أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حنكر - يوميات متشرد 4














المزيد.....

يوميات متشرد 4


مصطفى حنكر

الحوار المتمدن-العدد: 5229 - 2016 / 7 / 20 - 01:21
المحور: الادب والفن
    


كان يوبا قد وصل إلى الجادة الأخيرة في الشارع .أمامه ساحة صغيرة يوجد بجانبها الأيمن حديقة صغيرة كان عشبها غير مشذب و شجيراتها الصغيرة كانت متناثرة على نحو عشوائي ، و كانت بها كراسي اسمنتية لجلوس المرتادين .لا أحد يجلس هنا في هذا الوقت من الليل .الساحة كانت خالية من الناس إلا من بعض المتسكعين المنفلتين .على اليسار يوجد فندق رخيص و رث كان يرتاده يوبا أيام كان فيها وحيدا في المدينة .تبسم لحظة لأنه لم يعد وحيدا ، وقد بات معروفا الآن .كانت ابتسامته مجرد تحسر ظاهر على فترة خفائه و اغترابه هنا.لقد انتزعته العلاقات الإجتماعية القسرية من وحدته اللذيذة .طالما أراد أن يبقى وحيدا ، و لكن الإجتماع لم يكن يوما ما أمرا اختياريا .فكر يوبا : "نحن في آخر المطاف نصبح اجتماعيين رغم أنفنا " .هز يوبا رأسه برجة قوية لينفلت من شروده في ليلة باردة بردا قارصا .كان هناك بار المدينة الوحيد مباشرة أمام الحديقة التي ذكرناها سالفا .كانت الساعة تشير إلى التاسعة و ثلاثون دقيقة .لسوء حظه لن يحظى بجعة بيرة اليوم ، لأن البار يتوقف عن خدمة زبنائة في حدود التاسعة مساءا.كان يخرج منه أناس مترنحون و صموتون.أليس هذا غريبا و جاذبيا ؟ .يدخل إليه الإنسان عاديا جدا ، واقعيا جدا ، ثم يخرج منه منفلتا و متحررا و مترنحا و حقيقيا .عاد يوبا أدراجه بخطوات عادية جدا و حذرة ، و زائفة ، و كان مطأطأ الرأس .كان يريد هو أيضا أن يكون مترنحا ، شجاعا بما يكفي ليتكلم و يتداعى على حقيقته ، و يحرر أصواته الداخلية و غرائزه الجامحة من قيودها .إن يوبا صعلوك ، و هو يعرف ذلك جيدا. حتى أنه يفتخر بكونه صعلوكا ،و يعرف أيضا أن صعلكته لا تكتمل إلا باعتناقه للقنينة. حينها تكتمل نشوته الديونيزية .
أخرج يوبا هاتفه من جيبه الأيمن بسرعة ، لأن البرد كان قارسا جدا .إنه يبحث عن شيء ما في أرشيف أرقام الهاتف .وجد رقما يحمل اسما غريبا :"الباطرونا ليلى ".من أين لي بهذا الرقم ؟.سأل نفسه ."لا يهم.. سوف أتصل رغم ذلك "
ألو ...ألو شكون معايا ؟
هادي ليلى ياك ؟
هيا هادي آش حب الخاطر
بغيت شي بنت تكون مليحة و مكررة و صغيرة و كاتحب العمل ..غادي نتهلا فيك و فيها
هههه (ضحكت) ...أنا نشوف لك واحد الدرية
ردي عليا ملي تكون واجدة
كان يوبا في المقهى يرتشف قهوته السوداء بلهفة ،بارتجال ، بعصبية .كان متوترا قليلا .ثم انه فقد هدوءه كليا ، و هو على دراية بالسبب .فغالبا ما يكون في هذه الحالة الميئوس منها قبل الحفر .الجنس يجعل المرأ متوترا تجاهه ."لقد أفسدتنا الأخلاق "، قال يوبا في قرارة نفسه .كانت رنة الهاتف مزعجة ، و رد يوبا على الإتصال بسرعة .كانت ليلى على الخط :
جي دبا غاتلقانا حدا مركب الصناعة التقليدية
هانا جاي راني قريب لك
لم تكونا هناك حينما وقف يوبا أمام باب مركب الصناعة التقليدية .عرف أن المكان مشبوه ، حين كان يحدق فيه الحارس بنظرات منزعجة و مرتابة و حسودة .بيد أن المكان ،حيث يقف يوبا الآن، شهد لقاءات داعرة متكررة مثل هذه ، و الحارس في الجهة الأخرى، كان يعرف أن الرذيلة هي التي تجلب الناس لهذا المكان .لقد أصبح مع الوقت لعينا جدا .كان يوبا يبتسم لكونه لعينا و مشبوها ، منظورا إليه من زاوية الحارس .هاهما أخيرا تصلان إليه بعد أن لوح لهما بيده اليسرى .كانت الباطرونا هزيلة جدا ، و كانت ملابسها متهدلة جدا فوق جسدها النحيل ، و فوق هذا كانت قبيحة جدا .أما المومس فقد كانت بضة و بيضاء كجبنة المودزريلا ، و شعرها كان أشقر غامقا .كانت تلبس بيجاما صوفية تقيها من البرد ، و رغم ذلك ، كانت مثيرة ، بدليل أن يوبا كان قد أحس بقضيبه ينتصب بعض الشيء .أخدت الوسيطة خمسين درهما ثم ذهبا معا مشيا على الأقدام إلى البيت . لم يكن بعيدا بعدا يستدعي ركوب طاكسي .كانت الفتاة صموتة و محتشمة .فسألها يوبا :
اشنو سميتك ؟
حنان
أهو اسمك الحقيقي ؟
نعم .. واش حنا غادين نتمشاو ؟
راه الدار قريبة ..كاينة غير هنا ..شحال فعمرك ؟
19 عام
مازالكي صغيرة على هاد الضومين أولا ؟
آه
كايعجبك هادشي ؟ و كاتستمتعي بهادشي لي كاتديري ؟
لا ..غير البديل "الحلال " مكاينش دبا وصافي
أحس يوبا حينها أن متعته الجنسية مع المومس ستكون مصطنعة و زائفة ، و الحقيقة أنه انزعج أشد الانزعاج من هذا الإحساس .كانت أمور الشهوة و الغريزة مقدسة لديه ، ذات أولوية فلسفية ، و هو يريد المتعة أن تكتمل في حضوره الشهوي . ليس تعاطيها على هذا النحو المسرحي ما يزعجه فحسب ، فحين وصلا أخيرا إلى البيت ، كانت الفتاة باردة جدا، ثم انها لا تستجيب لمداعباته الوقحة على نحو ساخن، و هي ليست فاحشة بما يكفي لتثير رغبة يوبا الجنسية .و حينها أدرك يوبا أن المصالح في هذه الغرفة متناقضة جدا ، فهو يريد المتعة الخالصة ، و مثولها الكلي أمامه ، و هي تريد أن تنتهي بسرعة بأجر من المال في يدها ، حتى أنها لا تمثل بشكل جيد لأجل ذلك .غدا كرهه يتنامى تجاه المومسات ،كل المومسات .."كلكم بحال بحال، واش مافيكمش شي وحدة تبغي تستمع و تاخد الفلوس فنفس الوقت " قال يوبا منرفزا ..كانت صموتة تجاهه، و لم تتجرأ أن تنبس بشفتاها العسليتين ، و هي تعرف أنه قلق و منزعج .لقد كانت حقا أجمل مومس يحصل عليها يوبا في تاريخه الرذائلي ، و جسدها كان ممشوقا و فاتنا، كما أن نهداها لازالا فتيين و جميلين ، فعشق يوبا ملامستهما و عضهما بأسنانه في حلمتيهما .كان يوبا ينتحب و يئن ، و يشخر و لهاثه أصبح كحفيف شجرة عملاقة في العاصفة، و ازداد عنفا و توحشا ، و كل مرة يصفعها في وجهه ، فتتذمر منه، و هو لا يكترث ، و يواصل الحفر ، و كانت أكثر جمودا و خوفا أمام هذا الوحش الكاسر ، لكأنه يضاجع جثة هامدة ، ثم في لحظة هادئة و أخيرة ، يصبح لطيفا و ذابلا و ملتويا على نفسه كدودة ، فقبلها ثم سقط من التعب نائما على ظهره .."اوه ..لقد كنت فحلا رغم ذلك " ....هل تحبين قبلة ما بعد الجنس ؟
لا ...
و أنا أيضا ..لكني تعودت على ذلك ..أجابها يوبا



#مصطفى_حنكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجريمة و العقاب ..مرة أخرى
- ترانس لهبال: الجديدة_ مراكش
- القول الفلسفي في العلمانية ج2
- القول الفلسفي في العلمانية
- شبح الجنون _1
- دين ودنيا
- يوميات متشرد _3
- يوميات متشرد 2
- إنجذاب غير مرغوب
- حوار الفلاسفة __الجزء الأول
- خطبة كازانوفا في البار
- يوميات متشرد
- الإنسان بين فرويد و أدلر
- حينما نفكر على نحو مغاير


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مصطفى حنكر - يوميات متشرد 4