وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 5242 - 2016 / 8 / 2 - 20:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عند احتلال المسلمين للعراق ولسوريا ولمصر استمرت صيرورة تشكل المجتمعات الاسلامية لمدة 1000 عام حصل الاسلام خلالها على اهميته الحالية .
بعد 100 عام من ظهور الاسلام لم يدخل في الدين الجديد سوى 200 الف سوري اي مايعادل 6%من عدد السكان .
لقد كانت الجزية, وهي اعلى من زكاة المسلمين, سببا في تحول فقراء المسيحيين الى الاسلام .في مصر اقام الفاتحون المسلمون نظام حكم معتدل . تم تحديد الجزية بموجبه وفق مستوى نهر النيل , لكي يتفادوا القسوة والشدة الزائدة . حدثت في مصر اول موجة كبيرة للدخول في الاسلام . سنة 705م صارت اللغة العربية هي اللغة الرسمية لمصر.وبذلك تمت اسلمة المجتمع المصري . لقد وصلت نسبة المسيحيين الى 22%.
كان العراق اغنى دول المنطقة حيث تقلد المسيحيون وظائف هامة في عهد الخلفاء الاوائل.وقاموا بنقل وترجمة الفلسفة اليونانية وعلوم اليونان الى العربية .يستنتج من عائدات الجزية في العراق ان ثلثي السكان دخلوا في الاسلام خلال الخمسين سنة الاولى .
في حوالي سنة 700 م كان عدد السكان نحو 9 ملايين نسمة بينهم ثلاثة ملايين مسيحيين .استغرق اخضاع المغرب الكبير عسكريا من 647 الى 711 م . كان عدد سكان المنطقة حوالي مليوني نسمة ونسبة المسيحيين 75%من السكان . وكان هنالك مجموعة يهودية صغيرة تشكل 1% من السكان .
لقد كان الحكام الامويون بحاجة الى عائدات الجزية لذا لم يريدوا فرض الاسلام بالقوة على السكان المحليين .جاءت الضربة القاضية للمسيحيين في المغرب سنة1121 م حيث تاسست دولة الموحدين الاصولية في جنوب المغرب والذي كانت ضحيته المسيحيون وتم مسح ذاكرة الشعب المغربي وهو شعب امازيغي مسيحي باغلبيته وتحويله الى الاسلام والى العربية وتم تسمية الامازيغ من قبل المحتلين المسلمين ب(البربر)بدلا من الامازيغ.
لايوجد في تركيا اليوم سوى( 150 ) الف مسيحي اي مايعادل 3%من مجموع السكان.لقد كانت نسبة المسيحيين في تركيا قبل 100 عام تمثل 20 – 25%من عدد السكان في تركيا .
سنة 1915 – 1916 تعرض الارمن والسريان والمسيحييون على العموم الى حملة ابادة جماعية على يد تركيا الفتاة .لم تزل حكومة آردوغان تنكر تلك المجازر والابادة وفق عقليتها الاسلامية الشمولية .
في مطلع 2012 ادى صدور قانون رسمي فرنسي ينص على معاقبة من ينكر المجازر ضد الانسانية والتي ارتكبت ضد الارمن والسريان الى حدوث ازمة دبلوماسية بين انقرة وباريس . من هنا جاءت التفجيرات الاخيرة في فرنسا والمانيا وغيرها من الدول الاوربية كرد فعل من آردوغان ضد سياسات الدول الاوربية المستقلة مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا. وهي محاولة يقوم بها آردوغان لابتزاز دول اوربا من اجل دخول تركيا في السوق الاوربية المشتركة واللعب على ورقة اللاجئين المسلمين الوافدين الى اوربا .
كما تعرض السكان المسيحيون في تركيا الى ضربة خطيرة اثناء الحرب التركية – اليونانية عام 1919 وادت الى وقوع خسائر جسيمة بين الجانبين .في معاهدة لوزان اتفق الطرفان على تبادل للسكان شمل نحو 1.25 مليون يوناني و 500 الف تركي .
اما بالنسبة الى لبنان يمثل المسيحيون الموارنة53 % من عدد السكان في منتصف القرن العشرين . وقد ادت الحرب الاهلية اللبنانية دورا كبيرا في هجرة المسيحيين من لبنان .حيث شمل النزوح 670 الف مسيحي مقابل 157 مسلم فقط .يشكل المسيحيون اليوم حوالي 20%او اكثر قليلا من السكان في لبنان .
اما في العراق والذي كان يسكنه قبل عام 2003حوالي 1,500 مليون مسيحي . لم يتبقى منهم اليوم سوى200 الف مسيحي.ولقد ظل قادة الكنيسة زمنا طويلا يطلبون من المسيحيين عدم مغادرة العراق .وحاولوا لفت انظار الراي العام العالمي حول الوضع الماساوي للمسيحيين في العراق.
واليوم لم يعد في وسعهم سوى التفرج عاجزين عن التصرف ازاء مايفعله تنظيم داعش من ابادة للمسيحيين .وفي مصر هاجر بعد سقوط مبارك 2011م اكثر من 100 الف مسيحي الى الولايات المتحدة الامريكية والى استراليا واوربا .وكان معظم المهاجرين من النخبة الاقتصادية والعلمية .ان ارهاب الجماعات الاسلامية تزيد من هجرة المسيحيين .
يملك المسيحيون فرصا افضل في العمل بسبب كفاءاتهم وتعليمهم واجادتهم للغات الاجنبية . وهم اكثر قدرة من المسلمين على التكيف مع الحياة في اوربا والولايات المتحدة واستراليا وكندا. اما المسيحيون الفقراء فقد بقوا في اماكنهم .كما يساهم زواج المسلمين من شابات مسيحيات بزيادة عدد المسلمين وتقلص عدد المسيحيين , لان الولادات الناتجة عن الزواج يتم تسجيلها في حقل الاسلام .
حكى لي احد الاصدقاءان احد اقربائه تزوج من فتاة مسيحية وهي لاتزال تمارس الصلاة والطقوس المسيحية . ومكتوب في حقل الديانة في وثيقة هوية الاحوال المدنية العائدة لها بانها مسلمة . فقلت له هذه مخالفة صريحة للقران .
ان الدخول في الاسلام يوفر فرصا اكثر للزواج وللقبول الاجتماعي ولتوفر فرص العمل .
في مصر يعيش المسيحيون كمواطنين من الدرجة الثانية . هنالك نسبة كبيرة منهم تعمل في اعمال النظافة وجمع القمامة , والذين يعيشون في افقر احياء القاهرة في مساكن ضيقة جدا في عشوائيات مؤقتة .وهم معزولين عن المجتمع وينظر اليهم المجتمع بعين الاحتقار.وهم يعيشون من القمامة ويخرجون منها النفايات البلاستيكية التي يبيعونها ويحصلون لقاء ذلك على مبلغ يعادل 3 يورو تقريبا كل يوم .
وهو مبلغ لايكفي للعيش حتى ولا في مصر.في الحي المسيحي ( عزبة النخل ) في القاهرة يعيش مهاجرون من الصعيد المصري جاؤوا الى القاهرة من اجل الحصول على عمل . لقد كانوا يعيشون على تربية الخنازير . وهوعمل مريح نسبيا , حيث كانت الخنازير تتغذى على النفايات العضوية .وكانت الفنادق الكبرى تشتري لحوم الخنازير .
غير ان تربية الخنازير كانت محرمة بالنسبة للمسلمين .في ابريل – نيسان 2009 ابادت الحكومة المصرية 250 الف خنزير مبررة ذلك بحماية المواطنين من حمى الخنازير التي كانت منتشرة آنذاك .مع العلم انه لم تكتشف في مصراية اصابة بهذا المرض .ولم تستجب السلطات المصرية لطلب مربي الخنازير بوقف عملية الابادة الجماعية , بل تابعت القضاء على الاساس الاقتصادي لمعيشة الكثير من الاسر المسيحية المصرية.
وكانت ترد على احتجاجات المتضررين بالعنف والقمع .وان التعويض الذي اعطي لهم فلا يعادل بالحد الاقصى ثلث الخسارة الحقيقية.وهكذا حل بالكثير منهم الفقر المدقع.اما المسيحيون المصريون من الطبقة الوسطى فيشكون من تزايد الاضطهاد ومن صعوبة الحصول على وظيفة بسبب حملهم لاسماء مسيحية . خصوصا اذا كان منقوشا على رسغه علامة الصليب .
ويحرم على المسيحيين العمل في مهنة القضاء , بحجة ان الشريعة الاسلامية هي المصدر الاساسي للتشريع , ولا يستطيع تغييرها وتفسيرها الا المسلمون .غير ان المسيحيين في مصر ينشطون في المجال الاقتصادي وفي القطاع الخاص حيث يشكلون35 %من النشاط الاقتصادي . ختاما وهذا امر غريب حقا , حيث يحظر على المسيحيين في مصر تعليم اللغة العربية في مدارس البلاد باعتبارها لغة القران !
مصدر المقال :
كتاب ( باسم الله : اضطهاد المسيحيين في العالم الاسلامي ), تاليف العالمة الالمانية : ريتا بروير
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟