|
تداعيات اجتثاث البعث
ادهم ابراهيم
(Adham Ibraheem)
الحوار المتمدن-العدد: 5212 - 2016 / 7 / 3 - 14:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تداعيات اجتثاث البعث ادهم ابراهيم كثيرة هي الاخطاء التي صاحبت احتلال العراق من قبل الامريكان عام 2003 ، وتنصيب السفير بريمر حاكما مطلقا فيه . ولا تقتصر الاخطاء على حل الجيش العراقي ، واحلال الميليشيات الحزبية محل الشرطة المحلية ، ولا في تشكيل مجلس الحكم من عناصر هزيلة فقط . وانما كان الخطأ الاكبر في قرار اجتثاث البعث . هذا القرار الذي شق وحدة الصف العراقي ، واحل الانتقام محل العدالة في محاسبة المقصرين والذين اجرموا في حق الشعب من قبل رجالات النظام السابق . فتمت عمليات التصفية والاغتيالات للطيارين العراقيين اولا ثم لضباط الجيش ، وهجرة ما تبقى منهم . وقد ساهمت دول اقليمية في هذه العملية ، وعلى الاخص ايران والكويت اللتان لهما ثارات كبيرة تجاه الجيش العراقي وضباطه . ثم جاء المالكي على رأس السلطة ، وتبدلت تسمية اجتثاث البعث الى هيئة المسائلة والعدالة ، فقام باستثناء الضباط والمدنيين البعثيين من المنافقين الذين توددوا له لمصالح شخصية انانية بعيدة كل البعد عن المصلحة العامة ، او مصلحة العراق كدولة ذات سيادة . وقام المالكي بعملية منهجية في احتضان الاشخاص الذين يدينون بالولاء الشخصي له ، وضرب الاشخاص الذين ابتعدوا عنه . مقلدا في ذلك نظام الحكم السابق ، بل تجاوزه عندما قام بشراء الذمم . فانفق ملايين الدولارات على اشخاص لا يستحقون دولارا واحدا في سوق النخاسة ! . فقام بشق القائمة العراقية المنافسة له والتي قدمت نفسها على انها قائمة العراقيين بمختلف طوائفهم . فانشقت القائمة الى سنة المالكي ، وفصائل متشرذمة اخرى خارج تاثير السلطة الحاكمة . ومن هنا عم الفساد في كل مفصل من مفاصل الحياة السياسية في العراق . وقد فشل حزب الدعوة والمالكي على حد سواء في تاسيس نظام حكم يستند على مفهوم الدولة ، فتشكلت سلطات متعددة الولاءات موزعة على احزاب اسلامية شيعية وسنية واحزاب كوردية . وتوسعت عمليات الانتقام والتصفية الجسدية والحرمان من الحقوق لتشمل قطاعات واسعة من عرب السنة ، بدعوى انتمائهم لحزب البعث ، فحرموا من الرواتب التقاعدية ، ثم حرموا من التعيين في الوظائف العامة والجيش ، وحتى الشرطة الا القليل منهم . . ولما شعر العرب السنة بحرمانهم من السلطة اولا ، ثم من امتيازاتها ، وعزلهم شيئا فشيئا . ثارت ثائرتهم ، وتمردوا على السلطة الحاكمة ، واستغلت القاعدة هذه الظاهرة فنشرت الفوضى والعمل المسلح تجاه نظام الحكم ، واخذت بالتوسع ، فانتبه الجنرال الامريكي بترايوس لخطورة الوضع . فانشأ الصحوات من نفس عرب السنة لقتال القاعدة . . وقد نجحت هذه العملية الى حد بعيد في القضاء المبرم على القاعدة ، قيادة وقاعدة وحتى فكرا . . وكان الصحوات يتقاضون رواتب ومخصصات مجزية ، سرعان ما جردهم المالكي منها ، على اعتبار ان القاعدة قد تم القضاء عليها ، وليس هنالك من خطر او عدو آخر يهدده ! . فعاد السنة وخصوصا في منطقة الانبار والحويجة بالاحتجاج والتظاهر ، ثم بالاعتصام . وبدلا من تلبية مطالبهم او بعضها ، او حتى الاستماع الي شكاواهم . قام باستخدام القوة ضدهم ، واهما من انهم سوف يرضخون ، ويدينون له بالولاء . وقد دفعه الى ذلك الغرور والشلة المحيطة به ، فقدم نفسه كزعيم اوحد للعراق ، فعاث فسادا فيه لغبائه وقلة خبرته . . وكان هناك عدو لدود على الابواب ينتظر الفرصة السانحة . ذلك هو داعش الارهابي ، الذي انقض على الفلوجة ، ثم الموصل وصلاح الدين ، فاحتل ثلث مساحة العراق خلال ايام قلائل ، فسقطت هيبة الحكم وجنرالاته ، ولا نقول هيبة الدولة ، لانه لم تكن هناك دولة ولا مؤسسات ولا نظام متماسك لا في الدوائر المدنية ولا في الوحدات العسكرية ، حيث كانت الولاءات كما اسلفنا موزعة على الاحزاب المشاركة في الحكم من شيعة السلطة وسنة السلطة ، ولا زالت قائمة الى يومنا هذا ! . ولم يكن هناك من يتكلم بروح المواطنة ، او الولاء للوطن الواحد . كما ان هناك قطاعات واسعة من الشيعة وعرب السنة لا زالوا ناقمين على حكم لم ينصفهم ، واستأثر بالثروة والسلطة له ولاتباعه من الاحزاب المشاركة في نهب المال العام . ان عمليات تحرير المدن من سطوة تنظيم داعش المتخلف قد تمت تارة بالقوة العسكرية ، وتارة باتفاقات سرية مع قيادات سنية من خارج العملية السياسية . . والا كيف تبرر دخول قطعات الجيش والحشد العشائري الى الفلوجة بوقت قياسي ، مع بقاء اغلب منشات المدينة سليمة . كما ان هناك على ارجح الاقوال ما يقارب السبعمائة سيارة قد تم اجلائها من الفلوجة وقام طيران الجيش بمفرده بضرب اعدادا قليلة منها . ! . ثم تم اطلاق سراح الاف الرجال من الذين كانوا موجودين في الفلوجة قبل تحريرها . . وكذلك سيكون الحال عليه عند تحرير الموصل . هل سيتم قتل كل رجال المدينة بدعوى انتمائهم للتنظيم الارهابي . . ان هناك عناصر مغرر بها ، واخرى وصل بها اليأس الى حد استخدام القوة والتمرد . وقد استغلت داعش هذه النقمة فسيطرت على المدن وعلى المدنيين فيها ايضا ، واستغلتهم ابشع استغلال . نعود الى موضوع اجتثاث البعث وقانون المسائلة والعدالة ، والمادة 4 ارهاب المسلطة على عرب السنة . ونعود الى موضوع الحرس الوطني الذي علق تشكيله لوجود فيتو من احزاب السلطة وكذلك ايقاف العمل بمناقشة قانون العفو العام . ان قطاعات واسعة من السنة ممن هم خارج السلطة لا زالت تنظر بعين الريبة والشك ازاء ممارسات الاحزاب المتنفذة التي تقود العملية السياسية . كما ان الحزب الاسلامي وبعض الاشخاص ارمحسوبين على السنة ، لم يعودوا يمثلون سوى انفسهم . وان الشقة تتسع بين جماهير السنة والسلطة القائمة على ادارة العملية السياسية ، فكيف يمكن حل هذه المعضلة . ان من قصر النظر ، وضيق الافق التفكير بان الامور ستبقى على ما هي عليه الان . . انني اكاد ارى رؤية عين ، ان هناك مشاريع لا تقل خطورة عن داعش تلوح بالافق بعد القضاء على هذه الجرثومة التي دخلت الجسد العراقي نتيجة التمييز والاقصاء . وقد حذرنا كثيرا من خطورة استمرار الوضع على ما هو عليه . . وقد قال الشاعر قد قلت حقا ولكن ليس يسمعه . ! ان هناك اتفاقات وصفقات سياسية تتم بعلم الحكومة للخروج من هذا المازق . حيث لن يبق هنالك من مخرج سوى انشاء الاقاليم اضافة لاقليم كوردستان الموجود حاليا . . مثل اقليم نينوى الذي سيضم محافظة نينوى وبعض اقضية صلاح الدين . واقليم الوسط الذي سيضم محافظة صلاح الدين والانبار وقسم من ديالى . واقليم الجنوب ، ثم اقليم بغداد . ان نظام الاقاليم هو من الانظمة الادارية المتقدمة وتحتاج الى وعي حضاري ومدني عالٍ ، وان واقع الحال عندنا في العراق لم يتبلور الى مثل هذه الدرجة من الوعي ، وخصوصا ان ما يحدنا انظمة رجعية متخلفة مثل السعودية وايران والنظام الاخواني في تركيا . . واذا لم نرتق الى مستوى المسؤولية ، فان العاقبة ستكون وخيمة . كان الله في عون العراق والعراقيين . ادهم ابراهيم
#ادهم_ابراهيم (هاشتاغ)
Adham_Ibraheem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قرار المحكمة الاتحادية . . يكشف الكذب والنفاق
-
لا تسلني من اكون . . انا سني الابوين شيعي الفكر والهوى
-
العراق بين التقسيم وتقبل الآخر
-
هل سيكون العبادي غورباتشوف العراق
-
اعادة تنظيم الحشد الشعبي
-
من الاصلاح والفلوجة الى الموصل . . مهمات غير منجزة
-
تعذيب النازحين . . اعظم هدية لداعش ولدعاة التقسيم
-
هل فقدنا الهوية الوطنية
-
مؤتمر باريس . . . ما اشبه اليوم بالبارحة
-
ديموقراطية البنادق والتضليل
-
الطريق المسدود . . والسيناريوهات المحتملة
-
الدراسات الحديثة للتاريخ
-
الدين . . بين العقل والقلب
-
مشروع المالكي الجديد
-
امريكا . . . من ابو طبر الى اوراق بنما
-
تحالف القوى . .. الموقف الانتهازي
-
التكتلات السياسية . . . والبركان القادم
-
ماذا بعد الدين .. ؟
-
مقتدى الصدر .. والروح البروسية
-
حكم الشيعة
المزيد.....
-
خطط ترامب في غزة: أنباء عن كون المغرب من المناطق المرشحة لنق
...
-
مخطّط ترامب في غزة: ليبيا تعلن رفض سياسات التهجير والتغيير ا
...
-
مصراتة
-
ردا على مخطّط ترامب: الجزائر ترفض بشكل قاطع تهجير وإفراغ قطا
...
-
تونس: عائلات مفقودين في عمليات هجرة غير نظامية تحتج أمام الس
...
-
تونس: اعتصام ثان لقيادات في اتحاد الشغل والأزمة تتفاقم
-
النائب الجمهوري جو ويلسون: -الرئيس التونسي قيس سعيد ديكتاتور
...
-
3 سنوات على بدء الهجوم الروسي في أوكرانيا: هل بوتين مستعد لل
...
-
أحكام سجن مشدّدة في تونس: محاكمة نزيهة أم -محاكمة سياسية ظال
...
-
صورة متداولة لشبان جذابون ووسيمون: هل هؤلاء هم أعضاء فريق شر
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|