أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر القدومي - -زغرودة الفنجان- .. رواية رياديّة وجريئة














المزيد.....

-زغرودة الفنجان- .. رواية رياديّة وجريئة


نمر القدومي

الحوار المتمدن-العدد: 5222 - 2016 / 7 / 13 - 14:16
المحور: الادب والفن
    


نمر القدومي:
"زغرودة الفنجان" .. رواية رياديّة وجريئة
أضافت الظّروف القاسية أدبًا مميّزًا حديث العهد، يكتبه أشخاص بواسل ذوو عزم وقوّة، إقدام وشجاعة، وفكر وإرادة؛ القضبان هم شرط الحكاية، والمحفور في الوجدان هو عقدة القصّة، أمّا السّجان فهو الموسيقى الدّراميّة القاتلة. الكاتب المناضل الفلسطينيّ "حسام شاهين" جسّد ما نعلمه وما لا نعلمه على أرضيّة واضحة، وجعل دلّة القهوة تُشاكس فنجانها وتُحدث صوتًا ذا مذاق سماعيّ نطرب عليه في الأفراح، ويواسينا في الأتراح، ونرتشفه على نشوة الإنتصار. "زغرودة الفنجان" رواية جريئة جدًا، وُلدت من داخل جدران مقفرة، كشفت عن فداحة أعمال الإستخبارات الإسرائيليّة "الشاباك" في حق شبان وشابات الإنتفاضة الفلسطينيّة الثّانية. تقع الرّواية في 309 صفحة من الحجم المتوسط الصّادرة عن دار الأهليّة للنّشر والتّوزيع في الأردن للعام 2015، وقد قدّمها للقارئ الإعلاميّ والشّاعر اللبنانيّ " زاهي وهبي" الذي مرَّ في تجربة الإعتقال في السّجون الإسرائيليّة. إنَّ أدب السّجون المُشار إليه، إنما خرج إلى النّور من رحم المعاناة، وصَدَحَ في ردهات المعتقلات وزنازينها، أن العاقبة للظالمين المُحتلين ومعاونيهم!
الرّواية إجتماعيّة دراميّة في إطار سياسيّ تستعرض المناورات القتاليّة بين التنظيمات الفلسطينية المحليّة وبين الإحتلال الإسرائيلي. ترتكز مجرياتها على عملية إسقاط فئة الشّباب من جانب "الشاباك" من أجل التعاون والتخابر معهم، وذلك في إشارة مَقيتة من الكاتب إلى خطورة تفكك النّسيج الإجتماعي الفلسطينيّ، بسبب الفقر والحاجة والضغوطات الحياتيّة. يُسهب "شاهين" في رصد التفاصيل الدقيقة لأساليب الإسقاط، ويُحدّثنا عن الكيفيّة التي تجري بها تجنيدهم؛ إما عن طريق الإغراءات المالية، أو مستمسكات جنسيّة فيها المذلّة بين الأهل والعشيرة، والتي قد تؤدي في أحيان كثيرة إلى القتل. وصَفَ لنا بالكلمات والصّور، وفي بلاغة إباحيّة فاقت التخيّلات، تورّط مجموعات من طبقات وفئات متفاوتة من شرائح الشّعب، تورّطهم في مستنقع العمالة بطريقة الخداع والتّنويم والتّصوير ومن ثم الإبتزاز. كما يُظهر لنا واقع المخيّم السّوداوي وظواهر تقشعر لها الأبدان، وترفضها كل معايير الأخلاق.
"مازن" تلك الشّخصيّة التي اضطرّت، بسبب الحاجة ودناءة النّفس البشريّة، إلى العمل مع الإستخبارات في جمع المعلومات عن المقاومة، وكذلك تجنيد أكبر قدر ممكن من العملاء من خلال ما أعطوه مشغّلوه من أدوية تخدير وأجهزة تصوير وفيديو. كما أوقع "مازن" أو توهّم أنه أوقع بابنة المخيّم "رحاب" تلك المرأة الرّهيبة والشّهوانيّة، وهي بدورها ساعدته في إسقاط آخرين وأخريات. وقد اكتشف لاحقًا أنها خدعته، وأنها كانت عميلة نشيطة من قبله وصاحبة علاقات حميمة مع الكابتن "مودي". هذا الميجر جنرال هو رأس الأفعى الصهيوني ورجل "الشاباك" التي تلطّخت يداه بدم الأبطال الشهداء، تفوح رائحته النتنة عبر صفحات الرّواية، ويعمل كالسرطان في خداع الفلسطيني الموجود في تحوم صلاحيته ونفوذه، ويتمادى في الشتائم ونصب المكائد والإغتيالات لأفراد المقاومة.
إستخدم الكاتب "شاهين" اللغة البسيطة في روايته وأحيانًا المحكيّة منها لضرورة النّص، وقد غلب عليها أيضًا لغة الحوار بين الشّخصيات. احتوى مضمون الرّواية العديد من الحكايات المترابطة، إلاّ أنَّ الكاتب استطاع أن يسيطر على مجريات أحداثها الزمانيّة والمكانيّة وكذلك دَور أبطالها. أمّا تقاطع الأحداث، فقد خلق من تلقاء نفسه الحبكات المتلاحقة، وتأجّجت لدى القارئ عاطفة الحقد والكراهيّة وحُب الإنتقام، وبات ينتظر بين السّطور المشاهد التي تشفي وتثلج صدره. لم يكن للخيال وجود، سوى بعض الأمور اللا منطقيّة التي أحاطت بتحركات بعض الشّخصيات، وكأنَّ المخيّم "الوهمي الإسم" هو وكر، وكل غرف النّوم فيه عبارة عن استوديو بتقنيات عالية. ومما لا شك فيه أنَّ كاتبنا قد أغفل عينًا عن التّفاصيل الإباحيّة الجريئة والسّاخنة، فأعطى بذلك تلك الفكرة السيئة جدًا أن حياة الشّعب الفلسطيني ونسيجه الإجتماعي المتهتك. فمن خلال الرّواية طُرحت أفكارًا ثوريّة وأخرى فلسفيّة ونفسيّة، تشدُّ من أزر المقاتل وطُرق التّعامل مع العدو. ومن ناحية ثانية، فضح جميع الآفات الإجتماعيّة وطبيعة تفكير الفرد، ومستوى الإنحطاط والتردّي الذي وصلت إليه فئات من هذا الشّعب. لقد طرح على مائدة النّقاش مشاكل وقضايا خطيرة تراكمت على مرِّ سنين الإحتلال، وأحدثت هوّات وفجوات عميقة على أرض الواقع.
"مازن" يستنجد بصديق قديم له من المقاومين، ويعترف لمنقذه "عمر" بكل أعماله القذرة طالبًا التوبة، وذلك بعد أن شعر بأنّ الخطر يتهدّد زوجته وأولاده، وأنَّ المياه باتت تجري من تحته. نظّف صحيفته وضميره بقتل الكابتن "مودي" وإستشهاده. إلاّ أنَّ حساباتنا للأسف تسير وفق قاعدة مُتعفّنة بأننا نهدر أرواحًا كثيرة مقابل خنزيرًا واحدا، ولا نُولي قيمة لحياة شعبنا. أمّا هذه الرّواية الجريئة من نوعها، فهي صدى لما يجول في خاطر الكاتب "حسام شاهين" وجوارحه، وما سكن قلبه من تأثير ظروف السّجن، ليخرج للملأ كإنفجارٍ مدوٍّ أصاب البعيد والقريب.
١٣ حزيران ٢٠١٦



#نمر_القدومي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية -السماء قريبة جدا- والجرأة
- عسل الملكات .. بين الوهم والحقيقة
- -لنّوش- .. وعبقريّة طفلة
- الطّائرة الورقيّة ..و.. جذور الطفولة
- من أدب الرّحلات .. في بلاد العمّ سام
- خليل توما والعودة إلى الذاكرة
- -برج اللَقْلَق- ... ملحمة فلسطينيّة
- قراءة في كتاب -أيلول الأسود-
- -خذلان الشتاء- ... ودفء الوطن
- قراءة في كتاب -الأنا والآخر في الرّواية الفلسطينيّة-
- قراءة في يوميات كاتب يُدعى x
- رواية -بورسلان- .. والفساد السّياسيّ
- قصّة - الأحفادُ الطّيْبوُن- وحقوق الأجداد
- رواية -هي، أنا والخريف- لسلمان ناطور
- قراءة في كتاب -كرمة-.. وكيمياء السعادة
- - تأمّلات فيصليّة -.. ومتاهات النصوص
- - تأمّلات فيصليّة -.. ومتاهات النصوص
- قراءة في -خروج من ربيع الروح-
- رواية - البلاد العجيبة- .. وعجائب الخيال
- قراءة في رواية - الهُرُوب -


المزيد.....




- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
- يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
- معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا ...
- نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نمر القدومي - -زغرودة الفنجان- .. رواية رياديّة وجريئة