أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - لعنة موت متنقل















المزيد.....

لعنة موت متنقل


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5222 - 2016 / 7 / 13 - 00:49
المحور: الادب والفن
    


لعنة موت متنقل

حملت مريم الكيس الثقيل من أمام محل والدها وأتجهت نحو الجانب الأخر من الشارع حيث يسكن والد طليقها أحمد وهي تكفكف دموعها التي أنفجرت عندما سلمها عامل المحل ورقة دعوى الطلاق ... كانت تنتظر منذ الأمس أن يعود أحمد عن جنونه العبثي ونزقه الولادي، تعرف تماما أن أحمد لا يمكنه أن يفعلها بدون أن يتدخل أخرون في قرار لا يملكه لوحده، فهما عاشقان من طراز خاص لا يتورعان بأعلان عشقهما أمام الناس وحتى أحيانا يصفهما البعض بقليلي الأدب.
المشكلة ليست في قضية الطلاق فقد فعلها من قبل وهي تعرف أن زوجها سابقا وطليقها حاليا قد ينقلب تماما في مواقفه منها لو أخبرته بما تعرف من أسرار لا يمكنها أن تفشيها لأحد، إذن المشكلة في كيفية الوصول إليه الآن .... الآن قبل أن تقرر تحطيم العالم بما تعرف ..... هو بالتأكيد لا يدري أن مريم تمتلك هذا السر ولا يتوقع أن تكون على قدر من الذكاء الذي يمنحها أن تتلاعب بمصيره لو أرادت أن تعبث بحياته .... تكرر وهي في الطريق همهمتها الحزينة ... غبي ... غبي أيها الأحمق ..... كيف لك أن تدخل حق الألغام المميتة بيديك ورجليك دون أن تدرك أن الحياة مع أجمل من الجنة التي تتعبد كل يوم من أجلها ... حقا أنك غبي وأبله حين لم تحاول أن تعرف من هي مريم .... أنا شريرة ... شريرة جدا يا أحمد ... أنا لعنتك القاتلة أيها الأبله المغرور .... لكنني أيضا مجنونة بك قد أضحي بكل شيء لأجل جنوني لكنني لا يمكن أن أضحي بعشقي حين تطير حماماتك بعيدا عن عيوني .....
أستوقفها رجل لا تعرفه قبل أن تعبر الرصيف الأخر وهو يرى أنها تسير بلا وعي وتحمل كيسا بطريقة مريبة وكأنها تهرب من قدر ما .....
_يا صغيرتي هوني عليك أنت في خطر تعبرين الشارع دون أن تعي ما يدور حولك ..... لقد تساقطت الكثير من حاجيات الكيس .... هل تحتاجين لمساعدة.
_نعم أحتاج للكثير من المساعدة فقد وقع هذا الغبي في شرك الذئاب ... سوف لن ينجو من الهلاك ... بالله عليك يا رجل أخبره أنه في خطر.
_من هذا الذي في خطر.
_هو ألا تعرفه لقد بعث لي بورقة الطلاق هذا الصباح الأسود ... أنه ينتحر أمام عيني متخفيا في دار والده.
_أكيد أنه زوجك ولكن يا صغيرتي يمكن للأمور أن تسير وفقا للمصلحة فقط استعينوا بالكبار سيكون الأمر ممكنا أنا واثق أنكم تستطيعون العمل معا والعيش معا.
_يا رجل أي كبار أقول لك أنه سينتحر ... سيموت ... سأقتله أنا ... هذا اليوم سيكون أسودا بالكامل...
أحس الرجل وهو يحاور فتاة قد تكون مصابة بمرض نفسي وتعان من شيء غير طبيعي أو لربما تكون مجنونة ولكنه لا يعرف بالضبط ماذا يمكنه أن يفعل، بالتأكيد أنها تحتاج لمساعدة ... مساعدة من نوع ما ..... ولكن من أين يبدأ شخص غريب لا يعرف شيئا مهما عنها أو عن وضعها العقلي أن يساعد... هناك تساؤلات تدور في عقله وهو يجمع الأغراض اتي تساقطت من الكيس .... لعل أحدا هنا يعرفها .... قد تكون غريبة عن هذه المنطقة ولكن ...... بالتأكيد لا يبدو عليها أنها تعان فقرأ أو إهمالا في ترتيب مظهرها الخارجي... كانت أنيقة جدا وتماما ومعطرة وكأن بينها وبين أحد ما موعد ... قرر الرجل بعد أن جمع الأغراض وأعادها للكيس أن يلحقها وهي تدلف إلى داخل الفرع الصغير المتفرع من الشارع ليعرف بقية الحكاية.
مريم تطرق الباب ... مريم تريد أحمد ... مريم أنا هنا يا أحمد .... وما زالت الطرق متواليا مرة بعنف ومرة بهدوء ... باب بيت يبدو أنه مهجور من زمن ... خرجت بعض النسوة من البيوت المجاورة ... أبواب تفتح وأبواب سرعان ما تغلق لكون المشهد مكرر .... يحمل أسى ...... يحمل كثيرا من البؤس والشفقة ... لا أحد يمكنه أن يفعل شيئا ... الدار خالية إلا من ذكريات حزينة حد النحيب ..... ذكريات وطن يحمل الوجع حلما وفي الحلم يتوجع الحلم من ألم الذكرى.....
أقترب منها الرجل ووضع يده على الباب ...
_يا أبنتي الظاهر لا أحد هنا ليرد عليك ... قد يكون أهل الدار مسافرين أو أنتقلوا إلى مكان أخر ... تعال نذهب إلى مكان يمكنك أن تكلميني هنا بهدوء ...
_ نعم إنهم رحلوا ولكن أحمد وعدني أنه سيعود ..... سيعود قالها لي أكثر من مرة أنه لا يستطيع أن يعيش بدون مريم .... مريم تبكي ليل نهار ... لا يمكن لأحمد أن يتحمل دموع مريم .....
_ أكيد وأنا أيضا لا يمكنني أن أتحمل دموع مريم تعال لنذهب من هنا ...
_ أنتظر قليلا لعله نائم سيصحو أعرف أنه نائم ونومه ثقيل لأطرق قليلا على الباب .... أنه يعرف أنني على موعد معه سيكون لنا ولد جميل ..... قال سأسميه عيسى حتى لا يقال عيسى بن أحمد بل عيسى بن مريم ... دعني أطرق الباب قليلا ... أنه نائم أعرف حينما ينام ينسى أن الكون فيه حياة.
_ ولكن يا صغيرتي الجيران خرجوا على صوت الطرق ولا أحد في الدا.... ألا ترين أن لا شيء يدل على أن أحدا ما يسكن هنا ......
سكتت عن الكلام ونظرت لعين الرجل بكل قسوة يشوبها نوع من التدي أو اللا مبالاة ثم حملت الكيس بعد أن رتبت ملابسها وكأنها أستيقظت من حلم ..... وغادرت المكان والرجل ينتظر أن يرى أين ستذهب وهو يلاحقها بنظرات تكاد تتحول إلى دموع .... عرف أن وراء قصة هذه البنت حكاية يختلط فيها كل شيء قد يكون الجنون أو قد يكون الوهم أو قد تكون هلوسات تفقد صاحبها التركيز عما يريد .... في خضم هذه الأفكار سمع صوت امرأة من خلفه ...... (إنها ضحية الإرهاب .... ضحية مجتمع لا يهتم بأبنائه ولا بناته) كانت عروس حين ذهب زوجها أحمد إلى بيت شقيقته في ديالى ..... أنفجرت فيهم مفخخة في الطريق فقتلتهم أجمعين ... لقد رأت زوجها مجرد هيكل كائن من فحم .... لم تبك في حينها ولم تحزن .... كانت تقول له دائما ....... لا تسافر بعيدا فأنا أراك كل يوم في حلمي تذبح على الطريق .... لم يصدقها أحد.
_ولكن تقول إن زوجها بعث لها ورقة دعوى طلاق هذا اليوم؟ .......
_ صحيح أن المحل الذي ذهبت له الآن محل والدها الذي توفي قبل فترة حزنا على مريم وحيدته .. .. الآن هي تدير المحل وتعمل فيه ليل نهار....
_ولكن ما قصة ورقة الطلاق .... بالرغم من أنها ذكية وشاطرة في العمل وتحملت الصدمة لكنها تعاني أحيانا من بعض الأوهام التي تتصور أنها واقع ... ما زالت تنتظر أن يعود أحمد حتى أنها لا تقبل أن يذكر لها أحد أنه قتل وأن الحادث مر عليه سنوات .... ما زالت تتشيك وتتعطر في أيام تختارها لا نعرف بالضبط متى وتأت لتطرق الباب تنادي على أحمد تظن أنها على موعد ...
_ ولكن هل من مساعدة يمكنني أن أقدمها ... هل من أحد حاول .... هل يمكن أن نعمل شيء لهذه الإنسانة لنخفف عنها ما تعاني ...؟.....
_ يا رجل لا يغرك المظهر هي تقو حملة مع الكثير من الناس لتساعد الفقراء ... تعمل كل وقتها من أجل الأيتام .... ليس لأحد قوتها ولا عزيمتها ... إنها أكثر من إنسان .... إنها فريق من البشر يعمل معا ... أقول لك سر ....
_ بالتأكيد سيدتي هذا يساهم في أستقراري النفسي...
_ إنها الآن تتدرب على السلاح وتحمل معها أمل أن تجد نفسها يوما في مواجهة مع من أبتكر فكرة المفخخات ..... اللعنة ... المفخخات لعنة موت متنقل ..... لعنة حلت دون سابق أنذار.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخديعة
- صناعة الفعل وتطور مفهوم الإرادة
- رجل الدين تفضل خارجا فقد حان وقت الأعتزال
- من هو الله؟.2
- من هو الله؟.
- وما زال في جيبه رصاصة
- مفهوم الملك والملكية دستوريا ومفهومها في الإسلام
- الإسلام التاريخي وحراك ما قبل أعلان الموت ح4
- زعلت الوردة الجميلة .... فأضربت الفراشات عن العمل
- الإسلام التاريخي وحراك ما قبل أعلان الموت ح3
- الإسلام التاريخي وحراك ما قبل أعلان الموت ح2
- صوت الله أكبر في فجر الكرادة
- الأحد الدامي والإجرام العابر بلا حدود
- نداء...نداء ... كيف تسمعني .... أجب
- الإسلام التاريخي وحراك ما قبل أعلان الموت
- الطفولة ومسئولية المجتمع في تنمية الثروة البشرية
- نحن والقانون
- القدس وإشكالية الهوية
- محاربة الفساد السياسي يبدأ من تصحيح العلاقات الأجتماعية
- وهم المشروع الإسلامي بين مطرقة فشل التجربة وسندان العجز عن ا ...


المزيد.....




- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - لعنة موت متنقل