|
أزمة الواقع السياسي العربي / القبيلة تلبس الجينز ( 1 )
شادي إسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 5239 - 2016 / 7 / 30 - 18:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من أكداس الأزمات / العوائق اللاعبور إلى الآخر المختلف و لو بتمثل كينونته نسبيا كجزء من الحضور الثقافي المعرفي المتجلي ديانات و قوميات إنها أزمة انعدام التثاقف لا التعايش ، لبضع مئات من السنوات العجاف كانت المنطقة الإسلامية بإثنياتها و أديانها و طوائفها عجينة لا متجانسة لم يؤخذ مقدار العقل و الاحترام المتبادل في حسابات الاستمرارية و تقبل الآخر فيها كان لا أسهل من النفخ في الرماد لتخرج النار شامخة و تحاول ذرو الآخر من معادلات الوجود حين يحدد المفكر المغربي الجابري مكونات العقل السياسي العربي يقدم لنا مكونات الأزمة السياسية و الأخلاقية الراهنة : العقيدة - القبيلة - الغنيمة و إن نحن دققنا في ترتيب الأولويات في عصور ما قبل الإسلام و صدر الإسلام و الأموي و العباسي الأول و الثاني لكانت : القبيلة - الغنيمة - العقيدة ؛ الترتيب الأصدق تمثيلا للانتماء ليتغير الترتيب في العصر الحديث بعد نشوء كيانات عربية مستقلة إلى : المصالح ( الغنيمة ) - القبيلة - العقيدة ( كعامل صوري دعائي في أغلب الأحيان مستثنى منه الالتفاف حول المذهب السني كإرث تاريخي لصراع مديد و كعامل لتكريس المصالح الدولتية الصغرى بدأ الرسول دعوته بالاستفادة من واقع التنازع العربي في الجاهلية عدنانيون و قحطانيون ( عرب الشمال و عرب الجنوب ) ربيعة و مضر ( عرب شرقي الجزيرة و غربيها فكانت المرحلة الأولى ( أنذر عشيرتك الأقربين ) / بني هاشم ، و لا يفسر عدم تجاسر القرشيين على الرسول إلا في إطار الحماية القبلية و لا أدل على سطوة القبيلة على الوعي من قول طلحة النمري حين بايع مسيلمة الحنفي : ( كذاب ربيعة أحب الينا من صادق مضر ) في إشارة إلى مسيلمة و الرسول ثم جاء العامل الثاني الغنيمة حيث اعتماد القبائل على السطو و الغزو و النهب،كان لا بد من استغلال هذا الاندفاع في تكريس الدعوة فكان الحديث عن كنوز كسرى و بنات الأصفر ، لكن مشروع الرسول في جعل العقيدة الأساس لم يؤت أكله فحصل الصدام المهاجري الأنصاري في السقيفة فارتداد معظم شبه الجزيرة عن الإسلام فصدام الهاشميين و الأمويين وصولا إلى الصدام الهاشمي الهاشمي مع انطلاقة الدولة العباسية في نقاط تسجل لصالح القبيلة و المصالح على الجانب العقائدي و الآن لنقرأ الحاضر بعيون التاريخ تعتبر فكرة القومية العربية والتي ظهرت تدريجيا مع الحرب العالمية الأولى مع إرهاصات فكرية سبقتها في جمعيات حملت فكرة المطالبة بالحقوق السياسية و الاجتماعية للعرب في ظل الدولة العثمانية مرحلة تخمر أخرى في الفكر القبلي العربي استمرت حتى يومنا هذا حيث العرف القبلي الذي يبدأ من حلقة صغرى من التحالفات و المصالح / الغنيمة / يضاف إليها البعد العقائدي كمتحول إلى أس قبلي في استعراض التاريخ العربي الحديث نرى أن المفاهيم القديمة تعيد تشكيل نفسها ، لنتأمل القومية القبلية مطعمة بالعامل العقائدي و الطائفي : - الحرب الأهلية اللبنانية و اعتماد كل طرف سنة و شيعة و مسيحيين و دروز على داعم إقليمي أو دولي - الحرب الأهلية السودانية _ الصراع الجزائري المغربي - الصراعات الخليجية - الصراع المصري الليبي و المصري السوداني هذا الصراع البيني تحول إلى تضامن عربي حين هددت الوحدة القبلية : - جيش الإنقاذ و الجيوش العربية في حرب أكتوبر 1973 - الجيوش العربية في مواجهة ثورة الملا مصطفى البارزاني - دعم النظام العراقي على الأخص خليجيا في مواجهة مد الثورة الإسلامية الإيرانية إنه اتفاق قبلي يبدأ من حلقة المصالح و الانتماء الصغرى لتنطلق إلى حلقات أكبر الأمر ذاته يتضح على الساحة السورية الراهنة ، احتراب سني بين كتائب للجيش الحر ( الإسلام السني المعتدل ) و جبهة النصرة و داعش ( الإسلام الراديكالي ) لا يغطي على الصراع بين الطرفين المتطرفين السابقي الذكر ثم احتراب سني شيعي يصل دعائيا إلى حد إبادة أحدهم الآخر ثم وعيد إسلامي متطرف للنصارى ( حسب تسمية الجماعات الإسلامية للمسيحيين ) لكن خروجا من الحلقة الصغرى الطائفية المذهبية الدينية تطل القبلية واضحة في توحد التناقضات السابقة في قاسم مشترك هو القبلية العربية تمارس عدائيتها المزمنة تجاه الحقوق القومية الكردية ، إذا في انطلاقتنا صوب حلقة أكبر / القومية ، تتلاشى التناقضات المسيحية الإسلامية الشيعية السنية ، الليبرالية ، الماركسية ،الرأسمالية ، و الماقبل الرأسمالية من جانب آخر توضع الاعتبارات القومية / القبلية على الرف حين تهدد المصالح الاقتصادية و السياسية البعيدة المدى لدول بعينها فتطبق الآية الكريمة بدقة : ( اذهب أنت و ربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون ) في عودة إلى الحلقة الأضيق لم تستطع الدول العربية أن تتخلص من العقدة القبلية حيث التقوقع لا الانفتاح على الآخر و لو بالاستفادة من العقيدة الدينية (إنا خلقناكم من ذكر و أنثى و جعلناكم شعوبا و قبائل لتعارفوا ) حيث ترسم الآية الأساس لإزالة الفروقات و التمايز عبر مفهوم التعارف أو التثاقف وليس التعايش كأمر واقع الحاصل أن الاختلاف و التنوع كان مسكوتا عنه لا مقبولا به ما جعل الدول المتعددة القوميات والمذاهب مرتعا خصبا للمؤامرات و بركانا لا يعلم متى يثور إن الساحة العربية لا تشهد أزمة صراع فكري إيديولوجي إلا في الدائرة الصغرى ، إنها القبلية متحولة إنها القبيلة تلبس الجينز
#شادي_إسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحالمون
-
قصائد نانو
-
تمرين للصعود إلى الوجع الكوباني
-
مرثية للشمال
-
نشيد لكوباني
-
صدأ الذاكرة
-
قصيدة ( الثانية عشرة إلاّنا
المزيد.....
-
معلقا على -عدم وجوب نفقة الرجل على علاج زوجته-.. وسيم يوسف:
...
-
مشتبه به يشتم قاضيا مرارًا وسط ذهول الأخير وصدمة متهم آخر..
...
-
نائب رئيس الوزراء الصربي: لست -عميلا روسيا-
-
-نيويورك تايمز-: التدريبات المشتركة بين روسيا والصين تثير قل
...
-
بالضفة الغربية.. مقتل 5 فلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية
...
-
-معاناتي لم تنته بخروجي من السجن، لكن فقط تغير شكلها- - أحد
...
-
شاهد: الرضيعة ريم أبو الحية الناجية الوحيدة من عائلتها الـ11
...
-
صحيفة SZ: بولندا لم تقدم أي مساعدة في تحقيق تفجيرات -السيل ا
...
-
بولندا والولايات المتحدة توقعان عقدا لشراء 96 مروحية -أباتشي
...
-
-إسرائيل ترغب في احتلال سيناء من جديد-.. خبراء: لا سلام مع ت
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|