الترتيب المطلق لحروف القرآن الكريم وكلماته (1)

عدنان غازي الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 5214 - 2016 / 7 / 5 - 15:39
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

من لطائف كتاب الله تعالى :
.. عندما تقع البغضاء بين طرفين فإنَّ ذلك يؤدّي إلى العداوة بين هذين الطرفين ، ومن جهةٍ ثانية عندما تقع العداوة بينهما لا بدَّ أن تُؤدِّي إلى البغضاء .. هذه الحقيقة يصوّرها القرآن الكريم عبر اقتران الكلمتين [ (( العداوة )) ، (( البغضاء )) ] مع بعضهما ، وهما مسبوقتان بإحدى الكلمات [ (( بينهم )) ، (( بينكم )) ، (( بيننا )) ] ..
لقد وردت كلمة (( البغضاء )) في القرآن الكريم ( 5 ) مرّات ، منها مرّة واحدة فقط تصوّر البغضاء من طرفٍ واحد ، أي غير مقترنة بإحدى الكلمات [ (( بينهم )) ، (( بينكم )) ، (( بيننا )) ] .. ولذلك لا نراها تقترن بالعداوة ..
(( يا أيّها الذين آمنوا لا تتَّخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالاً ودّوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر قد بيّنا لكم الآيات إن كنتم تعقلون )) [ آل عمران : 118 ]
أمّا الصور الأربع المحيطة بكلمة (( البغضاء )) ، نراها تقترن بإحدى الكلمات [ (( بينهم )) ، (( بينكم )) ، (( بيننا )) ] ، وبالتالي تقترن بكلمة (( العداوة )) ، وهي الصور ذاتها التي ترد فيها كلمة (( العداوة )) المعرّفة ..
(( فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة )) [ المائدة : 14 ]
(( وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة )) [ المائدة : 64 ]
(( إنّما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء )) [ المائدة : 91 ]
(( وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبداً )) [ الممتحنة : 4 ]

.. اسم الصفة (( القيّوم )) لله تعالى يقتضي ألاّ يغيب الله تعالى بعلمه وقدرته وحكمته وجزائه ووجوده عن كلِّ ما يجري في هذا الكون .. وهذه القيّوميّة تقتضي صفة الحياة الدائمة غير المخلوقة ، وهذا ما يُعبِّر عنه اسم الصفة (( الحي )) للذات الإلهيّة .. فصفة (( القيّوم )) تقتضي صفة (( الحي )) ..
هذا الاقتران الذي يربط صفة القيّوميّة بصفة الحياة يصوّره الله تعالى في القرآن الكريم تصويراً مطلقاً عبر اقتران كلمة (( القيّوم )) بكلمة (( الحي )) .. ففي القرآن الكريم ترد كلمة (( القيّوم )) ( 3 ) مرّات تأتي فيها مقترنة بكلمة (( الحي )) ..
(( الله لا إله إلاَّ هو الحي القيّوم )) [ البقرة : 255 ]
(( الله لا إله إلاَّ هو الحي القيّوم )) [ آل عمران : 2 ]
(( وعنت الوجوه للحي القيّوم وقد خاب من حمل ظلماً )) [ طه : 111 ]

دلالاتُ الجذر اللغوي ( ن ، ح ، س ) تدورُ معانيها في إطارِ خِلافِ السَّعد وعدم التوفيق والتفاعل والاستجابة مع مُرادِ غيرِ الذات على حسابِ مُراد الذات ..

(( إنّا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في يوم نحس مستمر )) [ القمر : 19 ]

(( فأرسلنا عليهم ريحاً صرصراً في أيّام نحسات لنذيقهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون

[ فصلت : 16 ]

ودلالاتُ كلمة النحاس في قولِه تعالى : (( يُرسَل عليكما شُواظٌ من نارٍ ونحاسٌ فلا تنتصران )) [ الرحمن : 35 ] ، كمشتق من الجذر ( ن ، ح ، س ) ، لا تخرج عن هذا الإطار من المعنى .. فالشُّوَاظُ التي تُرسَلُ هي من النارِ (( شُواظٌ من نارٍ )) ، وهذا يشمل كلَّ ما هو مادّي ، وتُرسَلُ أيضاً مسألةٌ أخرى لا علاقة لها بالمادّة ، هي عدمُ التوفيق والهدايةِ إلى تحقيق المُراد (( ونحاسٌ )) ، فالإرسالُ يشملُ الجانبين :

1 – المادّي (( شُواظٌ من نارٍ )) .. وهذا يشمل كلّ مادّة لها علاقة بالنار ، سواءٌ كان ذلك المعدن المُصطلح عليه وضعيّاً بالنحاس أم غيره ..

2 – المعنوي (( ونحاسٌ )) .. وهذا يشمل عدم حصول توفيق الله تعالى وهدايته مع من تصفه هذه الآية الكريمة ..

إذاً .. المعدن المُصطلح عليه بكلمة النحاس في لغتنا الوضعيّة الاصطلاحيّة ، لا علاقة له بكلمة (( ونحاسٌ )) في هذه الآية الكريمة .. فما تعنيه هذه الكلمة هو وجه عدم التوفيق والهدايةِ إلى تحقيق المُراد وهو الوجه المعنوي المكمّل للوجه المادّي (( شُواظٌ من نارٍ )) ..

,, وهكذا فجميع مشتقّات هذا الجذر اللغوي تدور في إطارٍ واحدٍ من المعنى ، هو الإطار الذي يرسمه هذا الجذر اللغوي ..
من كتاب : النظريّة الثالثة ( الحق المطلق )
من كتاب : النظريّة الثالثة ( الحق المطلق )

#عدنان_غازي_الرفاعي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات