أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - حكايا جدو أبو حيدر -6-














المزيد.....

حكايا جدو أبو حيدر -6-


كمال عبود

الحوار المتمدن-العدد: 5221 - 2016 / 7 / 12 - 02:31
المحور: الادب والفن
    


***1***
( حبيّب ديبو )

يعرفهُ الذين تجاوزوا الخمسين من أعمارهم في القرية ، حين عرفناه كُنَّا صغاراً ، ننتظرهُ كلَّ يومٍ على حافّةِ الساقية ، عِنْدَ الغروب تماماً يتجاوزُ حبيّب ديبو مفرق القريةِ وطريقها الواسع ويلجُ طريقاً ترابياً لا يتسع إِلَّا لشخصٍ واحد ، طريق العين ...

حين يظهرُ الثور البني اللون، يتقافز الأطفال ، يضحكون ، ترتفع الأيادي الصغيرة: حبيّب ديبو .... حبيّب ديبو ..
تلوحُ قافلةُ حبيّب ديبو - ثيرانهُ السبعة - واحداً تلو الآخر ، خلفهم رجلٌ رثَّ الثياب ، قمباز إلى الوسط ، سروال إلى الركبتين ، سترة بالية على الكتف ، أما الساقان عاريتان وثمة حذاء قديم تجرّهُ قدمان حافيتان...

ثيرانٌ سبعة ورثها رجلّ أربعيني ( مقطوع من شجره إِلَّا من خالةّ طاعنةٍ في السن ) وطريق واحدٌ في الأياب والذهاب ، غرفة صغيرةٌ طينيّة وزريبة ، طعامهُ مِنْ خشاش الأرض ، هذه حياة كامله لمملكةٍ توحد الثيران وصاحبها...

لا يستجدي أحداً ،لا يقبلُ عطايا ،لا يبيع ولا يشتري ، لا يؤذي أحداً ولا يسرق أحداً ، طريق واحد ، نموذج للحياة واحد ، همٌ واحد ... إخلاص للثيران.

***2***

(ابن الريش)

كان طالباً عادياً ، أخذ الثانوية ، تغيّرت طباعه ، تفاخَر على أقرانهِ ... صار يتأبّطُ محفظةً وجريده ، يُدخّنُ تبغاً أجنبياً بعد أن استلم وظيفةً في المدينه ، لَبْس نظّارةً طبيّه ... يضعها على أرنبةِ أنفهِ وينظرُ من فوقِها للآخرين ، يعطي الرشى لمراقب الدوام ويذهب إلى مكانهِ الذي تعوّد عليه ... إلى المقهى ... إلى طاولةٍ قرب الشباك ، يُدخّن ... يشربُ كثيراً من القهوةِ ، يراقب المارّةَ ويكتب أشياءً ثمّ يدعكُ الورق المكتوب ويرميه هكذا ...

قال له غانم: يابن الريش هات اقرأ لنا ما تكتب ...؟
ردّ جايد: ما راح تفهم ، لأنو أكبر من مستواك ...؟
أكيد مستواي أكبر من ابن الريش: ردّ غانم.
قال جايد: مكانك الطبيعي ... عالهامش.

انتهت بالواسطة المجادلة.

في الأيام التاليات، أحضر جايد صوراً للرئيس عبد الناصر وألصقها على جدران المقهى مُتباهياً ، قائلاً: سيرفعكم عن هامش الحياة.

وعلى نفس الجدران - بعد الانفصال كانت صور شيخ تحلُ مكان صور الرئيس صاحبها يُسمى - ماركس...

قال جايد مشيراً الى الصور: هذا من انتشلكم من الهامش الذي أنتم فيه
وفجأةً بعد أيامٍ شوهد ينزع الصور ، بعصبية وطأها بقدميه ...
في حرب 1967 اختفى جايد هارباً من خدمتهِ الإلزامية ، وعاد بعد عفوٍ شاملٍ إلى وظيفتهِ وإلى... المقهى.

***3***

مات حبيّب ديبو... قال شاب قدم لتوّهِ ... آجروا يا شباب ... الله يرحمه
نهض الجميع إِلَّا جايداً، ذهبوا ... شيّعوا المتوفي ، وعادوا ... وزع صاحب المقهى شراباً مجانياً عن روح المتوفي قائلاً: تَرحّموا عليه مأجورين

قال جايد مُستهزئاً: شو ها الخسارة ...؟ كان عا هامش الحياة ...

عندها هبَّ غانم واقفاً سار الى جايد واضعاً إصبعين من يده اليمنى على نظّارتي جايد:
ولَك يا جايد ... يابن الريش ، يابن اللي سرق جيجات الضيعة وحماماتها
ولَك حبيّب ديبوا عندوا سبعة ثيران ، تُطعم ألف أسرة ، ولَك أنت شو قدَّمت ... الله يرحمك يا حبيّب ديبو ، أنت عشت عا قدّك .. بس فيه غيرك كان وراح يضل عا ... الهامش.

***4***

يُقال على ذِمَّة أحدهم ، إِنَّ جايد موجودٌ دائماً في المؤتمرات الخاصّة بحل الأزمه في البلد ، وأكّدَ أنَّهُ ما يزالُ يضعُ نظاراتهِ فوق أرنبة أنفه.

***5***
الله يرحمك يا حبَيّب ديبو

*****
اللاذقية، القنجرة، 2016



#كمال_عبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكايا جدو أبو حيدر -5-
- تناغم أزلي
- حكايا جدو أبو حيدر -4-
- حكايا جدو أبو حيدر -3-
- حكايا جدو أبو حيدر -2-
- حكايا جدو أبو حيدر -1-
- التيكيّا وأمثاله
- الأثَافِيّ
- انْعِطافات الخراب
- تفاصيل
- تهويمات في زمن القتل بين برزخين


المزيد.....




- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كمال عبود - حكايا جدو أبو حيدر -6-