أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (4) الحَرْبَانِ العَالَميَّتانِ ومُرَاكَمَةُ القَوَاعِدِ الجَنَائيَّةِ الدَوْليَّةْ















المزيد.....

ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (4) الحَرْبَانِ العَالَميَّتانِ ومُرَاكَمَةُ القَوَاعِدِ الجَنَائيَّةِ الدَوْليَّةْ


كمال الجزولي

الحوار المتمدن-العدد: 1402 - 2005 / 12 / 17 - 11:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
    


(1) سبق أن قلنا إن مبعث القلق فى الأزمة بين السودان والمؤسَّسات الدوليَّة حول إحالة ملف دارفور إلى المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة بلاهاى (ICC) ليس تحفظ الدولة على القرار ، وإنما ارتباك خطابها المراوح بين الاعتراض على القرار وبين الرفض (للآى سى سى) نفسها. ولمقاربة هذا الخلط عرضنا للتطوُّر الديموقراطى الهائل من حقوق الدول إلى حقوق الأفراد والشعوب ، والتعاون الدولى فى مسائل لم تكن فى السابق محل نظر القانون الدولى ، كخلفيَّة لنشأة (الآى سى سى). وكان لا بد لذلك الاهتمام أن يفرز الحاجة الملحَّة للقضاء الجنائى الدولى الذى يطال الأشخاص الطبيعيين ، بصرف النظر عن المناصب التى يتبوَّأونها فى دولهم ، على ما يرتكبون من أفعال تشكل "أشد الجرائم خطورة فى موضع الاهتمام الدولىthe most serious crimes of international concern”". وعرضنا (لاتفاقية جنيف للصليب الأحمر الدولى لسنة 1864م) و(اتفاقيات لاهاى لسنة 1899م و1907م) فى سياق مراكمة القواعد القانونيَّة الدوليَّة اللازمة. ومع أن نشوب الحرب الأولى حال دون انعقاد مؤتمر لاهاى الدولى الثالث سنة 1914م ، إلا أن جرائم العسكريَّة الألمانيَّة خلال تلك الحرب أعطت دفعة سياسيَّة وفقهية قويَّة باتجاه تعميق مبادئ السلام العالمى عبر تعميق مبادئ العدالة الجنائيَّة الدوليَّة.
(2) عُقدت وأبرمت ، فى المستوى السياسى ، العديد من المؤتمرات والمعاهدات التى تمخضت فى بعض جوانبها عن (معاهدة فرساى) ، حيث تمَّ ، ولأوَّل مرَّة ، إرساء الأساس القانونى لمفهوم (جرائم الحرب) ، ضمن المادة/228 ، علاوة على مسئوليَّة رؤساء الدول عنها. كما تمخض ذلك الجهد أيضاً عن ميثاق (عصبة الأمم) بما اشتمل عليه من (قواعد) تقيِّدّ حريَّة اللجوء للحرب قبل استنفاد الوسائل السلميَّة ، ومن (جزاءات) توقع على من يخلُّ بتلك القواعد كمرتكب (لجريمة دوليَّة). لكن ، ولما كان ذلك الميثاق يجيز ، بهذا المعنى ، اللجوء إلى خيار الحرب فى حالة عدم التوصل إلى تسوية سلميَّة عن طريق التحكيم أو مجلس العصبة ، فقد جاء (بروتوكول جنيف لسنة 1924م) ليسدَّ هذه الذريعة بجعل اللجوء إلى الوسائل السلميَّة إجبارياً من الناحية القانونيَّة. على أن عدم تصديق بريطانيا ، وقتها ، على ذلك البروتوكول حال دون إنفاذه (أ. الرفاعى ، 2005م).
(3) أما فى المستوى الفقهى فقد طرحت (الجمعية العامَّة للسجون فى فرنسا) ، عن طريق عضويها لويس رينو والفقيه المعروف جارو ، الاطار القانونى لمشروع محاكمة مجرمى الحرب الألمان ، حيث استقر الرأى الغالب على وجوب محاكمتهم وفق قوانين الدول التى يتم القبض عليهم فيها. لكن الأقليَّة لم تقر تلك المحاكمات تمسُّكاً بحرفيَّة مبدأ شرعيَّة الجرائم والعقوبات (ح. عبيد ، 1997م ـ ع. حومد ، 1978م ـ س. عبد اللطيف ، 2000م ـ ضمن المصدر). وإلى ذلك يورد بعض الكتاب والباحثين أن محاولة جادة قد جرت فى عقابيل الحرب الأولى ، بالاستناد إلى بعض أحكام (معاهدة فرساى) ، لمحاكمة قيصر بروسيا ـ ألمانيا وليم الثاني عن الجرائم التى ارتكبت خلال تلك الحرب ، لولا أن هروبه إلى هولندا ، بالاضافة إلى معارضة الولايات المتحدة الأمريكيَّة للفكرة ، جعل الحلفاء يتخلون عنها (ع. دوسة ، 2004). ومع ذلك فقد توالت تلك الجهود ، حيث عقدت (جمعيَّة القانون الدولى) مؤتمراً علمياً عام 1922م فى بونس إيرس بالأرجنتين دعت فيه إلى إنشاء (قضاء جنائى دولى). ثم ما لبث (الاتحاد البرلمانى الدولى) أن تبنى الفكرة من خلال مؤتمره المنعقد عام 1924م فى برن وجنيف ، حيث طرح الفقيه بيلا تقريراً وافياً عن فظائع الحرب الأولى ، مشدداً على أن حماية النظام الدولى إنما تستند إلى قواعد القانون الجنائى الذى يختص بتحديد الجرائم الدوليَّة وعقوباتها التى ينبغى أن تطال الأشخاص الطبيعيين حسب ما يثبت من مسئوليَّتهم الجنائيَّة. وقد حظيت مقترحات بيلا بموافقة اللجان القانونيَّة للمؤتمر ، فنوقشت بتوسع فى المؤتمر التالى بواشنطن وأوتوا عام 1925م ، حيث تقدم بيلا بتقرير تفصيلى مستفيض حول ضرورة إنشاء (القضاء الجنائى الدولى) ، وحول مفهوم جريمة (الحرب العدوانيَّة) وما تستوجبه من عقاب ، كما اقترح التحديد المسبق للجرائم الدوليَّة وعقوباتها احتراماً لمبدأ الشرعية (أ. الرفاعى ، 2005م).
(4) هكذا راكمت الجهود الدوليَّة ، السياسيَّة والفقهيَّة على السواء ، خلال الفترة ما بين الحربين العالميَّتين ، جمهرة من الاتفاقيات التى تعيِّن الجرائم الدوليَّة وحدود المسئوليَّة الجنائيَّة المترتبة على ارتكابها ، ومنها: اتفاقيَّة 25 سبتمبر 1926م المتعلقة بإلغاء الرق وتجارة العبيد والمعاقبة عليها ، واتفاقيَّة 27 يونيو 1929م المتعلقة بمعاملة أسرى الحرب (وتعرف باتفاقيَّة جنيف) ، واتفاقيَّة 11 أكتوبر 1933م المتعلقة بتحريم الاتجار فى الرقيق الأبيض ، واتفاقيَّة 16 نوفمبر 1937م المتعلقة بمكافحة الارهاب فى أعقاب حادثة اغتيال ملك يوغسلافيا الكساندر والوزير الفرنسى باروتو فى مارسيليا بفرنسا. وقد عرفت هذه الأخيرة (أفعال الارهاب) بأنها الأفعال الاجراميَّة الموجهة ضد الدولة ، والتى يكون هدفها أو طبيعتها إشاعة الفزع أو الخوف فى نفوس أشخاص أو طوائف بأعيانهم فى المجتمع أو فى نفوس الشعب كافة. ويرى الفقيه جلاسير أن الارهاب يمكن أن يمتد ليشمل التهديد باللجوء إلى العنف (المصدر ـ وأيضاً ع. صدقى ، 1984م ، ضمن المصدر). غير أن تلك الاتفاقيَّة لم يصدق عليها أكثر من 13 دولة ، علاوة على أن الحرب الثانية (1939 ـ 1945م) سرعان ما اندلعت بعد أقل من سنتين من إقرارها (المصدر ـ وأيضاً ح. عبيد ، 1997م ، ضمن المصدر).
(5) هزت الحرب الثانية الضمير الانسانى هزاً عنيفاً ببشاعة الجرائم التى ارتكبت خلالها ، وفجرت مشاعر الغضب والاستنكار فى كل أنحاء العالم ، مما دفع إلى أعلى فأعلى بالدعوة لتطبيق قواعد المسئوليَّة الجنائيَّة الدوليَّة على المتهمين بارتكاب تلك الجرائم ، كما ساد ، أقوى من أى وقت مضى ، الشعور بأن الفشل فى تطبيق تلك القواعد ، على غرار ما جرى فى أعقاب الحرب الأولى ، سوف يكون سبباً للتشكيك فى قدرة القانون الدولى وإمكانيَّة نفاذ أحكامه ، فارتفعت الأصوات من مختلف البلدان تنادى بملاحقة أولئك المتهمين ومحاكمتهم ومعاقبتهم (ى. الغزاوى ، 1970).
(6) بذلك الفهم عقدت حكومات البلدان التى احتلتها ألمانيا واتخذت من لندن مقراً مؤقتاً لها (بلجيكا وتشيكوسلوفاكيا وفرنسا واليونان ولكسمبورج وهولندا والنرويج وبولندا ويوغسلافيا) مؤتمراً فى (سان جيمس بالاس) بتاريخ 13/1/1942م ، بحضور مراقبين من بريطانيا وأستراليا وكندا والهند ونيوزيلاندا واتحاد جنوب أفريقيا والولايات المتحدة والصين والاتحاد السوفيتى ، وأصدرت ، حتى قبل أن تضع الحرب أوزارها ، إعلاناً أكدت فيه على تمسُّكها بضرورة محاكمة من أمروا بارتكاب تلك الجرائم ، أو نفذوها أو شاركوا فى تنفيذها ، أمام عدالة جنائيَّة دوليَّة منظمة ، باعتبارها (جرائم احتلال) و(جرائم ضد الانسانيَّة) بحق المدنيين ، مما يخرجها عن مبرِّرات الضرورات الحربيَّة.
(نواصل)



#كمال_الجزولي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ!
- وَمَا أَدْرَاكَ مَا الآىْ سِىْ سِىْ مِنْ حُقوقِ الدُّوَلِ إل ...
- السُّودَانْ والآىْ سِىْ سِىْ: بَيْنَ المَبْدَئِى وَالعَارِضْ ...
- القَابِليَّةُ للقَمْعْْ!
- الكِتَابَةُ: شِفَاءٌ أَمْ .. تَشَفِّى؟!
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 66
- كَوَابيسُ السَّلام!
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 4ـ6
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 5ـ6
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ 3
- وَسائِلُ خَسِيسَةْ - 2
- التَّجَمُّعْ: هَلْ يَنسَدلُ السِّتارُ؟
- وَسِيلَةٌ خَسِيسَةْ 1
- مَحْجُوبٌ .. الذَّهَبِىْ!
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ3ـ3
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ 2ـ3
- شَيْطَانُ الخَديعَةْ 1ـ2
- جَنَازَةُ البَحْرْ!
- وعَلَى الأقْبَاطِ .. السَّلامْ 2ـ2
- وعَلَى الأقْبَاطِ .. السَّلامْ 1ـ2


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل ... / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان / سيد صديق
- تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ ... / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- المثقف العضوي و الثورة / عبد الله ميرغني محمد أحمد
- الناصرية فى الثورة المضادة / عادل العمري
- العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967 / عادل العمري
- المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال ... / منى أباظة
- لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية / مزن النّيل
- عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر / مجموعة النداء بالتغيير
- قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال ... / إلهامي الميرغني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان - كمال الجزولي - ومَا أدْرَاكَ ما الآىْ سِىْ سِىْ! (4) الحَرْبَانِ العَالَميَّتانِ ومُرَاكَمَةُ القَوَاعِدِ الجَنَائيَّةِ الدَوْليَّةْ