أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مسعود عكو - القلم الشهيد بل شهيد القلم














المزيد.....

القلم الشهيد بل شهيد القلم


مسعود عكو

الحوار المتمدن-العدد: 1399 - 2005 / 12 / 14 - 08:00
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


في لحظة كنا ننتظر حصيلة التحقيقات التي يقوم بها القاضي الألماني ديتليف ميليس في قضية اغتيال الشهيد رفيق الحريري, ونتنقل بين محطة فضائية, وأخرى, وموقع إلكتروني, وآخر في سبيل أن نحصل على معلومة دقيقة, وصحيحة لما آلت إليه أخر هذه التحقيقات. بذعر, وخوف سمعنا خبر انفجار قوي شبيه بالانفجار الذي أودى بحياة الحريري في ضاحية المكلس كما أوردت كل الوكالات الإخبارية, والتخوف من أن يكون هذا الانفجار قد استهدف موكب النائب, والصحفي اللبناني جبران تويني, وسرعان ما تم تأكيد الخبر. فجبران كان الهدف, واحترق في مجمر القتلة متديني الإرهاب المنظم, وعبيد السيارات المفخخة.

لا يكاد المرء أن يصدق أن تكون نهاية عظيم بالاحتراق في سيارة مصفحة, أو غيرها. فتتم تصفية إنسان لمجرد أنه كان إنساناً, بهكذا جريمة قذرة تقشعر لها الأبدان حينما تتذكرها, وتوجس في نفسك خيفة أن يكون هذا مسلسل مكسيكي طويل العرض بحلقات مئوية لا تنتهي إلا بنهاية مأساوية لكل رجالات لبنان, وأحرارها.

بالعادة تجف الأحبار في اليراعات, وتتخبط الكلمات في الحناجر, وتبقى العبرات أسيرة صرخة أم, وزوجة, وابنة, وتتلكأ كل الجمل فتصيح ناقصة في فضاء مليء بالغيوم السوداء, لتقتحم الدرب, بسيول جرفت معها أجساد مزهقة, كانت في لحظة ما أرواح تتلألأ في سماء يومها الجديد, لكن أيادي الغدر كانت أقرب من حبل الوريد فقطعتها لتسيل منها دماء طاهرة, غسلت الدروب مرة أخرى لتسقي تراباً, لا زال قانياً من دماء أسلافه.

ستولد صحيفتك "النهار" أعداداً جديدة, لكن لن يكون هناك افتتاحية جديدة فيها سوى آهات الصفحات الأخرى تبكي قلماً قلما كان مثله جريئاً ناقداً حنوناً عظيماً بكل ما تحمل هذه الكلمات من معنى, وسنجدها مرة أخرى بدون تلك الطلقات الكلامية التي كانت تطلقها مقالاتك اللاذعة لكل ما هو غير صحيح بنظرك.

بلدٌ الظاهر قد كتب على جبينه أنه سيرى كل يوم نهاراً دموياً, فيه تموت الكلمات قبل ولادتها, وتنتهي حياة العظماء فيه بالانفجارات الواحدة تلو الأخرى لتحصد في كل موسم لها العشرات من القتلى, ومئات الجرحى ليفضي إلى نهاية مظلمة تنتهي بتحقيق يؤيد ضد مجهول في قضية قديمة جديدة نسيت العشرات من أمثالها, وبقيت بقاياها حسرات مليئة بالدم, والدمع في قلوب لا زالت أطفالاً. الحزن لها أبكر من أن تكبر عليه.

جريمة تهز ضمير الحجر فكيف لبشر أن يقترفوها, ويرتكبوها في أناس كان همهم بناء بلدهم بتعبهم, وكدهم, وعرق جبينهم, ولم يكن سيبخلوا بدمائهم من أجلها, ولكن لماذا تتدخلون حتى في ما كتبه الله, وتوزعون صكوك الموت, وتحلون محل عزرائيل في قبض الأرواح أما تكفيكم ما اقترفتم قبل هذا أم أصبح الاغتيال لكم ثقافة, والموت صار سيجارة محشوة بنوع من المخدرات التي لما تستطيعون الفراق عنها, وتتابعون لعبتكم اليومية في إعداد ورقة رحيل إنسانٍ أخر دون أن تدخل قلوبكم مثقال ذرة من رحمة, أو رأفة, أو وجل.

ليتني أستطيع أن أعبر عن اغتيالك يا جبران تويني بكلمات أقوى من هذه, لكن! هؤلاء الأوغاد قد حرموا علينا حتى التصور في رثاء إنسان أياً كان ناهيك عن قلم شهيد مثلك كانت كلماته رصاصات في قلوب أعداءه, وكانت مقالاته مدرعات تخاف منها أكبر ترسانات الأسلحة, والذخيرة, والجيوش, ولم تخف قط بل كان جبروت جرأتك تخيفهم فأوقفوا قلباً كان ينبض بالجرأة, ويدفع التصميم, والعمل في الأوعية بدلاً من ذلك الدم الذي راقوه على إسفلت حقير احترق من جراء حقد, وغل دفينين, وكانت نهاية رجل شجاع عليه عاراً عليهم وفخراً لك.

فطوبى لرفيق الحريري, وسمير قصير, وجورج حاوي, وطوبى للقلم الشهيد جبران تويني, وطوبى للشهداء الأحياء مروان حمادة, ومي شدياق ولكل من لم تسعفني ذاكرتي في تسميتهم فبكم سيبقى لبنان بلد الأحرار, والأبطال, وستبقين يا بيروت عاصمة الثقافة العربية, وعاصمة للأقلام حتى ولو كان في كل يوم سيكتب علينا قدر جديد بأن نفقد قلماً شهيداً حراً أبى أن يسكت عن الحق, ورأى بأنه يستطيع إيصال كل خلجاته بكلمات بسيطة قدت مضجع الأوغاد, وسيبقى كل لبنان وفياً لقسمك " نقسم بالله العظيم, مسلمين ومسيحيين, أن نبقى موحدين, إلى أبد الآبدين, دفاعاً عن لبنان العظيم" فطوبى لك هذه الشهادة العظيمة في سبيل كلمتك الحرة, وروحك الطاهرة, ونلت رغماً عن أنف الحاقدين وسام الاستحقاق العظيم وسام القلم الشهيد وسام شهيد القلم.



#مسعود_عكو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فاقد الشيء لا يعطيه
- الديمقراطية والحرية للكرد الفيلية
- الشاهد المقنع: زوبعة سورية أم عاصفة لبنانية؟
- من شهر العسل إلى شهر البصل
- القرار الدولي ثلاثي الأبعاد
- بين تقرير ميليس وانتحار كنعان أسئلة برسم الإجابة
- ديتليف ميليس... إلى أين؟
- إعلان دمشق... مستلزمات ونواقص
- القتل بدافع الشرف مباح اجتماعياً محمي قانونياً
- دستور العراق ... مستقبل العراق
- تحية إلى جون قرنق
- عن أي نسيج يتحدثون
- العمليات الانتحارية استشهادية أم إرهابية
- كلهم غنوا إلا نحن
- الجنجويد من دارفور إلى القامشلي
- قتلوك يوم خونوك
- وطن... مواطن... أشياء أخرى
- الكرة في الملعب السوري
- انهض أيها البلبل الحزين - إلى محمد شيخو
- هل المرأة الكوردية متحررة؟ أم لا؟


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - مسعود عكو - القلم الشهيد بل شهيد القلم