أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - وكرُ الأشرار














المزيد.....

وكرُ الأشرار


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5222 - 2016 / 7 / 13 - 22:20
المحور: الادب والفن
    


الكاتب الطبيب "خالد منتصر"، أنشأ لنا جروبًا مشاكسًا على "واتس آب"، نبثُّ فيه همومَنا الثقافية، ونتبادل مقالاتنا، ونُشعل معارك العصف الذهني في إشكاليات الوطن المأزوم. مَن نحن؟ نحن بعض المارقين من أدباء ومثقفين وساسة وإعلاميين ممن لا نسير على قضيبين كقطار، بل نطيرُ بأحلامنا الطوباوية كطائرة ورقية حرون في يد طفل شقيّ يركض ولا يعرف السكون. لهذا أقترح عليه أن يُسمّي هذا الجروب: "وكر الأشرار". أول أمس، دخلنا في حوار شائك حول انهيار اللغة العربية على ألسن ناطقيها، وكيف سمحنا بهذا، بينما اللغةُ هي جسرُ التواصل بين البشر؟! ذكّرني الحوار بمقال قديم كتبتُه في "المصري اليوم" عنوانه : (لغة "قايلة" للسقوط). تكلمتُ فيه عن تجربة أجراها علماء بريطانيون بجامعة بريستول على سرب من النمل وضعوا أمامه خيارين: أعشاشٌ قريبةٌ رديئة، وأخرى بعيدةٌ وجيدة. واختار النملُ المشقّةَ نشدانًا للجمال؛ علمًا بأن المساكنَ الجيدةَ المُختارة أبعدُ بتسعة أضعاف المسافة. قليلٌ من النمل اكتفى بالمنازل القريبة، ثم سرعان ما عَدَل عن رأيه ولحق بالصفوة التي لفظت "الرداءةَ" طلبًا للجمال.
المقال كان ردًّا على رسالة غاضبة وصلتني حول ركاكة لغة المصريين اليوم. اللسان المصريّ الراهن، "يستسهل" الركاكة، بينما يسعى النملُ نحو الكمال! أستاذ في أمراض القلب بجامعة المنيا اسمه أ.د. ناصر طه، غاضبٌ من موات اللغة العربية الراقية على ألسن أبنائها. قال إننا لم نعد نستخدمها حتى ضَمُرتْ داخلنا. شأنها شأنَ العضو الحيويّ الخامل الذي يفقد قواه، ليس من فرط العمل، بل من فرط الكسل. حزينٌ لأن تلامذته بالجامعة، الذين حصدوا أعلى الدرجات في الثانوية العامة، يتحدثون الإنجليزية، ولا يلجأون إلى العربية إلا مضطرين، فيخطئون بها كأنهم ليسوا عربًا! حزينٌ وباكٍ على لغتنا الجميلة، رغم تخصصه العلميّ، فماذا عن أرباب اللغة من شعراء ودارعميين وأساتذة البيان؟ حدثني عن تقاريرَ تصلُه من أطباءَ بالمستشفى مكتوبة بلغة رديئة زاخرة بالأخطاء النحوية، بل والإملائية. كان آخرَها التماسٌ وصله من طبيب مرؤوس يشكو زميلَه ويطالبه بأن يوقِّع عليه عقابًا (راضِعًا)!!
والحقُّ أن المرءَ ليندهشُ من عدم احترامنا لسانَنا العربيّ، في مقابل اعتزاز كافة أمم العالم بألسنهم الأم! فأنتَ لو ألقيتَ التحيةَ على مواطن ألمانيّ بالإنجليزية لن يرد عليك السلام! بينما في بلادنا نتباهى بمعرفتنا لغةً أوروبية، فندسُّ بين الحين والحين كلماتٍ أجنبيةً، ثم نخطئ في كتابة جملةٍ عربية سليمة! جولةٌ واحدةٌ في شوارع مصرَ تجعلُك تظنُّ أن بلادنا واقعةٌ تحت احتلال إنجليزيّ أو فرنسي؛ إذْ تجدُ محالاًّ اختارت أسماءها من معاجم الغرب: أويزيس، ستايل، لا جولي، سمارت شوب، دريم، سيزورس، موون سيكريت، إنفنتي، اتنشن، جرين فالي، دريم هووم، بيوتيفول آيز، الخ! رغم أن ترجمات ما سبق بالعربية، برأيي، أكثر جمالاً وجاذبية للمستهلِك: الواحة، أسلوب، الجميلة، الدكانُ الأنيق، الحُلم، المقصّ، سرُّ القمر، اللانهائيّ، انتباه، الوادي الأخضر، البيتُ الحُلم، العيونُ الساحرة. ولهذا انتبه الأذكياءُ، الغيورون على هُويتهم ولسانهم، إلى أن لغتنا قادرةٌ على إعطائنا معاني لافتةً وذكية فاختاروا لمحالّهم أسماءَ مثل: الإسكافيُّ السعيد، كراكيب، شبابيك، بساطة، فرحة، السلاملك، خير بلدنا، أيامنا الحلوة، لؤلؤ وأصداف، الخ.
كنّا قديمًا نعتزُّ بلغتنا، حتى ونحن واقعون تحت الاحتلال الإنجليزي، أما الآن، فنجد الإنتلجنسيا والكتّابَ أنفسهم فقراءَ البيان ركيكي اللغة. (إنهم يدهسون القارئَ "بعربية" متهالكة!) على قول المترجم الكبير طلعت الشايب.
وحين قررت الحكومة الفرنسية تدريس العربية في مدارس فرنسا، صرّح الرئيس الفرنسيّ نيكولا ساركوزي بأن العربيةَ هي "لغة المستقبل، والعلوم، والحداثة". وأتمنى بالمقابل أن تسعى حكومتُنا لتدريس العربية في مدارسنا أيضًا! حتى لا يتكرر ما حدث منذ سنوات حينما أطلَّ على الشاشة رئيسُ أحد أحياء القاهرة ليصرّح بأن الحيَّ غير مسؤول عن كارثة موت العشرات تحت أنقاض أحد المنازل المنهارة، "لأن المنزل كان (قايل) للسقوط"!!!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المسجد النبوي .... هل غادرَ الإرهابُ من مُتردَّم؟
- هل احترام حقوق الأقباط عداءٌ للإسلام؟
- شيءٌ من العبث لن يفسد العالم
- حقلُ الألغام
- مصرُ التي نشتاق إليها
- يومٌ من عمري، وشموعٌ كثيرة بعد لم تُقَد
- موسم تسريب الامتحانات
- كيف سمحنا بأن نسقط؟
- ناضجون ومراهقون
- عين الطائر ودو كيخوتي
- البابا شنودة يرفض اعتبار أقباط مصر أقليلة، هل سينال سبابكم م ...
- كل سنة وأنت طيب أيها الصندوق الطيب
- جنونٌ أمْ كفر؟ 1/3
- أمّة تقرأ | ماذا تقرأ هذه الأيام؟
- لماذا يهاجمني نشاط من أقباط المهجر؟ بيان فاطمة ناعوت
- لماذا يحمل الشباب المسيحي التمرَ على النواصي؟
- فين شيوخ القبيلة يا بلد؟
- كلمة الكاتبة فاطمة ناعوت في مؤتمر (دعم الأقباط) بواشنطن
- رصاصةُ فرج فودة؟
- الأبكم


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - وكرُ الأشرار