|
اﻻشتراكية والقومية
جمالات ابويوسف
الحوار المتمدن-العدد: 5240 - 2016 / 7 / 31 - 23:26
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
بول ماتيك ترجمة: جمالات ابويوسف
عمدت الى ترجمة هذه المقالة الى اللغة العربية من جانب الرغبة في اﻻطلاع على اراء وتحليلات اخرى غير سائدة وغير معروفة عند اليساريين العرب بكافة تنوعاتهم ن التي تستند معظمها الى الفكرة اللينينية ، تلك اﻻراء والتحليلات لتيار يعرف بانه ما فوق اليساري وقد انطلق متأثرا باراء روزا لوكسمبورغ ، ومساجلاتها مع الموقف اللينيني في مسألة ضرورة الحزب الطليعي ، هذا التيار عرف باسم التيار المجالسي ، او تيار كوبهاغن . ينطلق المجالسيون في تحليلاتهم على فكرة ان البروليتاريا وحدها كفيلة بتغيير اوضاعها وبالتالي في بناء اﻻشتراكية ، وتنظيم البروليتاريا يكون عبر مجالس منتخبة لكل موقع كفاحي لها ، ﻻ ينوب عنها حزب سياسي يصادر دورها ويقمعه ، ﻻ شك ان التحليل المجالسي تحليل متنوع وثري ، وان اسهامتهم الفكرية التي ﻻ يعرفها الكثيرون هي اسهامات مهمة في فهم الفكرة الماركسية التي تنزع الى الطوباوية ، ﻻن هذه الفكرة تبقى طوباوية لطالما ان البروليتاريا بقيت غير واعية ومدركة لذاتها كطبقة مستغلة ، هذا الوعي نفسه هو الكفيل بدفعها نحو مواجهة اﻻستغلال الى ان تفرض بديلها اﻻشتراكي. اما دور المثقف الثوري هنا ليس عبر قيادة هذه الطبقة وبناء اشكال من التنظيم الفوقية ﻻستيعاب المجهود الكفاحي لها ، بل يبقى دور المثقف هو دور تنويريا ﻻ اكثر.
لماذا قمت بترجمة مقالا يتحدث عن القومية واﻻشتراكية ، على الرغم من ان بول ماتيك قد قام بكتابة هذا المقال منذ مدة طويلة ، عام1959 ، وهناك من يعتقد ان الظروف التي كتبت فيها هذه المقالة غير متوفرة حاليا ، حيث كان العالم منقسم الى معسكرين ، وكانت هذه الفترة تبشر بنهاية مرحلة اﻻستعمار القديم الخ ، بالطبع هي ليست نفس الظروف الحالية ، هناك تغييرات كثيرة ، وهذه التغييرات التي حدثت ما هي اﻻ تغييرات في مسار وتطور الراسمالية وليس في بنيتها اﻻساسية ، اي ان ان التاريخ لم يغير مساره لصالح المضطهدين او المستغلين كثيرا ، ما حدث من تغيرات كان متوقعا من ماتيك وغيره ، في ان الراسمالية ستستمر في تغولها بالهيمنة على المصادر و اﻻنتاج وبالتالي السوق على مستوى عالمي ، بحيث اصبحت هذه الهيمنة تطال شأن استقلالية ايه بلد العالم بشكل ليس له مثيل في التاريخ ، اذ اصبح من غير الممكن ان تسيطر اي قومية على مصادرها وان تسلك هي طريقها الخاص في التنمية الراسمالية دون الخصوع الى تلك السيطرة المعولمة ومعاييرها ومتطلباتها ، علما بان اﻻدوار بين الراسماليات على المستوى العالمي قد تم توزيعها بطريقة يتم من خلالها ضمان تحكم دول المركز الراسمالي .
ومع هذا ما زال الفكر اليساري السائد في عالمنا العربي وفي غالبية بلدان العالم يتحدث عن تقرير المصير للامم ، ووجوب ظهور هويات قومية باعتبارها هي الخيار الذي ﻻ بد منه من اجل ازالة عراقيل التقدم والتحرر ، نتحدث دائما عن اﻻستعمار ، مع العلم ان اﻻستعمار الوحيد القائم في العالم هو دولة اسرائيل ، انتهت فترة اﻻستعمار القديم كاحد تمظهرات اﻻمبريالية الراسمالية ، وهذا يستدعي منا ان نعيد فهم ما يجري من منظور المضطهدين وليس من منظور هوياتي قومي تطمح له بورجوازية صغيرة ماخوذة بادبيات الثورة الفرنسية او الثورات البورجوازية الديمقراطية الغربية .
موضوع اﻻستعمار اﻻخير ، اسرائيل ، جعل الكثير من المثقفين اليساريين العرب مدافعون عن الدكتاتور ونظامة اﻻجرامي في سوريا ، تحت ذريعة المناهضة للامبريالية واسرائيل راس الحربة لتلك اﻻميريالية ، ﻻ اعرف الى اين يريدون الوصول ، مع العلم ان نظام اﻻسد هو جزء من المعادلة الراسمالية على المستوى العالمي ، لم يطبع بعد مع اسرائيل ، لكنه يطبع مع امريكا ، ويستحمي بظل ايران الطامحة بلعب دور امبريالي في المنطقة ، وكذلك المافيا الروسية ، ما هي مصالح المضطهدين من نظام كنظام اﻻسد ؟ وماذا فعل بالبلد ليبقى اﻻسد ؟ هل انهزمت اﻻمبريالية ؟ وهل ستنهزم ؟ بالطبع ان خصوم اﻻسد هم ايضا مدانون وليسوا ابرياء ، وكلا الطرفين ﻻ يدافع اي منهما عن مصالح المضطهدون في سوريا.
هناك امثلة كثيرة في منتطقتنا يكون فيها اليساريون العرب مستقطبون الى جهة معينة ، اما ان تكون مع هذا او ذاك ، ويتم بالعادة التبرير على اختيار افضل اﻻسوأ، كانه ﻻ يوجد خيارات اخرى ، خيار اﻻشتراكية وان كان خيارا طوباويا. يبدو ايضا ان نخبة اليسار العربي بكل اطيافه ترغب باستمرا ان تكون جزءا من الخطاب السياسيي البرجوازي ، وﻻ يمكنها اﻻ الصعود على منبر هذا الخطاب ، فهذه هي الطريق السهلة التي قد تشبع رغبات وطموحات هذه النخبة ، التي هي بالاساس باحثة عن امجاد شخصية اكثر من بحثها في التأثير على الجماهير ، لذلك اذا كان الخطاب يساريا فلن يسلم من الشعبوية ودغدغة المشاعر الشوفينية في زمن تتعمق فيه مشاهر الهزيمة واﻻنكسار لدى الجماهير المقفرة .
على كل حال هذه الراسمالية ، راسمالية القرن الواحد وعشرين ، تعاني اكثر مما مضى من التناقضات ، انها اﻻن تواجه ازمة كبيرة وعميقة مستعصية ، وﻻ تجد لها حلولا جذرية لكي تضمن بقائها واستمراريتها، ربما ستنهار الراسمالية يوما ما ، لكن ليس في اﻻفق المنظور ، اما ماذا سيحل مكانها ، البربرية ام اﻻشتراكية ؟ ﻻ احد يعرف …
اترككم مع ماتيك ربما يكون صادما كعادته في الكتابة ، يدفع القارئ الى فتح الف سؤال وسؤال ودفعة واحدة ، ماتيك عرف بانه مفكر كارثي.
ملاحظة : ليست مهنتي هي الترجمة قد يكون هناك بعض اﻻخطاء في الترجمة وقد تكون بعض اﻻمور غير مفهومة ، حاولت ان انقل الافكار الى اللغة العربية بقدر ما استطيع ، الترجمة كانت من الفرنسية وتمت مراجعتها مع النسخة اﻻنكليزية نظرا لوجود اخطاء في النص الفرنسي على اعتبار ان الترجمة الفرنسبة هي ترجمة مناضل غير محترف الترجمة.
جمالات ابويوسف / فرنسا
القومية واﻻشتراكية "بول ماتيك"¹
نشرت هذه المقالة في سبتمبر/ايلول عام 1959 في دورية "الاشتراكيون الاميريكيون" و نشرت باللغة الفرنسية في فبراير/شباط عام 1965 في دورية "الجبهة السوداء"
سواءا كانت مرتبطة بايدلوجية او بظروف موضوعية ، او حتى بمزيج معتاد من اﻻثنين ، فان اﻻمة هي نتاج لتطور اجتماعي ، اما المفاضلة في تحبيذ او نبذ القومية فانها تعادل المفاضلة في تحبيذ او نبذ العشائرية ، تماما مثلها مثل ما يتعلق بشأن المواطنة المثالية ، اذ اﻻمة هي عامل للمعاناة او اﻻستمتاع ، من اجلها او ضدها يتم النضال تباعا للعوامل التاريخية وبمدى تاثيرها وتاثير تطبيقاتها على السكان وعلى اختلاف طبقاتهم .
الدولة الوطنية الحديثة هي نتاج وشرط للتنمية الراسمالية ، في حين انها في الوقت نفسه "اي الرأسمالية" تميل الى تدميرالتقاليد والخصائص الوطنية عبر توسيع نمطها اﻻنتاجي على مستوى العالم.
بيد انه وعلى الرغم من ان اﻻنتاج الراسمالي يسيطر على اﻻنتاج العالمي ، ومن ان السوق الحقيقي للراسمالية هو السوق العالمي ، فان الراسمالية تظهر لدى بعض اﻻمم قبل غيرها. حيثما تجد ظروفا فضلى لها في تلك اﻻماكن، اي تحقق فيها نجاحات اكثر ، وهكذ فهي تجمع فيها بين مصالح راسمالية خاصة مع احتياجات وطنية محددة ".
اﻻمم المتقدمة" تمثل تلك التي حدثت بها تطورات راسمالية سريعة منذ القرن الماضي ، بينما "اﻻمم الرجعية" حيث تعمل العلاقات الاجتماعية فيها على عرقلة اي اكتشاف لنمط اﻻنتاج الراسمالي.
وﻻن المستقبل القريب هو ملك للراسمالية ، وﻻن الراسمالية الشرط المسبق للاشتراكية ، فاننا نرى اﻻشتراكيون غير الطوباويون يفضلون الراسمالية على اساس تعارضها مع العلاقات اﻻجتماعية القديمة للانتاج ، ويرحبون بالقومية على اعتبار انها قادرة على تسريع النمو الراسمالي ، دون اﻻعتراف بذلك جهرا، وكون انهم غير راغبين قي تقبل اﻻمبريالية الراسمالية كوسيلة لانهاء الركود التعارضات الغير راسمالية في بعض المناطق ، فانهم يرون في القومية وسيلة سيتم عبرها توجة تنمية خاصة بهم عبر قنوات تقدمية . اضافة الى انهم كانوا محبذين ﻻختفاء الامم الصغيرة التي ﻻ يمكنها ان تطور اقتصادا بمستوى كبير وواسع ، ومحبذين لذوبانها في كيانات قومية واسعة قادرة على تطوير الراسمالية ، في حين انهم يدعمون القوميات الصغيرة التقدمية في مواجهة الدول الرجعية الكبيرة خاصة في حالة تذويبها من قبل هذه الدول ، ويدعمون كل اشكال حركات التحرر الوطني ،في كل وقت وفي كل مناسبة ، على الرغم من ان القومية لا يوجد لديها اية اهداف اشتراكية ، وتقيل على انها ادة تقريبة للتقدم اﻻجتماعي التي تؤدي الى تحولات تصل يالنهاية الى اﻻشتراكية اﻻممية .
الراسمالية الغربية كانت هي العالم الراسمالي في حقبة القرن الماضي ، وموضوع القومية هنا تعلق بتوحيد الدول مثل المانيا وايطاليا ، وتعلق ايضا بتحرير بعض اﻻمم المضططهدة مثل ايرلندا وهنغاريا واليونان ، وكذلك في توطيد بعض اﻻمم المصطنعة مثال الوﻻيات المتحدة . وكان هناك العالم اﻻشتراكي ، عالم محصور برؤية القرن العشرين ، في حين ان المسائل القومية التي اثارت الحركة اﻻشتراكية في منتصف القرن التاسع عشر قد حلّت ، او كانت في طريقها الى الحل ، بالتالي لم تعد لها تلك اﻻهمية عند اﻻشتراكيين الغربيين في القرن العشرين في كل اﻻحوال.
توسع الحركة الثورية في القرن العشرين على مستوى عالمي ، قد اعاد طرح المسألة القومية ، هذه القومية الجديدة ، التي هزت السيطرة الغربية وانشأت علاقات انتاج راسمالية وصناعات حديثة في مناطق ما زالت غير متقدمة ||ز هل ما زال هناك قوى تقدمية كما كان عند القوميات القديمة ؟ وهل اﻻمال القومية تلتقي وبطريقة ما مع اﻻمال اﻻشتراكية ؟وهل ساهمت في تسريع نهاية الراسمالية عبر اضعاف اﻻمبريالية الغربية ؟ ام انها اعطتها دفعة حياة جديدة عبر توسيع نمط علاقات اﻻنتاج الراسمالي على مستوى عالمي ؟
موقف اشتراكية القرن التاسع عشر لم تتوقف عند تفضيل الراسمالية على نظام اجتماعي اكثر سكونا ، بل انهم قد شاركوا في الثورات الديمقراطية البورجوازية والتي هي بدورها قومية . لقد دعموا حركات التحرر الوطني للشعوب المضضطهدة لكون انها تتماثل او توعد بالديمقراطيات البورجوازية ، وﻻنه وبعيون اشتراكية ، رأوا تلك الثورات القومية البوجوازية الديمقراطية بانها ليست بالضرورة ثورات راسمالية وربما يكون من بالامكان استخدامها في بناء اﻻشتراكية نفسها ، وبالتالي انماء الحركة اﻻشتراكية وتامين الظروف اﻻفضل لها .
في حين ان اﻻمبريالية وليست القومية ، كانت هي الموضوع الملح في هذا القرن ، القرن العشرين ، فالمصالح الالمانية "القومية" اصبحت مصالح امبريالية تتنافس مع مصالح امبريالية في دول اخرى . المصالح" القومية" الفرنسية كانت هي مصالح اﻻمبراطورية الفرنسية ، مثلها مثل تلك خاصة بريطانيا العظمى"الامبراطورية البريطانية" ، السيطرة على العالم وتقسيم تلك السيطرة بين تلك القوى العظمى الامبريالية ، هي التي حددت السياسات ا"القومية ، « الحروب " القومية " كانت هي حروب امبرياليات توجت بحروب عالمية.
ويمكن تحديد و اعتبار الوضع الروسي في بدايات القرن العشرين متشابه من جوانب عديدة مع الوضع الثوري في اوروبا الغربية في منتصف القرن التاسع عشر. والموقف اﻻيجابي ازاء الثورات الوطنية البورجوازية من قبل اﻻشتراكيين اﻻوائل كان مبني على اﻻمل ، ان لم يكن على يقين، فالعنصر البروليتاري داخل هذه الثورات ربما سيساهم للذهاب الى ابعد من اﻻهداف المحدودة للبورجوازية . حسب " لينين": فان البورجوازية الروسية غير قادرة على انجاز ثورتها الديمقراطية وبالتالي يصبح المجال مفتوحا للطبقة العاملة لانجاز هذه الثورة البورجوازية والبروليتارية في ان واحد عبر سلسلة من التغييرات اﻻجتماعية التي تؤسس ل "ثورة دائمة". بهذه الطريقة ، يبدو ان الوضع الجديد سيتكرر مرة اخرى بمستوى اكثر ضخامة من الوضع الثوري لعام1848. فبدلا من التحالفات المؤقتة والمحدودة التي كانت قائمة بين حركات البورجوازية الديمقراطية والبروليتاريا اﻻممية ، لقد اصبح اﻻن على مستوى عالمي مكون من خليط من قوى ثورية ، ذات طابع اجتماعي وقومي ، والتي بدورها سوف تتجه الى ما هو ابعد من اهدافها المحدودة ، اذا ستؤول الى اﻻهداف البروليتارية .
اﻻشتراكية اﻻممية الثابتة ، مثل تلك التي تطرحها "روزا لوكسمبورغ" على سبيل المثال ، تعارض البلاشفة في مسالة "تقرير المصير للقوميات"، قبالنسبة لها وجود حكومات قومية مستقلة لن يبدل شيئا في حقيقة السيطرة اﻻمبريالية خاصة في مجال السيطرة اﻻخيرة على اﻻقتصاد العالمي . اذ ﻻ يمكن ان نناضل ضد الراسمالية اﻻمبريالية وﻻ يمكن كذلك اضعافها من خلال انشاء قوميات ، بل قي معارضة ما فوق القوميات الراسمالية من قبل اﻻممية البروليتارية. بالطبع فان اﻻممية البروليتارية ﻻ يمكنها منع وﻻ ﻻي سبب من اﻻسباب ، منع حركات التحرر الوطني من مواجهة السيطرة اﻻمبريالية . هذه الحركات هي جزء من المجتمعات الراسمالية التي هي امبريالية . لكن استخدام هذه الحركات من اجل الوصول الى اﻻشتراكية يعني تجريدها من صفاتها القومية وتحويلها الى حركات اشتراكية ذات توجه اممي .
الحرب العالمية اﻻولى انتجت الثورة الروسية ، ومهما كان مقصدها ، كانت وما زالت ثورة قومية ، فعلى الرغم من توقعاتها بالمساعدة الخارجية ، اﻻ انها هذه لم تمد اي مساعدة الى القوى الثورية الخارجية ، ما عدا تلك التي تمليها المصالح القومية الروسية . عشية الحرب العالمية الثانية ، حدث استقلال الهند وباكستان ، الثورة الصينية ، وتحرير جنوب شرق اسيا ، وكذلك تقرير المصير لعدد من القوميات في افريقيا والشرق اﻻوسط . بالنظرة اﻻولى لهذا النهوض في الحركات القومية وحيث كان اﻻختلاف بالرأي بين "روزا لوكسمبورغ" و"لينين" حول المسألة القومية . نرى انه اصبح واضحا ان حقبة التحرر القومي لم تصل الى نهاية محددة ، وان التيار االمناهض للامبريالية لم يخدم في الوصول الى اﻻشتراكية على مستوى عالمي. وفي الحقيقة فان ما نتج عن هذه الموجة القومية لجديدة ، هو بعض التغيرات البنيوية في الاقتصاد الراسمالي العالمي ، وكذلك نهاية الحقبة اﻻستعمارية للقرن التاسع عشر. «فاعباء الرجل اﻻبيض اصبحت اعباءا حقيقية بعد ما كانت نعيما " ، اذ ان ارباح السيطرة اﻻستعمارية تقلصت في حين ان تكاليف اﻻمبراطورية قد تعاظمت ، ﻻ شك ان بعض اﻻفراد وبعض الشركات وحتى الحكومات ما زالت تتنفع من اﻻستغلال الاستعماري . لكن اﻻن ونظرا الى شروط السيطرة الخاصة على مصادر البترول الكثيفة ، واﻻحتياطيات المكتشفة لليورانيوم … الخ ، لم يعد هناك امكانية لجني اﻻرباح عبر تشغيل وادارة المستعمرات والبلدان المستقلة اﻻخرى ، ما كان ذات مرة هو الذي يحقق نسبة ربح استثنائية اصبح يحقق النسبة العادية للارباح ،حتى وان بقي الربح استثنائيا فانه يعود الى الدعم الحكومي . بشكل عام يمكن القول بان المستعمرات لم تعد قادرة عن الدفع ، وبالتالي فان جانب مبدأ الربحية نفسها هو الذي يستدعي من اﻻن فصاعدا مسارا اخر للسيطرة اﻻمبريالية .
حربان عالميتان دمرتا الامبراطوريات القديمة بدرجات متفاوتة ، لكن ذلك لم ينهي الامبريالية ، التي طورت اشكال وتعابير جديدة ، بحيث انها طورت مقولة "ان على اﻻمم الضعيفة اقتصاديا وسياسيا الخضوع للامم القوية" ، عبر امبريالية غير مباشرة تبدي وعودا اكثر من استعمار القرن التاسع عشر . ومن سياسات الكتلة الروسية الصاعدة ﻻحقا ، بالطبع ، توجد هناك اسثناءات ، خاصة عندما تظهر اعتبارات حقيقية او متخيلة تتطلب اﻻحتلال ، مثل سيطرة الوﻻيات المتحدة على اوكيناوا ، والدور العسكري البريطاني في قبرص، لكن بشكل عام السيطرة الغير مباشرة تتفوق على السيطرة المباشرة ، كما هو الحال في حالة العمل المأجور الذي بين التفوق على العمل المستعبد. اذ وحدها في النصف الغربي للكرة اﻻرضية ، هي الوﻻيات المتحدة اﻻميريكية التي لم تكن قوة امبريالية بالمعنى التقليدي ، وقد ضمنت منافعا من السيطرة اﻻمبريالية عبر ما يعرف "دبلوماسية الدوﻻر" اكثر من التدخلات العسكرية المباشرة ، وهي بكونها القوة اﻻمبريالية اﻻقوى ، فانها تأمل بالسيطرة وبطريقتها الخاصة على المناطق الخارجة عن النفوذ السوفييتي .
ﻻ احد من الامم اﻻوروبية يستطيع حقا درء حل دوره الامبريالي دون مساعدة الوﻻيات المتحدة اﻻميريكية . لكن هذه المساعدة مشروطة باختراق وسيطرة اميريكية على هذه اﻻمم وممتلكاتها الخارجية . وارثة ما تبقى من اﻻمبرياليات اﻻفلة ،فان الوﻻيات المتحدة اﻻميريكية ﻻ يوجد عندها حاجة طارئة تدفعها نحو الدفاع عن الامبرياليات القائمة في اوربا الغربية باستثناء حالة الدفاع التي بامكانها ان تحبط قوى المعسكر الشرقي . مناهضة اﻻستعمار لم تكن سياسة اميريكية تتعمد من خلالها ا اضعاف حلفاءها الغربيين ، بل قد تم تبنيها من منظور بناء العالم الحر ، هذه المنظور الشامل الذي يخبئ في ثناياه العديد من المصالح الخاصة الضيقة ، امريكا المناهضة للامبريالية هنا تقدم لنا طابعها المنافق بحيث يسوقنا الفهم ، بانها تلك التي تناهض اﻻمبرياليات اﻻخرى هي بهذا تبني امبريالتها الخاصة بها .
حرمان المانيا وايطاليا واليابان من الممكنات اﻻمبريالية وضعهم في موقع ﻻ يمكنهم فيه ان يكونوا مستقلين سياسيا فيه ، الافول التدريجي للامبراطورية الفرنسية والبريطانية بحيث اصبحتا في موقع قوة ثانوي ، وفي نفس الوقت ، فان التطلعات الوطنية للامم اﻻقل تطورا او الدول الضعيفة اصبحت غير قابلة للتحقق اﻻ من خلال توافقها مع مشاريع استحواذية لتلك الدول اﻻمبريالية ، ورغم ذلك وعلى الرغم من ان روسيا والوﻻيات المتحدة تتقاسمان السيطرة على العالم في هذا الوقت ، فان بعض اﻻمم الضعيفة تعمل على تؤكيد على بعض مصالحها الخاصة بدرجة تؤثر على سياسات هاتان القوتان ، فالعداوة والتناقضات القائمة على مستوى عالمي بين هذين الخصمين تتيحان الفرضة لظهور جديد للقوميات ، مثل الهند والصين ، اللتان تحصلان على درجة معينة من اﻻستقلال لم يتمتعان بها لوﻻ هذه الظروف . وتحت تمظهر الحياد ، فان قومية صغيرة مثل يوغوسلافيا على سبيل المثال ، تستطيع ان تغادر كتلة قوية لتذهب الى اخرى .و الدول المستقلة ولكن اﻻضعف تستطيع التوكيد على استقلاليتها ، وهذا فقط بفضل الخلاف الكبير بين روسيا والوﻻيات المتحدة.
تآكل اﻻمبريالية الغربية كما يقال ، قد خلق فراغا ضاغطا على مستوى الدول التابعة في ذلك الحين ، فاذا كان الغرب ﻻ يستطيع تعبئة هذا الفراغ ، سيكون هذا عبر روسيا ، بالطبع فلا ممثلي القوميات الجديدة وﻻ اولئك الذين هم من اﻻمبرياليات القديمة يستطيعون فهم هذا الكلام ، فمنذ ان يزيح الجديد القديم ، ﻻ يظهر الفراغ . مما قد يعنيه هذا الفراغ : هو ان تقرير المصير للامم في الدول الغير متطورة يفتح الباب اما العدوان الشيوعي الداخلي والخارجي ، بالنسبة للغرب ، فقط الغرب الذي يضمن استقلاليتتهم ، وبعبارة اخرى ، تقرير المصير هذا ﻻ يتضمن حرية اختيار الحلفاء ، بل يضمن احقية وتفضيل حماية القوى الغربية . استقلال تونس والمغرب على سبيل المثال ، كان استقلالها عن فرنسا مقابل فرض الوﻻء ليس لروسيا وانما للمعسكر الغربي الذي تسيطر عليه امريكا.
في هذا المدى الذي تستمرفيه هاتان الكتلتان في توكيد نفسهيما ، يكون حق تقرير المصير للشعوب احد تعابير الحرب الباردة ، واﻻنسداد السياسي ـ العسكري. لكن اتجاهات التنمية ﻻ تنزع الى عالم متعد القوميات ، كل منها مستقل وامن ، انها تميل الى تفكيك القوميات الضعيفة ، ولكي تتماسك هذه القوميات فانه يتوجب عليها التبعية ﻻحد المعسكرين . بالطبع فان النضال التحرري الوطني في ظرف اﻻمبرياليات المتنافسة قد سمح لبعض البلدان استغلال قوة المنافسة بين الشرق والغرب . وهذا يؤكد حدود اﻻمال والتطلعات القومية ، لكن السبب الذي يجعلها تستفيد منه هو نفسه يجعل تلك الطموحات محدودة ، ذلك ان اي توافق او اية حرب بين الشرق والغرب يضعان نهاية لامكانيات تلك الدول على المناورة ما بين الكتلتين. في حين ان روسيا ﻻ تترد في تدمير اية محاولة لتقرير مصير حقيقي للدول التي تقع تحت اشرافها المباشر ، بينما انها تقوم بدعم اية حركة تحرر قومي في اي مكان اخر في حالة كونها معادية للهيمنة الغربية ، وامريكا تقوم هي ايضا بنفس الفعل ، فهي تطالب يحق تقرير المصير للدول التي تدور في الفلك الروسي ، وتمارس دون اي تردد سياسات في الشرق الاوسط تمقت ممارستها في اوروبا الشرقية . على الرغم من الثورات الوطنية وحق تقرير المصير ، فان وقت التحرر الوطني عمليا قد انتهى . ربما ان هذه القوميات المستقلة ستحتفظ باستقلالها ، لكنها لغاية اﻻن لم تستطع اﻻفلات من تحكم السياسة واﻻقتصاد الغربيان ، وﻻ يمكنها ان التهرب من هذا العبء اﻻ بقبول تحكم روسي اخر ضمن معسكر الكتلة الشرقية.
الثورات الوطنية في البلدان المتخلفة رأسماليا تحاول تحديث نفسها عبر التصنيع ، سواء انها تعبر عن معارضتها للرأسمال الاجنبي او انها مصممة على تغيير علاقات اﻻنتاج القائمة ، وفي حين كانت قوميات القرن التاسع عشر اداة تطور رأسمال الخاص ، فان قوميات القرن العشرين هي اداة تطور رأسمال الدولة ، وكما ان قوميات القرن التاسع عشر قد وسعت اسواقها عبر السوق الحرة العالمية ووسعت هذه الدرجة من اﻻستقلالية اﻻقتصادية الممكنة في ظل تكوين راسمال خاص ، بينما ما زالت تتعطل قوميات القرن العشرين في اﻻندماج في السوق العالمي المدمر لكل درجات اﻻندماج الاتوماتيكي العاالمي الناتجة عن الية السوق الحرة.
خلف الحركات القومية الحالية ، بالطبع يوجد ضغط الفقر، الذي يتفجر بشكل يتسع فيه التفاوت بين الشعوب الغنية والشعوب الفقيرة ، بهذا الوضع تم تقسيم العمل على مستوى عالمي ، فتشيكلة راسمال الخاص هي التي حددته من اجل ان تحتم استغلال الدول الغنية للدول الفقيرة وتحتم تركز راس المال عند القوميات الراسمالية . القومية الجديدة تواجه تمركز راس المال الخاص في السوق من اجل تأمين توسيع التصنيع في البلدان الغير نامية ، في تلك الظروف ، وفي الوقت الذي ينتظم فيه اﻻنتاج الراسمالي على مستوى وطني ، ﻻ ينتظم فيه على مستوى عالمي. اليوم ، الشركات الخاصة والحكومات المسيطرة تعملان معا في الدول الراسمالية وعلى مستوى عالمي ايضا، جنبا الى جنب يتواجد التنافس العام الاكثر قسوة ، وخضوع المنافسة الخاصة الى المنافسة الوطنية ، وكذلك خضوع المنافسة الوطنية للمتطلبات الفوق وطنية لسياسات الكتلة المسيطرة.
على قاعدة اﻻمال القومية الجارية حاليا وخصمها اﻻمبريالي تكمن الحاجة الحقيقية الى تنظيم عالمي للانتاج وتوزيعه لصالح اﻻنسانية جمعاء ، اوﻻ : كما اشار االجيولوجي "ك.ف.ماذر"، اﻻرض تكون مناسبة اكثر لا حتلال البشر عندما يكونون منظمين على مستوى العالم اجمع ، وعندما تتوفر اعلى فرصة من التبادل الحر للمواد الخام والانتاج المصنع في كل العالم ، ولن تكون هذا عبر الذين يصرون على بناء الحدود بين المناطق حتى وان كانت هذه المناطق دول كبيرة او حتى قارة كاملة. ثانيا : اﻻنتاج اﻻجتماعي ﻻ يمكنة ان يتطور بشكل كامل وكذلك الحاجات والمآسي اﻻنسانية ﻻ يمكن تلبيتها او وضع حد لها اﻻ بوجود تعاون عالمي ، مع اﻻخذ بعين اﻻعتبار الخصوصيات للمصالح القومية. الترابط الحتمي القائم على التقدم الصناعي المقبل ستكون له عواقب منها المواجهات التي ﻻ نهاية لها بين القوميات وذلك من اجل السيطرة اﻻمبريالية ، هذا اذا لم يتم قبول وتسخير هذه التنمية لصالح البشرية جمعاء،
التخلص من المنافسة الجزئية او التامة لراس المال ، سؤاءا تم تحقيقها او في طريقها الى التحقق ، فانها تبقى محصورة على المستوى الوطني ، لكن عدم المقدرة على تحقيق ذلك على المستوى العالمي يسمح باستمرارية العداوة الطبقية بين جميع الدول على الرغم من اجراءات ازالة او تقييد نشكيلة راس المال الخاص ، وبعبارة اخري ، بما ان تأميم راسمال ﻻ يعدل العلاقات فيما بين الطبقات ، فلن يكون هناك اية وسيلة للافلات من المنافسة على المستوى العالمي. فطالما يكون هناك سيطرة على وسائل اﻻنتاج ، لطالما يتم تأمين بقاء التقسيم الطبقي ، كما هو حال الدول الوطنية التي تمارس السيطرة على وسائل اﻻنتاج.
الدفاع عن القومية وتنمية قوتها انما هو دفاع واعادة انتاج لمجموعات تحكم جديدة ، فحب" الوطن" في الدول الشيوعية ، الرغبة في تمجيد المصالح القومية لدى دول الرفاه اﻻجتماعي وكذلك تقرير المصير الوطني للبلدان المستعمرة ، كل ذلك تشير الى وجود وظهور طبقة جديدة مسيطرة.
ان يكون الموقف ايجابيا اتجاه القومية فهذا يعني عدم الثقة في اﻻشتراكية ، كما ان الموقف اﻻشتراكي اتجاه القومية ليس له تأثير كبير ، سواءا في البلدان التي التي تناضل من اجل وجودها القومي او تلك البلاد التي تضطهد قوميات اخرى ، من جانب ما ، يبدو ان اي موقف اشتراكي ثابت مناهض للقومية هو موقف داعم للامبريالية ، في حين ان اﻻمبريالية تقوم بوظائفها ﻻسباب هي خاصة بها ، ومستقلة تماما عن مواقف اﻻشتراكية اتجاه القومية ، فضلا عن ذلك ، فانه غير مطلوب من اﻻشتراكيين النضال من اجل حكم القوميات لذاتها ، كما فعلت حركات التحرر المتعددة في اعقاب الحرب العالمية الثانية والتي اظهرت عكس التوقعات السابقة ، اذ ان القومية ﻻ يمكن استخدامها من اجل الوصول الى اﻻهداف اﻻشتراكية ، وانها لم تكن اﻻستراتيجية الناجحة في تسريع نهاية الراسمالية .
ليس من وظيفة اﻻشتراكية دعم القومية ، حتى وان كانت تحارب اﻻمبريالية ، ان تحارب اﻻمبريالية دون ان تضعف من قوة القومية في نفس الوقت ، يعني انك تحارب امبريالية وتدعم اخرى ، ذلك ان القومية بالضرورة تكون امبريالية وغير ذلك ليس اﻻ مجرد اوهام. دعم القومية العربية يعني انك تعارض القومية اليهودية ، وان تدعم اﻻخيرة فانك تحارب اﻻولى ، انه ليس من المكن دعم ايه قومية دون دعم خصومها الوطنيين وكذلك اﻻمبريالية والحرب . اي بما معناه ، ان تكون هنديا جيدا عليك ان تحارب الباكستانيين وان تكون باكستانيا حقيقيا عليك ان تكره الهند ، الهند والباكستان قد حصلتا مجددا على تحررهما ، اﻻن يتصارعان على مناطق نزاع ، و يخضع فيها موضوع التنمية الى التدمير المضاعف عبر حرب راسمالية اقتصادية. وهكذا دواليك ، تحرر قبرص من الحكم البريطاني لم يؤدي اﻻ الى نزاع جديد ما بين القبارصة اﻻتراك واليونانيين ولم يلغ تحكم السيطرة الغربية سواءا عن اﻻتراك او اليونان . تحرر بولندا من السيطرة الروسية قد يجلب الحرب مع المانيا من اجل تحرير بعض المقاطعات اﻻلمانية والتي تسيطر عليها حاليا بولندا ، وقد تتنازع بولندا مع المانيا من اجل بعض مناطقها التي ضمتها المانيا اليها. اي استقلال حقيقي لتشيكوسلوفاكيا وبدون شك ، سوف يفتح باب الصراع بخصوص منطقة "سوديت" ، وهذا بدوره ايضا سيجر صراعا اخر من اجل انفصال "سلوفاكيا" عن "التشيك". مع اي طرف ننحاز ؟ مع الجزائريين ضد الفرنسيين ؟ مع اليهود ؟ مع العرب؟ مع الطرفين ؟ واين سيعطي اليهود مكانا للعرب ؟وماذا سيفعل اللاجئين العرب حتى ﻻ يكونوا مصدر ازعاج لليهود ؟ وماذا سيحدث لمليون مستوطنا فرنسيا عندما تستقل الجزائر ؟ الطرد ومصادرة اﻻملاك؟ كل هذه اﻻسئلة تتشابه اينما كان ، اليهود يجيبون على اسئلة اليهود ، والعرب يجيبون على اسئلة العرب ، والفرنسيين كذلك والبولنديين هكذا ، النتيجة : تبقى اﻻسئلة بلا اجابات وغير قابلة للاجابة ، اﻻ اذا استطاع الطوباويون السعي ﻻظهار تضامن اممي في بيئة هذا الخليط القومي اﻻمبريالي المتعادي ، حيث ﻻ توجد طريقة اخرى مفتوحة من اجل تجنب هذا اﻻقتتال اﻻخوي بين البشر وﻻ يوجد غير هذا السبيل من اجل الوصول الى مجتمع عالمي اكثر عقلانية.
التعاطف اﻻشتراكي مع المضطهدين ، ﻻ يرتبط بتصعيد الحس القومي ، لكنه يرتبط بالمعاناة المزدوجة لهم ، اذ انهم يواجهون اﻻضطهاد من قبل الطبقات المهيمنة ، المحلية والخارجية ، فاذا كانت التطلعات القومية جزءا من التطلعات اﻻشتراكية ، كما يضمره امل المفقرين الواهم بان تحسين اوضاعهم ياتي عبر اﻻستقلال ، فانه ولغاية اﻻن لم تتحرر الطبقة العاملة عبر تقرير المصيرالقومي في البلدان المتطورة ، ولن يتغير اﻻمر في افريقيا وﻻ في اسيا . الثورات الوطنية كما هو اﻻمر في الجزائر ، فانها توعد بالقليل الى الطبقات المعدمة ، ﻻ علاقة لها بالمساواة في تقاسم المسؤوليات ، ﻻ شك ان هذا يعني شيئا مهما بالنسبة الى الجزائريين الذين عانوا من نظام استعماري متعجرف ، ربما تكون تبعات استقلال الجزائرعلى الطبقات المعدمة اقل منها في تونس والمغرب اللتان بقيت فيهما علاقات اﻻنتاج دون اي تغيير يذكر وبقيت فيهما ظروف الطبقة المستغلة دون اي تحسن لمدى غير محدود.
فيما عدا ان تكون اﻻشتراكية بحت سراب ، سوف تولد مرة اخرى حركة اممية ، او ﻻ تظهر على اﻻطلاق ، وفي كل اﻻحوال، ان كانت هناك وﻻدة جديدة فهي ستكون على اساس التجارب السابقة ، وهؤلاء المعنيون بتلك الوﻻدة جديدة يتوجب عليهم التشديد على كونها اشتراكية اممية قبل كل شيء ، ﻻنها من المستحيل ان تكون قومية ، ستكون مناهضة للاستعمار او مناهضة للامبريالية . في حين ان نضالها ضد اﻻستعمار ﻻ يحتم انتسابها الى مباديء تقرير المصير الوطني ، بل يتوجب اﻻصرار في التعبير عن رغبتها بمجتمع اشتراكي اممي ، مجتمع ﻻ تسوده علاقات اﻻستغلال . اذا كان من غير الممكن بان يعرف اﻻشتراكيون انفسهم كقوميون ، فانه من الممكن تعريف انفسهم كاشتراكيون ، معارضون للامبريالية والقومية في ان واحد . مثال ان تكون اشتراكيا فرنسيا فان دورك ليس في النضال من اجل استقلال الجزائر ، بل في تحويل فرنسا الى مجتمع اشتراكي ، والنضال من اجل هذا الهدف قد يساعد بالتأكيد حركة تحرير الجزائر واخريات في اماكن اخرى ، لكن هذا قد يكون نتاج ثانوي ، فليس هذا هو هدف اﻻشتراكية في محاربة اﻻمبريالية القومية ، بل حيث تكون المرحلة التالية حين يتوجب على الجزائر نزع قوميتها لتنخرط في عالم اشتراكي اممي….
1 - "بول ماتيك" (1904 – 1981) عرف كمفكر للازمات اﻻقتصادية ، مناضل في المجالس العمالية ، انخرط باستمرار في الحركة العمالية الراديكالية حيث كان عاملا ، انخرط مبكرا النضال في سن 14 ، بدأ نشاطه السياسي في "الشبيبة اﻻشتراكية الحرة "، ومرورا بمشاركته في الحزب الشيوعي اﻻلماني الذي شهد العديد من الخلافات والانشقاقات ، وقد شارك في الثورة الالمانية نوفمبر تشرين الثاني 1918 ، حيث كتب عن هذه التجربة ، وكتب الكثير عن اﻻحداث التي عايشها في المانيا لكن بشكل متقطع . عام 1926 هاجر مع عائلته الى الوﻻيات المتحدة اﻻميريكية ، وهناك قد بدأ الكتابة عن اوضاع الطبقة العاملة اﻻميريكية ، مع انه لم يقطع صلاته مع ما يجري في المانيا ، هناك في امريكا وجد نفسه ايضا منخرطا في الحركة العمالية واحزابها السياسية وحركة البطالة وقد ساهم في ان تكون اكثر راديكالية ، خاصة حركة العاطلين عن العمل عام 1932 التي لم يشارك بها بشكل مباشر ، لكنها هي التي اعطته الفرصة ليعيد النظر في تجربته الخاصة فيما يتعلق باحداث ذلك الوقت ، والعودة لمراجعة مقولات ماكس هولز وكارل بلاتنر بخصوص المانيا1920 و1921. توقف ماتيك عن اﻻنخراط في العمل السياسي عام 1940 ، وبدا الكتابة والنشر ، لم تجد كتاباته العديد من القراء اﻻ بعد عام 1960 و 1970 ، بعد ان عرف اﻻقتصاد العالمي ازمة طويلة وعميقة من الركود. عارض الفكر البلشفي ، اي فكرة راسمالية الدولة ، انتقد العديد من المنظرين الماركسين في حقبة القرن العشرين ، حيث انتقد سيدني هوك الذي كان مفكرا ماركسيا مؤثرا في امريكا عام 1930 ، عارض جلمان وسوزي وارنست ماندل وهبير ماركوس ، الذين كانوا منظرين مأثرين لليسار الجديد في اعوام 1960 ، قي عام 1934 مع مجموعة من الشيوعيين المجالسيين بدأ ماتيك بالنشر في دورية :
International Council Correspondence
نجد الكثير مما يتعلق باعمال وكتابات بول ماتيك ومجموعة ICC على الرابط التالي : https://bataillesocialiste.wordpress.com/international-council-correspondence-1934-1937/
لمعرفة المزيد عن بول ماتيك يمكن الرجوع الى الرابط التالي باللغة اﻻنكليزي والفرنسي :
https://bataillesocialiste.wordpress.com/mattick-1904-1981/
ومن كتبه : . الماركسية ، البارحة ، اليوم ، وغدا . اﻻندماج الراسمالي واﻻنقطاع العمالي . ضد الشيوعية البلشفية . ماركس وكنز هناك ايضا الكثير من النصوص الكبيرة التي تقترب من كتاب
#جمالات_ابويوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العنف ضد المرأة الفلسطينية في ظل الاحتلال
-
الانتخابات الفلسطينية : استمرار وهم الدولة على ارض استمرار ا
...
المزيد.....
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|