نواف خلف السنجاري
الحوار المتمدن-العدد: 1404 - 2005 / 12 / 19 - 04:55
المحور:
الادب والفن
تك ـ تاك ـ تك موسيقى حزينة استمرت طوال الليل، قطرات من الماء تخترق السقف العنيد، تضحك السماء وتطفئ الانوار. لاشئ سوى الظلام وصوت قطرات ثقيلة كأنها نزيف يقطر من جسد جندي قتل في معركة خاسرة. كم اكره المطر، كم اكره الشتاء، صرخت بجنون اللعنة عليك يا.....وتبا لأنشودة المطر. لاادري من هو القائل (في المطر لايمكن للحلم ان يموت ) لكنني متاكد لو انه عاش هذه السمفونية الحزينة لاعتذر وقال:(في المطر لايمكن للحلم ان يعيش )!.تكومنا نحن الثلاثة في المساحة الوحيدة من الغرفة التي لا يشملها النزيف. كنت استبدل الأواني الشبه ممتلئة بالماء وافرغها في وعاء كبير لأسكبها خارجا، كررت هذه العملية عشرات المرات، وبدأت اعرف كم يستغرق امتلاء كل وعاء. كنت احارب النعاس فالساعة تشير الى الرابعة صباحا ولازالت ( انشودة المطر )! مستمرة يغنيها جوق ملائكي يسخر من ضعف الانسان، وكأن الملائكة تحالفت على هزيمتي بأي شكل، وبأي ثمن. تسلل النوم الى راسي رويدا. رويدا ولا اعرف متى غفوت؟ يالروعة الصيف، تعطل المدارس ويبدأ الحصاد، ذهبنا انا واخي الى الطرف الشرقي من القرية حيث بيادر القمح والشعير يدوسها (الجرجر ) الذي يجره حمار في دوائر لامتناهية. صاح الرجل العجوز : تعالا ايها الصغيران حملنا ووضعنا فوق تلك الالة العجيبة اننا ندور وندور ، ليت هذا الدوران اللذيذ لايتوقف ويستمر معه فرحنا الجنوني. انا وبقية اطفال المحلة نسبح في البركة القريبة من المنبع. لانشعر بحرارة الشمس ثم ارى وجه طفلي يخرج مضيئا كهالة كطائر فينيقي ينبت من الرماد.. أضمه وأضحك كانه لم يمت ابدا! يقول لي: بابا اين مرجوحتي الصغيرة؟ اين بيتنا الجميل والحديقة التي وعدتني بها، احمله واركض كالمجنون..أستيقظت وأنا لاأدري ان كنت قد نمت ام لا؟ ولكن الماء كان قد طفح من جميع الاواني وبدأ يسيل على ارض الغرفة .
#نواف_خلف_السنجاري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟