ المقاومة الشريفة ] لكي يتبين الشعب العراقي حقيقة هذه المقاومة ، ومن هم القائمون بها ، وما هي أهدافهم الحقيقية من وراء نشاطهم المسلح ، متوجهاً إليهم بالأسئلة التالية كي يجيبوا عليها ليكون الشعب العراقي على بينة من أمرهم : 1 ـ من أنتم ومن تمثلون ؟ ولماذا لا تعلنون عن أنفسكم صراحة ؟ 2 ـ ما هو برنامجكم السياسي ؟ ولماذا لا تعلنوه أمام الشعب ؟ 3 ـ هل أنكم تمارسون العمل المسلح ضد قوات الاحتلال فقط ؟ أم أنكم تمارسون العمل المسلح ضد قوات الجيش العراقي،والشرطة العراقية ؟ ولماذا ؟ 4 ـ ما هي طبيعة العلاقة التي تربطكم بالعناصر السلفية الإرهابية التي يقودها الزرقاوي مسؤول منظمة القاعدة الإرهابية في العراق ؟ وما مدى التنسيق مع هذه العصابة الإجرامية ؟ وما هي الخدمات التي تقدمونها لها ؟ وسأطرح هنا رأي هنا محاولاً إلقاء الضوء على هذه الأسئلة لكي يرد عليها من يدعون أنفسهم ب [ المقاومة الشريفة ] . • إن من يقوم بهذا العمل المسلح ، وبهذا التنظيم الواسع ، وبهذا الكم من التسلح ، وبهذه الإمكانية المادية الهائلة ، وهذه الخبرة العسكرية الواسعة لا يمكن أن يكون مجرد عمل فردي جمع هذا الكم من الأشخاص للتصدي لقوات الاحتلال كما يدعون ، وبالتالي فلا بد أن يكون وراء هذا العمل تنظيم سياسي على درجة واسعة من النتظيم والإمكانيات أولاً ، وأن له المصلحة في القيام بالعمل العسكري ، وتقديم التضحيات البشرية والمادية وتحمل الخسائر الجسيمة في صراعه مع القوات الأمريكية والبريطانية وبقية القوات المتعددة الجنسيات ، ولا شك أن من تضرر من إسقاط النظام الصدامي هو حزب البعث الذي كان يمثل السلطة ، وبالتالي فلا تنظيم سياسي وراء من يسمون أنفسهم [بالمقاومة الشريفة] ! غير حزب البعث الذي فقد السلطة ، وفقد أعضاءه الامتيازات التي كان الدكتاتور يغدقها عليهم ، والتي كانوا يتمتعون بها على حساب بؤس وشقاء الشعب المنكوب بحكمهم البغيض . • أما لماذا لا يعلنون عن أنفسهم ولا عن برنامجهم السياسي فبطبيعة الحال هم يدركون مدى كراهية الشعب العراقي لحكمهم الدكتاتوري الفاشي الذي تسلط على رقاب الشعب خلال 35 عاماً أذاقه فيها شتى صنوف الإرهاب والطغيان والقتل والتعذيب والسجون الرهيبة والمقابر الجماعية خير شاهد على أفعالهم الشريرة التي يعجز عن وصفها القلم ، ولذلك يحاولون التستر على حقيقتهم التي لا تخفى على من خَبِرَ هذا الحزب وأساليبه في التخفي كما جرى في الثامن من شباط 1963 عندما رفع الإنقلابيون البعثيون صور الزعيم عيد الكريم قاسم فوق دباباتهم المتوجه إلى وزارة الدفاع لكي يخفوا حقيقة نواياهم الشريرة أمام أعين الشعب . • كما مارسوا نفس الأساليب عندما قاموا بانقلاب 17 تموز 1968 في محاولة لخداع الشعب والقوى السياسية الوطنية فأطلقوا سراح السجناء السياسيين ، وأعادوا المفصولين الذين كانوا هم من فصلهم من عملهم وسجنوهم وعذبوهم وقتلوا الألوف منهم وقطعوا أرزاقهم ، وجوعوا عوائهم وأطفالهم دون وازع من ضمير ، ليلتفتوا بعد أن ركزوا سلطتهم إلى التنكيل بالقوى السياسية الوطنية ويستأثروا بالسلطة بمختلف أساليب البطش والإرهاب لمدة 35 عاماً ، ولولا إسقاط نظامهم البشع من قبل القوات الأمريكية والبريطانية لامتد حكمهم إلى يومٍ يبعثون . • إن ما تدعيه [ المقاومة الشريفة ] ! بأنها تقاوم الاحتلال يكذبه الواقع تماماً ، فهم قد ركزوا جهودهم على أفراد الجيش العراقي والشرطة العراقية أضعاف وأضعاف ما يوجهونه لقوت الاحتلال ، وهذا العمل من جانب هذه المقاومة ، إن صحت التسمية ، يكشف الهدف الحقيقي لها ، ألا وهو الحيلولة دون أن يكون للعراق جيش لا يأتمر بأوامر حزب البعث ، ولا شرطة غير شرطتهم وأجهزتهم القمعية التي مارست كل تلك الجرائم الوحشية بحق شعبنا وقواه الوطنية الصادقة ، وهم يحلمون بإخراج القوات الأجنبية من العراق لكي يعودوا على السلطة فور خروج القوات ويفرضوا سلطتهم وطغيانهم من جديد ، وقد امتلأت قلوبهم غيضاً ، وأعمى الحقد بصائرهم عازمين الانتقام من الشعب أشد الانتقام ، وتصفية كل من عبّر عن فرحته بزوال نظامهم البشع ، وكل من تسول له نفسه الوقوف ضد عودة نظام القبور الجماعية إلى السلطة من جديد . • ولذلك فهم يوجهون سهامهم لأفراد الجيش والشرطة الحديثين في محاولة لإرهاب المواطنين من التطوع والانخراط فيهما ،والحيلولة دون تقويتهما وإكمال استعدادهما ، في الوقت الذي هم على كامل الاستعداد وبكل أجهزتهم العسكرية والقمعية والمخابراتية لاستلام السلطة فور خروج القوات المتعددة الجنسيات . وهكذا يتبين لنا أن الهدف الحقيقي لهذه الزمرة ليس تحقيق حرية واستقلال العراق ، وإنما الوثوب إلى السلطة من جديد. • إن ما تدعيه [المقاومة الشريفة ] من أنها لا تمارس الإرهاب ، وليس لها علاقة بالسلفيين الإرهابيين من أنصار الزرقاوي وبن لادن أمر يكذبه الواقع ، فمن يستقبل هؤلاء المجرمين القادمين من وراء الحدود ؟ ومن يؤمن لهم الوصول على المدن العراقية ؟ ومن يأويهم ؟ ومن يقدم لهم السلاح ، والسيارات المفخخة والعبوات الناسفة والدولارات ؟ ومن يوجههم إلى الأهداف المرسومة سلفاً سوى هذه التي تسمي نفسها بالمقاومة الشريفة ، وهل الشرف في قتل العشرات بل والمئات من المواطنين الأبرياء كل يوم ؟ إلا تعساً لهذا الشرف الذي يدعونه . • أن التنسيق والتعاون الفعّال بين الزمر البعثية والزمر السلفية الإرهابية أمر لا يمكن نكرانه ، والشعب العراقي لا يمكن أن تنطلي عليه هذه الأكاذيب المفضوحة ، فهؤلاء الإرهابيين المجرمين لا يمكن أن يقوموا بجرائمهم الوحشية البشعة من دون الدعم اللوجستي والمادي والسلاح الذي تقدمه لهم [المقاومة الشريفة ] والتي في واقع الحال لا تمت أعمالها بالشرف بأي صلة . • لتفصح [ المقاومة الشريفة ] عن نفسها إن كانت لديها الشجاعة ، ولتعلن عن برنامجها السياسي وأهدافها ، ولتقدم الدليل على عدم صلتها بالإرهاب والإرهابيين السلفيين أعوان الزرقاوي وبن لادن ، وتستنكر جرائمهم الوحشية بحق الشعب والوطن ، فهل هي قادرة على فعل ذلك ؟ • وعلى الذين يطلقون عليهم [المقاومة الشريفة ]، ويدافعون عنهم أن يقدموا الدليل على صحة دعواهم ، وإلا فإنهم سيحاسبون أمام الله وأمام شعوبهم .
#حامد_الحمداني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مَن سيفوز في الانتخابات ؟
-
خاب أمل الشعب بأسلوب محاكمة طاغية العصر وزبانيته
-
مبروك لمنبر الحوار المتمدن عيده الرابع
-
الانتخابات العراقية المرتقبة وخيارات الشعب
-
الإرهاب واحد سنياً كالن أم شيعياً ولا حل لأزمة العراق غير ال
...
-
المشاكل والاضطرابات الشخصية التي تجابه أبناءنا
-
حارث الضاري ومؤتمر الوفاق
-
مقترحات من أجل قانون دولي لمكافحة الإرهاب
-
الأشقاء العرب وجرائم الإرهابيين في العراق والأردن
-
َمنْ يقود النشاط الإرهابي في العراق البعثيون أم الزرقاوي ؟
-
هل الولايات المتحدة جادة في محاكمة جلاد الشعب العرقي صدام حس
...
-
الشعب العراقي وعمرو موسى والجامعة العربية
-
مستقبل الديمقراطية والإصلاح في العالم العربي
-
حكام سوريا والحسابات الخاطئة
-
الحكومة العراقية والتدخل الإيراني المكشوف
-
ماهي حقيقة أزمة الفرطوسي والجنديين البريطانيين في البصرة ؟
-
الأكثرية السنية الوطنية مغيبة ، وصالح المطلك لا يمثل سوى حزب
...
-
بمناسبة طرح موضوع اصلاح منظمة الأمم المتحدة ، هذاهو الطريق ل
...
-
حقوق المرأة العراقية والدستور
-
الدين والدولة وضرورة الفصل بينهما
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|