|
حوار مع القاص المصري محمد عطية محمود
عبد الرحيم العطري
الحوار المتمدن-العدد: 1399 - 2005 / 12 / 14 - 07:52
المحور:
مقابلات و حوارات
القصة هي ذاتي المتشظية و سؤال الكتابة ماكر و مراوغ حاوره .عبد الرحيم العطري .
جاءنا مبكرا "على حافة الحلم "، جاءنا محملا بأسئلته الشقية يبغي وطء بيد من اللانهائي ، يهتك ستارة المسكوت عنه ، يكشف الحلم المغتال ، و يؤسس للحظة الولادة ، يذكرنا بالإنسان الذي مات في أعماقنا برفقة حيوات و شخوص متخيلة ، يهدينا ألقا ، يهدينا ألما نكتشف فيه بؤس العالم و ضياع الأنا . هذا هو القاص المصري محمد عطية محمود ، مبدع يدمن النقد و المساءلة ، يسافر في تشظينا و انكسارنا الأبدي ، يهفو إلى اقتحام مناطق العتمة ، لهذا سيصر مرة أخرى على " وخز الأماني " الهاربة منا ، ليؤكد لنا بالملموس أنه زمن اللامعنى و الانتهاء ، و مع ذلك يدعونا في كل حين لاعتناق الأمل و صناعة الحياة . على حافة الحلم كان انشقاقه البكر و مع وخز الأماني أهدى للقارئ المصري و العربي مجموعة قصصية أخرى مارس من خلاله الفضح و التعرية لواقع موغل في الرداءة و العفن ، و في هذا الحوار نكتشف مع محمد عطية محمود ملامح أخرى من حسه الإبداعي و انشغاله العميق بداء الكتابة ، إليكم هذا الحوار . ****أجرى الحوار عبد الرحيم العطري
سؤال : في رحاب القصة يلتمع إسم المبدع محمد عطية محمود ترى لماذا هذا الاختيار ؟ لماذا القصة ابالدرجة الأولى ؟ جواب : أولآ أشكرك على اتاحتك هذه الفرصة لشخصى المتواضع ، لحوار أراه مهمآ على المستويين الشخصى و العام ، و ثانيآ دعنى ألج معك الى هذه المنطقة الساحرة من حياة كل مبدع ، و السؤال المحير .. لماذا هذا الاختيار ، القصة بالنسبة لى هى لحظتى الآنية المتفجرة بعمقها و سطحيتها على حد السواء .. القصة هى ذاتى المتشظية ، كسائر خلق الله المهمومين ، و المحملين بهم الفن المؤرق ، و هم اللحظة الآنية التى لا تنسلخ أبدآ عن الذات... سؤال : سؤال الكتابة و الانكتاب يظل حارقا بالنسبة لكل مبدع ، ربما لأنه سؤال البدء و ربما الانتهاء ، فلماذا يكتب القاص محمد عطية محمود ؟ جواب : لماذا أكتب .. سؤال ينطرح على نفسى يوميآ منطلقآ من نفسى .. يعذبها .. يضنيها .. يلقيها فى دوامات النجاح و الفشل ، و من قبل ذلك يوجد فى أعماقى صوت آخر يصد السؤال ، و يطرحه جانبآ ..يعضده هذا الحماس الملهم .. الموحى ، الذى لا تملك حياله الا الجنوح و الامساك بتلابيب الفكر و العقل و القلم و القلب معآ .. عمومآ هو سؤال مراوغ يحمل كل يوم علامة استفهام جديدة ، تنطرح أرضآ كلما عاودتك الرغبة فى الكتابة ، و بث شحناتها الحارقة و ربما كان السؤال كما طرحتم سؤالآ لبدء المعاناة ، و ربما كان فرضآ مكن فروض الظفر بعمل أدبى يتحقق بين يديك ، بعدما كان جنينآ فى غياهب ذالتك سؤال : اتصالا دوما بسؤال الكتابة أو الانكتاب ، هل للقاص محمد عطية طقوس خاصة بالكتابة ؟ هل ثمة طقوس مادية أو رمزية هي التي تؤطر فعل الكتابة لديكم ؟ جواب : الكتابة لدى هل حالة من الهيام ، قطعآ بعد قطع مسافة طويلة من الجدوى و عدم الجدوى ، و أمنيات التحقق من هوية الابداع .هذه الحالة من الهيام ربما صاحبتها طقوس هيأتها ظروف معينة من جو خال أو نشوة يحققها هدوء نفسى فى حالة ما ، و ربما جاء فعل الكتابة على أنقاض جلبة و ضوضاء و عبث أو ربما فى أعقاب ذلك . عمومآ هى الهم المراوغ الذى لا تستطيع التحكم فى أدائه بطقوس أو بمهيئات أو خلافه أذكر أننى فى بعض الأحيان التى يضيق بىّ فيها المكان ، لا يحتوينى الا ركن المقهى الغاص بصخب مرتاديه و ( طقوسهم ) ؛ فأكتب ما لاأستطيع كتابته فى جو مهيأ للفعل الابداعى ، و ربما جلست فى هذا الطقس / المناخ مرة أخرى لتعترضنى رياح لا تنتج أدبآ و لا حتى قراءة متأنية .. أخلص من ذلك الى أن الكتابة لدى ، لا تعنيها الطقوس بقدر ما يعنيها التوحد المنتج لما أسميه ابداعآ سؤال : في أغلب إبداعاتك القصصية يلوح الحلم كتيمة مركزية ، هل هي رداءة الوقت هي التي تدفع المبدع فيك نحو مرافيءالحلم هربا من خبث الواقع و عهره ؟ جواب : مما لا شك فيه أن الكتابة الأدبية ، فى بعض دروبها تمثل جنوحآ و نوعآ من الهرب ماديآ كان أو معنويآ . و الحلم فى كتاباتى تناولته مرحلتان من التنوع و التمركز على معنى ، يختلف فى كل مرة باختلاف المعالجة التى أضمنها رؤيتى القصصية ؛ فالحلم فى مجموعتى القصصية البكر " على حافة الحلم " كان حلمآ نفسيآ .. تتنازعنى فيه هذه الرغبة فى الخروج الى عالم أفضل تتهيأ فيه عوامل جديرة باختراق واقع صعب ـ شبه شخصى ـ لكنه يميل الى اسقاط هذه الرؤية على جيل بأكمله ، ربما لم تساعده الحرفية الكتابية لدى فى هذه الفترة التى كانت بداية ولوجى ميدان القصة القصيرة ، و أتونها المستعر.. لكن تيمة الحلم قد تبدو بصورة ملتحمة مع الواقع المر فى مجموعتى القصصية الأجدر بالتعبير عن مشوارى كقاص يدرك بعضآ من أصول اللعية القصصية ، على ما أزعم و أرى ، و هى مجموعة " وخز الأمانى " التى عانقت هذه التيمة من الحلم المشغول بالواقع و الملتحم به و مما لا شك فيه أيضآ أن هذا الحلم سواءآ كان منفصلآ عن الواقع أو متصلآ به فانه يحمل هذا النزوع الى معارضة خبث الواقع و عهره ، و يسهم على ماأعتقد فى كشفه و ضحد افتراءته المتعللة بضربات القدر ، و القدر برىء منها . سؤال : تيمة الإنسان تظل هي الأخرى أكثر تجذرا في متنك القصصي ، فهل هذا دليل واضح على أن قصصك هي محاكمة رمزية و أدبية لواقع قرر عدم الارتفاع ، و لعصر يشي بموت المعنى و موت الإنسان ؟ جواب : لا أدعى أننى أحمل لواء محاكمة الواقع ، بقدر ما أنا منشغل بالهم الانسانى عمومآ ، مما يجعل كتاباتى تدور حول هذا المحور الذى تتكاثف على سطوحه كل المؤرقات التى تعترض كيلن الانسان بكل ما يعطله عن مسيرته التى خلق لها ، و المختلط فيها القدرية مع الاختيار ، الذى لو اتيح له فى واقعه ، لما استطاعت أن تطيح به الأنواء فى ظل من عقيدة يختارها وعيه ، و احساسه بخالقه من خلالها . سؤال : من خلال انشغالك العميق بالشأن الثقافي كيف تقيم من موقعك كقاص واقع المشهد الثقافي المصري ؟ المشهد الثقافى المصرى يمر بمنعطف من منعطفاتها الجادة ، التى تتجدد فيها دماؤه دائمآ ، و هناك أسماء تطرحها الساحة ، تنبىء من بينها بظهور أسماء لامعة تستطيع حمل لواء الأدب بصورة لا تقل عن أجياال الرواد و السابقين سؤال : التحقكتم مؤخرا باتحاد كتاب الإنترنيت العرب ، كيف ترون هذا الإطار الثقافي ، و ماذا تتوقعون من هكذا مؤسسة ؟ جواب : أرى أن هذا الاطار جدير بأن يفعل شيئآ جادآ ، بعيدآ عن الأطر البيروقراطية العقيمة التى تتحكم فى ادارة الشأن الثقافى ، و يصيبه اهماها فى فقد الكثير من الاهمية التى يكتسبها أدبنا العرب من خلال مبدعيه الذين عانقوا الهم الانسانى العالمى ، و تغاغلوا فيه .. و أتمنى ، و أتوقع أن تكون هذه المؤسسة نقطة ضوء تحملنا الى المزيد من التماسك و الترابط و الحب و الابداع الجميل ، و المعرفة التى خلقنا الله من أجاها ، اننير بها دروبنا المظلمة ... و شكرآ جزيلآ ، و تحياتى الحارة
#عبد_الرحيم_العطري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التلقيح السوسيو سياسي بالمغرب :عقاقير سياسية لتسكين التوتر ا
...
-
سؤال الدعارة الرخيصة..تراجيديا الأجساد المتهدلة!
-
سكن هامشي أم سكان مهمشون؟
-
هل تصير الأسرة بسبب التوقيت المستمرمجرد مؤسسة بيولوجية للإنج
...
-
السوسيولوجيا معرفة تعيش حالة الاستثناء
-
من يضع الملح فوق جراح البيضاء؟
-
صيف حار بالرباط: تعديل حكومي في الأفق .. لا تعديل في الأفق
-
ما بعد 16 ماي: الكتابة بالإبر فوق العيون: هل سيتوقف البحث عن
...
-
أحداث 16 ماي من زاوية أخرى : حصاد الهشيم أو صناعة الكاميكاز
-
الباحث الاجتماعي عبد الرحيم العطري في حديث للأحداث المغربية:
...
-
النخبة المثقفة بالمغرب : من سنوات الجمر إلى التدجين و التبخي
...
-
حوار مع الوزير المغربي الأسبق في التعليم العالي الدكتور نجيب
...
-
حوارمع كاتب الدولة الأسبق في الرعاية الاجتماعية والأسرة والط
...
-
سوسيولوجيا الشباب : من الانتفاضة إلى سؤال العلائق
-
حوارمع كاتب الدولة الأسبق في التضامن و العمل الإنساني الأستا
...
-
العلاقات المغربية الجزائرية : من يجني ثمار تعكير الأجواء ؟
-
التعددية السياسية المعطوبة : الانقسام أقصر طريق لتأسيس حزب س
...
-
ما معنى أن تكون وزيرا سابقا بالمغرب ؟
-
تيبولوجيا المثقف المغربي
-
المثقف المغربي : مجالات الفعل و العطب
المزيد.....
-
فيديو يكشف ما عُثر عليه بداخل صاروخ روسي جديد استهدف أوكراني
...
-
إلى ما يُشير اشتداد الصراع بين حزب الله وإسرائيل؟ شاهد ما كش
...
-
تركيا.. عاصفة قوية تضرب ولايات هاطاي وكهرمان مرعش ومرسين وأن
...
-
الجيش الاسرائيلي: الفرقة 36 داهمت أكثر من 150 هدفا في جنوب ل
...
-
تحطم طائرة شحن تابعة لشركة DHL في ليتوانيا (فيديو+صورة)
-
بـ99 دولارا.. ترامب يطرح للبيع رؤيته لإنقاذ أمريكا
-
تفاصيل اقتحام شاب سوري معسكرا اسرائيليا في -ليلة الطائرات ال
...
-
-التايمز-: مرسوم مرتقب من ترامب يتعلق بمصير الجنود المتحولين
...
-
مباشر - لبنان: تعليق الدراسة الحضورية في بيروت وضواحيها بسبب
...
-
كاتس.. -بوق- نتنياهو وأداته الحادة
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|