|
لماذا أُقدِّم عرض التمثيل الصامت قطف القاصرات
إيرينى سمير حكيم
كاتبة وفنانة ومخرجة
(Ereiny Samir Hakim)
الحوار المتمدن-العدد: 5231 - 2016 / 7 / 22 - 22:03
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
لماذا أُقدِّم عرض التمثيل الصامت قطف القاصرات *******************************
زواج القاصرات، قصة مهينة انسانيا تتكرر وتزداد وتتمادى يوميا فى مجتمعنا، وليس مجتمعنا المصرى فقط، بل العربى ايضا، وهناك استغلال للقاصرات على المستوى العالمى كذلك، ان التعامل مع سطوع زهرة الانثى فى الحياة بتلك الهمجية الذكورية، هى اهانة لكرامة الانسان ولحقيقة الحياة، انه قطف رادع لسريان الحياة فى شرايين نفس تلك الانسانة الطفلة، فزواج القاصرات هو بمثابة وأد لحياتهن، بل اقسى من ذلك، فهن يستكملن ايامهن بنمو نفسي ميت!.
فى هذا العمل المسرحى اتطرق لتلك الازمة بحالة ودت ان اتكلم فيها عن مدى معاناتهن ليست الاجتماعية فقط بل النفسية ايضا، ورغبت فى ان ارصد اعماق نفوسهن المنتهكة مثل اجسادهن تماما، وليس هن فقط، بل من حولهن ومن منا، فى استعراض كل معنى للقاصر، فالقاصر ليس فقط تلك الانثى صغيرة السن التى تساق الى الذبح الوجدانى بمسمى الزواج، بل ايضا كل انسان قاصر عن حماية نفسه من الانتهاك بالظلم وانتزاع الحقوق واغلى ما لديه، فجميعنا معرض ان يكون قاصر فى موقف ما فى الحياة، خاصة من يحيا منا فى مجتمعات لا تحمى حقوق افرادها فى غالب الامر، وكثير منا يكون احدى ضحايا دوائر الظلم التى نحياها باعتيادية فى يومياتنا.
نسج العرض من الموسيقى وصمت كلام *************************
فى حالة جديدة لتجسيد مشاعر الابطال الحقيقيين لتلك القضية، اقدمت على تأليف وتصميم واخراج عرض التمثيل الصامت قطف القاصرات، لاقدمه للمشاهد بطريقة غير تقليدية على المسرح الصامت كالاداء بالمايم والبانتومايم او الاستعراضات، فالتعبير هنا هو تمثيل كامل بلا نص، فالنص الذى اخترت مفرداته بعناية هو كلمات التعبير ونغمات الموسيقى فى طريقة ادائية مختلفة عن طرق مسرح التمثيل الصامت الاعتيادية، حتى تُعبر عن اعماق أناس يستحقون الانتباه والاهتمام والمساعدة بطرق تناسب زوايا خاصة من آلامهم ربما تعجز الطرق الفنية العادية التطرق اليها، فقناعتى هى ان جهلنا بمعاناتهم جزء من مشاكلهم، لذا نسجت فى حالة خاصة موسيقى العرض بمزيج من الحان الموسيقار بليغ حمدى والموسيقار ياسر عبد الرحمن ومعهما ابداعات لفنانين جدُد من بينهم الفنانة دينا الوديدى، لاقدم هذا العمل بحبكة فنية جديدة لها مذاقها الخاص، تعكس اجواء صعيدية من تجميعات لابداعات فنانين مختلفين، متآلفة مع بعضها البعض، ولها تأثيرها الفنى النفسي الخاص.
ومن الجدير بالذكر انه فى الإعداد لهذا العمل وغيره من الاعمال التى اقدمها تحت مبدأ فريقى الذى قمت بتأسيسه YouSpeak، اود التعبير عمن لا قدرة لهم فى التعبير بشكل عام، والتطرق لافكار قضايا انسانية عامة واجتماعية خاصة، تُعبر عما يشعر به ويحتاج التعبير عنه المُشاهد، حتى وإن كان لا يشعر بأن هناك صراع ما يدور بداخله حول هذا الامر، لذلك فكرت فى هذا العمل ان اعبر عن محورين من العجز عن التعبير، هما العجز النفسي والجسدي، لاتحدث بصرخة فنية صامتة عنهن متجاوزة امكانيات التعبير، لأُعظِّم العجز، فالعجز بإمكانه ايضا ان يعبر ويصرخ ويتفنن.
وبهما القى الضوء على تلك القضية التى مازالت تنتشر فى مجتمعنا بالرغم من كل وسائل التوعية التى تحاول ان توقفها، وان اتحدث عن اناث عاجزات تماما عن الدفاع عن انفسهن، واقول ايضا كم اننا جميعا قاصرون وقاصرات حين يهاجمنا الظلم فنحن ضحية ومجنى عليه، وهذا المعنى سيتضح جليا فى سياق ما سيشاهده المتفرج فى العرض.
تجسيد دُخلة الظلم **********
من اهم المشاهد واصعبها التى تطرقت لها فى تجسيد قصة تلك القضية هو مشهد الدخلة، ولقد حاولت ان اتعرض له بتعبير بالغ فى الرمزية وصادم للتوقع، حتى استطيع ان اقفز فوق حاجز العيَب، بتعبير بليغ يعكس عمق صدمة تلك اللحظة على نفس الطفلة التى تتلقاها بعيدا عن النقل الواقعى للموقف، انما واقعى فى المعنى النفسي لا الحدثى، فلم يكن بمقدورى تهميشها، فهى جريمة لابد من ذكرها امام مباشرة المشاهد لا خلف كاميرا.
ولكم فكرت كثيرا فى تلك اللحظة المهيبة بالذعر الذى يغتال كيان تلك الانثى الصغيرة، تلك اللحظة حيث مرح الخوف والهلع والعجز فى حديقة طفولتها الملعونة ببيئتها.
تلك اللحظة التعيسة، بماذا نسميها؟! دخلة؟! اغتصاب؟! اعتداء؟! انتهاك؟!
تلك اللحظة التى يستأسد فيها رجل كهل قوى بالاصطناع او ضعيف متقوى بالرغبة، ليهجم فيها بقوة مفتعلة على انثى ضعيفة، انها احدى اوجه الجرائم ضد الانثى فى مجتمعنا. انها لحظة حقيقة متألمة .. تشتهى ان تبوح بآلامها وتُسرَد!
لماذا التمثيل الصامت؟ *************
اما عن اختيارى للتعبير عن تلك القضية، بعرض تمثيل صامت بتكنيك جديد فى المسرح الصامت، فذلك لتعمدى التعبير المسرحى عن اشخاص هم عاجزين عن التعبير عن مشاكلهم فى الاساس ولا ينصت لأنينهم احد، وذلك بطريقة فنية تُهمش الكلام، ولا تُعبِّر عن دواخلها برقص ولا بايماءات بانتومايم، بل بتمثيل صريح يصرخ بتعابير وجه وجسد قوية لما بين سطور تلك النفوس المُتعَبة، والتى تحتاج الى انصاتنا لما تعجز عن البوح به او التصريح عنه، فتوَّجت العجز عن الكلام بعرض لا يبوح عنهن بالكلام، ولا يرقص ولا يشير بالحركات، بل نؤدى افعالهن ونعبر عن احاسيسهن، وليس هن فقط بل نجسد تفاصيل امثلة اخرى عن كل مظلوم قاصر عن حماية حقوقه، صائمين عن الكلام مثلهم جميعا، فلابد ان نكون على ذات الشبه ان كنا نريد ان ندافع عنهم.
فالخَرَس ليس فقط ما يصاحب الصم والبكم فى الجسد، انما يصاحب ايضا كل من لا يستطيع التعبير عن دواخله، وتماشيا مع هذا وذاك اعمل منذ تأسيس الفريق على تجهيز العروض الصامتة التى اقدمها ان تكون مؤهلة لمخاطبة الصم والبكم من المشاهدين، واستهدفهم بشكل رئيسي جنبا الى جنب ممن هم مستهدفين فى القضية التى اتناولها فى العمل، والان اسعى للتواصل بجمعيات للصم والبكم للاتفاق معهم على استضافة مجموعات منهم فى عرض قطف القاصرات، وارحب بكل من يتواصل معنا على صفحة الفريق والايفنت الخاص بالعرض، للتواصل بخصوص هذا الامر.
التغيير يبدأ من مخاطبة العقل الباطن **********************
اننى على قناعة كبيرة من ان التغيير يبدأ فى المجتمع من خلال المسرح عن طريق مخاطبة العقل الباطن للمُشاهد بطريقة كبيرة وموجهة بدقة الى جانب مخاطبة العقل الواعى، لذا فى تصميمى وتنفيذى للعروض الصامتة بمختلف انواعها، اتقصد العقل الباطن الذى يقوم بالنصيب الأكبر من عملية التفكير، وهذا ما يتفق عليه الخبراء النفسيون، وهو الجانب من العقل الذى يتعامل بالصور والعواطف، وهذا ما اركز عليه فى التكوينات الشكلية فى ذلك النوع من الاعمال الفنية الصامتة التى اقدمها، حيث توفير انطباعات خاصة برمزيات وتفاعلات انفعالية خاصة بين المُشاهد والممثل، وذلك بهدف مواجهة الخزين السلبي المتراكم فى ذهن المشاهد بداخل عقله الباطن لعادات وسلوكيات وانطباعات نفسية خاطئة تخص تلك القضية التى اناقشها، ليتم احلاله بتاثير نفسي جديد ايجابي يخص خدمة تلك القضية اجتماعيا، حتى ينظر لها ويتعامل معها بما تأثر به فى العمل الذى قدم له، وانا احاول ان اتطرق لها بحلول ايجابية فنيا، لها مذاقها الابداعى الخاص، بالعمل على تعديل فكر وسلوك المتفرج.
ابطال العمل *******
عرض قطف القاصرات من تمثيل: مارى جرجس، حسام رضوان، هبة امام، محمود حازم، احمد قطب، مينا نادى، فيلوباتير طارق، دانى ناجى، إيرينى سمير، تنفيذ مكساج: جون جورج، تنفيذ اضاءة: احمد دياب، دعايا: إيرينى سمير، بلاى باك: اندرو عريان، ادارة كواليس: دانى ناجى، مينا منصور.
قصة وتصميم واخراج إيرينى سمير
تم تقديم عرض التمثيل الصامت قطف القاصرات للمرة الاولى فى 2 ابريل 2016 على مسرح مكتبة الجديدة.
وسيتم اعادة تقديم العرض قريبا يوم الجمعة 29 يوليو 2016 الساعة الثامنة مساء على مسرح مكتبة مصر الجديدة، لينك الايفنت على الفيسبوك للتواصل
عرض التمثيل الصامت قطف القاصرات https://www.facebook.com/events/201225130275849/
وصفحتى الخاصة بكتاباتى واعمالى الفنية على الفيسبوك Ereiny Samir Writings and Artworks Page
https://www.facebook.com/Ereiny-Samir-Writings-and-Artworks-Page-676897835779586/?fref=ts
وصفحة الفريق YouSpeak Team https://www.facebook.com/YouSpeak-Team-1051194524908666/
إيرينى سمير حكيم
#إيرينى_سمير_حكيم (هاشتاغ)
Ereiny_Samir_Hakim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ايتها الانثى لا تعطى قُدسِك للكلاب
-
عذرا يا من غلبت الموت
-
اليوم خمر وحشيش ونساء
-
فيلم من ضهر راجل يُجسِّد العجز بين لكمتيّ قوَى
-
لا تلجأى لمصر يا مريم رسالة من قبطية فى 2016
-
مصر اتعرت
-
تمصير فيلم Matilda فى رؤية داود عبد السيد بقدرات غير عادية
-
فى انتظار اللص اليمين
-
فى عرض المدينة الاتفاق من منطلق الاختلاف
-
لا تنكس رأسك قم وأصهل
-
أصل أسطورة الدبدوب فى عيد الحب عند المصريين
-
حينها لم أكن جميلة
-
يا صفر ماتستقلش قيمتك
-
لم يكن الحلم ليوسف بل للفرعون
-
عرض الفنار يكشف ظُلمة تسكن نور
-
لو كان الرقص رجلا لقبَّلته
-
أيها المجروح قم احمل دماء جروحك وامشي
-
يا شعوب الركعة لعظة سياسية
-
شكوك وحدتى وإيمان بصمات يدى
-
فيلم القمة القرمزية Crimson Peak حين يصبح الإنسان أكثر شبحية
...
المزيد.....
-
تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
-
-دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة
...
-
مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز
...
-
السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها
...
-
الكويت.. مراسيم جديدة بسحب الجنسية من 1145 امرأة و13 رجلا
-
نجل ولي عهد النرويج متهم بارتكاب اغتصاب ثان بعد أيام من اتها
...
-
انحرفت واستقرت فوق منزل.. شاهد كيف أنقذت سيارة BMW امرأة من
...
-
وزيرة الخارجية الألمانية: روسيا جزء من الأسرة الأوروبية لكنه
...
-
الوكالة الوطنية توضح حقيقة زيادة منحة المرأة الماكثة في المن
...
-
ما حقيقة اعتقال 5 متهمين باغتصاب موظف تعداد في بابل؟
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|