|
بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثاني2
أفنان القاسم
الحوار المتمدن-العدد: 5234 - 2016 / 7 / 25 - 15:24
المحور:
الادب والفن
- إذا كان الأمر كذلك، قال القيادي الفلسطيني لبطرس الأحمر، سنقوم بالسطو على أكبر بنك في البلد. ألم يعاملنا أبو أرز كلصوص؟ ألم يجعل منا مسئولين عن كل الأعمال السيئة؟ ألم يضع على ظهورنا كل الجرائم التي لم نرتكبها؟ - سندحض حجج أبي أرز بطريقة أخرى، قال بطرس الأحمر. - ليست حججًا بل اتهامات خطيرة. إذا تركناه يفعل، ستكون من السهل عليه تصفيتنا. أيد تقي الدين عبد السلام، ليس دون وضع كشرط أن تكون أكبر حصة من الغنيمة له، ليوزعها على الفقراء. أخبر أبو المشارق وكمال الدرزي أنهما مع السرقة، حتى إذا ما لم يشاركوا فيها. عاند بطرس الأحمر. وعده عبد السلام أن يجد برناديت إذا ما أعطى موافقته على العملية. وافق، لكنه كأبي المشارق وكمال الدرزي لن يشارك في الهولد-أب. أعلمنا أن حزبه يعد إضرابًا في معمل البسكوت، ضد شروط العمل ورفع الجدار. كان في تقديره أن قرار أبي أرز بوقف بناء السور لا يكفي. بالنسبة له، كان يلزمنا الذهاب حتى النهاية، فندمر الجزء الذي تم بناؤه بيننا وبين بيروت الشرقية. كالعمة مريم، لم يكن عبد السلام يعير اهتمامًا لما يقوله. كان يفكر في السطو القادم، ويعد خطة الهجوم. اقترب من تقي الدين، وقال له: - علينا أن نكون يقظين. يجب ألا تكون هناك إراقة دم في أي حال كان، وإلا سيقفز الكتائب على الحُجة ليشنوا الحرب. نرفز القيادي الشيعي: - بما أنهم رفضوا الحوار، دعنا نقتلهم عن آخرهم، قال بصوته المهدد، بلا أية شفقة. لِنُرِح العالم من خراهم، هؤلاء الأقذار! - ستندلع الحرب مهما كان، وليس من صالحنا أن يحصل هذا الآن، أجاب عبد السلام. ينقصنا كثير من الأسلحة، وليس هناك ما يكفي من الناس الذين يشاركوننا وجهة نظرنا. هدأ الآخر: - كما تريد، يا صاحبي. - سنشتري أسلحة بنقود البنك. - والمغضوب عليهم من المحرومين؟ - ماذا، المغضوب عليهم من المحرومين؟ - نقود البنك لهم، أعني الحصة التي تعود إليّ. - المحرومون يمكنهم الانتظار، الكتائب لا يمكنهم. - الكتائب، الكتائب! دعنا نقتلهم عن آخرهم، قلت لك، يلعن دين! - سنقتلهم عن آخرهم، لكن في اللحظة المناسبة. بالانتظار، سنشتري أسلحة بنقود البنك. - بنقود البنك؟ تلعثم. - بنقود البنك، أعاد القيادي الفلسطيني. - بكل نقود البنك؟ عاد إلى القول مع بعض الأسف في صوته. - بكل نقود البنك، قال عبد السلام بنبرة لا جدوى فيها. وسنطلق حركات إضراب في المعامل لتدعم قضيتنا كل الطبقة العاملة. - كل الطبقة العاملة؟ - كل الطبقة العاملة. - تقول كل الطبقة العاملة؟ - أقول كل الطبقة العاملة، يلعن دين! ماذا يجري لك؟ - لك أفكار شيوعية، الآن؟ قال له بصوته المهدد. ليست عندي أية ثقة ببطرس الأحمر. يؤثر فيك كثيرًا! دعنا نصفي هذا الكافر أو نسلمه إلى أبي أرز مقابل مبلغ كبير من المال يسمح لنا بشراء أسلحة أكثر. - فكرة جيدة، قال له عبد السلام وهو يبتسم للفكرة العبقرية التي أعطاه إياها. سنحققها في اللحظة المناسبة. الآن، علينا أن نبقى متفقين على ألا تسيل قطرة دم واحدة خلال الهولد-أب. - أنا متفق، أذعن. - أفكر أن أحسن طريقة لتحقيق ذلك هي أن نتسلل من مجاري البنك. - من المجاري؟ - نعم، من المجاري. - من الخراء تعني؟ - نعم، من الخراء. نحن مضطرون إلى ذلك لنخدع تنبه الكتائب. - الكتائب، الكتائب! دعنا... - أعرف، أعرف... نقتلهم عن آخرهم. - لا أحتمل فكرة أن نمضي بالخراء. - هناك النقود الموجودة خلفه. - لكل نقود العالم، فكرة أن نمضي بالخراء غير محتملة لي. - لشراء الأسلحة التي نحن في أمس الحاجة إليها. - فكرة أن نمضي... - لقتل الكتائب عن آخرهم، قالت العمة مريم وقد عيل صبرها، التي بقيت صامتة حتى تلك اللحظة. - إذا كان الأمر كذلك... عند هبوط الليل، كنا نتقدم برفقة تقي الدين وبعض من رجاله في نتانة مجاري بيروت. كان تقي الدين يرغي ويزبد في كل مرة تنزلق فيها قدمه في الكنز الغائطي. كان يخاف من جراذين بيروت التي حتى مشاعلنا لم تكن تخيفها. ونحن ندخل في حرم البنك، هاجمنا مجهولون. كانوا يأتون من الخارج. كان علينا استخدام أسلحتنا للقيام بهجوم مضاد. سقط عدد منا ومنهم. كان ذهولنا أكثر ما يكون عندما رأينا كمال الدرزي مع المقتحمين. انفصل أبو المشارق عن مجموعتهم، وجاء ليتفاوض معنا. لم يكونا، لا هو ولا كمال الدرزي، يثقان بتقي الدين. كانا يحقدان عليه، لا علينا. بشكل من الأشكال، كانا قد قاما بهذا الهجوم للدفاع عنا، ليتفاديا أن ينقلب تقي الدين علينا، ويقتلنا، كي ينعم وحده بالغنيمة. صفرت الطلقات من جديد، فهدَّأت العمة مريم تقي الدين. اتفقت مع أبي المشارق وكمال الدرزي أن ندخل كلنا معًا الحجرة المصفحة. على مرأى الغنيمة، نسينا كل شيء، النزاع الذي كنا قد دفعنا ثمنه باهظًا، الأسلحة التي كنا نريد شراءها، الدموع التي كان المحرومون قد ذرفوها، حتى يأس أمهاتنا، آبائنا، وكل أجدادنا، كنا قد نسينا أنفسنا. كانت الدولارات ترقص. قرأنا في عيني تقي الدين الأحلام الأكثر جنونًا، في عيني كمال الدرزي ابتسامات أحيائه وأمواته، في عيني أبي المشارق حمائم السلام المغتالة. وهم يضمون الذهب، كانوا يعبِّرون بالإيماء عن الارتعاشات الدَّنِفَة لرجل يداعب امرأة. الفكرة المضحكة عن هذا الجماع مع النقود جعلتهم من بعد يصرخون من الضحك. قهقه عبد السلام، هو كذلك. كان سعيدًا أن يرى الرجال يضحكون. عندما مضت لحظة المرح هذه، انسحبنا من حرم البنك، وضميرنا مثقل بكوننا ساهمنا بِهِمَّة في السطو على مدينة كانت تتألم منه بما فيه الكفاية.
يتبع الفصل الثالث...
#أفنان_القاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الثاني1
-
بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الأول3
-
بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الأول2
-
بيروت تل أبيب القسم الأول بيروت الفصل الأول1
-
بيروت تل أبيب كلمة الغلاف
-
المؤتمر العربي العالمي فرنسا هذا لا يعنيك!
-
المؤتمر العربي العالمي فرنسا سرقت فكرتي
-
المؤتمر العربي العالمي إلى الحمير من المحيط إلى الخليج
-
المؤتمر العربي العالمي المكتوب واليوتيوب
-
المؤتمر العربي العالمي يا كتاب -الحوار- أين أنتم؟
-
المؤتمر العربي العالمي انعقاده في 5 حزيران
-
المؤتمر العربي العالمي
-
النظام العالمي
-
الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني النص الكامل
-
الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 51
-
الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 50
-
الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 49
-
الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 48
-
الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 47
-
الحداثة الزرقاء دراسة في أدب غسان كنفاني 45
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|