أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خديجة صفوت - استباق التجربة الديمقراطية السودانية بالاوليجاريكات الأسراتية















المزيد.....



استباق التجربة الديمقراطية السودانية بالاوليجاريكات الأسراتية


خديجة صفوت

الحوار المتمدن-العدد: 5241 - 2016 / 8 / 1 - 21:55
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    




استباق التجربة الديمقراطية السودانية بالاوليجاريكات الأسراتية
الاقتصاد السياسي لما كان حريا ان يحدث للحزب الشيوعي السوداني كنموذج افتراضي
(الى الرفيق عبد الخالق محجوب وكل الرفاق الذين قدموا كل شئ من اجل الاشتراكية)

مقدمة:
حوصرت(*) اول ثورة سودانية وطنية وشعبية على الاستعمار باكرا منذ ثورة 1924 على الاقل. فقد تعينت الاستخبارات السودانية البريطانية على اختراق ثورة 1924 ضد الانجليز ومن اجل الوحدة مع مصر، فعينت عبد الله خليل الذى بات بمثابة شاهد ملك علي الثورة؛ فعلى زعماء الثورة امثال علي عبد اللطيف وعبيد حاج الامين واخرين. وقياسا فقد لفقت تهمة الضلوع فى مقتل السردار سير لي ستاك في القاهرة في 1925 بحيث قيض للانجليز كل من اختراق ثورة 1924 وطرد المصريين من السودان. مما قيض نهاية الاثر المصري وغيره من التأثيرات العربية التقدمية في السودان، الى حل حزب العمال السوداني البلشفي. وقد قيض ذلك للإنجليز والامريكان بالتماس، فللرأسمالية المالية والاولجاركيات الاسراتية المالية الاستفراد بالسودان، حتى ما سمى "نهاية" "الاستعمار" وقتها وتباعا بسمسرة جماعات تقليدية خصما على حركة الوحدة، وعلى التحرر الوطني، وعلى التجربة السودانية الاشتراكية.
ولك ان تتساءل لماذا لم يتعين بعضنا على تعريف مفهوم للتغير بصورة اجرائية، ناهيك عن نحت مفهوم لمصلحة اصحاب الحق فى التغيير ومن يدفعون ثمن ذلك التغيير اي من وجهة نظر المخضعين للاكاديميا الرأسمالية فلا يتصل الخلط بين التحديث والحداثة؟ ولماذا لا يملك بعضنا النطق باسم الاشياء والظواهر كما هي، فيصرّ ذلك البعض على مفردات كاليمين واليسار والقوى التقليدية تمييزا لها عن القوى المسماة حديثة، فيما كانت القوى التقليدية غالبا، وقد بقيت في الواقع، تتعين على الثورة المضادة؟ بل قد يتواطؤ بعضها علنا مع الثورة العالمية المضادة؟
من اجل الاجابة على بعض الاسئلة التي تطرحها هذه المجادلة، اكثر من ان تتوفر على الاجابة عليها، ساحاول فيما يلي اعادة قراءة مزيد من تاريخ السودان الرسمى المشبوه Suspect official history من اجل هذا الجزء من الدراسة.
حصار الثورة السودانية الاشتراكية المحلي:
الاحزاب الطائفية التقليدية واختراق صفوف المثقفين غربيا وشرط نشوء الطبقات الوسيطة
نشأت اولى التنظيمات التى تشارف الاحزاب بداية القرن العشرين فى شكل حركات معادية للاستعمار واهمها حركة على عبد اللطيف وعبيد حاج الامين واخرين. وقد نظمت تلك الحركة نفسها فى تنويع على الحركات السرية بخلايا واساليب اتصال ونشر الدعوة وجمع المقوى او الاشتراكات على طول السودان الشمالي وعرضه. وكان على عيد اللطيف من القبائل الجنوبية ولعه كان بهذا الوصف تنويعا باكرا على جون جارنج. وقد لقيا مصيرا مشابها اذ اغتيلا بمغبة ثورة 1924. وقد صفيت الحركة عن بكرة ابيها واختلق شاهد ملك عليها هو على احمد حاجي، وكان من مؤسسي حزب العمال السوداني. وكان حاجي علي صلة بالاتحاد السوفييتي عن طريق الملحق السوفيتي بالحجاز ومصر.
المهم فورا كان على احمد صالح حاجى الامين العام لحزب العمال السودانى-و كان الاخير من بواكير الحركات المتقدمة فى التفكير والتنظيم الحزبي من خلال كل من صلات نشطة بمسئول العلاقات السوفياتية بالحجاز ومصر كريم حكيموف مما جعل حاجي بان يغدو موضوع عصف مزدوج باكرا من قبل قوات الاستعمار. فإن كانت علاقة على احمد صالح حاجى بـ"الشيوعية العالمية" بحد ذاتها ذريعة جاهزة للقضاء علي حزب العمال، فقد كانت بعض المسائل الشخصية بدورها حرية بان تيسر كسر احمد صالح حاجى. وقد يسر مخطط حكومة السودان لكسر على احمد صالح وضرب حزب العمال من ناحية وتلفيق علاقة بين الاخيرة وتنظيم ثورة 1924م من ناحية اخرى.
وتلاحظون كيف ان تلك الممارسات الاستعمارية لم تزد على تنويعات باكرة على نظائر لاحقة مثلما تعنيت الادارة 43 بإرشاد البنتاجون وزعامة رمسفيلد وولفوفيتش وجونداليسا رايس باتهام الرئيس العراقي صدام حسين بالعلاقة مع القاعدة الخ. بمساعدة وتحالف قوى رجعية وغير رجعية عربية اقليمية.
كانت الاستخبارات السودانية تروم ضرب عصفورين بحجر دون ان تبدو معادية للديمقراطية. فقد كان القضاء على مصداقية على احمد صالح حاجى أيسر من القيام بتجريم فمنع حزب العمال السوداني بقانون اداري. فاغتيال شخصية حاجى بمساعدة وتواطؤ بعض عناصر التنظيمات الطائفية التقليدية ايسر بكثير من حظر حزب العمال السوداني بقرار ادارى من مسجل المنظمات والهيئات تحت قانون المنظمات المحظورة. وأزعم ان التنظيمات الطائفية وجهات اقليمية كانت غالبا ما تقف وقتها وراء الانقلاب على الديمقراطية السودانية، وصولا الى الانقلابات العسكرية غب الاستقلال.

وقياسا فقد اذعن احمد حاجى للسلطات البريطانية او ما يسمى حكومة السودان the Sudan government بعد ان ابتذوه بإشاعة ما كان حريا ان يشين أسرته، فقبل حاجي ان يكون شاهد ملك حسب السردية الرسمية للاستخبارات البريطانية السودانية. والحقيقة هي ان شخصا اخر استدعى من غرب السودان، ليدلي بمعلومات حول احداث ثورة 1924 ولم يلبث ذلك الشخص ان حصل على المكافأة المعلومة كالعادة عن ذلك، بان رقى ثم لم ينفك ان بات رئيس واحد من اكبر الاحزاب الطائفية السودانية. فهكذا يرقون ويصعدون فيصنعون التاريخ الملفق للمجتمعات المخضعة لجماعات التلفيق التاريخي العولمي والاسطوري الخرافي Fanciful
فرغم ان على احمد صالح حاجى مؤسس والامين العام لحزب العمال السوداني مثلا اتهم بخيانة حركة 1924 الا ان الحقيقة هى ان احد رجالات احدى الطوائف غدى-حسب جعفر محمد على بخيت- شاهد ملك عمليا ابان التحقيق في تنظيم الخلايا المكونة لثورة. 1924 ولم يلبث أن غدى شاهد الملك ذاك وامثاله بمثابة خوابير في تيسير عملية وراثة الاستقلال العسرة من حكومة السودان الى الاحزاب الطائفية التى لم تنفك ان احتكرت الساحة السياسية من بعد، كما يسر ذلك الرجل وراثة النظام العسكري الأول للديمقراطية السودانية الوليدة فى 1958 اي بعد عامين وحسب من الاستقلال. ويتكرر انقلاب تلك الجماعات الطائفية على نظائرها العلمانية المحدثة نسبيا وقد عبرت تلك الجماعات عن نفسها في استدراج المتعلمين السودانيين غربيا Western Educated Sudanese الى خندق الطائفية واحزابها التقليدية. ولعل ذلك كان حريا بان يضعف شرط او حتى يقضى على شرط نشوء الطبقات السودانية الوسيطة Mediating Classes مما ارجو ان اناقشه في الجزء الرابع.
المتعلمون غربيا وثقافة التواطؤ
كانت بعض عناصر "المتعلمون" تعليما غربيا من ابناء بعض القبائل والمولدين قد ادركت باكرا ان لا سبيل الى السلطة سوى بالتواطؤ مع المستعمر؛ مما سهل استدراج بعضهم للتواطؤ على الحركة الشعبية وعلى اليسار وعلى التجربة الاشتراكية منذ ثورة 1924. فلم تندلع ثورة مضادة ولم ينقلب العسكر على الديمقراطية بسوى تواطؤ بعض هؤلاء "المتعلمين" في مساعدة المستعمرين وكبار الطائفيين وقد ساندهما تواطؤ إقليمي ودولي يساهم بدره منذ البدء وما يبرح. فمنذ ثورة 1924 كانت كوادر طائفية مثل عبد الله خليل قد "تم اصطفاؤها" باكرا، بحيث باتت رأس رمح ضرب الثورة بوصف ان تلك الكوادر كانت حرية بان تدرب على تكريس شرط الثورة المضادة. مما اناقشه ادناه. فقد يسرت حكومة السودان استيعاب معظم المتعلمين غربيا عن طريق:
- الجلسات المنظمة التى كان السيد عبد الرحمن المهدى بوصفه رئيس زعيم الانصار وحزب الامة لاحقا - الاخير احد الحزبين الطائفيين الكبيرين- تلك الجلسات التى كان يعقدها لبعض اعضاء حركة مؤتمر الخريجين -خريجى كلية- غوردون التى تكونت في 1938 في تنويع على المجالس البلاطية to literary hold court وقياسا راحت حركة أولئك الخريجين تخصم في ثلاثينات القرن العشرين على الحركة المطلبية لموظفي حكومة السودان، حول تخفيض مرتباتهم الى 5 جنيهات ونصف. وقياسا فقد كان ذلك النشاط الطائفي بين اعضاء مؤتمر الخريجين حريا بان يقيض تيسير احباط احتاجاجات خريجي كلية غوردون على السياسات المالية واضراباتهم فى مواجهتها وصولا الى اجهاض حركة مؤتمر الخريجين لحساب القوى التقليدية.
- كان من مغبة غواية السيد عبد الرحمن المهدى لبعض اعضاء حركة المؤتمر التي كانت تنادى بسقوط الارستقراطية القبلية والوحدة مع مصر، ان راحت زعامات تلك الحركة مثل محمد احمد محجوب وعبد الحليم محمد ورأسي عشيرة الهاشمية في ام درمان تميل الى الطائفية. ذلك انهم لم ينفكوا ان باتوا من زعماء حزب الانصار الذى كان ينادي بالانفصال عن مصر خصما على صفوف المؤتمر الاتحادية بين وادي النيل اي السودان ومصر.
- وهنا قد يكون من المفيد فورا عقد قياس بين استيعاب بعض الاحزاب الطائفية التقليدية لبعض اعضاء مؤتمر الخريجين المذكور اعلاه، كتنويعة باكرة على اختراق جبهة الاحزاب الوطنية لانتفاضة اكتوبر 1964م. فقد تعينت جبهة الاحزاب الوطنية-الطائفية على اختراق فإحباط جبهة الهيئات المهنية. وكانت الاخيرة قد قادت انتفاضة اكتوبر 1964 فى اعقاب تداعيات مقتل الشهيد القرشي الطالب بجامعة الخرطوم، في مواجهة مظاهرة طلابية وشعبية واسعة مع قوات الحكم العسكري الأول. فقد تزعم حزب الامة اختراق جبهة الهيئات المهنية، ولم تكن جبهة الاحزاب الوطنية اي الاحزاب الطائفية قد تكونت حتى نوفمبر 1964 كرد فعل متأخر على قيام جبهة الهيئات المهنية. ذلك ان جبهة الهيئات المهنية كانت قد فاجأت الاحزاب التقليدية واثارت فزعها، وتطير قوى التوسع الإمبريالي الجديد بوكالة بعض دول المنطقة سواء "علمانية" أوثيولوجية.
وقياسا فقد راحت الاحزاب التقليدية تنظم نفسها سراعا في خندق يخصها هي جبهة الاحزاب الوطنية. فقد كان مزعجا حقا لتلك الاحزاب كيف راحت جبهة الهيئات المهنية ترجح كفة الصراع امام العسكر، وقد عظمت شعبيتها بخاصة بعد يوم المتاريس. فقد كانت شعبية جبهة الهيئات المهنية في العاصمة وجماهير بعض الاقاليم حرية بهذا الوصف ان تودي منفردة بالنظام العسكري الأول بقيادة الجنرال عبود. ذلك ان ليله المتاريس التي اندلعت في نوفمبر 1964 واجهت الجيش وكان الاخير "يريد الا لتفاف علي ثوره اكتوبر" 1964 بمحض حشود الشعب من سكان العاصمة ومعهم اؤلئك الذين لحقوا بهم من جماهير كسلا بقطار وغيرهم . فان خرج الشعب جميعا وراح يغلق الطرق والكباري بمتاريس من القطارات وغيرها في وجه القوات المسلحة ودباباتهم "لحماية الثورة" فقد عقد نصر الحركة الشعبية على جبهة الهيئات المهنية دون سواها.
وقياسا فقد اتضح للقوى التقليدية ان خروج الشعب بهذا المعنى يؤلف مصدر قلق عليها خاصة وان القوة التى كانت وراء تحرك الشعب بهذا الوصف اليسار والحزب الشيوعي والحركات المطلبية والنقابات واتحادات الشباب والنساء، وكلها قوى كان وبقيت من يومها ولوقت طويل تصدر عن ثقافة اشتراكية وماركسية غالبا. فلم تنفك جبهة الاحزاب الوطنية ان راحت تزاحم بغاية تحييد اثر تلك المنظمات والاتحادات وصولا الى الحصول على مكتسبات الانتفاضة فلم تلبثت ان استحوذت على معظمه. وكان ذلك بتلك الآلية الدارجة فى السياسة السودانية منذ اسلمة سلطنة الفونج على الاقل فى 1504 وهى الهزيمة بالزواج Conquest by marriage . ذلك حزب طائفة الانصار تعين على استقطاب رئيس وزراء حكومة الانتفاضة بمغبة تزويجه من احدى بنات آل بيت المهدى. وقياسا قد بدأ العد التنازلي للقضاء على انتصارات الانتفاضة الشعبية وصولا الى عزل اليسار وحل الحزب الشيوعي في 1965 فحلول شرط اعلان الدستور الإسلامي لأول مرة فى تاريخ السودان.
- ومرة اخرى فقد قيضت الهزيمة بالزواج أو توظيف آلية النسب تيسير اعلان كل من جبهة الميثاق والدستور الإسلامي. فقد ناسب حسن الترابي الصادق المهدي. ولم يلبث حسن الترابي وكان الاخير النائب العام لجمهورية السودان ابان حل الحزب الشيوعي فى 1965 والصادق المهدي مؤسسي جبهة الميثاق ان اعلنا الدستور الإسلامي. وقد تساوقت احداث منتصف ستينات القرن العشرين المذكورة واحداث اخرى اتعين علي التعرض لها فى بحث اخر- تساوقت الاخيرة واحداث اقليمية وعالمية وكان بعضها ستار دخان على بعضه من حادثة مسجد ام درمان وازمة الدستور والمناداة بالدستور الإسلامي بمبادرة كل من الصادق والترابي وبوادر العدوان الثلاثي رغم وربما بسبب انتصارات الثورة المصرية الخ وصولا الى انسحاب القوات البريطانية من اليمن الى شرق القنال.
ولم يلبث حلول شرط قيام سلطة الاسلام السياسي فيما بعد وتباعا ان نضج بخاصة منذ انتخابات 1984م وما تلاها من الانتفاضة الشعبية الثانية الى الاستيلاء العسكري على السلطة فى يونيو 1989م. فقد كانت السلطة وبقيت ملقاة على قارعة الطريق طوال شتاء 1988م الى منتصف صيف 1998م والديمقراطية الثالثة برئاسة الصادق المهدى مستهدفة. فلم ينفك حاصل جمع تلك الاحداث الملفقة او الحقيقية ان اغوى ثلاث جهات انقلابية في وقت واحد بالسطلة الرخوة القائمة. الا ان جماعة حسن الترابي انفردت بالاستيلاء على السلطة، فيما اختلط الامر على قيادتي الانقلابين الآخرين. مما صور لمصر ان الانقلاب انقلابها هي على السلطة في السودان لحساب مشروع إقليمي كانت معالمه قد بدأت تتضح من وقتها وتباعا. فما هي اهم التداعيات التي قيضت مواجهة الحركات التحررية والتجربة الاشتراكية من وقتها بصورة شبه معلنة؟ وما هو سفر تكوين الاوليجاركيات الاسراتية المالية الوراثية التي تعينت على نفي شرط الحركات الشعبية تباعا حتى العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين؟
الطوائف السودانية وسفر تكوين الاوليجاركيات الأسراتية الوراثية المالية الفطيرة:
تتمأسس الطوائف السودانية فوق العشور وحق الفاس والنفير وبليلة الاربعاء وخروج القواعد حاملة اكفانها في شأن السيد كما في مارس 1952 دفاعا عن السيد ذلك الذي "بيتو الملك الماهو عارية .. سيد المطرة الدودرت ورعدت وصبت نهاريا" (صاحب البيت الملك الذى ليس مستعار سيد المطرة الداوية والراعدة التى تصب نهارا). واجادل ان تلك التنويعات تؤلف حاصل جمع فائض علاقات الانتاج الريفي الرعوى للطائفتين الكبيرتين اللتين لم تتشتت قواعدهما في المسافات والادغال الاقتصادية الاجتماعية لوقت طويل جدا الا بعدما نشأ الاسلام السياسي السوداني. ولعل تلك القواعد هي التى قيضت نشوء وازدهار الاسلام السياسي السوداني بهذا الوصف. ذلك انه ما ان هبط الاسلام السياسي السوداني لم يبلث ان ازدهر بصورة غير مسبوقة دون تدخل يذكر من الدولة القائمة حيث ان الاخيرة كانت غالبا دولة الاحزاب الطائقية او-و في تنسيق او تحالف معها. كما ان الاسلام السياسي ان لم يحظ بمساندة الدولة فورا جراء سعة وقوة الحركة الشعبية في المدن على الاقل الا انه ما لبث ان حظى بمساعدتها او نجح في ابتزازها وتطويعها مثلما فعل الصوفيون على ايام سلطة الفونج. ومع ذلك ينبغى تذكر ان الاسلام السياسي السوداني لم يحظ بما حظي به الاسلام السياسي المصري من تفاهم مع او-و مسايرة الدولة على بدايات في عهد الرئيس جمال عبد الناصر ولو لفترة وجيزة، حتى حادث المنشية، ومحاولة اغتيال عبد الناصر.
على انه من المفيد تذكر ان ما حظى به الاسلام السياسي السوداني هو الخلفية الطائفية للحياة السودانية التي لم يملك الحزب الشيوعي التأثير فيها جراء المسافات والادغال الريفية والبدوية السودانية الهائلة. وقد وضح تباعا ان الطوائف الدينية السودانية قمينه بطبعها وتاريخها وتكوينها ان تؤلف للإسلام السياسي السوداني بهذا الوصف سفر تكوينه. وقياسا فقد راح الاسلام السياسي السوداني يستقطب قواعد الاخيرة فتمأسس فوقها زيادة على ما كان جفاف الساحل والسافانا في سبعينات فثمانينات القرن العشرين، قد قيضه من النازحين الى المدن، فيما شارف الهجرات العنيفة احيانا كثيرة. فان هاجرت تلك القواعد الى المدن اعدادا متضورة لا منظمة فقد قيضت تلك القواعد للإسلام السياسي شراء اصوات الناخبين بتراب القروش.
ذلك ان الاسلام السياسي كان حريا ان يصدر عن مفهوم للرأسمالية المالية الفطيرة ببنوك العيش (الذرة) والفحم والبصل والجلود وكل ما يباع في سوق المحاصيل النقدية مما قيض للإسلام السياسي السوداني حركة استثنائية للمال لم يعرف بها راس المال المالي الطائفي السوداني السابق على الاسلام السياسي. وقد عبرت تلك الاستثنائية عن نفسها فيما اسميته المال المالي الهارب Flight capital .والى ذلك فقد خلق الاسلام السياسي السوداني على تلك الصورة غير المسبوقة شرط نشوء ولاءات قاعدية تشارف ولاءات قواعد الاوليجاركيات الطائفية الاسراتية الوراثية، او حتى قواعد الصهيونية العالمية اللا اقتصادية المالية. ذلك انه حيث كان شرط نشوء اوليجاركيات مالية فطيرة تراكم خصما على من عداها بان تجبر اصحاب اي مشروع ناجح، حتى اذا كان بيتا فاخرا، على بيعه لها او تصادره؛ والا تعرض صاحب راس مال ذلك المشروع او البيت للاضطهاد والسجن بتلفيق تهم له مثلما حدث لآل البرير.
فقد تمأسست تلك الاوليجاركيات الطائفية الاسراتية الوراثية الفطيرة في المنطقة العربية فوق قواعد عُولمت بدورها، بمعنى ان تلك القواعد باتت قابله للتنقل والترحل والهجرة وراء العمل في كل مكان بتراب القروش او –والعمل فيما يسمى عمالة ما هو على حواف الشواطئ Offshore .وتتلهف الدول المفقرة كما تلاحظون على تلك العمالة، مما يعبر عن نفسه في كل من الهجرة العنيفة بمئات الاف بل ملايين المهاجرين من المنطقة العربية او-و شبه القارة الهندية الى المجموعة الاوربية. ذلك ان الاخيرة تعيد انتج علاقات الانتاج القني اوالعبودي(1) او-و لانها بقيت منذ سبعينات القرن العشرين تحييد الحركات المطلبية للطبقة العاملة بين ظهرانيها. ويتضح ذلك فيما يحيق بالرأسمالية المالية من فضائح العصف بالعاملين كما في حالة British Home stores فقد درج صاحبها السير فليب جرين على منح نفسه الحق فى الاخذ من راس مالها بالملايين، ثم لم ينفك ان باعها بمعرفة جولدمان ساكس Goldman Sacks بمحض جنيه استريلينى لشخص لا علاقة له بتجارة القطاعي. وقياسا فقد افلست المؤسسة فوق راس عمالها الذين يقدر عددهم باكثر من 10 الاف وخصما على مال ارباب المعاشات. كل ذلك في غياب وتغييب نقابات العمال والحركة المطلبية التي كانت حرية بان تراقب وتحاسب صاحب رأس المال ورب العمل جميعا.

واجادل ان هجرة العمل الحي بهذا الوصف باتت ضامنا لتعويض المجتمعات المضيفة للاوليجاركيات الاسراتية المالية العولمية –تزويقا-عن خسارة استضافة الاوليجاركيات العولمية بهذا الوصف مما انتشر معه مبدأ خصخصة الربح وتاميم الخسارة خصما على العمل الحي وعلى القواعد من منتجي الفائض والكفاف والحياة في كل مكان. انظر(ي)(2) وتلاحظ(ين) تنويع رأس المال المالي وراس المال الهارب معا في الاسلام السياسي المصري الذي صدر عن مشاريع مماثلة عبرت عن نفسها فى ثمانينات القرن العشرين في "أموال الاهالي وشركات توظيف الأموال الإسلامية" كما خلقت شرط اوليجاركيات فطيرة كذلك. واجادل ان تلك الاوليجاركيات الفطيرة انشأت لها عالما مواز لا يطاله قانون او رقابة قياسا على عالم العامة من الناس العاديين. كما بات ذلك العالم تنويعا على عالم الاوليجاركيات مرة اخرى بقدر ما يخصم ذلك العالم المواز للاوليجاركيات على عالم أغلبيات التراكمات العددية لمن لا وجوه لهم في مجتمعات العالم الثالث/ الرابع التي تحولها حروب الاوليجاركيات العولمية المالية بالتواطؤ مع الاوليجاركيات الفطيرة تلك الى مجتمعات العصر الحجري كما في ليبيا واليمن ويحاولون في العراق وسوريا.
ومن اخطر ما تعينت عليه تلك الاوليجاركيات الفطيرة ان 34 عاما من سلطة بعضها كما في التجربة السودانية كان حريا بان يتعين على القضاءعلى شرط نضوج حركة التحرر الوطني ناهيك عن التجربة الاشتراكية او حتى للعمل التعاوني بين فئات عريضة من الشرائح السكانية. ويعنى ذلك فيما يعنى ان الحزب الشيوعي السوداني واليسار السوداني والحركة الاشتراكية بكاملها كانت منذ البدء وبقيت محاصرة برأس المال المالي حيث لم يقيض للسودان رأس مالية سلعية تذكر. اذ كان كل ما تعين عليه الاقتصاد السوداني المحاصر بنشاط الطائفية الرأسمالي المالي والتجاري هو اقتصاد الصناعات الخفيفة كصناعة النسيج والسكر واقتصاد المحاصيل النقدية كتصدير اللحوم والجلود والصمغ والقطن –لوقت وجيز-والسمسم. ولعل ذلك كان حريا بان يقف في وجه التجربة الاشتراكية السودانية بصورة من الصور مما قد لا يسمح المجال لتعدادها.
على انه من المفيد تذكر ان تلك الطوائف، بزعامة طائفة الانصار، بادرت بصوت ثقة في الحكومة الديمقراطية البرلمانية عشية 17 نوفمبر 1958 مما مهد لانقلاب ابيض. وقياسا قام عبد الله خليل رئيس الحكومة الطائفية الائتلافية بعملية تسليم السلطة وتسلمها للعسكر بعد عامين من الاستقلال. وكانت الحركات المعادية للديمقراطية تتعين على تكريس ضغط واسع بشأن علاقة السودان بالنقطة الرابعة ونظرية "ملئ الفراغ" عشية توقيع القوتين العظمتين على ما يسمى بالوفاق Détente

وكان ايزنهأور قد زار السودان فى نفس العام كما ذكرنا يدعو لملء الفراغ. ذلك ان الحركات الثورية تعمر الستينات من انتفاضة عدن الى قيام الوحدة المصرية اليمنية والوحدة المصرية السورية فيما كانت حرب فيتنام تنذر بالاندلاع على خلفية حروب الهند الصينية، زيادة على حركات التحرر الافريقية والآسوية والامريكية الجنوبية، في نفس الوقت الذى كانت فيه بريطانيا تسلم مكانها لأمريكا، وقد راحت قوات بريطانيا تنسحب فيما وراء شرق القنال لحساب الهيمنة الامريكية الصاعدة تباعا على المنطقة العربية. ويلاحظ الناس في كل مكان كيف قيضت الولايات المتحدة للجيوش العربية الصعود تباعا الى احتكار الدولة بوصفها الية ما زعمت امريكا بانه شرط للاستقرار من اجل التنمية تكاذبا(3) . وكان امثال فرانسيس فوكوياما وهنتيجتون أهم فلاسفة نظرية التنمية المتمأسسه فوق عسكرة الدولة في المجتمعات العربية وغيرها من الدول المسماة نامية بوصف عسكرة الدولة تصدر عن مفهوم المراكمة المالية لحساب الرأسمالية المالية.(4) ذلك ان تلك التنمية لم تكن سوى تنمية المراكمة الرأسمالية المالية لحساب الدول الغنية خصما على الدول المفقرة بالية الديون السيادية Sovereign debtsوالرشوة المقننة والفساد بما سمى التكييف الهيكلي، مما ادى الى ان تستدين دولا كان لها فائض موازنة وفائض تجارة لتصل تباعا الى دول مدينة بمليارات الدولارات. ذلك ان حاصل جمع ثقافة ما يسمى التكييف الهيكلي وديون التكييف الهيكلي والرشوة المقننة والفساد او ينقص عن ارتهان الدولة القومية والحكام؛ والاهم ان تخصم الديون السيادية والديون الفردية كما فعلت تلك الاليات على مر التاريخ.(5) فقد كانت الاخيرة وما تبرح تخصم على منتجي الفائض والكفاف والحياة، فعلى حركة التحرر الوطني ناهيك عن بناء الاساس المادي للاشتراكية.(6)
كيف بادر الاستعمار بتقنين الدولة كاداة لانتاج السلطة والثروة:
يبدو ببعض امعان النظر ان العسكر راحوا يشارفون باكرا طبقة فى حد ذاتها A class-in-itselfوقبل غيرهم، مما قيض للعسكر التعرف على أنفسهم بهذا الوصف، فكونوا ما يشارف الطبقة من اجل ذاتها a class- for-itself وذلك خصما على نشوء الطبقات الوسيطة والمتوسطة. ولم يلبث بعض المفكرين وقد كسرهم طول بقاء العسكر في السلطة، وفراغ الصبر على "توالى" دورهم في سلطة كانوا يعتبرون انفسهم كفئا لها، ان باتوا يقنعون من الغنيمة بالقيام بدور مستشار الملك، وصانع الملك، وفقيه الملك، أو عراف الملك. وبالمقابل اخذت المعارضة على عاتقها الافتاء ضد الدولة.
- ورث العسكر السودانيون - وبخاصة العسكر الاسلاميين- الافتاء من بعض اسلافهم الصوفيين كما ورثوا التربح بالإفتاء مثلما فعل صوفيو سلطة الفونج أولئك الذين هبطوا مهاجرين تجار وصوفيين على السلطنة ولم ينفكوا ان تعينوا على وراثة السلطة الفونجية من عمارة دنجس منذ بداية القرن السادس عشر(7) وحيث احتكرت الطرق الصوفية الافتاء، فإنها لم تنفك ان اسلمت ذلك الاحتكار للعسكر الاسلامويين من بعد. وقياسا فقد بات العسكر أهل الفتاوى السياسية والتنظيمية من فوهة بندقية، أومن على ظهر دبابة. هذا ومن المفيد ملاحظة ان الافتاء كان قد تحول منذ الاستعمار على الاقل الى وظيفة رسمية تقف فوق راس منظومة الخدمة المدنية قاطبة، وقد باتت لها وما تبرح لها من يومها مؤسسة معتبرة محمية، اذ تدّعي العمل على حماية الدولة. فقد ترك الاستعمار منذ الحملة الفرنسية على مصر واجتياح الانجليز لشبه القارة الهندية ومصر والسودان مجالس علماء في كل مكان من الهند الى مصر والسودان وغيره.
فقد كانت الدولة الاستعمارية تجمع بين السلطة السياسية والتشريعية والتنفيذية باسم الشعب السوداني وتستدعى الإسلام لتكريس مشروعية تلك السلطة. وكان الاداريون الانجليز يجأرون نحن "حكومة مسلمة تحكم امة مسلمة "We are a Moslem government governing a Moslem people وبالمقابل فقد كان على حكومة بهذا الوصف التعيين بدورها على التفكير والتنظيم الديني. وفيما كانت بريطانيا العظمى تقول بفصل الدين عن الدولة مظهريا، الا ان الحكم الثنائي تعين على عدم فصل الدين عن الدولة حيث جمع الحكم الثنائي بين الدين والدولة بخلق اليات تتمأسس فوق كل من التنظيم السياسي والديني من بين الموجودات السودانية التقليدية. ذلك ان الاخيرة قد اعيد تشكيلها لتصدر عن طوائف دينية جهوية. هذا ومن المفيد تذكر ان حكومة السودان كانت قد وجدت منذ البدء ضالتها في طرق صوفية وطوائف كان بعضها قد عبر عن نفسه باكرا منذ نهايات الفونج فى تنظيمات تشارف الاحزاب أو الجبهات الدينية. ولم تلبث طوائف مثل الميرغنية والطائفة الهندية وجيزا ان نشأت تباعا، واحدة مع حملة ما يسمى التركية الثانية 1989 والثانية مع هزيمة الحركة المهدية. ولم تنفك طائفة انصار المهدي ان تم انتقائها من أعضاء اسرة محمد احمد المهدى بعد ان اختبر الأخيرون بصورة كافية منذ الفتح الثاني الى نهاية الحرب العالمية الأولى. هذا وكان لزاما استبعاد اعضاء طائفة الشريف يوسف الهندي- الذى كان قد نادي بالاستقلال ما بين الحربين فاثار تطير الانجليز-كما استبعد الى هؤلاء من يشار اليهم بـ"اهل البحر". كيف يعيد الاسلام السياسي انتاج نفسه خصما على حركة التحرر وصفه طبقة فائقة على ما عداها:
كانت المستعمرات ولم تنفك الدولة "المستقلة" محض تروس كبيرة أو صغيرة فى ادارة عجلة المراكمة بتنويعاتها البرجوازية الصناعية السلعية(8). الا ان الاخيرة لم تلبق ان سلمت مكانها للرأسمالية ما بعد الصناعية- اي الرأسمالية المالية المعولمة-المكوننة- و ضمان استمرار تلك المراكمة، فإعادة انتاج "النظام الرأسمالي العالمي". وكانت حكومة السودان The Sudan Government وهو الاسم الذى اطلقه على انفسهم 100 انجليزي او بريطاني وحسب يحكمون بلدا بحجم شبه القارة الهندية- كانت حكومة السودان بهذا الوصف تنويعا على نظائرها من حيث انها كانت حرية بان تقوم بالتعين على اعادة انتاج المجتمعات المجعولة لإنتاج الفائض بأنواعه سواء خالص عمل أو متشارك بمغبة ما يسمى تقسيم العمل الدولي بوصفه تنويع على تصدير العمالة الى ما راء الشطوط او باستيراد العمل الحي الى المتروبوليتنات رخيصا لا مسيسا لا منظما. واناقش تقسيم العمل الحي في مكان اخر في مع كل من اخصار الحركات المطلبية فى المراكز الرأسمالية المالية وتعالقه مع انتفاء شرط نضوح التجربة الاشتراكية في المجمعات المفقرة.
والمهم فورا ففيما تماهت الطوائف المذكورة في المقياس المدرج مع حكومة السودان بخاصة بعد الحرب العالمية الأولى ومقتل السردار ثم طرد المصريين فيما كانت مصر-و بقيت- تتحمل ميزانية الاحتلال منذ فتح السودان حتى الاستقلال في 1956. على انه من المفيد تذكر ان الطريقة الهندية مثلا بقيادة الشريف يوسف الهندى- كانت قد اتخذت منحى لم يكن معروفا بين الطوائف الصوفية. فقد راحت الطريقة الهندية بزعامة الشريف يوسف الهندي تقوم مقام أحزاب المعارضة في غياب معارضة منظمة للإدارة الاستعمارية حتى ثورة 1924م. وبعد ضرب الطريقة الهندية واعتقال والحظر على زعيمها لأنه طالب بالاستقلال باكرا، لم يعد ثمة معارضة صوفية او طائفية مما اقلق حكومة السودان، حيث كانت حكومة السودان تدعى تمثيل السودانيين بوصفها كانت فوق كل شئ تتعين على اعداد السودانيين لحكومة متقدمة وبرلمانية دستورية، وليس لحكومة الطوائف والقبائل في شمال البلاد مثلا. وقياسا فقد فصّلت بريطانيا اكثر من 500 دستور في مستعمراتها قبل "خروجها" من تلك المستعمرات والمحميات وغيرها مما لم يكن له نظير في القانون الدولي كالسودان المصري الإنجليزي. ومع ذلك فقد بقيت حكومة السودان بلا معارضة تذكر او تنسى حتى ما بين ضرب ثورة 1924 وقيام مؤتمر الخرجين في 1938 فما يسمى "الاستقلال".
على انه من المفيد تذكر ان الإسلام عبر عن نفسه تحت ظل الحكم الثنائي بوصفه تمثيل للسلطة القائمة. فقد كانت حكومة السودان تجأر بانها مسلمة وحليفة الطائفتين. الا ان الاسلام السوداني كان حريا بان يغدو أداة مقاومة وأداة سلطة مضادة. وربما فسر حاصل جمع العوامل التاريخية التنظيمية اعلاه كيف ان الانتفاضة الشعبية ما تنفك مثلها مثل نظائرها التي عمرت التاريخ تعيد النظام الى ما كان عليه قبل الازمة-الحكم العسكري. ومع ذلك فقد بات مستحيلا-تحت وضع الاشياء الراهنة-اعادة النظام الى ما كان عليه. ذلك ان الانظمة العسكرية كانت تتعين على تشويه المجتمع مرة بعامل الزمن الممتد بحيث يقيض نشوء جيل جديد على الاقل يربى فى مناخ النظام العسكرى وربما ارتبطت مصالحه بها ومرة بسياسات لم تتقصد الانظمة العسكرية بها. وتعول الحكومات العسكرية على نشوء ذلك الجيل.
وحيث كانت كانت العولمة- الرأسمالية المالية وما تبرح تتعين على تشويه قسمات المجتمعات بما قد اتطرق اليه من ممارسات اصولية ماديا ومعنويا فان المجتمع يغدو غالبا بعد كل نظام عسكري بهذا الوصف وبخاصة الانظمة العسكرية الاسلامية السياسية يغدو غير قابل للتعرف عليه. وقياسا فقد باتت الانتفاضات الشعبية تعيد نظاما اكثر سلبا ومجتمع اقل اتساقا عما كان عليه الاخير قبل حلول النظام العسكري التالي بالوصف اعلاه او الحكومة الديمقراطية التالية التى تكون وجيزة وهكذا. فقد باتت اعادة انتاج نظام اكثر سلبا ومجتمع اقل شبها بنفسه حرية بان تؤلف بدورها سفر تكوين نظام لاحق اشد سوءا وشراسة وهكذا. والسؤال الذى قد يحمل مغبة اكبر مما يحتمل البحث ان احتمل هو هل بات العسكر معنين-تاكتيكا ومؤقتا- باحتلال مكانة والقيام بدور الطبقة الفائقة على ما عداها التى تطالب بامتيازات استثنائية؟
وحيث اتكأت فى اعادة قراءة الاقتصاد السياسى لتاريخ وادى النيل الاسراتى على فرضية ادركت فورا كم كانت مهولة جدا مرهقة لأي باحث الا اننى اثابر ما ابرح. فقد زعمت أن نمط الانتاج الشرقى ندا أونظيرا تنظيمىا لنمط اللا انتاج الرأسمالى ما بعد الصناعى-أى الراسمالية المالية. هذا وقد بات الاخير تنويع ثقافي وعقائدي على نمط الانتاج الاسيوى أوالشرقى الخراجى من حيث التمأسس فوق هوية تصدر عن الهة "مركزية" يمثلهم قادة أنصاف الهة بدورهم او انهم يزعمون انهم الهة يتعنون على الفتاوي ويحتكرونها دون غيره فيما ثيابرون على ادعاء انهم هم الذين يخلقون الثروة والعمالة ويطالبون فيحصلون على امتيازات فارقة باسم تلك الالهة.
وقياسا فقد ترتب على اعتياد بعض الصوفيين الاسلاموين من قبلهم والاسلاميين السياسيين بدورهم على الامتيازات الاستثنائية والحق فى السلطة أن استحوذ بعضهم على فباتوا اصحاب امتيازات وراثية فائقة. وفى تنافس الاخيرين والشرائح السلطوية العقائدية والوضعية القائمة كان لزاما ان ينقلب بعضهم على بعض وقد عرفت السلطة الشرقية بالانقلابات والانقلابات المضادة من داخل شرائح السلطة القائمة وتلك العناضر التى غالبا ما تلحق نفسها بالسلطة او تلحقها السلطة بنفسها فى عمليات اعادة انتاج رائح السلطة لنفسها. وفي الجزء التالي اتعينن على حصار التجربة السودانية الاقليمى والدولي
اكاديمية ناشطة سياسيا
مراجع وشروح على المتون:
(*) أقارب بهذه المجادلة ما قد يهم الشباب اكثر من غيرهم كونهم ليس لديهم ما يفقدونه في زمان العطالة المنظمة سوى قيودهم. وقياسا اكتب لاتعين على تبليغ القارئ منهم ولو شيئا واحدا جديدا فعلا وحقا-مما لم يقله احد. ولا استكثر على القارئ جهدى مثلما يتباهي بعضهم بانه "لا يجهد ذهنه" وهو لا يفقه انه بمثل ذلك التباهي يؤكد انه خال ذهن ان لم يكن اسوا؟ مهداة الى ن.ع.س
(1) وقياسا فقد نحتت مفردة العبودية (Slavery - escalave – slave) من مشروع الفضاء الحياتى الالمانى من يومها وما تنفك تصدر تنويعات العبودية المعاصرة عن ذلك المشروع عبورا باعادة اعمار المانيا غب الحرب العالمية الثانية بالعمال اليونان والاتراك وصولا الي المهاجرين السوريين بمغبة الحرب العالمية الثالثة على سوريا الحضارة والكرامة. المهم فان يسَّرت عبودية السلاف تنوير ونهضة ألمانيا فقد نشاة مفردة عبد escalave or slave) لمّا كان معظم الأماء والعبيد من السلاف من هنا من يومها-مما قيض علاقات عمل قنية بأدوات إنتاج عالية التقنية بصورة غير مسبوقة وبعلاقات إنتاج عبودية.
(2) أنظر (ي) خديجة صفوت: خصخصة الربح وتاميم الخسارة: في مجلة الكلمة الشهرية الاليكترونية عدد اكتوبر 2011.
(3)
...



#خديجة_صفوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثورة شعبية ديمقراطية كبرى بخروج بريطانيا من المجموعة الاوربي ...
- استباق الرأسمالية المالية الصهيونية العالمية و القبلية للتجر ...
- بوتين يحبط نبؤات نوسترادموس و الاصحاح القديم
- الاقتصاد السياسي لاتفاق وقف القتال بسوريا
- الاقتصاد السياسي لقرار مجلس الامن الدولي 2268 بوقف الاعمال ق ...
- محرقة الثنائيات التنويرية البروتستانتية و محرقة تخريجات الاس ...
- غسيل الافكار الرأسمالية الصهيونية القبلية العالمية و توزيع ا ...
- السودانيون و انغال الصهيونية العالمية و القبلية: السرقات الا ...
- العلاقة الجدلية بين المتثاقف الارهابي و الدياليكتيك المسفسط
- العلاقة الجدلية بين التثاقف الارهابي و الدياليكتيك المسفسط
- تواجه رأس المال المالي و طبقة التضامن الاممي الجديدة
- الديمقراطية الليبرالية الجديدة تباع في ام الديمقراطيات
- اعتقلنا للمطالية بالديمقراطية و نعذب اليوم لمقاطعة الانتخابا ...
- الصهيونية القبلية المنظمة وتدمير مجتمعات الغويم
- كيف تخلق الأوليجاركيات كل شيء رأسمالي مالي
- شكرا للسماء على البنات الصغيرات موريس شيفالييه[i]:
- كيف ذهبت تقديس المال بقدسية طفولة البشرية
- شرح على متون ثورة اكتوبر 1964: انتصار الربا على البيع و المص ...
- هل تقلصت فضاءات الأمل بانقضاء المعسكر الاشتراكى؟
- ثورة اكتوبر و الثورة العالمية المضادة مغية انقسام المعسكر ال ...


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - خديجة صفوت - استباق التجربة الديمقراطية السودانية بالاوليجاريكات الأسراتية