أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - أحمد البغدادي - التحوّلات الدولية الراهنة وتأثيراتها في مستقبل الخليج















المزيد.....

التحوّلات الدولية الراهنة وتأثيراتها في مستقبل الخليج


أحمد البغدادي

الحوار المتمدن-العدد: 384 - 2003 / 2 / 1 - 05:50
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
    


 


<<عصر>> ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، سيكون مقدمة لتغييرات دراماتيكية عاصفة على مستوى العالم، الذي يتجه الى ظاهرة القطب الواحد، والذي هو: الولايات المتحدة الاميركية. إذن هو عالم جديد سيشكل وفقا لما تراه الولايات المتحدة حسب استراتيجية محددة: <<القضاء على المجاري التي تجلب فئران الارهاب العالمي>>، واذا ما تحقق ذلك، فإنه يمكن الحديث عندئذ عن النتائج التي ستترتب على توافر <<المناخ النظيف>> من الإرهابيين، الذين يهدّد وجودهم الحضارة الغربية، وليس فقط المصالح الأميركية. وحيث إن الظاهرة الارهابية قد عمّت العالم وشملته، فلا أحد بمنجاة من صدام الحضارات، والشرق الاوسط العربي الخليجي، هو بؤرة <<التصدير>>. وللأسف، ان هذا الشرق الاوسط المستعصي على الاحتواء الحضاري الغربي منذ الخمسينيات ونيل الاستقلال الوطني وتبنّي قيم ومفاهيم الحضارة الغربية، أو باختصار شديد: الحداثة، هو الهدف.
جميع دول العالم ومجتمعاته تعاملت مع القيم الحضارية الغربية، الغريبة عنها ثقافيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا، ومع ذلك قبلتها وتفاعلت معها، ومع اشتداد عودها الاقتصادي أعلنت معارضتها الثقافية، لكنها جميعا عدا الشرق الاوسط الاسلامي العربي لم ترفع سلاح الارهاب في وجه الحضارة الغربية اعتماداً على الدين. بل ويمكن القول إن الظاهرة الدينية ليس لها وجود واقعي ومرجعي للحياة الحاضرة والمستقبلية، سوى في هذا العالم العربي حيث يقتات الحاضر والمستقبل على الماضي، خاصة في مصر والبلدان الخليجية. وليس عبثا ان معظم الارهابيين وعلى مستوى عالمي هم نتاج الثقافة الدينية التي سادت دول الخليج منذ السبعينيات.
ماهية التحوّلات الراهنة كونياً
الحديث الآن عن العولمة Globalization وليس العالمية Internationalism. فلم يعد العالم الآن <<عوالم>> متلاحمة جغرافياً كما كان خلال الخمسين سنة الماضية، بل عالم واحد متوحّد كونياً عبر شبكة الاتصال الالكتروني، حيث الكون الفسيح الخارج عن نطاق السيطرة والتحكم، بل ويمكن القول، حيث لا دولة. وحيث لا خيار في دخول هذه الشبكة من عدمه. إما الدخول فيها وإما الانقراض. هذه القرية الكونية التي ستضم وحدات سياسية لا تملك السيادة بالدرجة السابقة نفسها، ملزمة بتبني قيم حضارية واحدة، ربما بمستويات مختلفة من حيث الكم، لكن النوع والجوهر واحد. هذه القيم الحضارية يمكن اختصارها بكلمتين: الايديولوجية الليبرالية التي نجحت في صراع البقاء، بل وتسيّدت الحياة بكل مناحيها، ومن ثم فهي التي ستفرض هذه التحولات الكونية، والتي ستمثل في حدود معرفتنا بثلاث قضايا جوهرية: الديموقراطية وحقوق الإنسان والهجرة ووفقاً لما طرحه المفكر الاميركي صمويل هنتنغتون في كتابه <<صدام الحضارات>> الذي سيغدو إنجيل التحرك الاميركي على الساحة العالمية.
وإذا كانت الهجرة لا تعني الدول الخليجية في قليل أو كثير حيث إن الانسان الخليجي ملتصق بأرضه وهو حال كثير من مواطني الدول العربية، لكن الفرق ان الهجرة لا تمثل هاجسا لدى الانسان الخليجي، كما هي الحال لدى الآخرين، بسبب العوز المادي. لذلك ستصبح الديموقراطية وحقوق الانسان أهم قضيتين كونيتين في مجال تحرك الولايات المتحدة وأوروبا في عصر العولمة، وان هاتين القضيتين من الاهمية بمكان يوازي حالة الاستقرار السياسي والاجتماعي التي تسعى اليهما الولايات المتحدة في مرحلة ما بعد صدام حسين في العراق. وما الازدهار الاقتصادي إلا نتاج هذا الاستقرار. ويدلل على ذلك خطاب وزير خارجية الولايات المتحدة الذي عرض فيه المبادرة الاميركية لتشجيع وتطوير الديموقراطية والتعليم والقطاع الخاص في الشرق الأوسط.
حين نتحدث عن قضيتي الديموقراطية وحقوق الانسان، فإن القيم والمفاهيم الخاصة بهما تنبع من المفهوم الحضاري العلماني الغربي الذي يعود اليه الفضل في تنمية الديموقراطية وهذه الحقوق بأشكالها المختلفة كما وردت في الاعلان العالمي لحقوق الانسان المستمد من إعلان الثورة الفرنسية التي ألغت العنصر الديني والعرقي من حيازة هذه الحقوق. هذا التراث الغربي لقيم ومفاهيم الديموقراطية وما تتعلّق به من مبادئ الفصل بين السلطات والمساواة والتعددية السياسية ونبذ الدين، وحقوق الانسان ما يتعلّق به من حريات مدنية وخاصة، يتعارض جميعه مع القيم والمفاهيم الشرقية او الآسيوية، عموما حيث تتغلب مفاهيم الانتماء للجماعة: الأسرة، القبيلة، الطائفة، او العلاقات الاجتماعية الخاصة على مفهوم <<الفردية>> الذي تتبناه الايديولوجية الليبرالية، بما يستلزمه ذلك التعارض الذي يصل الى حد التناقض بين الثقافتين الشرقية والغربية، وبما يدفعه من تنامي وتيرة الصدام بين الحضارتين الشرقية والغربية بشكل عام، والصدام بين الاسلام وليس المسلمين والحضارة الغربية بشكل خاص، نظرا لما تحمله الثقافة الدينية الاسلامية من رفض قاطع لقيم الحضارة الغربية المادية أو العلمانية.
إن سعي الغرب، والولايات المتحدة تحديداً، إلى فرض هذه التحوّلات بعد تحرير العراق، على دول الشرق الاوسط لن يكون سهلاً كما يدل على ذلك التقرير الاستراتيجي الاميركي حيث أعلن المخططون الاستراتيجيون الاميركيون صراحة ان الصراع في الشرق الاوسط صراع أفكار وأنه لا بد للولايات المتحدة ان تنتصر، بمعنى انه لا مجال للتراجع او التهاون في تطبيق هذه القيم والمفاهيم والتي ستقود حتماً إلى تحولات كونية مؤثرة في مستقبل العالم العربي، لان في هذه التحولات يكمن علاج المشكلة الارهابية التي فهمتها الولايات المتحدة على أساس ان المشكلة تكمن في نمطية التفكير ومناهج التعليم في الشرق الاوسط وبالتالي فالمشكلة مشكلة أفكار في المقام الاول، وانه لا بد من تغيير هذه الافكار لضمان المستقبل، وتأتي المبادرة الاميركية التي أعلنها كولن باول وعارضتها أكبر دولة عربية: مصر، وكذلك كثير من المثقفين العرب، لانهم جميعا يعلمون ان القادم أكبر من مجرد مبادرة... انه التغيير الشامل والكامل، ليس من خلال الاستعمار كما حدث سابقا، بل من خلال تغيير المفاهيم والقيم والفكر السائد.
في خضم هذه التحولات خليجياً
لنرصد بعض التحولات الخليجية الآنية: انفتاح المملكة العربية السعودية على الخارج من خلال السماح للآخرين بمراجعة بعض قوانينها المتصلة بالقضاء. السماح بإعطاء هوية للنساء في السعودية. الطلب للقائمين على تطبيق الامر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتخلي عن التشدد. السماح بدور سياسي للمرأة في البحرين وقطر ودولة الامارات العربية المتحدة، والاحتمالات الواعدة للكويتيات، وهناك اتهام صريح للسلطة الكويتية بأنها رضخت للضغط الاميركي فيما يخص هذا الموضوع، وايضا التجربة الديموقراطية الجديدة في البحرين، وكل ذلك ليس سوى سنتميتر واحد في طريق الألف ميل.
حاليا، يمكن القول ان أميركا منشغلة بالشأن العراقي، ولا وقت لديها لهذه التحولات سوى التشجيع والتمني بالاستمرار والتقدم. ولا شك في ان الاستقرار السياسي لمرحلة ما بعد صدام سواء في العراق او غيرها من دول الخليج سيكون له الاهتمام الاول، خاصة ان هذه الحالة ستستمر بعض الوقت لترتيب الشأن الايراني الذي سيُحاط بفكي الكماشة الاميركية، فمن ضمن التحولات القادمة عدم السماح بسيطرة الأيديولوجيا الدينية لتكون لها الكلمة الاولى. حيث إن حالة الاستقرار السياسي لا يمكن ان تستمر بدون الاستقرار الاجتماعي والتطور الديموقراطي، لذلك نتوقع ان تدخل الدول الخليجية في خضم هذه التحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدستورية من خلال الضغط الأميركي لتحويل المبادرة الاميركية التي أعلنها كولن باول إلى واقع. التعليم هو الأساس، لذلك ستشهد دول الخليج تغييرات في مناهجها التعليمية، خاصة الدينية واذا كانت الدول الخليجية تنكر ان هذا التغيير ليس ناجما عن الضغط الاميركي، فإنها لا يمكن ان تنكر حقيقة ان <<ضغط>> أحداث الحادي عشر من سبتمبر يمثل أساسا لذلك. ويجب ان لا ننسى ان جميع الارهابيين الذين قاموا بذلك من المسلمين المتأثرين بالفكرة الدينية، فهؤلاء لم يسقطوا من السماء، لذلك لا بد من ان يشهد التعليم تطويرا جذريا يتواكب مع متطلبات الانفتاح وقيم التسامح وفقا للمفاهيم الغربية.
الديموقراطية بمعنى الانفتاح السياسي والتعددية السياسية ودولة القانون، ستكون محل اهتمام بما لا يدع مجالا لأي درجة من التجاهل، وربما في مرحلة لاحقة وضع الدساتير والانتخابات العامة. فالولايات المتحدة معنية بهذا الامر، اذ لا مجال لمحاربة الفساد السياسي بدون الشفافية في التعامل الرسمي والاهلي وتوافر المعلومات وتنامي الحريات. ولا مجال لإنكار حقيقة ان الدول الخليجية غارقة في الفسادين السياسي والاداري. ومن تداعيات هذه التحولات التغييرات القادمة في وضع المرأة الخليجية، اذ لا يمكن لأميركا والغرب السكوت عما يحدث لها في السعودية، كما لا يمكن السكوت عن تجاهل حقوقها السياسية والمدنية في الكويت. ولا شك في ان من التحولات القادمة الاعتراف بهذه الحقوق للمرأة الخليجية.
حقوق الانسان المهملة في هذه الدول ومشاكلها المتعلقة بها، بدءا من مشكلة <<البدون>> المحرومين من كل الحقوق، الى منع الدول الخليجية حريات التعبير والرأي. واذا كان للدول الخليجية ان تعي درس د. سعد الدين ابراهيم والدور الاميركي الذي هدّد في مرحلة من مراحل الضغط بقطع المساعدات الاقتصادية عن مصر، تعبيرا عن الغضب الاميركي لسجن أحد النشطاء في مجال حقوق الانسان، فإن الدول الخليجية ستواجه ولا شك ضغطا أكبر من الولايات المتحدة والغرب عموما في هذا المجال، خاصة وان التقارير الدولية تبشر بخير. ولا بد ان يحدث تطور نوعي وكمّي في القوانين بهذه الحقوق.
كل ما سبق لا يعني إمكان تحققه بمجرد الضغط الاميركي، ذلك ان النفسية الشرقية قد جُبلت على الاستبداد على مستوى الفرد والجماعة، ثم جاء الفكر الديني مشجّعاً لشيوع وسيادة هذا الاستبداد الشرقي. لذلك من المتوقع ان يتحرك التيار الديني من خلال مختلف المؤسسات لمقاومة هذه الضغوط ومن ثم لا بد ان نتوقع صداماً بين هذا التيار والدولة على المدى المتوسط، مما يدخل المجتمع في حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي فترة من الزمن. فالتحوّل الديموقراطي في البحرين لم يأت بخير على المجتمع البحريني بوصول التيار الديني الى البرلمان، لولا وجود المجلس المعين الذي يخضع للحكم ويتفوق على المجلس المنتخب في مسألة إقرار القوانين، لكن مثل هذا الحل لا يساعد على تطور الديموقراطية. كذلك الامر مع وضع المرأة داخل هذا المجتمع حيث لا تزال الرؤية الشرقية للمرأة تخضع لسيادة المنطقة الذكوري. وقياساً على ذلك تعقد مسألة الحريات الفكرية والدينية.
خلاصة القول إن التحولات القادمة ستكون مؤثرة ولا شك في مستقبل الخليج. وما لم يتم التعامل مع هذه التحوّلات بعقلانية وحكمة، لربما احتاج هذا الخليج إلى بعض العمليات الجراحية... لكن بدون مخدر.
(مداخلة في ندوة التحوّلات الدولية وتأثيراتها على مستقبل الخليج مهرجان القرين الثقافي التاسع).
 كاتب كويتي.

 
©2002 جريدة السفير
 

 

 



#أحمد_البغدادي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- هدنة بين السنة والشيعة في باكستان بعد أعمال عنف أودت بحياة أ ...
- المتحدث باسم نتنياهو لـCNN: الحكومة الإسرائيلية تصوت غدًا عل ...
- -تأثيره كارثي-.. ماهو مخدر المشروم المضبوط في مصر؟
- صواريخ باليستية وقنابل أميركية.. إعلان روسي عن مواجهات عسكري ...
- تفاؤل مشوب بالحذر بشأن -اتفاق ثلاثي المراحل- محتمل بين إسرائ ...
- بعد التصعيد مع حزب الله.. لماذا تدرس إسرائيل وقف القتال في ل ...
- برلماني أوكراني يكشف كيف تخفي الولايات المتحدة مشاركتها في ا ...
- سياسي فرنسي يدعو إلى الاحتجاج على احتمال إرسال قوات أوروبية ...
- -تدمير ميركافا وإيقاع قتلى وجرحى-.. -حزب الله- ينفذ 8 عمليات ...
- شولتس يعد بمواصلة دعم أوكرانيا إذا فاز في الانتخابات


المزيد.....

- واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!! / محمد الحنفي
- احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية / منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
- محنة اليسار البحريني / حميد خنجي
- شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال ... / فاضل الحليبي
- الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟ / فؤاد الصلاحي
- مراجعات في أزمة اليسار في البحرين / كمال الذيب
- اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟ / فؤاد الصلاحي
- الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية / خليل بوهزّاع
- إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1) / حمزه القزاز
- أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم / محمد النعماني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية - أحمد البغدادي - التحوّلات الدولية الراهنة وتأثيراتها في مستقبل الخليج