|
صناعة التطرف
مهدي جعفر
الحوار المتمدن-العدد: 5233 - 2016 / 7 / 24 - 19:15
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
** يمكن القول بالتشبيه أن الإسلام أصبح جسد مريض متورم بسرطان الإرهاب **
تميزت الساحة العربية في السنوات الأخيرة بظهور المجموعات المسلحة الإسلامية التكفيرية ، و تميز منها بقدر زائد من الفتك و التفنن في القتل التنظيم الإرهابي المسمى اختصارا " بداعش " ففي كل عملياته الإرهابية يعيد ضرب الإنسانية ضربات نجلاء ، يكرر توضيح مصاهرة التطرف مع الدين ، يرفع مرة أخرى لافتة " لا نجوت إن نجى " ، يأكد انتشاءه برائحة دماء الأبرياء و التقرب إلى الله بذبحهم .
الحقيقة أنه تطوع " للإستشهاد ضد التطرف " مفكرين إسلاميين كثر ، فقد حاولوا إيجاد طريقة للتّعايش بين الإسلام و الدّيموقراطية ، و لكن لم ينتبهوا إلى أن المسلمين وحتى بعض المثقفين منهم لا يعترفون بهذه المسميات المعاصرة كالديمقراطية و العلمانية ... و لكن فشل معظم التّجارب بات واضحا ، خصوصا مع اغتيال شهيد الفكر و التنوير في مصر " فرج فودة " و في إيران " علي شريعتي " . و ذلك راجع أساسا إلى طغيان الخطاب المتشدّد وتغييب و تهميش أطروحات العديد من أعلام الفكر الذين حاولوا تجديد الموروث الإسلامي ( كمحمّد أركون ، جورج طرابيشي .. و من المعاصرين د. عدنان ابراهيم ) و هم مجموعة من المفكّرين الذين حاولوا “إنقاذ الإسلام” ولكنّهم للأسف فشلوا في ذلك بل منهم من قضّى حياته منفيّا " كنصر حامد أبو زيد" مثلا ، وهو أكبر دليل على إنتصار ثقافة الموت وانتشار مرض الإسلام وهو التّشدد كما بيّن ذلك الشّاعر و المفكّر الرّاحل "عبد الوهاب المؤدب" .
من كل هذا دائما ما يثور سؤال من تلقاء ذاته وهو " لماذا الإرهابي دائما مسلم " ؟
هذا سؤال يأرق بال كثير من المسلمين و يوقعهم أحيانا في الشك المؤدي بخطوات متسارعة نحو الإلحاد ، لذلك سنحلل و نشرح باقتضاب كيف ينموا التطرف في المسلم .
* فأول لقاء بين الطفل المسلم و الفكر المتطرف يحصل عن طريق *" التربية "* التي تعتبر الجسر الواصل بين الطفل و مستقبله ، فالتربية تعني " تكوين شخصية إنسان " و هو أمر طبعا موكول للوالدين . و أبسط ما أقول عن هذه التربية الإسلامية هي أنها تربة * شاذة و متشددة * تفرض على الطفل ما لا يطيق ، يكثر فيها "الوعظ و الإرشاد" و هو خطاب معياري لا يتيح للطفل اكتساب خبرات عن طريق التجربة و الخطأ . فظلا عن هذا يتم زرع في الطفل أولى أفكار التطرف ، كأن المسلم فقط هو المؤمن المرضي المهدي عند الله الذي سيدخل الجنة ، أما غير المسلمين كفار ملاعين مغضوب عليهم من لدن الله وهم الفئة المعذبة بالنار في الجحيم و في هذا حمولة استعلائية و استقصائية للآخر المختلف عقديا . و للأسف الطفل لا يمتلك حينئذ الملكة الفكرية ليتسائل " هل الله خلق كل هؤلاء البشر لكي يدخل الجنة فئة صغيرة حقيرة فقط مثل المسلمين ، أما الباقي فستستقبلهم جهنم ، أي منطق هذا ؟ يعني ان مؤسسة الأسرة عن طريق التربية هي أول من يبث في الطفل هذا الفكر الظلامي .
* من بعد يخرج الطفل إلى *" المدرسة "* و فيها يدرس الغزواة و الفتوحات الإرهابية بعد العهد النبوي و سبي النساء و ذبح الرجال المشركين و استرقاق أطفالهم ، و اغتصاب نسائهم و من بعد بيعهم في الأسواق ، حيث باع "موسى ابن نصير" امرأة *بدرهم* و بعير *بخمسة دراهم* ، و ما يستنزف الدموع و المآخي هو أن هؤلاء البراعم الضحايا تجدهم يفتخرون بهذه الأحداث ، و يا ويلنا عندما يفتخر أطفالنا بالجرائم فهذا إيذان بتكوين أمة من المجرمين مستقبلا ، و هو ما يوحي بتشويه فطرة و إنسانية الطفل المسلم .
* بعد أن يخرج الطفل من المدرسة يدخل *" المسجد "* الذي يكتظ بمن تطول لحاهم و تقصر سراويلهم و تشل عقولهم . و هنا يستمع الطفل إلى " خطاب متشدد " مقصي للآخر ، مكفر للغير، مزندق للمختلف ، مفتي بإحلال دم من اختار عقيدة غير الإسلام . و عليه فهو في حد ذاته دعوة إلى الجريمة المبررة شرعا لقتل غير المسلم و بالتالي إنتفاء قيم التّسامح و الإنسانيّة بين الأديان ، ناهيك عن التّجييش بالإنطلاق من مسلّمة مفادها أنّ **الإسلام هو دّين الحق** ليزيد إقتناع معتنقيه بضرورة سفك الدّماء لإعلاء دّين الحق .
* أما أهم أسباب الإرهاب فهو نابع من *" التراث الإسلامي"* فبعد إطلالة خاطفة عليه يلاحظ الكمّ الهائل من الحقد و الكراهيّة التي تحتوي عليها هذه النّصوص و التي تُعْتَبَرُ مرجعا للإرهابيّين . فأبجديّات القتل والإرهاب موجودة بكثافة في الموروث الإسلاميّ وهذا من الأسباب الرّئيسيّة التي تؤدّي إلى إقتناع الشّباب بهذا الخطاب و إعتقادهم أنّهم يهبّون لنصرة دينهم . لذلك فهذا الموروث هو بمثابة " التبرير الشرعي " و " الدافع المحفز " الذي يجعل المسلم يرتكب مثل هذه الجرائم الفضيعة و المروعة ، أن يقتل نفسه و يقتل غيره ضنا منه أنه سيدخل الجنة . " جنة يكثر فيها الجنس مع آلاف العاهرات الشرعيات و تكتظ جنباتها بولدان مخلدين يوزعون الخمر على قاطنيها " هذه هي صورة الجنة لتي يعتقد بها المسلم ، و ما أروعها من جنة ؟
لذلك كيف تريد من إنسان كبر في هكذا ظروف أن يكون " شخصا سويا " تصرفه إنساني و عقلاني اتجه نفسه و اتجاه الآخر ، فحتما انسان مثل هذا لا يمكن أن يكون إلا إرهابي داعشي مجرم .
و أخيرا أعجب ممن يتساؤل من أين جاءت داعش ؟ فأنا أقول لكم أنها حصيلة "لتربيتكم " و " مدارسكم " و " موروثكم الإسلامي " الفاسد .
#مهدي_جعفر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول الكون نظريات علمية أم تخاريف بشرية
-
قصة و عبرة !!
-
علمانية علمانية ... حديث شريف !!
-
الإنقلاب أولى النتائج العكسية للسياسة الطائشة لأردغان
-
-تهافت -فكرة الإله- بين سداجة المؤمنين و جموح الفلاسفة و الع
...
-
الربيع العربي ( مخلفات ، أرقام و إحصاءات صادمة )
-
عبقرية ألبرت أينشتاين قياسا بعبقرية العلماء و الفلاسفة اليون
...
-
- ما لم نفهمه من شعار داعش باقية و تتمدد -
-
- المرأة العربية عقلية دون الظرفية المعاشة .-
المزيد.....
-
هيئة الدفاع في ملف الشهيدين شكرى بلعيد ومحمد البراهمي تعلق ح
...
-
مقترح ترامب للتطهير العرقي
-
برلماني روسي يستنكر تصريحات سيناتورة تشيكية حول حصار لينينغر
...
-
غزة: لماذا تختار الفصائل الفلسطينية أماكن مختلفة لتسليم الره
...
-
نبيل بنعبد الله يعزي في وفاة شقيق الرفيق السعودي لعمالكي عضو
...
-
الحزب الشيوعي العراقي: تضامنا مع الشيوعيين السوريين ضد القر
...
-
موسكو: ألمانيا تحاول التملّص من الاعتراف بحصار لينينغراد إبا
...
-
مظاهرات بألمانيا السبت وغدا ضد اليمين المتطرف
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 589
-
تحليل - فرنسا: عندما يستخدم رئيس الوزراء فرانسوا بيرو أطروحا
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|