أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الإنسان في ديوان -ذاكرة البنفسج- ناصر الشاويش















المزيد.....

الإنسان في ديوان -ذاكرة البنفسج- ناصر الشاويش


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 5221 - 2016 / 7 / 12 - 02:34
المحور: الادب والفن
    


الإنسان في ديوان
"ذاكرة البنفسج"
ناصر الشاويش
الكاتب المبدع هو الذي يجعل نستمتع/تفرح عندما تقرأه، يجعلك تشعر بإنسانية النص، بأننا أمام كتلة من الاحاسيس والعواطف، هذا من ناحية الانسجام مع النص، أما من ناحية العناصر الفنية، اللغة، الألفاظ، تعدد الأصوات، طريقة صياغة النص، فهذه عناصر تضاف إلى جمالية ما يقدم من أدب، فإذا استطاع الكاتب أن يجمع بين هاتين المسألتين فإننا نكون أمام كاتب متألق، كتاب استثنائي، يجمع بين التألق بالمضمون الإنساني وبين الشكل الفني.
هذه المرة الأولى التي اقرأ فيها للشاعر "ناصر الشاويش" وبكل تجرد وجدت بأن هناك شاعر غير عادي، استثنائي، يلم بكافة النواحي الابداعية للنص الشعري، يستخدم تعدد الاصوات، حتى إننا نجد في بعض القصائد ثلاثة اصوات، وهذا بحد ذاته ابداع وتألق، ونجد اللغة المنسجمة مع الحالة التي يريد طرحها، اللفظ المناسب، ونجد تنوع المشاعر الإنسانية بين الإصرار على المواجهة، إلى الانكسار/التراجع/ وجود شيء من اليأس، مشاعره اتجاه المرأة/الأسرة، التفكير بالحرية وبقيود السجن، كل هذا يجعلنا نتأكد بحيوية النص وبصدقه، انسجامه التمام مع الحالة الإنسانية المتغيرة والمتنوعة.
فالكاتب يقنعنا بأنه إنسان، يتألم من رؤية القضبان ويتوق للحرية، يحزن ويفرح، يمتلك الإصرار وأحيانا يمتلكه شيء من الانكسار، فالسجن يترك أثرا واضحا فيه، وهذا ما وجدناه في العديد من القصائد، فيقول في قصيدة "تباشير الحياة":
"كأن الغيم
يمطرني وراء الباب شوقا أرجوانيا
ويسكبني
على تغر البنفسج فرحة ضد
العدم
وحبست أنفاسي .. وقلت" ص17، من خلال عبارة "خلف الباب شوقا، وحبست أنفاسي" نجد تأثير السجن على الشاعر، فالشاعر هنا لم يرد أن يتحدث بالعقل الواعي عن مأساته وما يعانيه داخل الجدران، لكن العقل الباطن عنده أبى إلا أن يجعل واقع السجن حاضرا في النص.
وإذا ما علمنا بأنه كتب قصيدته عن الحياة،:
"أنا ذلك الطفل استعدت حقيقتي
والآن تكتبني القصيدة عاريا
لأذوب في مطر السحاب تأملا
كالأنبياء .. مبشرا
ومبشر بربيع فجر أخضر
يحمل تباشير الحياة" ص16، نجد في سبق العديد من الألفاظ والجمل التي تتحدث عن المطر والكتابة والفجر والربيع إلا أن واقع السجن كان أقوى من أن يتلاشى تماما، فكان له حضور دون أن يقرر/يقصد/يريد الشاعر.
هذا الحضور غير المقصود، الآتي من الخارج، ودون إرادة الشاعر، نجده في العديد من القصائد، لكن هناك حضور مقصود وواعي للسجن وللأثر الذي يتركه على الشاعر، فيقول في قصيدة "أسير محرر":
" ...فأحمل وهج حنيني
المعطر
كزيت يضيئ سراج الأماني
بسجن عدو طغى
وتجبر" ص33، فهناك كان حضور السجن مقصود، وهذا ما يجعل الشاعر إنسان، يتكلم عن كائن حي، تتراوح مشاعره بين المد والجزر، بين التوهج والانكفاء، فهو ليس (بسوبر مان) وهذه احد أهم عناصر التألق عن الشاعر.
حضور الأم اعطا النص حيوية اضافية وأقنع المتلقي بأنه أمام نص شعري بامتياز، حيث أن الأم شيء مقدس، شيء لا يمكن الاستغناء عنه، فحضورها أكد إنسانية الشاعر وإنسانية النص معا، يقول في قصيدة "شاهين الغابة":
"يا أمي
.. جئتك..
أنعف روحي
أسكبها، قبلات ظمأي في
ساحات الدار
كل عصافير القلب
تسافر صباحا نحوك
تشدو باسمك، لحنا صوفيا
فوق الأشجار" ص29، في هذه القصيدة يقدم لنا الشاعر نص صافي، نقي، أبيض، بريء كالطفل، فيجعلنا نتأمل معه الأم، ليس أمه وحسب، بل (أمي أنا) المتلقي للنص، وهذا ما يجعل القارئ يتوحد ويتماهى مع القصيدة.
تعدد الأصوات في القصيدة ليس بالأمر العادي، حيث أن القصيدة لا تمتلك المساحة الحوارية كما هو الحال في القصة أو الرواية، لكن "ناصر الشاويش" استطاع أن يخلق عدة أصوات في القصيدة الواحدة، هذا ما كان في قصيدة "فراشة الروح" فنجد صوت الأنا:
"وتجيء ناعمة الخطى
فأشم رائحة القداسة حين ألمحها
مكللة بتاج عبيرها
تأتي ..فأمشي والخطى خلف السياج
تعد نبضي
أحتسي فرحا طفوليا بعيد تيقني لحضورها..
..سمراء في ثوب العفاف رأيتها
قمرا توهج خلف شباك الزجاج
كأنها صعدت زهورا من دمي
وحلقت كفراشة تملى بأبخرة البنفسج
فوق اسلاك السياج" ص74، المتحدث هنا أنا الحبيب، عاشق المرأة، فهو يتغزل بمحبوبته دون أي تدخل من الراوي، فهو يمتلك حرية الكلام والتعبير، ولا قيود عليه من أحد. ولهذا نجده طليقا المشاعر يتمتع ويمتع امرأته بما يجود به لسانه من شعر.
أما صوت المرأة فكان من خلال قولها:
"كم جميل .. أن نجدد عهدنا في السير
نحو المرتجى لنضيء حمر الشوق
والصبوات
فنحد قوم سوف نعرف دائما أن نبق رغم
الموت نبتدع
الحياة" ص76، كلام للمرأة تشد من أزر حبيبها المعتقل، وهنا كل شيء واضح، صوت الرجل وصوت المرأة، لكن الشاعر جعل هناك صوت الراوي، صوات ثالث يضاف إلى صوت المرأة والرجل، فنجد هذا الصوت من خلال هذا المقطع الذي جاء في نهاية القصيدة:
"...وتوقفت
لأن صوتا ناشز قطع الكلام بلؤمه
هو حارس برم بخشخشة المفاتيح
اللعينة
أزعجته حمامة بهديلها
وأغصبته فراشة بهسيسها
لأنه ما اعتاد أن يسمع سوى
صوت القنابل أو هدير الطائرات
فوق
جرس
الانتهاء
من

الزيارة!!" ص 78، هذه القصيدة أكثر القصائد تألق من الناحية الفنية، وهي تمثل تجاوز العادي من الشعر، وإذا ما أضفنا إلى هذا التألق من خلال تعدد الأصوات، المضمون الإنساني وما يعانيه الإنسان العاشق، نكون أمام نص يمتلك كافة عناصر الابداع، إن كان على مستوى الشكل أم المضمون.
هناك تأثر في القرآن الكريم عند الشاعر نجده في أكثر من موضوع كما هو الحال في هذه الفقرة
"يا حبيبي .. قد خلقنا لأجل هذا
القانتات
الحافظات
فروجهن
الصابرات" ص77، فهذا تناص مع الآية القرآنية من سورة الأحزاب: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا


ونجده يقول:
"الهواجس ملء نفسي.. كالخيول
العاديات" ص73، وهذا تناص مع الآية القرآنية من سورة "العاديات":
"والعاديات ضبحا"، ونجد تماثل مع طريقة سرد للحكاية الشعبية كما هو الحال في هذا المقطع من قصيدة "ذاكرة البنفسج":
"وكان ياما كان
على طريق الوادي قرب النبع شلال
يداعب صخرة الوديان" ص80، وهذه الطريقة في التناص مع الحكاية الشعبية تجعل المتلقي يتوحد مع القصيدة وفي ذات الوقت يعود بذاكرته إلى الأيام الطفولة وما تحمله من براءة وحنين، وبهذا يكون الشاعر قد استطاع أن يوحد/يجمع بين ما يريده هو وبين مزاج المتلقي.
الديوان من منشورات الاتحاد العام للكتاب والادباء الفلسطينيين، الطبعة الأولى 2014.


"



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفانتازيا والرمز والواقعية في مجموعة -أوهام أوغست اللطيفة- ...
- السواد في قصيدة -كأي سواد...بلا معنى وفراشات- جمعة الرفاعي
- المرأة والكتابة والطبيعة في ديوان -الجهة الناقصة- -جمعة الرف ...
- الفلسطيني في رواية -السلك- عصمت منصور
- دقة الترجمة في ديوان -شعر الحب الصيني- محمد حلمي الريشة
- هدوء اللغة في ديوان -السروة آنستي- عيسى الرومي
- الاختزال والتكثيف في مجموعة - نقوش في الذاكرة- شريف سمحان
- الجغرافيا في ديوان -ليلة الخروج من الأندلس- نزيه خير
- عطيل فلسطين في رواية -السفر إلى الجنة- وفاء عمران
- حقيقة التاريخ في رواية -مسك الكفاية- باسم الخندقجي
- الحرية والأمومة في مسرحية -المدعوة- فرانسوا دو كوريل
- الطرح السياسي في رواية -فرسان الحرية- هشام عبد الرازق
- حب المرأة في رواية -يافا- نبال قندس
- تغير خرائط سايس بيكو
- بحث تاريخي في كتاب -توازن النقائض- سليمان بشير
- ثلاثة شخصيات ولغة واحد في رواية -عرافو السواد- داليا طه
- التناسق والانسجام في مسرحية -وجهة سفر-
- السخط في ديوان - الساعة الناقصة- فايز مقدسي
- المرأة والرجل في رواية -امرأة للفصول الخمسة- ليلى الأطرش
- الارهاب والفساد في رواية -ذاكرة الماء- واسيني الأعرج


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - الإنسان في ديوان -ذاكرة البنفسج- ناصر الشاويش