علاء الصفار
الحوار المتمدن-العدد: 5215 - 2016 / 7 / 6 - 23:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد دعمت بريطانيا و من بعد أمريكا كل الأنظمة الدموية ليس في الدول العربية فحسب بل في العالم أجمع, لا بل شنت دول الغرب الرأسمالية المسيحية العلمانية وأمريكا, أعتا الهجمات على الدول التقدمية, فمن فيتنام و لاوس و كمبودية فسالت الدماء إلى شيلي و زمبابوي و جنوب أفريقيا و أنكولا و من ثم عبر الانقلابات الأمريكية و البريطانية كما كان يحدث في العراق و سوريا و لبنان و من بعدها إلى السودان و نيكاراغوا و المحاولات المئوية على كوبا و بعدها على إيران و الكثير من الدول التي لا يمكن استعراضها هنا, لذا أنصح بقراءة كتاب نؤامن تشومسكي 501 عام و الغزو مستمر.
المقال كتب على هامش تفجير الكرادة, إذ تناول العديد من الكتاب أمر التفجير, والذي كان هو أحد حلقات سلسلة الأنفجارات التي هزت عدد من الدول و ليس لي رغبة بذكر تلك الدول, فنحن فقط نجتر أسماء الدول دون أن نضع أصبعاً, عن لماذا التفجيرات في العراق؟ أختزل الإرهاب في العالم العربي فقط في العراق, ومنه نتمكن التعميم على كل المنطقة.
أن التاريخ العالمي كله مليء بالجرائم و الحروب الاستعمارية, فمن زمن العبيد عرفنا ثورة سبارتكوس أما التوراة فحدثنا عن عنف الفرعون, وكان أن تربى موسى في كنف الفرعون, وصار ضابط من حاشية الفرعون الدكتاتور الأول في البشرية, وهذا الضابط قتل بشر مصري في الشارع إثر نزاع بين رجلين من دولة الفرعون فأنحاز موسى لقومه, النبي الأول في التوحيد, الذي وصلت إليه الحضارة المصرية. فما كان من الدكتاتور ( الفرعون) أن يطلب من القاتل و ربعه, أن يغادروا أرض الفرعون التي و فرت لهم النعمة و الحضارة.
خرج موسى ليهيم في الصحراء, وليعيش مع الرعاع بعد أن كان في مملكة مع أرقى شكل للحضارة, و بفضل دروس المعرفة العلمية والعسكرية والسحر والفن و الأدب, تمكن من إذهال تلك الكتلة اللحمية من صنوف العبيد, فقال لهم إن ما حدث لكم في أرض مصر والفرعون مكتوب في الفنجان المقلوب. و أنا نبي الله أحمل لكم ألواح القتل والسبي للعباد,وبنزعة من اللوعة في القدر المرسوم, قدم موسى النبي تعليماته العسكرية و الستراتيجية للرعاع, فقال أن كل الأرض التي نمر عليها ستكون ملككم أنتم أيها العبيد, فهذا مكتوب في لوح موعود منذ الأزل, فأنتم شعب الله المختار في أرض موعودة.
هكذا نرى أن الأنبياء أجمعين تحدثوا عن الشعب و الفقراء و المقاتلين و عن السيف و القيصر و الله و الزانية و النذور وتقديم الأضحية و لحم العجول لبيت المعبد لتكون طعام لنبيكم المختار أو المصطفى, فهكذا صار النبي موسى فرعون و نبي للشعب المطرود و المغضوب عليه من الفرعون و الله, و ليقع ضحية في يد النبي موسى و من هنا تم أخراج سيناريو الأنبياء أجمعين من النبي عيسى أبن مريم فإلى النبي محمد بن عبد الله. ملاحظة من خيالي, الأنبياء أجمعين بلا حنان آباء!
قد يتساءل البعض ما هذا الهراء و ما علاقته بتفجيرات العراق عامة و الكرادة خاصةً؟
الجواب أن الزمن الحالي هو زمن الدين و القومية و حروبها, ومن ثم هناك كم هائل, وعلى كل صفحات الفيسبوك و الحوار المتمدن تخندق ديني واضح, جاء مع زمن الغزو الأمريكي للعراق, فلدينا الكثير من يكتب في الدين و العلمانية من أمثال عبد الله خلف و ساميين ذيب و لبيب و بربروسا آكيم و أحيانا بعض الكتاب الآخرين من ينتقد رجال الدين و بضمهم أنا!
يحاول البعض لتصوير أمر التفجيرات في العراق,نابع أساساً من الدين ( الإسلام و النبي محمد و قيم الصحراء) وما إليه من هراء, بعيد عن كل أفكار العصر الحالي و إفرازات القرن الأمريكي و حرب العولمة, فإذا يعمل الدين و رجاله إلى تغيب العقول بالخرافات وغسل الدماغ عبر الجنة و حور العين والخمر والغلمان, لا يقدم الآخرين إلا سم آخر إلا و هو إبراز الدين و آياته ( الإسلام و محمد المقصود اليوم ), فيضيع على القراء أمر العصر و الإرهاب العصري الذي هو سمت زمننا الحالي,أي يحاول السادة سحب الماضي على إفرازات الامبريالية الأمريكية, بكلمة أخرى تخليص أمريكا والسعودية و قطر من ورطتها, مع إهانة عنصرية و دينية للمسلمين وخاصة العرب.
كل من ينكر الدين وجبروته فهو أحمق أو دجال مراوغ يحمل الدين و الزيف و العنصرية في داخله و يحط من دين الآخرين. طبعا الكثير سيقول أن علاء الصفار يدافع عن الدين ( الإسلام) و بالتخصيص يدافع عن الشيعة يعني بميول شيعية شيوعية, فهذا أسلوب المفلسين, فقد كان كارل ماركس على معرفة تامة باليهودية و كتب عن المسألة اليهودية و نقد الدين و الله و صار مؤسس للشيوعية العالمية بنداء يا عمال العالم أتحدوا!
لقد حارب رجال الدين و معهم الأنبياء رجال السلطة في كل العصور, و لليوم الشعوب تصلي و تصوم والجوامع تصدح بالآذان وأجراس الكنائس تقرع قرب برج أيفل والبيت الأبيض الأمريكي وعند ساعة بك بن في لندن و تقدم الأضحية من القطب الشمالي فأمريكا و حتى روسيا الأرثذوكسية و بولونيا و ألمانيا الكاثوليكيتين و سنغافورا و أندنوسيا فالسعودية المسلمان الكويت ودول ستان محمدان من ( كرد و أفغان وباكستان ههه).
هل يتحمل اليهود و المسيحيين و المسلمين آثام الزمن الدامي بحروب الأنبياء و آياتهم, و نحن نعلم فكل واحد منا يولد رغم أنفه, باختراق حيمن ما لبويضة ما , فأن كان الحيمن ليهودي صار النسل يهودي وهلموا جرا وعرا, يأتي مسيحي و مسلم!
لقد جاهدت أمريكا جهاد المسيحي الصليبي من اجل الاستحواذ على العراق, فقد ناصبت جمهورية العراق الأولى التي أنجزت تحرير العراق بقيادة الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم, فاستخدمت الرجعية العراقية من أقطاع و فلول النظام الملكي, و رجال التخلف الديني من أحزاب أخوان المسلمين و من ثم حزب البعث, لينتهي العراق إلى مجزرة دامية و على يد حزب البعث القومي العلماني الذي جاء بالقطار الأمريكي للسلطة, فأستمر بسلطة دامية بدعم الغرب العلماني المسيحي الصليبي.
لقد قدمت بريطانيا وأمريكا للانقلابيين ليس السلاح والدعم اللوجستي فقط بل قامت بريطانيا بتأسيس جهاز المخابرات العراقية من زمن الملكية وبعدها جاء دور الغرب في إعداد المخابرات العراقية, وقد قدمت أمريكا كل سماء الأحرار والشخصيات الثورية في الحزب الشيوعي و بطلب بإعدامهم, إذ أنهم خطرين على المصالح الأمريكية أولاً و على صدام حسين ثانياً! أكرر أني أضرب العراق كمثال و عليكم البقية و حسب بلدانكم و تجارب شعوبكم!
مجازر عام 1963 كانت مجازر أمريكا تم على يد الرجعية و البرجوازية العراقية التي انبثقت مع سلطة الملك فيصل في العراق. فجن جنون الطبقة الإقطاعية و جن رجال الدين من المد التقدمي والزحف الحضاري, وكانت أمريكا بالمرصاد ليس للزعيم العراقي بل لليسار العراقي و خاصة الشيوعيين في العراق, إذ تعرف أمريكا أن الخطر على مصالحها يأتي من عبادها العلماء فأمريكا هي الله العصر الحالي, فهي من تولي من تشاء و تحطم من و ما تشاء!
لكن أمريكا ألعن من الله إذ الله ليس له مصالح عبر القارات ليرعاها كما ترعى أمريكا مصالحها فالله فقط مشكلته أن يعبده البشر و يقر أنه الخالق الجبار الأوحد!
من الغباء المطروح في عدد كبير من المقالات أن أمريكا حررت العراق, لكن الشعب العراقي لم يستغل الفرصة! أية فرصة و المخطط المرسوم في الفنجان الأمريكي المقلوب, فأمام العالم خرج جورج بوش بومبة و حشيشة ليقول ألقينا القبض على صدام حسين, بعد هرب صدام حسين من السلطة. لا أعرف كيف يتبجح المتبجحون بكلمات غبية في الحوار, حول نزاهة أمريكا و انقلابها من ذئب نهب إلى حمل وديع.
فهل من المعقول؟ أن أمريكا التي لديها مصالح كما الأنبياء و رجال الدين المشعوذين الراكضين نحو السلطة, تزيح نظام صدام حسين في لحظة توق للحرية! أن هذا الغباء لا يمر إلا على السذج و يطبل له أعداء المسلمين و العرب و إيران, نسيت نفسي و بدأت أفصح عن أسماء الدول فعذراً.
أن المرحلة الحالية ما بعد سقوط صدام حسين, هو زمن القطب الواحد بعد انهيار المعسكر الاشتراكي و هزال الشيوعية في العالم والعراق خصوصاً, أي أن أمريكا لم تلبس ثوب الديمقراطية إلا زيفا بعد خلو الساحة في العراق من الأحرار و من يسار و شيوعيين ثوريين, لذا رقصت أمريكا رقصت العري العاهر في العراق بعد تحرير البوسنة و الكويت, أي أن أمريكا تخلت عن صدام حسين ليس من فراغ و لكن كانت قد أوجدت البديل الأعن و الألعن من صدام حسين.
كان سقوط السوفيت قد أوجد معادلات جديدة, فأمريكا كامبريالية و زعيمة للدول الرأسمالية المسيحية, تحتاج إلى صراع مع عدو خارجي ليوحد الشعب الأمريكي اللملوم, فأقرت سريعا بعد انهيار الاشتراكية كنظام و فكر, أن الإسلام سيكون عدو الله وأمريكا خصوصاً, فهنا يكمن الدهاء الامبريالي. فأمريكا تفاد من الدول الإسلامية العربية و خاصة السعودية ودول الخليج, وتحتقر العرب والمسلمين في الآن ذاته, خلافا لدولة الرأسمالية الفاشية لهتلر الذي أعلن نزعته العنصرية و قسم البشر حسب العرق واللون والدين, فجاء بنظرية العرق الآري الأرقى! و كان هتلر علماني أول في الدولة الرأسمالية الصناعية الحديثة التي فصلت القس عن السلطة!
هكذا خاض هتلر حروبه المدمرة من اجل الاستحواذ على العالم فجعل العرب يأتون بعد القرود و اليهود ينبغي لعنتهم إذ أنهم قتلة للأنبياء و عصابات و مشعي الإباحية و الخلاعة و الفن الرخيص و يهاجمون المسيح عليه السلام, وبكونهم مافيات تعمل في البنوك لتخرب الاقتصاد في ألمانيا و العالم.
فهكذا جرت انهار الدماء في كل أوربا بعد الحروب الصليبية التي قضت على نصف سكان أوربا. قد يتصور البعض أني أبتعد عن تفجيرات الكرادة, لقد استعرضت مجبوراً هذه المجازر لأقول أن القتل في العراق لا يخرج عن القتل لزمن الرأسمالية من زمن هتلر إلى زمن بوش و لا ننسى بول بريمر كأحد الرموز اليهودية فإذا كان صدام حسين مسلم فأن جورج بوش مسيحي, فهنا نرى توحد البشر في القتل و الدماء في عصرنا الحديث.
لقد غير أمريكا أسلوب الحرب على العراق, فقد كانت أمريكا و بريطانيا تحتل العراق بجيشها و دعي ذلك العصر بالاستعمار القديم, و بعد خروجها من العراق و تحت ضربا الشعب و إضراباته تركت الملك العميل يدير حساباتها النفطية و التجارية فدعي ذلك بزمن الأستحمار الحديث, و بعد سقوط الدكتاتور صدام حسين جاءت أمريكا بجهاز القاعدة للعراق, الذي تم تحطيم و حل جيشه و تحطيم نظام الأمن و حتى جهاز الشرطة, أي تحول العراق كما حلزون يخرج من قوقعته ليكون عرضة لكل الأخطار.
فإذا كان الله يحب عباده المصلين و المحسنين فأن أمريكا تحتقر كل الملوك و الرؤساء الخونة و العاملين معها, فأمريكا أسوء تعبير للرأسمالية و شرورها, فاليوم نحن في زمن حرب العولمة. فأمريكا لديها جيش جرار من مهمشين ومغيبين ومغسولي الدماغ و هؤلاء جاءوا للحياة كما نحن جئنا عبر حيمن و بويضة و شاء القدر أن الزمن هو عصر الامبريالية الأمريكية و حلفائها دول الخليج و السعودية, وهذه دول تعتبر إسلامية فلذا تلعب أمريكا بحياة ملايين البشر بأصابع خفية.
فأمريكا أسقطت حكومة أفغانستان الشيوعية و سمي تحرير! الآن أفغانستان دولة تعيش في العصر الحجري,هذا النموذج صار موديل أمريكا فصفقت إسرائيل له وقالت يا موسى عفوا يا جورج بوش وبول بريمر نحن نقدم لكم مزامير النبي داود فندعم كل توجهاتكم في العراق, فإسرائيل هي من المحيط إلى الفرات.
اليوم الحديث المشبوه هو نقد الإسلام في الدول العربية, وليس نقد الدين و فلسفته عموما, فإذا المسلم العربي و الإيراني مغيب و بثقافة بائسة,فأن المسيحي في البلدان العربية أكثر بؤساً و شقاء, من هنا تتغيب دولة المواطنة, و من هنا تنجح أمريكا في غزو الشعوب و نهبها و من هنا ينج الإسلام السياسي ليكون قائد دولة البرجوازية العربية.
فتفجيرات الكرادة هي تعبير كامل عن حرب العولمة و غزو النهب للشعوب العربية و المسلمة, أما حديث نقد الإسلام وأن المسلمين قساة و النبي محمد صحراوي و أن شعوب الشرق غبية ولا تعرف السلام, فهذه هي مفردات الصهاينة التي تسوغ وتسوق في الثقافة الحالية التي تخدم أمريكا و تخدر حتى المثقفين ليصرخوا الدين أفيون الشعوب وينبغي تحطيم النبي محمد و آياته كما يدعي السيد محمد البدري في تعليقاته على مقال السيد جعفر المظفر الأخير!
أن تغيب الصراع الطبقي و الوطني و القومي الأصيل يغيب اليوم عبر أحزاب الإسلام السياسي و بدعم الغرب وأمريكا وبتقديم نظريات و عبر عقول تخدم الرأسمالية, من مثال فكو مايا و نهاية التاريخ و نظرية صراع الحضارات بدل نظرية عيش الحضارات بوئام جنب إلى جنب, ثم تأتي الأقلام المأجور بتخدير المثقف عبر الهجوم على الدين وأيمان البشر.
يتناسى هؤلاء السادة! الأمر التاريخي و التطور الديالكتيكي, أن أوربا لم تنتقد الدين و تثور عليه إلا بعد أن ظهرت طبقة العمال و البرجوازية القوية, إذ قد دمرت الكنيسة كل خصومها حين لم تكن هذين الطبقتين موجودة, كما دمر صدام حسين كل خصومه الأحرار, نقد الدين ليس بالضرورة يقود لتحقيق دولة مواطنة بل قد يعزل الأحرار عن الشعب المغيب, إذ سطوة الدبابات الأمريكية اليوم هي التي اسقطت نظام صدام حسين و هي التي تدعم السعودية و القاعدة و داعش.
أن أي دعوة للخير قبل ظهور المهدي هي دعوة الأعور الدجال ههه عفوا للمزحة!
أن أي دعوة لإظهار المسلمين بكونهم جاءوا من حيمن إسلامي يحمل آيات النبي محمد في العنف و هي سبب التفجيرات في الكرادة هي دعوة تعمل لتمرير الهجمة الأمريكية على العراق, و لتغيب الصراع الوطني والديمقراطي والحضاري.
فنحن في زمن صراع الحضارات و زمن المؤامرات و النهب الأمريكي, بعد غياب الدكتاتور و حضور أجهزة الإرهاب (القاعدة و داعش) و صعود إسرائيل و السعودية وقطر حلفاء أمريكا إلى المسرح السياسي.
عقد ونيف بعد وعد الديمقراطية لبوش و بخلفية أكذوبة أسلحة الدمار الشامل و الدماء تجري! لا ننسى الفلوجة هيروشيما العراق الصماء البكماء العمياء, إذ العالم لم يصرخ من اجلها كما صرخ و يصرخ من اجل ضحايا اليابان أو اليهود!
فلا تعوا:أن الإسلام هو الخلل! فالغزو الأمريكي هو العقبة الكأداء و سبب عدم التطور و تكريس دولة الدين في السعودية وأفغانستان و إسرائيل, في سياق نظرية المؤامرة و أمر صراع الحضارات و حرب الشمال و الجنوب و إلى حرب النجوم!
#علاء_الصفار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟