وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 5210 - 2016 / 7 / 1 - 11:44
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
(1 ) :
( ساتحدث في هذا الكتاب عن اضطهاد المسيحيين . ليس لكي اعرض الامور بصورة منحازة ومن جانب واحد ,وليس باي حال لكي اهاجم الاسلام والمسلمين او انتقص من شانهم . بل ان ماابتغيه هو التضامن مع المجموعات المتضررة ,وهم في هذه الحالة الاقليات المسيحية في العالم الاسلامي , وعرض المشاكل على جميع المستويات بكل صراحة ودون محاباة او مجاملة ).
العالمة الالمانية: ريتا بروير
( 2 ) :
من المعلوم ان المعايير الليبرالية الغربية في حرية الفكر وفي حرية نشر المعلومة , وفي الالتزام بمباديء علمانية الدولة ,
يؤدي الى:
نشؤ ظواهر تؤدي الى غضب المسلمين . وتجعلهم يقومون باعمال عنف . ويتم رد الفعل الاسلامي بالانتقام من المسيحيين المشرقيين على الطريقة القبلية .وهي اشارة تمثل انذار للغرب بان يفكر مليا في اي رسم كاريكاتوري , او من فيلم , او مزحة عن الاسلام.
طالب الاسقف العراقي باسيل جورج كاسموسا في مؤتمر عالمي عن ( حقوق الانسان – الحرية الدينية) في ميونيخ بالقول :
( نرجو الا تجعلوا وضعنا اكثر سوءا بالتصريحات والرسوم الكاريكاتورية والافلام . فنحن يتعين علينا دفع الثمن لقاء ذلك , ونعتبر عملاء للغرب الملحد ).
يشعر 42%من الالمان في استبيان اجري عام 2014 بقلق بالغ من ان الاسلام يمكن ان ينتشرفي المانيا على نطاق واسع .ينجم هذا القلق عن الاخبار المتواترة عن العالم الاسلامي التي تتحدث عن العنف واللامساواة بين الجنسين . وعن تقييد حرية الراي والصحافة . وعن التمييز ضد الميسيحيين . بالاضافة الى خوف البعض من الالمان من ناحية ( اسلام فوبيا) اي الخوف من الاسلام
صمت الاعلام الغربي عن الانتهاكات ضد المسيحيين
في مقال لمجلة نيوزويك الامريكية . انتقدت هيزري علي سكوت وسائل الاعلام عن التهديد الوجودي للمسيحيين في البلدان الاسلامية, وقالت( ان الخوف من مزيد من تصعيد العنف كبير جدا وزائد عن اللزوم ).لقد نجحت جماعات اللوبي الاسلامي , حسب قول هيزري علي , في وصم اي انتقاد للاسلام المطبق على ارض الواقع بانه تمييز معاد للاسلام , وبالتالي ظالم سلفا .
تعتبر الاقوال والكتابات النقدية عن الاسلام غير مرغوب فيها وذات مفعول عكسي . في فيينا في شهر اكتوبر – تشرين الاول 2011 تم توقيع العقد التاسيسي ل:
( مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز الدولي للحوار بين الاديان والثقافات ) بقيادة مجلس مؤلف من ثلاثة مسلمين وثلاثة مسيحيين وممثل واحد عن كل من اليهود والبوذيين والهندوس . تمول هذه المبادرة من قبل المملكة العربية السعودية والتي تتميز بانتهاكها الفظيع لحقوق الانسان , التي تنص عليها الشرعة الدولية لحقوق الانسان . حيث يحتقر المسيحيون في الكتب المدرسية السعودية وفي وسائل الاعلام .
لايمكن ان يكون اي طرف اقل تاهيلا للحوار الديني مع المملكة العربية السعودية .ومع ذلك تنعدم الاحتجاجات ويستطيع معمر نائب وزير التعليم السعودي ان يعبر امام وسائل الاعلام عن اسفه لان موقف المملكة يساء فهمه . فالعقد تم توقيعه بهدف الحوار . لكنه في الحقيقة سيفتح الباب واسعا امام تقوية الاسلام الوهابي في اوربا .
في اعتقادي الشخصي ان الغرب يحاول تهجير المسيحيين المشرقيين او سحقهم وابادتهم وانهاء المسيحية المشرقية والتي ناصبت العداء للمسيحية الغربية, وتحويل الشرق الاوسط الى حلبة صراعات بين المسلمين انفسهم , فيما تقوم شركات الغرب بشفط ثروات المسلمين مجانا.
لقد تحدثت كلوديا بانديون اورتنرفي مقابلة صحفية ببالغ التاثر عن زيارة قامت بها الى المملكة العربية السعودية . ولم تذكر كلمة واحدة عن التناقضات الصارخة بين المملكة والاهداف المنسوبة الى المركز في فيينا , اي مركز الملك عبدالله,وهي التي تشغل منصب الامينة العامة للمركز . وهذا يدلل على دور المال السياسي في كسب الاعلام الغربي.فهي ترى, اي كلوديا ان العباءة , والتي يتم ارتدائها اجباريا في السعودية , مريحة وعملية , وان الاعدامات التي تنفذ علنا بعد صلاة الجمعة غير جيدة فعلا .
لكنها تحاول التخفيف من وقعها بالقول بانها لاتحدث كل جمعة . وبعد ادانة المدون السعودي رائف بدوي بغرامة مالية والسجن عشر سنوات والجلد(1000) جلدة , وجد المركز نفسه غير قادر على اتخاذ موقف ضد هذا الحكم . والان تفكر الحكومة النمساوية باغلاق المركز .
ان سياسات الحكومات الغربية تتسم بالانتهازية . حيث يتم الانصياع للمواقف المؤيدة للاسلام والمعادية للمسيحيين .ان السعي الى اعطاء صورة ايجابية عن الاسلام تتفق مع النظام القيمي للمسيحية . لكنه لايجوز ان يحجب انظارنا عن الاسلام المطبق على ارض الواقع , وعن انعكاساته على المسيحيين الشرقيين.
وبينما كان ممثلون بارزون من الكنيسة الانجيلية والكنيسةالكاثوليكية ينفون حتى وقت قريب اي صلة بين الاسلام والعنف , تقدم رئيس الجامعة اليسوعية للفلسفة في ميونيخ ,البروفيسور ميشائيل بورت في مقابلة اذاعية خطوة اخرى الى الامام عندما قال :
( انه من غير المسؤول تسمية الارهابيين العرب اسلاميين . لان هذه التسمية تضع الاسلام , الذي هو جوهره دين مسالم , تحت شبهة عامة ).
ويجري في الغرب التمييز بين تعبير ( اسلامي )و ( اسلاموي ) وهو رفاه لاتتمتع به اية طائفة دينية اخرى بما فيها المسيحية .على الجانب الاسلامي ترفض المؤسسات الاسلامية القيام باية مراجعات ودراسات نقدية للاسلام كما فعل الغرب في نقده للمسيحية وللاسلام.
لما زار البابا فرنسيس في العام 2014الرئيس التركي رجب طيب آردوغان واعرب له عن قلقه من وضع الاقلية المسيحية في تركيا , وسوريا والعراق . تكلم آردوغان امام الصحافة عن سياسة معاداة الاسلام المنتشرة على نطاق واسع في الغرب . وهذا التنبيه في ضؤ الفظائع التي تقوم بها (الدولة الاسلامية – داعش)صفاقة لامثيل لها .
ان النقاشات التي تجري عن وضع المراة في الاسلام وعن وضع الاقليات الدينية لاتتطرق الى المضمون بل يجري انكار المشكلات اصلا .عندما يتعلق الامر بتقديم الاسلام كدين متسامح يتم الرجوع الى التاريخ والاشارة الى استعداد الفاتحين المسلمين لترك المسيحيين على دينهم لقاء دفع الجزية .
لكن في القرن الحادي والعشرين ينتظر المرء القبول الصريح بالمساواة بين الاديان وبالحرية الدينية وبالمواطنة , وبعلمنة الدولة . وهذا لايمكن تطبيقه الا في دولة علمانية لاتقوم على شريعة دينية.المنظمات الاسلامية في المانيا تعترف بذلك ولكن حيثما يشكل المسلمون اغلبية لايبقى هناك اي مسعى جاد للمساواة بين جميع الناس , مسلمين وغير مسلمين .
اضطهاد المسيحيين في المانيا
نسمع باستمرار في المانيا عن رياض اطفال تستجيب للضغط وتقوم بتغيير نظام تغذيتها للاطفال بحيث يقتصر على الطعام النباتي لكي لايتناول طفل مسلم عن طريق الخطا بعضا من طعام زميله غير المسلم شيئا محرما .والمدارس ذات الاغلبية من التلاميذ المسلمين تتخلى عن تقليدالرحلات المدرسية كعنصر تربوي هام لان المسلمين لايشاركون فيها .
وعند اقامة احتفالات مدرسية تتكررالمطالبة بان يجري الاحتفال بدون مشروبات كحولية مراعاة للطلاب المسلمين . لكن الامر يصبح عبثيا يتجاوز الحدود عندما يطالب الاخرون بذلك ايضا .فلو تصرفت جميع فئات المجتمع هكذا لما كان هنالك رياض اطفال مشتركة , ولا احتفالات مشتركة . كما تجري بعص الممارسات لتحييد الاعيادالمسيحية بتغيير اسمائها , مثلا تغيير اسم ( سانت مارتين) الى (شمس وقمر وشجر )وتغيير اسم عيدالعنصرة الى :
( عيد الربيع ).
كما يتسم وضع المتنصرين في المانيا بالصعوبة البالغة بسبب تلقيهم لتهديدات بالقتل وتخريب سياراتهم .تحدثت الجمعية الدولية لحقوق الانسان عن حالات قتل لم يعرف فاعلها , او تم التستر على فاعليها .
في عام 2012 جاء الى المانيا 4500 مسيحي ايراني بصفة لاجئين , فيهم كثير من الاصول الاسلامية . بعضهم يدفع مبلغ (30)الف دولار للمهربين من اجل الدخول غير المشروع باوراق مزورة.في كثير من الاحيان يتم تهديد اهالي المرتدين عن الاسلام والذين يعيشون في وطنهم الاصلي بقتل ابنائهم . وشيئا فشيئا يصبح الانتقال الى المسيحية لاناس قادمين من خلفيات اسلامية سببا مقبولا لقبولهم كلاجئين .ان الكنائس الكبيرة بدات تنقشع الغشاوة عن عينيها شيئا فشيئا . فهي لديها مسؤولية عن المسلمين الذين يهتدون الى المسيحية , وعليها ان تتابع باهتمام مصير المعمدين .
مسك الختام:
تبين لنا الاحداث اليومية عدم قدرة اوربا على تطبيق مباديء العلمانية ورضوخها لضغط تيار الاسلام السياسي . وعدم قدرتها على دمج الوافدين المسلمين الجدد بالمجتمع الاوربي , وتشكيل حاضنات اسلامية في المدن الاوربية تعمل عمل الخلايا النائمة لحين اقتناص الفرصة والضرب بقوة على الخاصرة الضعيفة لاوربا .
مصدر المقال :
كتاب ( باسم الله : اضطهاد المسيحيين في العالم الاسلامي ) – تاليف :العالمة الالمانية ريتا بروير – ترجمة :محمود كبيبو –ط 1 – 2016 – الناشر:شركة بيت الوراق للنشر والتوزيع المحدودة –العراق – بغداد – شارع المتنبي.
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟