هاشم تايه
الحوار المتمدن-العدد: 1404 - 2005 / 12 / 19 - 09:59
المحور:
الادب والفن
الشجرة التي دعتكَ إليها ، تلك الشجرة الطفلة التي رغبتْ فيكَ يومَ همستْ في أذنك بإغراء الثمر الذي تعِد به :" أريدُكَ بعضَ مائي لثمري واخضراري..."، في يومها ذاك الذي لبستْ، هي، فيه حلمها البريء ، أو هكذا بدا لكَ، أنتَ الذي لا أسهلَ من أن تجوز عليكَ الأحلام، لأنّكَ تخجل من البحث في أثواب الحالمين بها... في يوم طفولتها ذاك أقبلتَ عليها وأقمتَ بين سدنتها الذين كانوا مثلكَ ماءها الذي خلع عليها اخضرارها، وأنعشها بالزهر والثمر، وحرص كلّ الحرص على أن تكون عشّاً نقيّاً لأكرم الطير، وبكلّ هذا رسخت في أرض وشمخت في سماء وصدحت بأعذب تغريد، وكان لها، ما حلمتْ به وعوّلتْ عليه، لسان وصدى واستجابة... من أجل ماذا رغبتْ هيَ في كلّ الذي تحقّق لها ؟ أيّة رغبات كانت تدفنها خضرتُها ؟ ذلك ما لم يكن الذين محضّوها الوداد بسبب أنبل أمراضهم ، الحبّ والطيبة والإخلاص..، بقادرين على الوقوف عليه واكتشافه، فقد كان جلّ ما عكفوا عليه وأرهقوا من أجله الأيام والأعصاب، كمال الحلم اخضراراً وأثمارا..
ومثلما حمقاء عاجزة عن الوفاء، لا تريد أن تسمع غير الذي يدور في دماغها الذي ابتهجت بخضرته توهّمت أنّها غدت قادرة على أن تكون بغير من اصطفتْه حارساً وزهدت به راعياً، فانطلقت تنبذ هذا وتتخلّى عن ذاك من أولئك الذين بذلوا لها ماء أرواحهم لتزدهي بالثمر ، وما كان لها إلاّ أن تصير عشّاً فاسداً لأشنع الطير، يتكالب عليها من دون أن تذوده عنها...
سوفَ أُغمضُ قلبي على شقائه بمن لا يعرف الوفاء وأصيح بالألم الذي أشقى أبا نواس حين رأى الطير تعصف بمن ابتلاه بأمرّ الثمر:
لا أذودُ الطيرَ عن شجرٍ قد بلوْتُ المُرَّ من ثمرِهْ
#هاشم_تايه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟