|
محاولات لطمس الثورة التي أسست الجمهورية العراقية
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 5230 - 2016 / 7 / 21 - 13:18
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
مرت الذكرى الثامنة والخمسون لثورة 14 تموز 1958 مروراً يكاد أن يكون يوماً عادياً أو ذكرى عابرة دون أية تمجيد أو احتفال حتى لو كان احتفالاً رسميا يخصص له مساحة ملائمة في الإعلام الحكومي باعتباره عيداً وطنياً وعطلة رسمياً اقرها الدستور ولكن على ما يظهر " أقر خجلاً واعتبر عطلة رسمية " ولسنا بصدد أن نسهب في الأسباب والحجج التي تطلق لتظليل هذه الثورة وما حققته من إنجازات وطنية عديدة خلال عمرها القصير جداً وما أحيطت به من مؤامرات منذ اليوم الأول لانبثاقها وإعلان الجمهورية، لكننا نسجل بشكل ايجابي للقوى الوطنية والديمقراطية التي احتفلت بشكل لائق في العاصمة بغداد او البعض من المحافظات وكذلك الإقليم وقد نكون متأخرين قليلاً عن الكتابة لكن شفيعناً وإن تأخرنا ستبقى هذه الذكرى عزيزة على قلوبنا وقلوب أكثرية العراقيين حيث اعتبرت ثورة تموز حدثاً فريداً في تاريخ العراق الحديث لأنها أسست الجمهورية وألغت المَلكية إلى الأبد وأصدرت جملة من القرارات والقوانين الوطنية التي شملت مناحي عديدة من حياة المجتمع العراقي ولصالح العراق، ونؤكد وهو رد على من يدعي بأنها مجرد انقلاب عسكري لحفنة من الضباط أن ثورة 14 تموز1958 قام بها شرفاء العراق من اجل الشعب العراقي وكانت محط مساندة أبناء الشعب العراقي بجميع فئاته وطبقاته ما عدا الأعداء من رجعيين وأيتام العهد السابق والقوى الاستعمارية، كما أن نذالة القوميين العرب المتطرفين وفي مقدمتهم البعثيين والقوى الرجعية والإقطاعية ودعم الرجعية العربية والدعم الأمريكي الذي اعترف به علي صالح السعدي عضو القيادة القطرية لحزب البعث حينذاك " إننا جئنا إلى الحكم بقطار أمريكي عام 1963 " جميع هؤلاء وكل الأنذال الذين لا ضمير لهم بالتآمر عليها فكان انقلاب 8 شباط 1963 الدموي، ذلك الانقلاب الذي خلف مئات الآلاف من الشهداء والمعتقلين والمغيبين والمعدومين وارجع العراق إلى العهود الظلامية والتخلف، وما حدث بعد هذا الانقلاب الدموي من مآسي وويلات بما فيها الاحتلال 2003 للعراق خير دليل حتى قيام حكومات على أساس طائفي مدمر مما خلق جملة من الأزمات والعقد المستعصية للتفريط باللحمة للوحدة الوطنية، وهذا النهج ينذر بتقسيم البلاد على أساس طائفي وقومي ضيق، وما إلغاء الاحتفال بذكرى ثورة تموز أو المحاولة لنسيان ذلك الحدث التاريخي المشرق إلا دليل على ذلك، فقد مرت هذه الذكرى وكأن شيئاً لم يكن إلا من احتفالات شعبية قامت بها قوى وطنية وديمقراطية في مقدمتها الحزب الشيوعي العراقي الذي قيّم بايجابية وطنية هذه الذكرى طاعناً في الحجج غير المقبولة وهي التفجيرات التي حدثت مؤخراً وكأن التفجيرات لم تكن مستمرة شملت كل أنحاء البلاد تقريباً، او بحجة الحرب ضد داعش الإرهاب وكأن القاعدة وداعش والميليشيات الطائفية جديدة على البلاد والعباد متناسين أن داعش والحرب كان احد أسبابها النهج الطائفي من قبل الحكومة السابقة وبعض أحزاب الإسلام السياسي، هذه التوجه لطمس ذكرى ثورة 14 تموز عبارة عن توجه لتزوير تاريخ العراق السياسي وجعله حكراً على البعض من الفئات وهي محاولة بائسة لا تقل عن محاولات الحكم الدكتاتوري السابق الذي اتجه الاتجاه نفسه وحاول تجيير تاريخ القوى الوطنية والديمقراطية لحزب البعث العراقي، لكن هيهات كما يقال أن يحجب نور الشمس بغربال وهذا ما أكده بيان عن الحزب الشيوعي العراقي الذي أشار "نحتفل هذه الأيام بالذكرى الثامنة والخمسين للحدث الأهم في تاريخنا الحديث، وهو ثورة (14) تموز 1958، الثورة التي غيرت طبيعة المجتمع العراقي، وأدخلته بجدارة إلى عصر الحداثة، والحرية والتقدم" وهكذا وبدلاً من رفع شان الذكرى كما تفعل الأمم مع ثوراتها الوطنية وتحتفل بها فان التوجه الحالي محاولة لتشويه معالم هذه الذكرى واتهام الثورة وكأنها لحساب جهة دون غيرها او تصنيفها بانقلاب عسكري أو علمانية بالضد من الدين وهو توجس خطر لطمس كل معالم العمل السياسي الوطني والديمقراطي والاشتراكي بهدف رجعي كما فعلت الردات الرجعية في التاريخ، لكن التاريخ لن يرحم من يحاول إرجاع عجلة التقدم والحضارة إلى الوراء، ولن تجدي محاولة تناسي الذكرى او التمويه على أهدافها وتشويهها لصالح القوى التي تآمرت عليها ومازالت مستمرة في محاولاتها لتمويه معالم هذه الثورة الراسخة في وجدان العراقيين وكل قوى التقدم والخير في العالم لأنها ذكرى شرفاء العراق والتاريخ قال كلمته فيهم، أما أولئك الأنذال ومن يؤيدهم فهم في مزبلة التاريخ لأنهم وقفوا ويقفون بالضد من التقدم والبناء وخير مثال ما آلت ظروف العراق بعد نجاحهم مجتمعين في انقلاب الردة الرجعي في 8 شباط 1963 . إن ثورة 14 تموز 1958 لم تكن نزوة لاستلام السلطة او عمل تآمري ضيق من قبل البعض من الضباط والدليل دعم ومساندة ومشاركة وخروج الشعب العراقي برمته ما عدى أعداء الثورة إلى الشوارع ليس في العاصمة بغداد فحسب بل في كل أنحاء العراق من الشمال إلى الجنوب وكانت المظاهرات المؤيدة للثورة والمضادة للحكم الملكي عبارة عن تصويت أكثرية الشعب العراقي للثورة وحمايتها وهذا التأييد الواسع كان رادعاً بمنع محاولات إفشال الثورة من قبل القوى الاستعمارية وفي مقدمتها البريطانية ثم الأمريكية التي هبطت قواتها العسكرية في لبنان، إن تجربة التآمر على الثورة ونجاح أعدائها إلى حين لإخفاء معالمها وأهدافها تؤكد ما أكدته جميع القوى الخيرة في الوقت الحالي حول خير العراق والشعب العراقي وقد جاء ضمناً في الوقت الراهن في بيان الحزب الشيوعي العراقي بمناسبة الذكرى الثامنة والخمسين لثورة تموز حيث أشير" أن أهمية ثورة (14) تموز وماَ لها، يضع جميع الوطنيين والديمقراطيين، وكل من يعزّ عليه العراق وطنا وهوية، أمام مسؤولية استلهام دروسها الثمينة وعبرها الكثيرة والاستفادة منها، ولا سيما ضرورة التمسك بالوحدة الوطنية شعارا وممارسة عبر بوابة المصالحة الوطنية السياسية والمجتمعية".. إن التوجه الوطني الملزم لكل القوى الوطنية الخيرة في الظروف المأساوية وفوضى العمل السياسي والأزمات التي تعصف بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والإرهاب بكل أنواعه هو العمل بكل نكران ذات وتغليب مصلحة الشعب والوطن من اجل قيام نظام ديمقراطي مدني يحقق الاستقرار ويقضي على الفساد والإرهاب والميليشيات الطائفية غير القانونية ، نظام تعددي اتحادي تحقق فيه قيم المساواة والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وإنهاء نهج الطائفية ومنع إي تدخل خارجي في الشأن داخلي.
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفساد المسؤول الأول عن التفجيرات وجرائم الميليشيات
-
التهديدات الإيرانية للإقليم وظاهرة التدخل في الشأن الداخلي
-
مستقبل العلاقة بين الحكومة العراقية وحكومة الإقليم
-
سِنَنٌ تحتاج إلى تدويل في -ساربسبورك -
-
الجهاد الكفائي ومتطوعي الحشد الشعبي المخلصين
-
مخاطر التصريحات المتناقضة حول التدخل في شؤون العراق
-
حب زمن التداول والتحول
-
العنف الحكومي لا يمكن تبريره بالحجج المتكررة
-
هل ينزلق العراق نحو هاوية التفكك واللادولة ؟
-
تظاهر والاعتصام والاحتجاج حق دستوري ولكن...!
-
التظاهر والاعتصام والاحتجاج حق دستوري ولكن...!
-
تداعيات ملموسة
-
النتائج المتوقعة لبرلمان المحاصصة في العراق
-
الدعوة لإعادة تشكيل مفوضية الانتخابات المستقلة
-
الإصلاح بين مفهوم التوفيق والحل الجذري الشامل
-
استبيان جرح الخاصرة
-
التغيير ومخاطر تحيط بالحراك الجماهيري الشعبي
-
الشيوعي اللا أخير
-
أحجية المسالك العابرة*-
-
تداعيات نتائج الانتخابات الإيرانية الأخيرة بين التمني والواق
...
المزيد.....
-
حزب النهج الديمقراطي العمالي يثمن قرار الجنائية الدولية ويدع
...
-
صدامات بين الشرطة والمتظاهرين في عاصمة جورجيا
-
بلاغ قطاع التعليم العالي لحزب التقدم والاشتراكية
-
فيولا ديفيس.. -ممثلة الفقراء- التي يكرّمها مهرجان البحر الأح
...
-
الرئيس الفنزويلي يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
على طريق الشعب: دفاعاً عن الحقوق والحريات الدستورية
-
الشرطة الألمانية تعتقل متظاهرين خلال مسيرة داعمة لغزة ولبنان
...
-
مئات المتظاهرين بهولندا يطالبون باعتقال نتنياهو وغالانت
-
مادورو يعلن تأسيس حركة شبابية مناهضة للفاشية
-
الجزء الثاني: « تلفزيون للبيع»
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|