أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الكتابة إلي المستقبل














المزيد.....

الكتابة إلي المستقبل


أحمد الخميسي

الحوار المتمدن-العدد: 5225 - 2016 / 7 / 16 - 03:28
المحور: الادب والفن
    


مشكورا كتب اللواء أحمد عبد الفتاح تحت عنوان" الكاتب المخلص الكتابة قدره" مقالا جميلا مشبعا بهموم الأدباء والكتابة وذلك ردا على مقال سابق لي بعنوان" لن أكتب هذا المقال". وقد أعادني ماكتبه إلي أسماء أرباب السيف والقلم الوضيئة، ودفعني لمواصلة الحديث في الموضوع ذاته. نعم الكتابة كما يقول اللواء أحمد عبد الفتاح هي قدر الكاتب، حتى لو كان مردودها ضعيفا، لأنها وثيقة الصلة بالرغبة في إعلان الحقيقة. وتحضرني بهذا الصدد قصة قصيرة للكاتب الإيطالي العظيم دينو بوتزاتي (1906-1972) اسمها" الخبر"، يتحدث فيها عن مايسترو شهير يقود بحرارة وإلهام السيمفونية الثامنة لبرامز في دار الأوبرا. المايسترو وعازفو الأوركسترا والنغم والجمهور والضوء والمقاعد والأنفاس كل ذلك ينبض في قلب واحد . الاتصال الخفي السحري بشفرته غير المعروفة يسري في الجو بين المايسترو والجمهور . لكن فجأة ، ينقل أحدهم إلي الصالة خبرا أن المعتدين يهاجمون روما . أي معتدين ؟ لا ندري . ويبدأ الجمهور بهدوء واحدا بعد الآخر في مغادرة القاعة . وحين يرهف المايسترو السمع يتناهى إليه من وراء كتفيه ومن حوله ومن أعلى صرير ضعيف ، وهمهمات ، وخطوات متلصصة ، وتنقلات لمقاعد ، وأبواب تفتح وتغلق . وينظر المايسترو بجانب عينه فيلاحظ ازدياد الأماكن الخالية . كان المايسترو مقبلا في تلك اللحظات على الحركة الأخيرة من السيمفونية ، الحركة التي تعزف بحماس وفرح ، وينبغي أن يصل بعد قليل إلي النقطة الحاسمة : إلي طرقة النجاح السعيد . لكن خيط الإلهام السحري ينقطع فجأة ويأخذ كل شيء في الانهيار داخل المايسترو وحوله . وأصبحت إشارات عصا القيادة الصغيرة ميكانيكية تماما. خيانة الجمهور كانت مفاجئة وصادمة وتركت المايسترو هامدا. قال المايسترو لنفسه : "هذا الجمهور جبان " . قالها وهو يزن حجم الهلع الذي استولى عليه هو شخصيا وجعله يفكر : " إلي أين يذهب لو أن الحرب اندلعت فعلا؟ وما العمل في الفيلا التي بناها لتوه؟ هل يهرب إلي خارج البلاد ؟". لقد تمزق خيط الإلهام السحري في الذعر الذي سيطر على الجمهور والمايسترو. وفجأة ومضت في عقل المايسترو وهو واقف على منصة المسرح في قصة دينو بوتزاتي أن الخلاص الوحيد أمامه أن يستمر في عمله حتى النهاية وأن يثبت مكانه، وأن في ذلك الاستمرار وحده نجاته هو والآخرين أيضا. بذلك الإيمان انتفض المايسترو وألقى على أعضاء الأوركسترا نظرة حية ورفع عصاته الصغيرة وعادت الحياة تسرى في القاعة ، وانبعثت الروح ثانية في اللحن الذي خمد. وسيطر الشوق إلي الحقيقة على القاعة، على العازفين، والجمهور، والنغم، والضوء ، والمقاعد، الشوق إلي الحقيقة الذي هو أصل كل كتابة، والذي يجعل من الكتابة " قدر الكاتب". وعلى الكاتب حينما تنتابه نوبات الشك في جدوى عمله، أن يتذكر أن واجبه أن يواصل عزف النغمة إلي النهاية حتى عندما يصل الأعداء إلى بوابات المدينة، وحتى عندما يصاب الجمهور بالذعر، ويغادر القاعة متسللا واحدا بعد الآخر، وحتى عندما يجد الكاتب نفسه معلقا وحده في فراغ من الهواجس والشكوك، عليه أن يرفع قلمه النحيف عاليا في الهواء وأن يواصل عزف النغمة التي تجمع الحقيقة إلي الجمال.
***
د. أحمد الخميسي. كاتب مصري



#أحمد_الخميسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلان الأساسي .. يا للي عطشان وناسي !
- لن أكتب هذا المقال !
- جو كوكس .. اقتلاع الزهرة
- كله جايز .. في ثقافة الجوايز !
- عن العلم والأدب مجددا
- جراحة - قصة قصيرة
- رحلة للحكومة للتعرف إلي الشعب
- لغة الجرائد
- تفاصيل الموت والحياة
- - اتصال - قصة قصيرة
- تيران وصنافير .. وحرية التعبير
- صحافتنا المصرية تاريخ من الحرية
- صياد الأرواح
- عدمية وخراب الأدب الصهيوني
- لحظات لن يغغر فيها الوطن الصمت .. حول جزيرتي صنافير وتيران
- تمثال للأم الشجاعة
- علاء الديب .. شجن الوحدة والاغتراب
- طوب علينا يارب
- حاكموا الوزير أو أفرجوا عن أطفال المسيحيين
- من تنوير العقل إلي تنوير الشعور


المزيد.....




- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخميسي - الكتابة إلي المستقبل