جمهورية الحكومة الخفية

حسين المالكي

الحوار المتمدن-العدد: 1400 - 2005 / 12 / 15 - 07:44
المحور: حقوق الانسان
    

أثارت واقعة تعذيب المعتقلين العراقيين التي كشفت عنها القوات الأمريكية في أحد أقبية وزارة الداخلية , جملة من التساؤلات حول حقيقة وجود أجهزة سرية ترتكب مثل هذه الأعمال التي هي حلقة واحدة في سلسلة من الممارسات التي تسود العراق اليوم.
وهذه الممارسات والأعمال تشير إلى وجود حكومة خفية تدير البلاد من وراء الكواليس , وتعبث بالمواطن وأمنه وتعيث فسادا في أرض العراق.

ولم تكن هذه الحادثة هي الأولى والفريدة من نوعها , وإنما هي مؤشر واضح على شيوع مثل هذه الممارسات اللاإنسانية في أقبية وزارة الداخلية العراقية. ومهما سيق من مبررات وحجج , فهي لاتبرر إرتكاب مثل هذه الأعمال حتى ولو كان المعتقلون أرهابيين. ولقد سبقت هذه الحادثة جملة من الوقائع التي تشير إلى وجود اجهزة سرية تقوم بإرتكاب أعمال منافية للقانون, من قبيل إغتيال ضباط سابقين في الجيش العراقي , وتصفية قيادات سياسية ودينية , وعرقلة جهود تبذل من أجل تحقيق المصالحة الوطنية.

إن هذه الممارسات تعتبر إنتكاسة كبيرة للمسيرة الديمقراطية في عراق اليوم , وخيبة أمل للمواطن العراقي الذي ظن بأن عهد الأجهزة السرية التي تضطهد المواطن العراقي وتمتهن كرامته قد ولى. ويبدو بأننا مقبلون على دوامة جديدة من خنق الحريات وإمتهان الكرامات ولكن تحت يافطة الديمقراطية التي يراد إغتيالها وهي في المهد.

ومن جهة أخرى فإن العديد من الوزارات تدار بشكل غريب لم يعتد عليه العراقيون من قبل. فهناك هيمنة لأشخاص نافذين لا يعلم من أين أتوا , وحتى الوزير لايملك سلطة عليهم بل تحت رحمتهم وعليه العمل بتوجيهاتهم. ويظهر هذا الأمر جليا في التصريحات المتناقضة للمسؤولين العراقيين حول بعض القضايا الحساسة. ففيما يؤكدها البعض ينفيها البعض الأخر. وكذلك في تنفيذ وإجراء بعض المشاريع العمرانية والخدماتية التي يتم إيقافها وعرقلة تنفيذها وبقدرة قادر.



إن كل هذه الوقائع والممارسات تشير وبما لايدع مجالا للشك بأن العراق يدار اليوم من قبل أجهزة خفية , وبأناس ينفذون سياسات دول أجنبية لا يهمها سوى حفظ مصالحها ولو على حساب العراق وشعبه وأمنه.

إن خوف هذه الدول من نجاح التجربة الديمقراطية الوليدة في العراق وبالتالي سريان عدواها إلى شعوبهم , هو الدافع الحقيقي وراء ممارساتهم في العراق التي لا تستهدف سوى إجهاض العملية الديمقراطية وإفشال المشروع التحرري العراقي , لكي تبقى قبضتهم محكمة على شعوبهم , ولكي لا يرفع مواطنيهم صوتهم عاليا للمطالبة بالأصلاحات الديمقراطية.

لقد أثبتت الحكومة الحالية عجزها وضعفها امام الحكومة الخفية وأجهزتها السرية التي تدير شؤون الدولة العراقية ولقد ان الأوان للناخب العراقي ان ينقذ بلده من سلطة الأجهزة السرية ومن قمع الحكومة الخفية , وهذا الأمر لن يتحقق إلا بإنتخاب قائمة عراقية وطنية تضع مصلحة العراق وشعبه فوق أي إعتبارات أخرى.

#حسين_المالكي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات