|
حكايا جدو أبو حيدر -7-
كمال عبود
الحوار المتمدن-العدد: 5224 - 2016 / 7 / 15 - 03:33
المحور:
الادب والفن
فانتازيا شرق أوسطيه
( عُذراً كافكا )
العام 2000 م ----- لم تكن ( رنيم ) طالبة الصف التاسع تفقه شيئاً في اللغة ألعربيه .. لم تكن تعرف الفرق بين الاسم والفعل .. بين الفعل والفاعل .. لم تعرف الادواتُ ولا أعراب الجمل او الكلمات . تعبت معها كثيراً وفي آخر العام كتبتُ لها نماذج من مواضيع الإنشاء كي تستشهد بها .. فرحت البنت وقالت : اكتب لي موضوعاً أصف فيه مملكتي الجميله كتبت لها موضوعاً أذكر منه :
اسمُها سوريانال غُرَّةُ الصبحِ جبهتُها ... لون القمحِ بشْرتُها ... تنهيدةُ القصيدةِ وبوحُ الكلمات ... زئيرُ الرياحِ شتاؤها ... هدوءُ الأزرق الجميل صيفُها .. تِلكمُ الواحات حبّاتُ عرقها ... تلكُمُ الأنهارُ دموعها الرقراقه ... وهذي الشامخاتُ تغضُّنات الوجه الجميل .. جسدُها شرقيُّ الجمال ... روحُها وثّابةٌ كقطيع الغيمات .. وعيناها ...! لا تسلْ عن عينيها .... إن أبحرتَ بهما لن تصل .. لَنْ تصِلَ أبداً ... هيَ في التاريخِ قبل التاريخ ... وفي المعرفةِ قَبْلَ الكلام ... نطقَتْ بالأبجدية قبل نطق الآخرين ،.. سارتْ فوق أعنّةِ البحار قبل أن يتجرّأ الجوار البعيد هي سوريانال الجذّابه. ... العصمةُ كانت بيدها لذا طلّقت زوجها الفرنسي،.. كان زواجاً بالإكراه .. طلّقتهُ.. . رمتهُ خارج الحدود .. أُمُّها سوريانال .. سمّاها العثمانيون سورياتاك .. وجدتها الثالثه والثامنة حملت نفس الاسم .. وهي أيضاً طلّقت من اجبِرت على الزواج منه ... سورياناباس هي جدةّ أُخرى .. بعد الجدِّ ة سوريانويه وكلتاهما ابدعا في الشعر والطب والعلوم والموسيقا .. سوريالوسيا التي اتخذت من طائر الفينيق شعاراً حلّقت عالياً في التاريخ ... رسمت خطوط المعرفة ورسمت الوانها ... سوريانال هي آمَنَّا ... نحسبها خالدة .. ورّاقه للحب والدلال ..
......
سوريانا ولّاده ... دائماً ولّاده ... تتجدد مع الصور ... إن تعثّرتْ .. نهضت ..... إن كبتْ ... قامت .. سوريانا ثريّه سوريانا حرّه أبيه سوريانا .. عيناها وسع المدى
...... ..
سوريانا شرِّعت أبوابها للريح ... تلاقحت مع غبار الطلع القادم من نوافذ شتى.. اطلقت عصافيرها الى الفضاء الأرحب ، وسكنت مطمئنّة تحلم ... قَالَتْ لاأولاها : هذه جنتكم .. ادخلوها بسلامٍ آمنين .. وقالت للغرباء : أنتم ضيوفنا .. وهذه بيوتكم ... سوريانا تاريخ قمر ، وقمر لليالي التاريخ ...... سوريانا صبيّةُ التاريخ ... نور الأيام الآتية
----
العام 2015
تباعدت الايامُ والتقينا .. الطالبه - رنيم الجردي - دكتورة الأدب العربي - استاذة الجامعة المحترمه - حين رأتني ابتسمت ،ضحكت عيناها وذرفت دمعه .... كيف حالك استاذي العزيز ..؟ قلتُ مُتكئاً على الآيةِ الكريمه : وَهُنَ العظمُ منّي ،واشتعل الرأسُ شيبا . جلسنا .. تحدثنا طويلا ... مواضيعُ شتّى مُتشعِبه .. رجعنا في الذكرى الى ( سوريانا ) ثمّةَ غصّةٌ في الحلق ... هنا علت الوجوه مسحةُ حزن ٍ ... وهنا غبارُ وجعٍ غطّى جمال العيون .
قالت : اشرح لي موضوعاً عن حبيبتنا ( سوريانا )
قلتُ وانا الموجوع حد الإغماء : سأتحدّثُ عن ملكتنا السمراء التي اسمها نفس الاسم للمملكه ( سوريانا ) عهدُنا بها أنّها ملكةٌ في كل شئ .. في الجمال ... في الذوق والأدب ... في العلوم ... تعرف كيف تسوس الأمور .. ... وكيف تسكن القلوب .. ذريّة المملكةِ - ناسُها- تكاثروا .. عملوا ... تعلّموا... تحابّوا ... تخاصموا ... تصالحوا .. حلموا كثيراً .. جرّبوا أصناف الحياة .. خاضوا ضروب الأفكار ... وكان أمنٌ وآمان ... ،أهل المملكة في وديانهم وشُعَبِهِم ، في القرى والمزارع والحواضر.. الملكة،في قصرِها سعيدةٌ آمنه ... آمنه من كل شئ .. حتى دخل إلى مخدعها ذاك الصرصور في إحدى الليالي سمعته ، قامت من سريرها .. بحثت عنه لتقتله ، فلم تجده .. ظلَّ يصِرُّ طيلة تلك الليله في الليلة التأليه زاد صريرهُ ، بحثت في زوايا الغرفة .. سُدَّت ثقوباً جهة اليمين ، جاء الصوت من الجهة الاخرى .. سدت ثقوباً عند ارض الغرفة ... أتاها الصوتُ من الأعلى .. والأيام التالية كان كابوس الصرصور يضغط على الأعصاب والأحاسيس بدّلتْ الستائر .. ظهر في الستائر الجديده .. رمتْ ستائرُها الجديدة ... ظهر من ثقب السرير ... في إحدى الأيام وقعت الملك عن حصانها نهاراً كُسرَت فِقرةٌ من ظهرها ، وفي تلك الليله وهي مستلقيةٌ على ظهرها تشكوا الالمَ ،جاءها الغليظ .. تسلل الى قدمها ،... صارت تصرخ .. صعد الى فخذها .. ضربته بكفّها الواهنة .. صرَّ الغليظُ بصوتٍ ايقظ الخدم ، اشارت بيدها .. أنّ الصوت هناك .. لم يجِدوا شيئاً . في ليلة أخرى تسلل الى بطن الملكة وهي نائمه .. دخل في سُرَّتِها .. أفاقتْ مع صوتٍ كأنما مسّها الجنون .. استدعت الآخرين فلم يجدوا أثرا ...؟ أيتّها الملائكة أنقذنني .. يا جدّتنا سوريانآس .. يا مخلِّّص البشر .. ...لقد دخل الحقيرُ في أنفي ... في الفم ... الآن يدخل أذني .... قالت مقهورة : .. الرحمه الرحمه ، وغطّتْ في حالة إغماء .. افاقت على صوتٍ يقول لها : لن يرحمكِ غيري تعالي نتفق - على ماذا ...؟ همست بضعف لن أزعجك بعد الآن شريطة أن أنام في سرير مجاور لك ليلةً واحدةً ، والشرط الثاني أن تمنعي بقرار ملكي رشّ أي مبيد للصراصير والشرط الثالث أن أكون وزيراً للأمن سألت الملكة بانبهار ... أنّتْ ...؟ وافقت الملكة ونامت ليلة هادئه ... ثمّ ليليه وليالي كثيره .. الى أن جاءها الصرصور ودب صاعداً الى سرير مجاور للملكه وغاب تحت الغطاء نهضت المرأة باكراً ... رنت الى السرير المجاور ... شهقتْ كأنَّما شهقةُ الموتْ .... كان شاباً قوي البنية ... طلق المُحَيّا قد رمى الغطاءَ عَنه قائلاً : أنا هو خادمكِ سيدتي اصدري امرك الملكي .. صدر الامر بتعيين الأمير ( شيخالوس ) وزيراً للأمن ، إكراماً له لأنه عاد ألى الوطن مستثمراً عظيماً للمال وكذا لخبرته الهائله في الأمن ما حدث بعد ذلك حالةٌ من الهدوء والأمن ولازدهار و.. النوم الهادئ اللذيذ للملكة واعوانها . مع الزمن ازداد اتباع ( شيخالوس) تمدد أعوانه ( الشيخالوسيين) ألى كل مفصلٍ في البلاد ،.. في الاقتصاد والسياحة والمرافئ .. في دور العبادة والجامعات .. في المرافق كافةً دون استثناء كان شديد ألقوه .. حاضراً بنفسه أو لأعوانه في كل مكان وفي كل الساحات وكان لابدّ ان يزيل الملكة الضعيفة أخيرا ، لقد أصبح لَهُ من القوة ما جعل الناس يتبعونه ولا يصغون الى الملكة آلت خاطبت شعبها : لا تصدقوا هذا الصرصور ، إنّه وأعوانه يُخربون هذا الوطن ... إنهم صراصير الخارج قال الراوي : دخلت مملكة سورياناس في طاحونة الحروب .. خُرِّبت البلاد .. مات البشر والشجر .. احترق كل شيء قال العرّاف : أنّها لعنة تشبه لعنة الفراعنة قال المحلل في التاريخ : على نفسها جنت براقش قال متقاعد من السلك الديبلوماسي : لقد حكمتنا صراصير الإمبرياليات قال معتقل ( صاحب الشعر الطويل) : فساد الملكة هو الأساس قال الراوي : عذراً كافكا ... مملكتكَ وصرصورك مختلفان قلتُ لطالبتي الدكتوره رنيم : .. .. هذه حالةُ مرضى الجنون هذه فانتازيا شرق أوسطيّه
***** اللاذقية، القنجرة، 2016
#كمال_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حكايا جدو أبو حيدر -6-
-
حكايا جدو أبو حيدر -5-
-
تناغم أزلي
-
حكايا جدو أبو حيدر -4-
-
حكايا جدو أبو حيدر -3-
-
حكايا جدو أبو حيدر -2-
-
حكايا جدو أبو حيدر -1-
-
التيكيّا وأمثاله
-
الأثَافِيّ
-
انْعِطافات الخراب
-
تفاصيل
-
تهويمات في زمن القتل بين برزخين
المزيد.....
-
انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|