أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فادي محمد شراب - كابوس














المزيد.....


كابوس


فادي محمد شراب

الحوار المتمدن-العدد: 5214 - 2016 / 7 / 5 - 17:49
المحور: الادب والفن
    


"تلك هي الاخبار السعيدة" هكذا صاح رودي -وكأنما تلقى خبر فوزه بمائة ألف دولار- عندما قرأ في الصحيفة اليومية تحت بند قسم الحوادث خبر هجوم خمسة لصوص على بيت إمرأة عجوز، تلك المرأة والتي تدعى كاترين تبلغ من العمر 80 عاما وتعيش لوحدها بعد ان توفي زوجها الذي هوجم من قبل لصين في وقت متأخر من الليل قبل عشرة اعوام، حيث كان يبلغ حينها 80 عاما ايضا.
شاءت الاقدار ان يكون عمر زوجته الذي هاجمها فيه الخمسة لصوص هو نفس عمر زوجها حين هوجم قبل عشرة اعوام.
" من يهتم لحياة لشخص قد جاوز الستين والسبعين من عمره ؟ ان وجود هؤلاء الاشخاص في الحياة كوجود البنطال الممزق في البيت لا فائدة منه " هكذا قال رودي لنفسه عندما بدأ بقراءة الخبر ليسترق عمر المرأة تفكيره يدفعه لاطلاق تلك العبارة.
أكمل رودي قراءة الخبر فصعقته عبارة " وظلت المرأة على قيد الحياة فلم يصبها اللصوص بأي اذى بل اكدوا لها انهم جاؤوا هنا لحمايتها ورعايتها والرحيل في الوقت المناسب على حد قولها ".
"ما هذا الهراء !" قال رودي بغضب ، منذ متى كان اللص يدخل بيوتنا لحمايتنا ؟ بل ويرعانا ! لماذا لما يقتلوها ؟ لقد أهانوا مهنة السرقة، ثم أردف في سريرة نفسه قائلا : " لو كنت مكانهم بالتأكيد لما سمحت لها ببقاءها حية ؛ لوددت ان اغرس السكين بأكمله في داخل احشائها والخروج ؛ ما متعة السرقة اذن ! "

نطق رودي هذه الكلمات المعتادة وهم واقفا لتحضير كوبه المعتاد من القهوة.

بعد أنهى رودي تحضير كوب القهوة ؛ تركه على الطاولة وقرر الخروج من المنزل ، حيث كان نادرا ما يخرج من زنزانته التي تزينت بروائح كريهة.

نزل السلالم مسرعا وخرج من باب العمارة ، كان الشارع يخلو من المارة الا ان ذلك لم يحبط عزيمته من المشي قدما الى مبتغاه الذي لا يعرف ما هو، فقد كان رودي ينزل الشارع ويمشي دون اي وجهة ودون اي سبب فقط لاضاعة الوقت.

" انقذني ارجوك " سمع رودي ذلك الصوت البريء ولكنه لم يبدي اي اهتمام واكمل مسيرته ، " سيدي ارجوك " نادى الصوت ثانية ولكن هذه المرة كان صاحب الصوت يتشبث بقدم رودي ، صوت الطفلة التي كانت بثياب ممزقة ووسخة ، لم يحرك ذلك الصوت ادنى عاطفة في نفسه فركلها بقوة جعلتها ترتمي في منتصف الطريق.

وصل رودي نهر المدينة وجلس جاعلا النهر خلفه ، كان يتمتم لنفسه بعبارات معتادة مثل " ترى كم من انسان يقتل الان ؟ من عدد الاموات في الارض ؟ متى ساقتل انسان؟".

بعد فترة وجيزة قرر رودي العودة للبيت ، لفت نظره رجل كهل طلب مساعدته في رفع بعض الاكياس ، نظر اليه رودي صامتا وأكمل طريقه.

في الطريق وجد تلك الطفلة مستلقية على الارض وجهها ملطخا بالدماء ، توقع رودي ان تكون قد تعرضت لحادث سير ، اقترب منها بجرأة ونظر اليها وأدرك انها فقدت الحياة ، كان في رقبتها قلادة ظن انها من الفضة ، اقتلعها واخذها وأكمل سيره.

وصل رودي العمارة وطلع السلالم بخطى متثاقلة ، دخل البيت ولم ينسى تناول كوب القهوة البارد الذي اعده قبل خروجه وجلس على الكرسي كالمعتاد ليمتع ذهنه بقراءة الحوادث.

شعر رودي بحركة غريبة خلفه فالتفت فصعق عندما رأى ثلاثة مقنعين ينظرون اليه ويصوبون سلاحا في اتجاه رأسه.

"اجلس راكعا " هكذا قال احدهم لرودي الذي انصاع للامر دون تفكير، ثم اقترب منه واضعا مسدسا على رأسه قائلا " عليك ان تودع الدنيا"

في ثانية ؛ عم الظلام المكان لم يرى رودي احدا وقال مأنبا نفسه بقوة " بماذا سيذكرني الناس ؟ ماذا قدمت لهم ؟ هل سيذكروني بالخير ام بالشر ؟ ماذا سيقول صاحب المتجر الذي اقرضني مبلغا ولم ارده اليه ؟ ماذا لو ساعدت تلك الطفلة وذاك العجوز ؟ الم يكن ذلك كفيلا بانقاذ حياتي بأن جعلني اتأخر عن بيتي ؟ اين الشجاعة التي امتلكتها عندما قرات خبر العجوزة واللصوص ؟ "

استيقظ رودي من النوم ولم يمنعه ذلك الكابوس المرعب من الذهاب لعمله الخيري لمساعدة الفقراء.



#فادي_محمد_شراب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- وفاة ريتشارد بيري منتج العديد من الأغاني الناجحة عن عمر يناه ...
- تعليقات جارحة وقبلة حميمة تجاوزت النص.. لهذه الأسباب رفعت بل ...
- تنبؤات بابا فانغا: صراع مدمر وكوارث تهدد البشرية.. فهل يكون ...
- محكمة الرباط تقضي بعدم الاختصاص في دعوى إيقاف مؤتمر -كُتاب ا ...
- الفيلم الفلسطيني -خطوات-.. عن دور الفن في العلاج النفسي لضحا ...
- روى النضال الفلسطيني في -أزواد-.. أحمد أبو سليم: أدب المقاوم ...
- كازاخستان.. الحكومة تأمر بإجراء تحقيق وتشدد الرقابة على الحا ...
- مركز -بريماكوف- يشدد على ضرورة توسيع علاقات روسيا الثقافية م ...
- “نزلها حالا بدون تشويش” تحديث تردد قناة ماجد للأطفال 2025 Ma ...
- مسلسل ليلى الحلقة 14 مترجمة بجودة عالية قصة عشق


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فادي محمد شراب - كابوس