|
اغتيال جبران تويني استهداف لقيم الاستقلال ومعرفةالحقيقة
محمود زعرور
الحوار المتمدن-العدد: 1401 - 2005 / 12 / 16 - 04:40
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لا يمكن فصل العمل الإرهابي الذي أدى إلى استشهاد الكاتب الصحفي البارز، والنائب الجريئ جبران تويني ، عن العملية المستمرة منذ مدة ، والمتمثلة بالرد العنيف والبربري على انتفاضة الاستقلال السلمية ، التي أطلقها الشعب اللبناني ، وقواه الساسية المتعددة ، عبر حركة 14 أذار التي طالبت بمعرفة الحقيقة الكاملة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ، وكذلك بالحرية والاستقلال والسيادة للبنان ضد نظام الوصاية السوري ، الذي اتسم بهيمنة شاملة على لبنان ، أمنية وعسكرية وسياسية ، امتدت أكثر من عقدين . ومثلما لا يمكن لآحد نسيان شعار انتفاضة الاستقلال ، الذي أطلقه الشهيد سمير قصير ، لا يمكن ، كذلك ، نسيان قسمها أيضا ، الذي دوى بصوت الشهيد جبران تويني، ورددته معه الجموع اللبنانية الصادقة ، من أجل وحدة اللبنانيين ، والدفاع عن سيادة لبنان واستقلاله. إن مسلسل الآحداث الآليمة منذ أن فرض نظام الهيمنة السوري التمديد غير الشرعي ، وغير الدستوري ، للرئيس اللبناني اميل لحود ، يتتابع على نحو منسق ، من أجل ضرب كل صوت معارض ، يطالب بالسيادة والاستقلال ، من محاولة اغتيال الشهيد الحي ، النائب والوزير مروان حمادة ، إلى جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه ، مرورا باغتيال الكاتب والصحفي سمير قصير ، والمناضل السياسي البارز جورج حاوي ، ومحاولة اغتيال الإعلامية مي شدياق ، وصولا إلى جريمة اغتيال الصحفي والنائب جبران تويني ، وبدون نسيان التفجيرات المختلفة ، وأعمال التخريب المتعددة ، التي طالت ممتلكات لبنانية ، في مناطق مختلفة ، بالإضافة إلى الهجوم المنظم الذي تشنه وسائل الإعلام في النظام السوري ، والآطراف المرتبطة به ، والذي يستهدف النيل من رموز سياسية وإعلامية لبنانية ، تطالب بمعرفة الحقيقة ، وبالتمسك بخيار الاستقلال والسيادة ، وتؤكد حرصها على قيام علاقة طبيعية بين لبنان وسوريا ، تكون بعيدة عن التدخل والهيمنة ، وتقوم على الندية الكاملة . لقد بلغ النظام السوري حدا فاق كل التوقعات في إصراره على التدخل غير المشروع في الشؤون اللبنانية ، والاستمرار في ضرب الوفاق الوطني اللبناني ، عبر تحريك حلفائه ، في كل مناسبة ، وتهديد سيادة واستقلال لبنان ، وصولا إلى ضرب العلاقة بين سوريا ولبنان ، والإساءة المستمرة إلى خطوات ومحاولات بنائها على أسس صحيحة ، بعيدة عن الهيمنة. مع الشهيد جبران تويني ، مدير عام صحيفة النهار ، ومع رئيس تحريرها الآستاذ الكبير غسان تويني ، ومع أسرة محرريها وكتابها ، كانت النهار من أولى الصحف اللبنانية التي فتحت قلبها وصفحاتها لآقلام هامة من المثقفين السوريين ، والمعارضين الديمقراطيين ، الذين وجدوا في النهار منبرا حرا وصادقا للتعبير عن أرائهم مقابل إعلام سوري لا يعترف بالرأي الآخر ، ويصر على سماع صوته الآوحد ، في زمن التعدد والاختلاف . إن هذا الجانب في مسيرة الشهيد جبران تويني ، وفي مسيرة النهار ، المتمثل باحتضان الآصوات السورية المعارضة ، بمختلف توجهاتها ، يعبر عن فهم حضاري وكوني ، لقضية الحرية والديمقراطية ، ويعكس اصطفافا نبيلا في التضامن مع كل معارك الكلمة الحرة ، في زمن مصادرة الرأي الآخر ، وخنق حرية التعبير ، وملاحقة المعارضين ، ومحاكمة نشطاء حقوق الإنسان ، بحجة ( الوحدة الوطنية ) الخرساء ، وأن الوقت ليس وقت ( ترف ) الاستماع إلى صوت قد يعلو على صوت ( المعركة ) المجلجلة ، من أجل الدفاع عن ( الثوابت ) الكبرى . لكن تبين أن ( الوحدة الوطنية ) لم تكن إلا وحدة القهر المعمم ، و ( المعركة ) هي معركة الآجهزة الآمنية ضد المواطنين من المعارضة الديمقراطية ، و( الثوابت ) ليس إلا ثوابت الحالة السورية في الاستمرار بحالة الطوارئ والآحكام العرفية ، وإدامة عهد الاستبداد . إن الحالة السورية تشير إلى معضلة حقيقية يعيشها النظام السوري مع شعبه من جهة ، ومع المجتمع الدولي ، عبر القرارات الدولية المتعددة ، وأخرها القرار 1636 ، الذي وضع النظام السوري في دائرة المساءلة ، وضرورة التعاون الجدي والكامل وغير المشروط مع لجنة التحقيق الدولية ، في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري من جهة أخرى . إن عرقلة النظام السوري للتحقيق ، وأساليب تضليله ، وعدم التعاون الجدي مع اللجنة الدولية ، كل ذلك يعكس سوء فهم مزمن للوضع الدولي ، ولطبيعة الالتزامات المطلوبة منه ، من أجل الوصول إلى الحقيقة الكاملة ، ومن أجل الكف عن التدخل في الشؤون اللبنانية ، واحترام استقلال وسيادة لبنان . إلا أن التقرير الثاني للمحقق الدولي السيد ميليس الذي أكد صحة استنتاجات التقرير الآول لجهة إشارات وأدلة التورط الآمني اللبناني السوري ، وكذلك انتقاداته الواضحة لبطء التعاون السوري ، وعدم كفايته ، ومحاولات تضليل التحقيق ، يشير إلى استمرار الآزمة مع لجنة التحقيق ، ومع المجتمع الدولي . كما يعكس طلب الحكومة اللبنانية من مجلس الآمن الدولي إنشاء لجنة تحقيق مستقلة أو توسيع مهام لجنة التحقيق الحالية من أجل النظر في كل جرائم الاغتيال أو محاولات الاغتيال ، بما فيها جريمة اغتيال الشهيد جبران تويني إصرار الشعب اللبناني على التمسك بمعرفة الحقيقة الكاملة ، لآن جريمة اغتيال الشهيد جبران تويني ، التي أتت في سياق متصل من الآحداث تؤشر على نهج لا يزال يحكم سياسات النظام السوري ، بالرغم من وضوح مخاطره على لبنان وسوريا معا .
#محمود_زعرور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نظرة في تقرير ميليس وتداعياته
-
اغتيال جورج حاوي استهداف لخيار التغيير
-
سورية وسياسة تبديد الفرص ... انسحاب تحت الضغط
-
الانتخابات العراقية ومهام بناء عراق ديمقراطي تعددي
-
مشروع البرنامج السياسي للحزب الشيوعي السوري - المكتب السياسي
...
-
اليوم العالمي لحقوق الإنسان-الاعتصام السلمي في سورية وضرورة
...
-
محمود درويش أو المطلق الأزرق متوجآ
-
المشروع الفلسطيني بعد غياب عرفات
-
نظرة في أزمة الثمانينيات في سورية / بدر الدين شنن وكتاب - ال
...
-
أمطار صيفية- قصة
-
الديمقراطية وتفكيك التوحيد
المزيد.....
-
الملكة رانيا والأمير الحسين يهنئان ملك الأردن بعيد ميلاده
-
بعد سجنه في -معسكر بوكا-.. ماذا نعلم عن أحمد الشرع الذي أصبح
...
-
الجولة الثالثة.. بدء إطلاق سراح الرهائن في غزة و110 أسرى فلس
...
-
من هي أغام بيرغر الرهينة التي أطلقت سراحها حماس الخميس؟
-
هواية رونالدو وشركائه.. هذه مضار الاستحمام في الماء المثلج
-
سقطتا في النهر.. قتلى في اصطدام طائرة ركاب بمروحية عسكرية قر
...
-
مراسم تسليم الرهينة الإسرائيلية آغام بيرغر للصليب الأحمر في
...
-
-كلاب و100 ضابط من أوروبا على حدود مصر-.. الإعلام العبري يكش
...
-
أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يصل إلى دمشق في أول
...
-
دقائق قبل الكارثة.. رجل يكشف آخر رسالة من زوجته قبل حادثة مط
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|