أمينة النقاش
الحوار المتمدن-العدد: 5211 - 2016 / 7 / 2 - 09:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مسرحيته “السلطان الحائر” التي كتبها أواخر عام 1959، يروي توفيق الحكيم قصة سلطان مملوكي بني مجده علي محبة شعبه له، بسبب عدله وتواضعه، وجهده الدائم لتحقيق الرخاء والنماء، بتوفير مستلزمات الحياة الكريمة لأفراد الشعب، بخفض الضرائب وبناء الجسور والمساكن، وانتصاره علي الغازي المغولي الأجنبي.
وذات يوم تداول الناس في مدينته قصة تسلب السلطان الحق في الحكم، وهو أنه عبد لم يتم عتقه ويصبح حرًا كي يحق له حكم البلاد طبقًا للقوانين السائدة. ويبدأ الوزير والقاضي وأعوانهما في البحث عن حيلة تخرج السلطان من هذه الورطة، بالتحايل عي القوانين السائدة، بزعم أن هذا التحايل هو عمل وطني، وخدمة تقدم للدولة، وفجأة يجد السلطان نفسه أمام ورطة أخري، يزينها له رجال الدولة الميحطون به لدفعة لاستخدام القوة لإخراس ألسنة الناس فيرفض السلطان العادل هذا التحايل ويصفه بالعبث والعار ويصيح في قاضي القضاة قائلا: ألا تخجل من اللعب هكذا بالقانون.. خيبت ظني فيك يا قاضي القضاة أهذا هو القانون في رأيك؟ اجتهاد وبراعة في التحايل والتلاعب.. قاضي القضاة ممثل العدالة وحامي حمي القانون وخادم الشرع الأمين.. إن من ألزم واجباته أن يحفظ للقانون نقاءه وطهره وجلاله، مهما يكن الثمن وأنت نفسك الذي أراني في البداية فضيلة القانون، وما ينبغي له من احترام، وقال لي إنه هو السيد المطاع، وإن عليّ أنا أن أنحني أمامه، وقد انحنيت بكل خضوع حتي النهاية، ولم يكن يخطر لي علي بال أن أراك أنت آخر الأمر تنظر إلي القانون هذه النظرة، وتجرده من رداء قدسيته، فإذا هو بين يديك لا أكثر من حيل وجمل وألفاظ وألاعيب.
المسرحية تطرح بجسارة قضية تعترض كل الأنظمة في كل العصور، أيهما يعرض الأنظمة لخطورة أفدح من الأخري الالتجاء إلي القوة الغاشمة والسيف الذي يعطي كما يقول الحكيم في المسرحية “الحق للأقوي” أم القانون الذي يحمي حقوقك من كل عدوان، لأنه لا يعترف بالأقوي إنه يعترف بالأحق.
تنتهي المسرحية بعودة السلطان إلي عرشه، بعد أن أدي احترامه للقانون إلي حمايته وخلاصة من الورطة التي واجهته وإلي زيادة شعبية ومحبة الناس له.
وفي نهاية المسرحية يقول السلطان بثقة وفخر.
لم أكن أعرف أن احترام القانون يحتاج إلي شجاعة أكثر من استخدام السيف.
حقًا إنها شجاعة الأقوياء فى مواجهة من يزينون لهم العصف بالقانون وهم فى الواقع يقودونهم إلى الهاوية.
#أمينة_النقاش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟