أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عضيد جواد الخميسي - التعميد عند المانويين















المزيد.....

التعميد عند المانويين


عضيد جواد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5229 - 2016 / 7 / 20 - 07:58
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تعرضت قلة من سمات المانوية لتفحص دقيق اكثر من الوجود المحتمل للطقوس المانوية المقدسة وخاصة طقوس التعميد والعشاء الرباني ، وكان "بور" قد اشار الى صعوبة التوصل الى أية استنتاجات بخصوص هذه المسألة وتفحص بدقة الدليل المتوفر في ذلك الحين .
وقد أكد في بداية دراسته على ان التباين كان شديدا بين "المجتبين" و "السماعين" الى حد يمكن الافتراض أن شروطاً خاصة كانت موضوعة تحدد الدخول الى دائرة "المجتبين" ، ويمكن أن نفترض بأن الأرتقاء قد اخذ شكل طقس تعميدي ، ويمكن استخلاص هذا من كتابات القديس "أوغستين" .
ان مقصد المانويين وبما يتعلق بالمؤمنين الذين ولدوا من جديد بواسطة التعميد ، فقد كان إنجاب الأطفال بين المانوية عملاَ غير موائم ، ومع ذلك لم يكن من المألوف بينهم تحقيق دخول بين المولودين من جديد بوساطة طقس تعميدي ، ويقول "بور"( سيكون من الأكثر موائمة ان نتذكر مقطعاَ من كتاب أوغستين ، حيث ناقش المدى الذي تطابقت فيه الممارسات والأساليب المانوية مع الممارسات والأساليب التي أخذ بها المسيحيون ) .
وكما يلاحظ " بور" تماماً ان تلك المقاطع من كتابات أوغستين والتي تتحدث عن الرفض المانوي للتعميد على انه تطهير بالماء ، تترك باب الاحتمال مفتوحاً على ان هذا الطقس كان له معناه لدى المانويين بشكل او اسلوب مختلفين .
وقبل "بور" كان قد جرى الانتباه الى ملاحظة كتبها أسقف توريبيوس ، جاء فيها ( أن المانويين قد عُمدوا بالزيت ) حسبما جاء في " أعمال توما " التي قدروها كثيرا ، ويبدو انه قد تم التأكيد على هذه الاشارة بذكر المسح بالزيت في هذه الاعمال قيما يتعلق بالتعميد ، وذلك دون التحدث عن التطهير بالماء ,, حسب الرواية الأغريقية لهذه الاعمال ,, .
ويصل " بور " الى الاستنتاج التالي:
" لم تتعرض المانوية للنقد من قبل المسيحيين لأنهم افتقروا الى التعميد ، بل على العكس كان عندهم أمراً مستلزماً ضمنياً . ان هذا التعميد لم يكن تطهيرا بالماء وإنما من المؤكد انه تكوّن من المسح بالزيت ومسح الأيدي . وهكذا دل التعميد المقدس على انه طقس ديني أولي حيث جرى بوساطته التأكيد للذين تم قبولهم من المجتبين على انهم حُرروا من الآثام وهو الشرط اللازم لنيل عضوية جماعة الكمال هذه ,, أي جماعة الصديقين ,, " .
وهكذا تؤكد النصوص القبطية التي جرى نشرها عام 1930 حول المسألة برمتها . رأي بور انها توسعه وتصححه الى حد ما في الوقت ذاته .

كان التعميد بالماء مرفوضاً على وجه التحديد ، بيد ان المؤرخ والباحث الألماني " بوخ " شديد الشكوك تجاه قبول وجود طقوس مقدسة بين المانويين ، ويتبنى موقفا سلبياً واضحاً أزاء المقاطع التي جرى الأستشهاد بها من قبل ، ومع ذلك فانه يعجز عن التعبير بموقف تجاه سلسلة الأراء المادية في المزامير القبطية حيث توجد اشارات الى طقوس معينة مماثلة للتعميد ، فعلى سبيل المثال يعبّر المتعبد عن رغبته ليتم غسله بمناسبة عيد الوليمة المقدسة بقطرة ندى من بهجة ماني ، ويجري التوسل الى " آيسو " ليغسل المتعبد بمياهه المقدسة . ويصرخ المتعبد قائلاً :
" أنظر، كاد الوقت يمضي ، هلا أستطيع العودة الى موطني " .
وتظهر الرغبة مراراً وتكراراً في ان يصبح المتعبد أهلا للدخول في غرفة النور الزفافية ، ويمضي المزمور ذاته قائلا :
" طهرني بمياهك ياخطيبي السماوي ، يامخلّصي ".
وعند لحظة الموت سيظهر القاضي نفسه للروح بوجه مليء بالسعادة ، وسيغسله ويطهره بندى مفيد ، وقيل في مكان اخر ان الروح سيتم تطهيره بندى عمود المجد حتى يمكن قبوله من قبل المخلّص .

وتعطي هذه النصوص الانطباع انه سيتم تطهير الروح الصاعد بعد الموت الى غرفة النور الزفافية بمياه المخلّص المقدسة ، وتستخدم كلمة " مو ــ أي الماء " وهي توصف ايضاعلى انها تعني الندى المفيد ، ويحصل التطهير هذا بالارتباط مع صعود المخلّص ، ولهذا السبب ان صعود الروح والتطهير بالماء المقدس والدخول الى غرفة النور الزفافية تشكل نظاماً من العلاقات المتبادلة المعقدة ، وهذا يعني ان طقس التطهير هذا ذي فكرة ميثولوجية قد ماثلت الطقس الذي حدث عند موت أحد المجتبين، ويعيد هذا الى الذاكرة مايسمى قداس الموتى الجماعي لدى المندائيين ، وهو عبارة عن تعميد يقام في جماعة المصلين المندائيين للشخص الميت ويتطابق مع القداس الاخير ، ومن المحقق ان توارد الافكار وتعاطفها مع ما هنالك من صلة عضوية بين صعود الروح وتعميد التطهير والدخول الى الغرفة الزفافية موجود في الديانة المسيحية الغنوصية والمندائية والمانوية ، وهي تظهر حشدا من المفاهيم التي كانت قائمة قبل الديانة المسيحية اي في العهود البابلية والاشورية وحتى السومرية في اغلب مراحلها ، والتي تظهر بوضوح كبير داخل الديانة المسيحية ذاتها لدى السريان وخاصة في الكنيسة النسطورية ، وتشير حقيقة وجود هذه المفاهيم في النصوص المانوية بشكل اكيد ، الى وجود طقوس تعميدية متطابقة ، وذلك على الرغم من ان السمة الغامضة للاشارة تجعل من الصعب تكوين صورة دقيقة للطقوس كل على حدة . وينبغي التذكر ان " الكاثاريين " ( أمة هندية اعتادت الزوجات فيها اصطحاب جثث ازواجهن الى منصة الاحراق، واحراق انفسهن معهم ) ، في العصور الوسطى لم يمارسوا سوى تعميد الموت ، او التطهير المسمى " كونسولامتوم " ,, اي مسح الأيدي ,, وكما لوحظ من قبل ، يقدم "بور" حجة مقنعة للأعتقاد بأن التعميد كان عملا تكريميا للمجتبين ، وذلك انه جرى تفسير الادلة بشكل خاطيء ، او كان هناك نوعان للتعميد كان احدهما للقبول للمجتبين وهو المساوي للتعميد المسيحي ، والاخر تعميد الموت او التطهير وهو المساوي لتلقي المسح للأيدي بالزيت . واذا تكلمنا عن الطقوس والذي لم يكن سوى طقس تعميدي عند باب الموت ، وتتم الاشارة في فصل مترجم من" القفلايا " وهو الكتاب المانوي المقدس وهو الفصل (164) والذي لم ينشر حتى الان ، الى قداس من النوع الذي يزود به المريض وهو يلفظ أنفاسه ، وهو وضع مناسب تماما مع تعميد الموت او التطهير ، لان الفكرة هي ان الروح تزود بزاد لرحلتها الى الاخرة ، وهي فكرة شائعة على وجه العموم ، وقد ظهرت دائما الى حيز الوجود وبشكل فعال في نظام رمزي عرفاني ( على سبيل المثال في ترتيلة اللؤلؤة ، وترتيلة " مسقتا" المندائية ) .
ومن وجهة نظر طقوسية صرفة من الممكن ايضا عدّ طقس مسح الأيدي المانوي الذي اصبح المترهبون بواسطته ابناء للكنيسة ، بمثابة بديل للتعميد ، ولهذا السبب يمكن التخيل تماما ان المانويين مثلوا وأكملوا تكريس " المجتبى " بدهن الأيدي بالزيت فقط ، ولم يعرفوا بالتالي الا شكلا واحدا للتعميد او التطهير ، وهو التعميد الذي كان يتم قبل الموت .

وفي النهاية ينبغي التبيان انه لايمكن اجراء تقويم مفصّل الى ان تتوفر نصوص جديدة ، وذلك على الرغم من ان المادة الموجودة تشير بالفعل الى وجود نوع من أنواع الطقوس التعمدية ...



#عضيد_جواد_الخميسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التنظيم اللاهوتي والعقيدة المانوية ( الحلال والحرام )
- ترتيلة الروح (اللؤلؤة ) الرافدينية
- أمراء الكورد البوتانيين في طور عبدين
- الآراميون والوطن الأم ( الرّها )
- ملحمة نيوما ايليش البابلية ( اسطورة الخلق )
- كنيسة القيامة.. خربت ثم قامت
- عراقيون منسيّون .. الأقليّة السوداء في العراق
- الطب الإغريقي وأثره عند المسلمين العرب
- الثورة العراقية 1958 برؤية برفيسور أمريكي
- أحكام الإعدام للمرأة الايرانية في الجمهورية الإسلامية
- المرأة الايرانية ..بين عنف الدولة وعنف المنزل
- المرأة الايرانية..عقل نيّر، وحق مهضوم
- نبوخذنصر.. لم يكن مجنونا !
- الرؤية الفلسفية لكلكامش
- ممالك الأخلامو الآراميين
- موطن السومريين في بلاد مابين النهرين
- من أسرار حضارة قرطاج وعبادة بعل هامان
- كيف كان يحكم الملك الحكيم حمورابي؟
- كلكامش يقف شاخصاً على خشبة المسرح الأمريكي
- مفهوم القومية التركية ( الطورانية) وجرائم الابادة


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عضيد جواد الخميسي - التعميد عند المانويين