حلوة زحايكة
الحوار المتمدن-العدد: 5244 - 2016 / 8 / 4 - 10:27
المحور:
كتابات ساخرة
بالتأكيد أن الجوع كافر، وتمارا العجوز السّمينة، لا تجد من يأتيها بطعام يكفي لامداد جسمها المهول المترهل بالطاقة، وهذا يدفعها إلى غير المتوقع، فمثلا عندما يقدّم المستشفى قطعة دجاج مع وجبة الغداء، فإنّ تمارا تأكل كلّ شيء بشراهة وبسرعة وكأنّها في سباق، وكنت أزوّدها بوجبة أمّي أيضا، فتلتهمها وهي تشتم المستشفى ومن فيه، وعندما لا يبقى أمامها سوى عظام الدجاجة، كانت تقضم طرفي العظم بنواجذها، ولم يتبخر عجبي من قوّة نواجذ امرأة تسعينيّة، إلا عندما أخبرتني بأنّ أسنانها مزروعة بعد أن خلعت أسنانها الطبيعيّة قبل سنوات ما عادت تذكر عددها، ثمّ لا تلبث أن تبدأ بشفط "النخاع" من العظم، الذي يبدأ بالصّفير كما الشّبابّة التي لم يحسن صنعها طفل يهوى الشّغب، فأضحك في سرّي خوفا من لسانها السّليط، وألتفت إلى رأس والدتي الذي تديره بشكل عفويّ في الاتجاه المعاكس لتمارا، وكأنها تهرب منها. ثم لا تلبث أن تطحن العظم كاملا بنواجذها، وتبتلعه دون أن تبقي منه أثرا.
في الواقع أنّني أشفقت على تمارا، وتمنيت أن تقضي ما تبقى لها من عمر شبعانة ريّانة، مع أنّ منظرها وصدرها المتدلي على هذا الجسد الهائل أعاد إلى ذاكرتي صورة "الغولة" المتخيّلة في ذاكرتي.
غادرت تمارا غرفة المستشفى، وعندها شقشقت والدتي – أطال الله بقاءها- عينيها وابتسمت لي وعادت إلى غيبوبتها دون أن تنبس ببنت شفة فأبكتني حزنا على حالها وحالي، وكان الله في عونها، وشافاها وعافها وأطال في عمرها.
4-8-2016
#حلوة_زحايكة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟