أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر سليم - ألقيامه














المزيد.....

ألقيامه


عامر سليم

الحوار المتمدن-العدد: 5220 - 2016 / 7 / 11 - 17:19
المحور: الادب والفن
    



لم ارَ بغداد منذ أكثر من عقدين من الزمان .
ولدت وعشت فيها ثلاثة عقودٍ ونيف, اعرفها كما اعرفُ راحة يدي, تجولت في احيائها مشيا على الاقدام وعبرت جسورها, أعرف بيوتها وحواشها وشوارعها وجاداتها وناسها وباصاتها واسواقها وباعتها , تعلمت في مدارسها وتخرجت من جامعتها, لي صور في ساحاتها وحدائقها وبصحبة انصابها وتماثيلها,لي ذكريات في سينماتها ومسارحها ومكتباتها وباراتها وقاعاتها المختلفه , حفظت اسماء جوامعها وكنائسها, سبحت في نهر دجله على شواطئ الكاظميه والاعظميه والصرافيه وصدر القناة.
عشقت اغانيها ومواويلها...عشت بغداد بكل لحظاتها .... نهاراتها ولياليها شمسها وقمرها ونجومها.
...................

الكراده مثل بقية احياء بغداد , تنهض صباح كل يوم على صياح الديك وصوت الاذان وغناء فيروز.
في ذلك الصباح الذي تأخر كثيرا عن موعده ,لم نسمع صياح الديك ولم يعقبه الاذان كالعاده , وفي السماء البعيده كانت اسراب الطيور والعصافير تبتعد مرعوبه فقد احست ان الله اختار ذلك الصباح ليعلن القيامه لعباده الصالحين.
قيامة الكراده تلك التي شاء رب العباد ان يحاكيها بقيامته الكبرى ليختبر قدراته ونتائجها وبنفس الوقت يوفر فرصة للمؤمنين يبتليهم ويختبرهم بها!
فالمؤمن مبتلى كما يقولون!
بعد ان غنت فيروز عن طيارة الورق والخيطان وعن البنت الصغيره على سطح الجيران وعن ضياع الصبي الصغير شادي واختفائه... ضاع صوتها واختلط بصياح البشر وحرائق اجسادهم ودويّ القيامه.
...............

فتحتُ الباب لطارقها , كانت امرأه خمسينيه بيضاء البشره وامرأه اربعينيه سوداءها بصحبة طفل في ربيعه الخامس مهندما مبتسما وهو يحمل مجموعة كتيبات تبشيريه.
ــ أرسلني الله اليك !
ــ وماذا يريد ؟
ــ ان تعرفــه .
ــ انا خير من يعرفه فأنا عراقي!
ــ وهل اخترته ؟
ــ كلا
ــ لماذا ؟
ــ لانه قاتل محترف وبدمٍ بارد !
ــ الله لايقتل , الله محبه , البشر هم من يقتلون والله يرينا الكراهيه و القسوه من خلال الاشرار حتى نتعرف على الحب والرحمه ونختار طريقه , طريق الحق والنجاة.
ــ ومن اختار الاشرار والضحايا في هذا العرض المسرحي.. اليس الله نفسه؟
ــ يجب ان ندفع ثمن الخطيئه , فقد اختار ابنه ليدفع ثمن خطايانا ! ليصّبرنا عندما يكون الثمن موت أبنائنا!
ــ أعود للاختيار مرة اخرى كيف يتسنى لله ان يقف أمام طابور طويل للاطفال ثم يختار منهم الضحايا , كما يفعل اي جلاد بسجنائه وهو يختار بمزاجه من يعدم اولا في طابور الصباح!
ــ الله لا يفعل كما تفكر وترى وتتوهم.. انه البدايه وألمشيئه والنهايه .
عرفنا الدنيا بمشيئته ونتركها بمشيئته وهو لايقتل ولايعدم كما تقول بل هو يحب و يكافئ و يجزي , ومن اختارهم يصِلون اليه اولاً ويعيشون في ملكوته الابدي وتلك هي الجائزه وليست هذه الدنيا التي تمر بنا سريعا , نشقى ونحزن فيها اكثر مما نسر ونفرح.

كانت المرأه الاربعينيه صامته وتهز رأسها بين الفينةِ والاخرى مؤيده ما تقوله صديقتها , ابتسم طفلها ببراءه وهو يمد يده اليّ بالمنشور التبشيري اخذته وانا ابادله الابتسامه ونظرت الى عين امه قائلاً :-
ــ هل إيمانك بالله يتقبّل ويتحمّل ان يكون ابنك الجميل البرئ هذا هو الضحيه المقبله لمشيئته ؟
ارتبكت واختفت ابتسامتها الهادئه وبهت بريق عينيها الصافيتين وبحركه لا اراديه ضمت ابنها الذي كان قريبا منها الى ساقها وهي تحتويه بكفها.
التفتُ الى الاولى وانا اقول...
ــ ليس لله ابن ضحى به , ولـــو كـــان لما فعل !
ــ تفكر وتتسائل وتتحدث مثل الاطفال!
ــ في سؤال الاطفال نجد الصفاء والحريه والشجاعه وكلها تختفتي عندما نكبر لتحل محلها المراوغه والعبوديه والجبُنْ.
ــ لاتبتعد عن الله كثيرا ولاتزيد المسافه بينك وبينه فهو يحبك ويريدك.
ــ سيدتي في وطني الاطفال لايلعبون الا لعبة الاصطفاف الطويل في طابور أختيار الضحايا , والله يقيم قيامته لهم كل يوم انه منْ يبتعد عنا ويزيد المسافه بيننا!

ابتعدت تهز رأسها قائله :-
ــ سأصلي لك ليبدد وحشتك ويضمك لرحمته.
ــ بل أرجوك ان تصلي لاطفال وطني ولكل اطفال الدنيا ليلعبوا ويكبروا بعيداً عنه وعن لعبته القاسيه!



#عامر_سليم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الى كلود مونيه .... خواطر انطباعيه
- الروز الاحمر و (ازهار الشر) ....خواطر سرياليه
- احزان يعقوب *
- المقامه الباريسيه
- حنجرة القمر
- صديقي دانغوت الشيوعي
- سلمان بين الباروك والبربوك*!
- الليالي العربيه السوفياتيه
- ما سِرْ العَجّه.. في سوق الشورجه ؟
- * عين واحده .. ام عينانْ
- الاطفال احبابنا ..لا احباب الله
- ازمة الفكر بين الواقع العربي و المنظور الكوني.... ماهو الاخت ...
- المقامات البهلوانيه...... المقامه الثالثه
- القصر.... بين الوهم والقهر
- الى سامح ابراهيم حمادي...مع التحيه
- الى ليندا كبرييل....مع التحيه
- المقامات البهلوانيه......المقامه الثانيه
- مقامات الشاطر حسن البهلوان..... المقامه الاولى
- la putain (ولكن) *
- عامر .. ك


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عامر سليم - ألقيامه