|
هنا وهناك 1974(جان لوك غودار):من الحديث عن الثورة الى لغة الحديث عن الثورة
بلال سمير الصدّر
الحوار المتمدن-العدد: 5215 - 2016 / 7 / 6 - 23:15
المحور:
الادب والفن
هنا وهناك 1974(جان لوك غودار):من الحديث عن الثورة الى لغة الحديث عن الثورة عائلة فرنسية من الطبقة الوسطى متسمرة امام جهاز التلفاز وهي مبدأيا تشاهد وثائقية عن الكفاح المسلح الفلسطيني،ولكن الموضوع سيدخل حيزا واسعا آخر موضوعه الصورة وعلاقتها بالواقع واعادة تشكيل الواقع...هنا علينا ان نتحدث عن مصطلحات ضرورية وعلى نمط التساؤلات: كيف نوثق الوثائقية أو التاريخية...كيف علينا النظر الى كل الأمور من خلال النظر الى هذه الصورة ذات العنصرين (المكان والزمان بعلاقة وطيدة مع الصورة والصوت). والتقسيم ضروري كالعادة حتى ننال شيئا من الفهم للغة المشكلة التي يطرح فيها غودار هذا الموضوع،فغودار قبل ان يكون مبدعا فهوم مغرم بالتغريب اللغوي السينمائي،ولكن ومن وجهة نظرنا المتواضعة،ان الموضوع أو الشيء الذي يريد ان يقوله غودار في الفيلم يبدو بسيطا ولايحتاج الى كل هذا التغريب،فمن الاجدى لو طرح غودار-ان كان الفيلم عن الثورة أو القضية الفلسطينية بحيث نصل احيانا الى الشك في هذا حتى لو بدا الفيلم متعاطفا بل مناصرا لها-الموضوع الفلسطيني بشكل مباشر حتى يصل الفيلم الى عقلية وفهم الجزء الاكبر من المهتمين والمتابعين. لكل مبدع لغة خاصة ولولا ذلك لما كان مبدعا الموضوع الأول(هنا) في فرنسا عائلة تشاهد التلفاز،وهي تشاهد موضوعا عن (هناك)،أي عن فلسطين أو عن الكفاح المسلح الفلسطيني،وهذه المشاهدة يجب ان تحفل بمصطلحات على شاكلة: (ارادة الشعب-الكفاح المسلح-العمل السياسي-دور المرأة-وثورة حتى النصر وحرب طويلة الأمد) وهنا نلاحظ ان غودار لازال يطرح الموضوع بشكل مبسط قبل ان ينتقل الى طرح الموضوع الأساسي ألا وهو اللغة،وهو يقول مايريد قوله بين السطور،ويعبر عن آرائه غير المحايدة في كثير من الأحيان بشكل يبدو واضح،وهو عندما يطرح موضوع اللغة كوسيط بين المتلقي وبين ما يحدث فعلا على الأرض،فهي بالنسبة له تبدو محملة بكثير من الشك والتأويل المفترى والسبب في ذلك ليس فقط(قصور اللغة) بل ايضا الأيدي الخفية ذات الهدف الواضح التي تتلاعب بهذه اللغة,وكل هذا سنشير اليه في حينه،ولكن الاشارة الضرورية ان غودار يدمج الوثائقي السياسي بالوثائقي الاعلامي. غودار يطرح في البداية الواقع الوثائقي ويقول مايريد قوله من خلال تأويل الصورة وليس مباشرة وهو الاسلوب المتبع في الفيلم برمته،فالفيلم معادي لأسرائيل أو للسياسات الاسرائيلية. هناك صورة لجولدا مائير تفتح فمها وكأنها في خطاب سياسي حماسي ومن خلفها صورة أخرى توحي بالألم الانساني العام،وبعد ذلك تظهر صورة المذكورة بجانب هتلر،وهو لاحقا-اي غودار-سيوحي بانه متصف بشيء من التوازن ولكن الأمر ليس كما يبدو،فبعدما طرح موضوع الثورة بهذا الشكل المبسط يقول الراوي-الذي يبدو -لي بانه غودار نفسه: ثم عدنا الى بلادنا...عدت انا وعدت انت عدت الى هنا...الى فرنسا ولم تكن الأمور تسير بشكل جيد ومضت الايام ومضت الشهور تظهر عبارة خطاب...انني اقول التالي:علينا أن لانلتزم مع الحزب الاشتراكي وبسرعة تنفجر التناقضات وانت معها هنا-في فرنسا-يبدأ الحديث عن اشياء اخرى الاعلام الاستهلاكي واستغلال الموضوع الثوري لخدمة الاستهلاك،وهنا من الممكن ان يتحول العمل النضالي برمته الى سلعة استهلاكية على شاكلة رواية اباحية اجواؤها وديكوراتها هي العمل المسلح وسيكون الملصق الخارجي عندها لأمرأة نصف عارية تحمل بندقية والايحاء واضح لايكذب عليك بتاتا وبالتالي الاستهلاك سيكون مطروحا للمضمون الاباحي ليس الا. و غودار لايكتفي بذلك بل يطرح لاحقا (منظومة الاقتصاد العالمي) بشقيها الأمريكي والسوفييتي ويكتب كلمة على الشاشة:المصنع بجانب هنري كسينجر امريكا هي مصنع الاستهلاك،هي اللغة الاستهلاكية لهذا العصر وهي بدعة الاستهلاك وهي التي ترعى نظاما يرعى الاستهلاك بامكانه ان يحول المضمون الثوري الى شكلية اباحية هدفها الاستهلاك...وهي من الممكن من خلال ممارساتها ان تحول انظارنا ليس عن جوهر القضية بل عن القضية نفسها. -يقرأ هذا الشاب الرواية الاباحية لكي ينسى المصنع،ولكن هل كل ذلك يقوله غودار بشكل تقليدي...قطعا لا التعليقات التي يطرحها غودار دائما ملفتة للنظر وتحفل بالتكرار اللغوي وهي ميزة تلاحق غودار في كل افلامه المتأخرة...يقول غودار المعلق على الاحداث: وبسرعة تنفجر التناقضات وانا معها في اسرائيل وبدأت اعي انني أنا كذلك عندما ذلك،ذلك ذلك ذلك...(صورة عن المشهد والكفاح المسلح الفلسطيني) ذلك،صورة لجثة فلسطينية (عمان ايلول 1970) يفتتح غودار فيلمه على هذه العبارة: في العام 1970 كان عنوان هذا الفيلم النصر وفي العام 1974 اصبح عنوان هذا الفيلم هنا وهناك هذا التغيير في العنوان ان كان مبررا،إلا ان اسبابه ظلت مجهولة،ولكننا نطرح هذه الفكرة: احد اسباب استغناء غودار عن الوثائقية الأولى(النصر) الى هذه الوثائقية المغلقة على لغة سينمائية خاصة(هنا وهناك) هو الشك والتناقض والحيرة التي لاحقت غودار بعد اعمال ايلول 1970،خاصة انه كان في ذلك الوقت في عمان. من الفيلم:هذا وهذا وهذا...اصبح هذا....صور وثائقية لجثث فدائيين فلسطينيين من ايلول الاسود هل غودار متردد من طرح السؤال التالي:هل الثورة قتلت على يد اصحابها...من ثم تظهر هذه العبارات على الشاشة:تقريبا كل الممثلين ماتوا .....خلال تصوير الفيلم كان الممثلين في خطر الموت مثل الموت في هذا الفيلم عبر دفق من الصور...دفق من الصور والصوت يخبئان الصمت صمت يصير قاتلا لمنعنا اياه من الخروج حيا،ربما في الف ليلة وليلة ستواجه شهرزاد ذلك بطريقة اخرى ومن اشعار لمحمود درويش على خلفيات المخيمات الفلسطينية واحداث ايلول في عمان يبدو ان انتقاد غودار لما يحدث في العام 1970 يبدو صامتا فيه شيء من الحيرة، والاحتكام الى العبارات اللغوية ضروري للتحليل وابراز أو حتى فهم الفكرة...غودار لايقول اي شيء مباشرة بل من خلال تحليل الصورة لنتأمل في العبارة التالية: من خلال اعادة التفكير بذلك،من المرجح اننا في محاولتنا لأضافة الأمل الى الأحلام قد نكون ارتكبنا أخطاءا حسابية...من الممكن ان تكون هذه العبارة عن الحيرة من ايلول...ويتابع: بالاحرى بما أننا لانجد انفسنا لانبعد عن الصفر،لم نقم بعمليات اضافة بل بعمليات طرح(المبالغة بالأمل)،أو بالاحرى اضفنا ارقاما سلبية من البداية. هناك بعدين:الواقع السياسي المر للفلسطيني مع صورة فرنسا،واللغة التي من الممكن ان نعبر عنها بكل ذلك وايضا فكرة التكرار التاريخي. صورة من عام 1936...بزوغ الحزب النازي وصورة من عام 1917....الثورة الشيوعية حسابيا بالنسبة لغودار36+17 لاتزال تساوي 70 اي احداث عمان 1970 ومن ثم تظهر صورة لغولدا مائير بجانب صورة هتلر وعليها كلمة اسرائيل حين تقول آن بيار ميلفيل-المشاركة لغودار في اخراج الفيلم في فترة غودار التي تسمى دريغا فيرتوف-: كان الذي يفقد القدرة على الصمود في معسكرات الاعتقال النازية كان يدعى بالمسلم فمات 9 ملايين ذنب 6ملايين منهم انهم يهود. اليهود كانوا في يوم ما مسلمين ضمن تقسيم بشري لغوي لااكثر هذا يشير الى التوازن والى انقاد مبطن لأسرائيل التي تمارس تكرارا تاريخيا مرفوضا كان ذات يوم مطبقا عليها. ثم ينتقل غودار الى الحديث عن اللغة الفيلمية بشكل اكثر تشعبا واكثر تعقيدا مع التغريب اللغوي المشار اليه،بجيث ان الفيلم اختصر المكان واصبح عبارة عن زمان،فالفيلم بالنسبة اليه يسجل المكان ولكن بهيئة مختلفة. الصور لم تعد تمثل المكان ولكنها نوع من الترجمة ونوعا من المشاعر التي نشعر بها اتجاه المكان..ويطرح غودار مسلمات اخرى لطريقة عمل الفيلم والصورة من الناحية الحقيقية ومن الناحية المعنوية... بلال سمير الصدّر 12/6/2015
#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المانيا العام 90(جان لوك غودار): نقد البنيوية الثقافية للتار
...
-
ألمانيا العام صفر1947(روبرتو روسيليني):أنغام صوت الفورهور عل
...
-
عن روبروتو روسيليني 1906-1977 وروما مدينة مفتوحة 1945:
-
ليلي مارلين 1981(راينر فاينر فاسبندر): صعود وسقوط النازية
-
لولا 1981(راينر فاينر فاسبندر):الاساس الاخلاقي للصعود الألما
...
-
فيرونيكا فوس 1982 (راينر فاينر فاسبندر):انهيار وتداعي لأحلام
...
-
زواج ماريا براون 1979(راينر فاينر فاسبندر):ميلودراما محرمة ع
...
-
الجيل الثالث (راينر فاينر فاسبندر) 1979:عن شوبنهور واندفاعات
...
-
في عام الثلاثة عشر قمرا 1978 راينر فاينر فاسبندر:آخر خمسة اي
...
-
يائس 1978(راينر فاينر فاسبندر):مؤشرات رجل يائس على وشك الجنو
...
-
الروليت الصينية 1976(راينر فاينر فاسبندر):انكشاف الاقنعة
-
شواء الشيطان 1976(راينر فاينر فاسبندر):عودة الهمجيون
-
الأم كيسرز تذهب الى الجنة 1975(راينر فاينر فاسبندر):فاسبندر
...
-
كل الآخرين اسمهم علي(راينر فاينر فاسبندر):الخوف يقتل الروح
-
دموع بيترا فون المريرة 1972 راينر فاينر اسبندر):فيلم عن الشي
...
-
تاجر الفصول الأربعة 1972(راينر فاينر فاسبندر ):الحشرة الاجتم
...
-
احذر من العاهرة المقدسة1971(راينر فاينر فاسبندر):أنا دائما خ
...
-
Kalzelmacher1969(ليس من اجل لاشيء) راينر فاينر فاسبندر :فضح
...
-
الحب ابرد من الموت 1969(فاسبندر):شخصيات تعاني من برود شديد ا
...
-
عن راينر فاينر فاسبندر 1945-1982 وصعلوك المدينة وتشويش بسيط
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|